مهذب الاحكام في بيان حلال والحرام المجلد 29

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: سبزواري، سیدعبدالاعلي، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد: عروة الوثقي . شرح

عنوان واسم المؤلف: مهذب الاحکام في بیان حلال والحرام المجلد 29/ تالیف عبد الاعلي الموسوي السبزواري .

تفاصيل المنشور: قم : دار التفسیر ، -1388

مواصفات المظهر: 30 ج.

ISBN : دوره 978-964-535-155-5 : ؛ ج.1 978-964-535-156-2 : ؛ ج.2 978-964-535-157-9 : ؛ ج. 3 978-964-535-158-6 : ؛ ج.4 978-964-535-159-3 : ؛ ج. 5 : 978-964-535-160-9 ؛ ج. 6 978-964-535-161-6 : ؛ ج.7 978-964-535-162-3 : ؛ ج.8: 978-964-535-163-0 ؛ ج.9، چاپ اول: 978-964-535-164-7 ؛ ج.10 978-964-535-165-4 : ؛ ج.11: 978-964-535-169-2 ؛ : ج.12، چاپ اول: 978-964-535-170-8 ؛ ج. 13 978-964-535-171-5 : ؛ ج.15،چاپ اول: 978-964-535-173-9 ؛ ج.14: 978-964-535-172-2 ؛ ج.16 978-964-535-174-6 : ؛ ج.17 978-964-535-175-3 : ؛ ج.18 978-964-535-176-0 : ؛ ج.19 978-964-535-177-7 : ؛ ج.21 978-964-535-179-1 : ؛ ج.20 978-964-535-178-4 : ؛ ج.22 978-964-535-180-7 : ؛ ج.23 978-964-535-181-4 : ؛ ج.24 978-964-535-182-1 : ؛ ج.25 978-964-535-183-8 : ؛ ج.26 978-964-535-184-5 : ؛ ج.27 978-964-535-185-2 : ؛ ج.28 978-964-535-186-9 : ؛ ج.29 978-964-535-187-6 : ؛ ج.30 978-964-535-188-3 :

حالة الاستماع: فاپا

ملاحظة : عربی.

ملاحظة : ج. 2 - 16 تا 30 (چاپ اول: 1430ق. = 2009م. = 1388).

ملاحظة : هذا الكتاب هو وصف ل ''عروه الوثقي ''، محمد کاظم یزدي هو .

ملاحظة : فهرس.

محتويات: ج.4. الطهاره.- ج.7، 8. الصلاه.- ج.10. الصومر.- ج.11. الزکاه الخمس.- ج.14. الحج.- ج.16. المکاسب.- ج.17. البیع.- ج.18. البیع الی الودیعة.- ج.19. الاجارة المضاربة.- ج.20. الشرکة الی الکفالة.- ج.21. الدین الی الغصب.- ج.22. الوقف الی الکفارة.- ج.23. الصیدوالذباحة الی اللقطة.- ج.24، 25. النکاح.- ج.26. الطلاق.- ج.27. القضاء.- ج.28. الحدودالقصاص.- ج.29. الدیاتج.30. الارث.

ملاحظة : یزدي، سیدمحمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي -- النقد والتعليق

ملاحظة : فقه جعفري -- قرن 14

الحلال والحرام

المعرف المضاف: یزدي، سیدمحمد کاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي. شرح

ترتيب الكونجرس: BP183/5/ی4ع402152 1388

تصنيف ديوي: 297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1 5 6 8 0 2 8

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

تتمة كتاب القصاص

فصل في قصاص ما دون النفس

اشارة

فصل في قصاص ما دون النفس لو جنى بما يتلف العضو غالبا فهو عمد قصد به الإتلاف أم لا (1)، و لو جنى بما لا يتلف به غالبا فهو عمد مع قصد الإتلاف و لو رجاء (2).

مسألة 1: يشترط في جواز الاقتصاص فيما دون النفس أمور

اشارة

(مسألة 1): يشترط في جواز الاقتصاص فيما دون النفس أمور:

الأول: كلما يشترط في الاقتصاص في النفس يشترط هنا أيضا
اشارة

الأول: كلما يشترط في الاقتصاص في النفس يشترط هنا أيضا (3)،

______________________________

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين.

و يسمى قصاص الأطراف أيضا، و التعبير الأول أعم من الثاني كما هو واضح. و كلما مضى في الجناية على النفس من العمد مباشرة أو تسبيبا أو شبه الخطأ أو الخطأ المحض يجري في المقام أيضا من غير فرق.

(1) لما مرّ في قصاص النفس من أنه قصد السبب و ترتب عليه المسبب قهرا، فيكون قصد السبب قصدا للمسبب أيضا، فراجع فلا وجه للإعادة و التكرار مرّة أخرى.

(2) تقدم التفصيل في قصاص النفس، فراجع هناك.

(3) لقاعدة أن: «من لا يقتص منه في النفس لا يقتص منه في الأطراف»،

ص: 5

من التساوي في الإسلام و الحرية و انتفاء الأبوة و كون الجاني كاملا فلا يقتص في الطرف لمن لا يقتص منه في النفس (4).

مسألة 2: لا يشترط التساوي في الذكورة و الأنوثة

(مسألة 2): لا يشترط التساوي في الذكورة و الأنوثة فيقتص فيه للرجل من الرجل و من المرأة من غير أخذ الفضل، و يقتص لها منها و من الرجل لكن بعد ردّ التفاوت فيما بلغ الثلث (5).

الثاني: التساوي في السلامة و الآفة
اشارة

الثاني: التساوي في السلامة و الآفة (6)، و يصح كون المقتص منه اخفض (7)، فلا تقطع اليد الصحيحة مثلا بالشلاء و لو بذلها الجاني (8)،

______________________________

الثابتة بظواهر الأدلة، و الإجماع، و تسالم الفقهاء.

(4) لما مرّ من ظواهر الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و قول أبي جعفر عليه السلام في المعتبر: «لا يقاد مسلم بذمي في القتل و لا في الجراحات» (1)، و قريب منه غيره، فإذا قطع المسلم يد ذمي مثلا لم تقطع يده، و لكن عليه دية اليد.

(5) تقدم تفصيل ذلك في مسألة 2 من فصل شرائط القصاص (2)، فراجع فلا داعي للتكرار مرة أخرى.

(6) لما هو المنساق من الأدلة، مضافا إلى الإجماع، و ما يأتي من النصوص، بل يستفاد من قوله تعالى وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ (3) المثلية، بقرينة قوله تعالى وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ (4).

(7) كما يأتي الكلام فيه.

(8) نصا، و إجماعا، فعن الصادق عليه السلام في معتبرة سليمان بن خالد: «في

ص: 6


1- الوسائل: باب 47 من أبواب قصاص النفس حديث: 5 و تقدم في صفحة: 221. ج: 28.
2- تقدم في ج: 8 صفحة: 219.
3- سورة المائدة الآية: 45.
4- سورة النحل الآية: 126.

و تقطع الشلاء بالصحيحة (9)، و المرجع في تشخيص الشلل هو العرف و أهل الخبرة (10).

مسألة 3: لو خيف من السراية يبدل بالدية

(مسألة 3): لو خيف من السراية يبدل بالدية (11).

مسألة 4: لا فرق في اليد بين القويّة و الضعيفة و الصحيحة و المجروحة

(مسألة 4): لا فرق في اليد بين القويّة و الضعيفة و الصحيحة و المجروحة فتقطع القويّة بالضعيفة و الصحيحة بالمجروحة و نحو ذلك (12)، و في إلحاق شلل الأصابع باليد الشلاء فيما تقدم من التفصيل وجه (13).

الثالث: التساوي في المحل مع وجوده
اشارة

الثالث: التساوي في المحل مع وجوده فتقطع اليمين باليمين و اليسار باليسار (14)،

______________________________

رجل قطع يد رجل شلاء، قال: عليه ثلث الدية» (1).

(9) للإطلاق، و العموم، و ظهور الإجماع و عدم الدليل على الخلاف، و قولهم عليهم السلام «إن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه» (2).

(10) كسائر الموضوعات التي يرجع فيها إلى العرف، و أهل الخبرة بها، بعد أن لم يرد فيها دليل شرعي بالخصوص.

(11) تحفظا على النفس من خطر السراية، و هي أهم من الطرف، مضافا إلى الإجماع.

(12) كل ذلك للعموم، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(13) لدعوى القطع بوحدة المناط، فيلحق عند من حصل له القطع بها دون غيره، و الظاهر اختلافه باختلاف الموارد و أقسام الشلل.

(14) لظاهر الآية الشريفة الدالة على اعتبار المثلية، و هو المنساق من قوله

ص: 7


1- الوسائل: باب 28 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس: 10.

و لو لم تكن له يمين قطعت يساره (15)، و لو لم تكن له يد أصلا قطعت رجله (16)، فتقطع الرجل اليمنى بقطع اليد اليمنى و اليسرى بقطع اليد اليسرى (17).

______________________________

تعالى وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ (1)، أي يقتص بمثلها بقرينة قوله تعالى وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ (2)، و لإجماع المسلمين، و استقرار السيرة على مراعاة هذه الجهات في الشرع المبين، بل يدل على اعتبارها حكم العقل أيضا، لأن في عدمها ظلما و تضييعا للحق.

(15) للإطلاقات، و العمومات، بعد سقوط مراعاة المساواة، لعدم الموضوع لها كما هو المفروض.

(16) لمعتبرة السجستاني قال: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين؟ فقال: يا حبيب تقطع يمينه للذي قطع يمينه أولا، و تقطع يساره للرجل الذي قطع يمينه أخيرا، لأنّه إنما قطع يد الرجل الأخير و يمينه قصاص للرجل الأول، قال: فقلت: إن عليا عليه السلام إنما كان يقطع اليد اليمنى و الرجل اليسرى، فقال: إنما كان يفعل ذلك فيما يجب من حقوق اللّه، فأما يا حبيب حقوق المسلمين فإنه تؤخذ لهم حقوقهم في القصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يد [يدان]، و الرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يد، فقلت له: أو ما تجب عليه الدية و تترك له رجله؟ فقال: إنما تجب عليه الدية إذا قطع يد رجل و ليس للقاطع يدان و لا رجلان، فثم تجب عليه الدية لأنه ليس له جارحة يقاص منها» (3)، فهي معتبرة سندا بعد عمل فقهائنا الأبرار بها، و ضبطها ائمة الحديث في مجامعهم الشريفة.

(17) لدعوى الشيخ و ابن زهرة الإجماع على ذلك، و قال في الجواهر:

ص: 8


1- سورة المائدة الآية: 45.
2- سورة النحل الآية: 126.
3- الوسائل: باب 12 من أبواب قصاص الطرف: 2.
مسألة 5: لو قطع اليد اليسرى و لم تكن له اليسرى تقطع يمناه

(مسألة 5): لو قطع اليد اليسرى و لم تكن له اليسرى تقطع يمناه (18)، و مع عدمهما قطعت الرجل (19)، و لو قطع من لا رجل له أبدا رجل شخص آخر ففي قطع يده بدل الرجل وجهان (20)، و كذا التعدي من يسرى كل عضو إلى يمناه كالعين و الاذن و الحاجب و غيرها (21).

______________________________

«لعله كاف في إثبات ذلك».

(18) للإطلاقات، و العمومات، بعد عدم موضوع لمراعاة التساوي، و أفتى بذلك بعض الفقهاء (رحمة اللّه عليهم)، و قال في الجواهر: «و يمكن استفادته من النص، و الفتوى أيضا».

(19) لما تقدم من معتبرة السجستاني، فراجع و تأمل.

(20) من فحوى ما تقدم من معتبرة السجستاني، و ظاهر التعليل في ذيلها، فيصح القطع. و من إمكان دعوى انصرافها عن الفرض، فلا يقطع مع أن بناءهم على الأخذ بالمتيقن في القصاص، فيبدل حينئذ إلى الدية.

(21) من الجمود على ظاهر المعتبرة، و حمل ما ذكر فيها على المثال، فيجوز التعدي إلى سائر الأعضاء كالعين و غيرها، و من الاقتصار على خصوص القدر المتيقن في ما خالف العمومات، و الرجوع في غيره إلى الدية، مضافا إلى دعوى الإجماع على عدم التعدي، و الجمود على المثلية في قوله تعالى:

فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (1)، و في قوله تعالى وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ (2)، و لا يمكن التمسك بإطلاق قوله تعالى:

الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ (3)، لحكومة آية المثلية عليه.

و مما ذكرنا ظهر الحال في ما ينقسم إلى الأعلى و الأسفل كالشفتين، فلا

ص: 9


1- سورة البقرة الآية: 194.
2- سورة النحل الآية: 126.
3- سورة المائدة الآية: 45.
مسألة 6: لو قطع أيدي جماعة قطعت يداه و رجلاه الأولى فالأولى

(مسألة 6): لو قطع أيدي جماعة قطعت يداه و رجلاه الأولى فالأولى ثمَّ عليه الدية للباقين (22)، و لو قطع فاقد اليدين و الرجلين يد شخص أو رجله ثبتت الدية (23).

الرابع: التساوي في الشجاج طولا و عرضا
اشارة

الرابع: التساوي في الشجاج طولا و عرضا بل و عمقا و نزولا مع الإمكان عرفا و عدم المحذور (24).

مسألة 7: لو تحققت زيادة في القصاص من غير عمد فلا بد من تداركها بالأرش

(مسألة 7): لو تحققت زيادة في القصاص من غير عمد فلا بد من تداركها بالأرش (25)، و لو لم يكن إلا بالنقص يثبت الأرش في الزائد (26).

مسألة 8: لو لم يمكن مراعاة العمق فيه كالمسحاق و الموضحة فلا وجه لاعتباره

(مسألة 8): لو لم يمكن مراعاة العمق فيه كالمسحاق و الموضحة فلا وجه لاعتباره (27).

______________________________

يؤخذ الأعلى بالأسفل و لا بالعكس، كما يأتي.

(22) لإطلاق أدلة القصاص، و معتبرة السجستاني فيما أمكن فيه الاقتصاص، و أدلة الدية فيما لا يمكن، كما يأتي.

(23) لعدم المحل للاقتصاص، فينتقل الحكم إلى الدية لا محالة.

(24) لإطلاق أدلة القصاص و المثلية، و مراعاة العدل المقطوع به من مذاق الشرع، و الإجماع في الأولين بل في الجميع. و من نسب إليه عدم الاعتبار في الأخير إنما ذهب إليه مع عدم الإمكان، و أما معه بما هو سهل يسير فلا وجه له، و المتيقن من الإجماع على فرض تحققه إنما هو الأول.

(25) لحصول الزيادة بسبب فعله، و هو نحو نقص فلا بد من التدارك بالأرش، و سيأتي التفصيل في مقدارها إن شاء اللّه تعالى.

(26) لفرض استناده إليه، فلا بد من تداركه بالعوض إن لم يرض المجني عليه بترك القصاص و أخذ كامل الدية.

(27) لقاعدة: (انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع)، بلا فرق فيهما بين السمين

ص: 10

مسألة 9: يثبت القصاص في كل جرح لا تغرير فيه بالنفس و لا بالطرف

(مسألة 9): يثبت القصاص في كل جرح لا تغرير فيه بالنفس و لا بالطرف و كانت السلامة معه غالبا (28)، فيثبت في الحارصة و المتلاحمة و السمحاق و الموضحة (29)، و لا يثبت القصاص فيما فيه تغرير للنفس أو الطرف كالهاشمة و المنتقلة و لا فيما لا يمكن الاستيفاء إلا بزيادة أو نقيصة كالجائفة و المأمومة و لا في كسر شي ء من العظام (30).

______________________________

و المهزول بعد تحقق أصل الموضوع.

و السمحاق: جلدة رقيقة فوق العظم، و الموضحة: هي التي تبدي بياض العظام، فلا يعتبر العمق فيهما لتعسر ذلك عرفا و لما مر.

(28) للعموم، و الإطلاق، و الاتفاق، و قاعدة: «تقديم الأهم على المهم».

(29) لعدم التغرير للنفس، و لا للطرف فيها بحسب المتعارف، و الحارصة:

هي الشجة التي تشق الجلد قليلا. و المتلاحمة: هي الشجة التي تشق اللحم و لا تصدع العظم، و قد تكون التي برأت شقها و التحمت، و السمحاق هي التي بلغت السمحاقة، أي الجلدة الرقيقة المغشية للعظام، و الموضحة: هي التي كشفت عن العظم.

(30) لفرض وجود التغرير و الخطر فيها. و عن علي عليه السلام: «لا قصاص في عظم» (1)، و في مقطوعة ابان: «الجائفة ما وقعت في الجوف ليس لصاحبها قصاص إلا الحكومة، و المنقلة تنقل منها العظام و ليس فيها قصاص إلا الحكومة، و في المأمومة ثلث الدية ليس فيها قصاص إلا الحكومة» (2)، و قريب منها غيرها.

و أما معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال: «سألته عن السن و الذراع يكسران عمدا، لهما أرش أو قود؟ فقال: قود، قلت: فإن أضعفوا الدية؟ قال: إن

ص: 11


1- الوسائل: باب 24 من أبواب قصاص الطرف: 2.
2- الوسائل: باب 16 من أبواب قصاص الطرف: 1.
مسألة 10: لو جنى جناية هي في معرض السراية الموجبة لدخول الطرف في النفس يجوز الاقتصاص قبل الاندمال

(مسألة 10): لو جنى جناية هي في معرض السراية الموجبة لدخول الطرف في النفس يجوز الاقتصاص قبل الاندمال و الأحوط الصبر إلى أن يتبين الحال (31)،

______________________________

أرضوه بما شاء فهو له» (1)، فمحمول على بعض مراتب الكسر الذي لا تغرير فيه.

و الهاشمة: هي الشجة التي تكسر العظم، و المنتقلة: هي التي تحوج إلى نقل العظم عن محله إلى آخر أو يسقطه. و الجائفة: مؤنث الجائف من جاف أي الجرح الذي يصل إلى الجوف، و المأمومة: و هي التي تبلغ أم الرأس، أي الوعاء الذي يجمع فيه الدماغ.

(31) أما جواز الاقتصاص قبله، فللعمومات، و الإطلاقات، كقوله تعالى:

وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ (2)، و قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (3)، و قوله تعالى وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ (4)، و أصالة البراءة عن وجوب الصبر إلى أن يتحقق الاندمال.

و أما الاحتياط: فلعدم التهجم في الدماء، و عدم المخالفة لمن نسب إليه التأخير، و وجوب الصبر إلى الاندمال.

و أما قول علي عليه السلام في معتبرة إسحاق بن عمار عن جعفر عليه السلام: «لا يقضى في شي ء من الجراحات حتى تبرأ» (5)، فمحمول على جراحة لم يعلم حالها، لا ما إذا علم حالها و لم يعلم مئالها.

ص: 12


1- الوسائل: باب 13 من أبواب قصاص الطرف: 4.
2- سورة المائدة الآية: 45.
3- سورة البقرة الآية: 194.
4- سورة النحل الآية: 126.
5- الوسائل: باب 42 من أبواب موجبات الضمان: 2.

فلو قطع جملة من أعضائه خطأ يجوز له أخذ دياتها (32)، و لو كانت أضعاف دية النفس (33)، و وجب الإعطاء (34).

نعم لو سرت إلى النفس يجب إرجاع الزائد عن النفس (35).

مسألة 11: لو اقتص المجني عليه من الجاني ثمَّ سرت الجناية فمات المجني عليه

(مسألة 11): لو اقتص المجني عليه من الجاني ثمَّ سرت الجناية فمات المجني عليه فلوليه أخذ الدية من الجاني و إن لم يكن القتل مقصودا و لم تكن الجناية مما يقتل غالبا (36)، و إلا فله القود من الجاني أو أخذ الدية منه (37).

مسألة 12: كيفية الاقتصاص أن يحلق الشعر عن المحل إن كان مانعا عن تسهيل الاستيفاء

(مسألة 12): كيفية الاقتصاص أن يحلق الشعر عن المحل إن كان مانعا عن تسهيل الاستيفاء و تيسيره في الحدّ المعتبر فيه، ثمَّ يربط الجاني على ما لا يتمكن منه عن الاضطراب ثمَّ يقاس بما يعلم طرفاه في محل الاقتصاص فيشق من احدى العلامتين إلى الأخرى طولا و عرضا إن كان جرح الجاني ذا عرض و إلا فالطول فقط (38)،

______________________________

(32) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة.

(33) لشمول الأدلة لهذه الصورة أيضا بعد تحقق السببية في كل واحد منها.

(34) لوجود السبب، فيتحقق الضمان لا محالة.

(35) لتبين عدم الاستحقاق، و عدم صحة التمسك بالعموم و الإطلاق.

(36) لشمول أدلة وجوب الدية لمثل المقام.

(37) أما الأول: فللأدلة الدالة على أن القتل العمد يوجب القصاص.

و أما الثاني: فلما دلّ على أن القتل الخطأ يوجب الدية، كما مر كل منهما مفصلا.

(38) أرسلوا ذلك كله إرسال المسلّمات، و يشهد له الاعتبار، و وجوب

ص: 13

و لو شق على الجاني الاستيفاء دفعة يستوفي دفعات، و الأحوط للمجني عليه أن لا يمتنع عن ذلك (39)، و إن لم يمكنه الاستيفاء وكّل غيره (40).

مسألة 13: يؤخر القصاص في الطرف عن شدة الحر و البرد إلى اعتدال النهار

(مسألة 13): يؤخر القصاص في الطرف عن شدة الحر و البرد إلى اعتدال النهار (41).

مسألة 14: لو اضطرب الجاني فزيد في جرحه لذلك فلا شي ء على من يباشر الاقتصاص

(مسألة 14): لو اضطرب الجاني فزيد في جرحه لذلك فلا شي ء على من يباشر الاقتصاص (42)، و إن لم تكن مستندة إلى الاضطراب يقتص من المستوفي في العمد و يطالب بالدية أو الأرش في الخطأ (43)، و لو ادعى الجاني العمد و أنكره المباشر فالقول قوله مع اليمين (44)،

______________________________

حفظ المماثلة، و بناء الشريعة على العدل و الانصاف، و التجنب عن الجور و الاعتساف. و في هذه الأعصار يمكن تحديد الجرح بغير ذلك كله.

(39) أما الأول: فلقاعدة الميسور، فتشمله الإطلاقات، و العمومات.

و أما الثاني: فلصحة دعوى ظهور الأدلة لذلك دون غيره.

(40) لشمول عمومات أدلة الوكالة له أيضا.

و هل يجوز تخدير المحل بالأدوية العصرية الطبية، بحيث لا يتأثر عن الألم؟ فيه إشكال بل منع، لإطلاق المماثلة المعتبرة بالكتاب، و السنة كما مر، فتشمل حتى مثل هذه الآلام أيضا، إلا إذا رضي المجني عليه بذلك، لأنه نحو تصالح.

(41) لظهور الإجماع على الوجوب، و للخوف من السراية، و لما مرّ في الحدود.

(42) للأصل بعد استناد التفريط إلى نفس الجاني باضطرابه.

(43) لعموم أدلة القصاص في العمد، و الدية أو الأرش في غيره.

(44) لأنه أعرف بقصده، و لأصالة الصحة في فعل المسلم، و تقتضيه

ص: 14

و لو ادعى المباشر الخطأ و أنكره الجاني ففي تقديم قول المباشر وجه (45)

مسألة 15: لا بد من مراعاة الاعتدال في تمام الأحوال

(مسألة 15): لا بد من مراعاة الاعتدال في تمام الأحوال فلا يقتص إلا بمثل الحديدة الحادة غير المسمومة- و لا الكالة- المناسبة للاقتصاص بمثله و لا يجوز تعذيبه بأكثر مما عذب به المجني عليه، فلو قلع عينه بآلة كانت سهلة في القلع لا يجوز قلعها بآلة تكون أشد منها تعذيبا، و إذا قلع الجاني باليد من غير آلة يجوز القلع باليد من غير آلة أيضا. و كذا فيما كان القلع بها أسهل (46)، و لو عذبه بأكثر مما جنى يعزّره الحاكم بما يرى (47)، و لو فعل ما يوجب الاقتصاص يقتص منه و إلا فالدية أو الحكومة. (48).

______________________________

قاعدة: «اليمين على من أنكر بعد عدم البينة في البين»، و لكن الظاهر ثبوت الأرش عليه، لعدم ذهاب جرح المسلم هدرا.

(45) لما مر في سابقة، إلا إذا كانت قرينة على الخلاف فتتبع حينئذ.

(46) كل ذلك لإطلاق الآيات المباركة، قال تعالى وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ (1)، و قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (2)، و بناء الشريعة على التسهيل و التيسير، و تجويزه المماثلة حفظا للنظام و قطعا لطغيان الأنام، و مراعاة للعدل الإسلامي في كل شي ء فالأولى للمجني عليه مراعاة الأسهل و إن جنى عليه بالأصعب.

(47) لأنه فعل منكرا، و لا منصب للحاكم الشرعي إلا دفع المنكر بالقول و رفعه بالتعزير.

(48) تقدم ما يتعلق بذلك غير مرة، و عن أبي جعفر عليه السلام: «ان أمير

ص: 15


1- سورة النحل 16 الآية: 126.
2- سورة البقرة الآية: 194.
مسألة 16: لا يتجاوز في الاقتصاص عن عضو إلى عضو آخر

(مسألة 16): لا يتجاوز في الاقتصاص عن عضو إلى عضو آخر (49)، فلو كان الجرح يستوعب عضو الجاني لصغره مع عدم الاستيعاب في عضو المجني عليه لكبره يقتص المقدار المعين و إن استوعبه (50)، فلو كان رأس الجاني شبرا مثلا و رأس المجني عليه شبرين و جنى عليه بشبر يقتص الشبر و إن استوعبه (51)، و إن زاد على العضو كأن جنى عليه في الفرض بشبرين لا يتجاوز عن عضو إلى عضو آخر فلا يقتص من الرقبة أو الوجه، بل يقتص بقدر الشبر و يؤخذ للباقي بالدية إن كان له مقدر و إلا فالحكومة (52).

______________________________

المؤمنين عليه السّلام أمر قنبر أن يضرب رجلا حدّا فغلط قنبر فزاده ثلاثة أسواط، فأقاده علي عليه السّلام من قنبر ثلاثة أسواط» (1)، و عن الصادق عليه السّلام: «أن لكل شي ء حدّا و من تعدّى ذلك الحدّ كان له حدّ» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(49) لأدلة اعتبار المثلية من الكتاب، و السنة، و الإجماع، قال تعالى وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ»، و قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ.

(50) للزوم مراعاة المثلية الواجبة في المحل.

(51) لما مرّ من مراعاة المثلية. و الاستيعاب و عدمه خارجان عن الحكم الشرعي، بل هما من خصوصيات المحل و مقتضياته الخارجة من مورد القصاص، بلا شبهة و التباس.

(52) لأنه مقتضى العدل و الانصاف، و مراعاة المماثلة مهما أمكن، و الخروج عن الاعتساف.

ص: 16


1- الوسائل: باب 19 من أبواب قصاص الطرف.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب مقدمات الحدود.
مسألة 17: لا يجوز تتميم الناقص بعضو آخر

(مسألة 17): لا يجوز تتميم الناقص بعضو آخر (53)، فلو كان عضو المجني عليه صغيرا فجنى عليه بقدر شبر مثلا و هو مستوعب لتمام المحل كرأسه مثلا لا يستوعب في الاقتصاص تمام رأس الجاني بل يقتص بقدر شبر و إن كان ذلك بقدر نصف رأسه (54).

مسألة 18: لو أوضح الجاني جميع رأس المجني عليه

(مسألة 18): لو أوضح الجاني جميع رأس المجني عليه بأن سلخ الجلدة و اللحم من جملة الرأس- يجوز للمجني عليه أن يفعل ذلك بالجاني مع مساواة رأسيهما من حيث الكبر و الصغر (55)، و له الخيار في الابتداء بأي جهة (56)،

______________________________

و ما ورد في بعض الروايات من أن: «الوجه من الرأس»(1)، لا ربط له بالمقام، لأنه في مقام بيان أن الموضحة في الوجه كالموضحة في الرأس سواء في الدية، فلكل منهما حكمه الخاص، لا أن الوجه جزء من الرأس من هذه الجهة.

(53) لوجوب ملاحظة المماثلة في المحل كما مرّ مرارا.

(54) لخروج كبر المحل و صغره عن خصوصيات الجراحة كما مرّ و إنما اللازم هو مراعاة مساحة نفس الجراحة دون الخصوصيات الخارجية التي هي غير اختيارية.

(55) للمماثلة المعتبرة المكررة في الآية الشريفة (2).

(56) لعدم الترجيح في تقديم جهة من الجهات في البين، فيتحقق التخيير لا محالة، فإن كانت ملاحظة ما فعله الجاني من التقديم و التأخير من المرجحات لدى الحاكم الشرعي يقدم، ما قدّمه الجاني.

ص: 17


1- الوسائل: باب 5 من أبواب ديات الشجاج و الجراح الحديث: 1.
2- راجع صفحة: 12.

و كذا لو كان رأس المجني عليه أصغر لكن له الغرامة في المقدار الزائد بالتقسيط على مساحة الموضحة (57)، و لو كان أكبر يقتص من الجاني بقدر مساحة جنايته و لا يسلخ جميع رأسه (58)، و لو شجّه فأوضح في بعضها خاصة فله دية الموضحة (59)، و لو أراد القصاص استوفى التمام في الموضحة و الباقي (60).

مسألة 19: الأعضاء المشتملة على اليمنى و اليسرى يقتص اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى

(مسألة 19): الأعضاء المشتملة على اليمنى و اليسرى يقتص اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى فلا بد من مراعاة المثلية فيهما و كذا في الأسفل و الأعلى كالجفن و الشفة (61)، و لا فرق في ذلك بين الصحيحة و السقيمة و الأذان المثقوبة و غيرها إن كان الثقب متعارفا، كما لا فرق بين الصغيرة

______________________________

(57) أما استيفاء القدر الموجود فلإطلاق الأدلة. و أما الغرامة بالنسبة إلى المفقود، فلعموم أدلة ضمان الجروح، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(58) أما الاقتصاص بقدر جنايته فلأدلة اعتبار المماثلة. و أما عدم سلخ جميع رأسه فلأصالة الحرمة في التصرف في النفس المحترمة، إلّا بوجه شرعي و هو مفقود.

(59) لأنها أبعد عمقا، و لا أثر في تفاوت طولها و قصرها.

(60) لصدق الجرح على الجميع، فيشمله إطلاق قوله تعالى وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ (1).

(61) لعموم أدلة اعتبار المماثلة، و إطلاقها، مضافا إلى الإجماع، فلو قطع الجاني أذنه اليمنى أو عينه اليمنى مثلا يقطع المجني عليه منه اليمنى أيضا، و لو قطع شفته أو جفنه العليا يقطع منه العليا أيضا.

ص: 18


1- سورة المائدة الآية: 45.

و الكبيرة و الصماء و غيرها (62)، و في الثقب غير المتعارف يرجع الى الأرش، أو الحكومة (63).

مسألة 20: لو جنى الجاني على المجني عليه جناية من قطع اذن أو يد أو رجل أو غير ذلك

(مسألة 20): لو جنى الجاني على المجني عليه جناية من قطع اذن أو يد أو رجل أو غير ذلك فأزال المجني عليه تلك الجناية عن نفسه بالفنون الحديثة أو بغيرها من الأدوية مع عدم بقاء نقص فيه من ناحية تلك الجناية فهل يجوز له الاقتصاص من الجاني بعد ذلك؟ وجهان (64).

______________________________

(62) لشمول الإطلاق للجميع، بعد تحقق المثلية عرفا المعتبرة في القصاص.

(63) لعموم أدلة الأرش و الحكومة، بعد عدم موضوع للمماثلة عرفا.

(64) البحث في المقام تارة بحسب إطلاقات أدلة القصاص، و أخرى بحسب الدليل الخاص.

أما الأولى: فالمنساق من مجموعها أن القصاص إنما هو لتدارك النقص الوارد على المجني عليه، و إيراد مثله على الجاني، لحفظ النظام و قطع تعدي الأنام، فمع عدم النقص و الشين، فلا يبقى موضوع له.

إن قيل: قد تألم المجني عليه بالألم و تضرر بصرف المال في المعالجة و المداواة.

يقال: تدارك ذلك كله بالغرامة، و هي غير القصاص، مع أنه يمكن أن لا يكون تضرر في البين، كما إذا كانت المعالجة بكرامة ولي أو اعجاز نبي، و للحاكم الشرعي إن يعزّر الجاني في مثل الفرض لأنه فعل منكرا.

إن قيل: هل يمكن ابتناء المقام على ما قالوه من أن الحادث الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد، فعلى الأول يثبت القصاص دون الأخير؟.

يقال: لا مدرك لما قالوه من عقل أو نقل أو عرف، فكيف يصح الابتناء عليه؟!

ص: 19

.....

______________________________

و أما الدليل الخاص- و هو الجهة الثانية- فيستفاد من التعليل الوارد في رواية ابن عمار عن أبي جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «أن رجلا قطع من بعض اذن الرجل شيئا، فرفع ذلك إلى علي عليه السّلام فأقاده، فأخذ الآخر ما قطع من اذنه فرده على اذنه بدمه فالتحمت و برئت، فعاد الآخر إلى علي عليه السّلام فاستقاده فأمر بها فقطعت ثانية و أمر بها فدفنت، و قال عليه السّلام: إنما يكون القصاص من أجل الشين» (1)، و هو في غير الفرض، لأن المفروض في المقام أن المعاد عين المبتدأ بلا شين في البين أصلا، مع أنه جعل القصاص من أجل الشين لا كلية فيه، إلا أن يقال: إنه بيان لحكمة القصاص، لا أن يكون علة له.

و هنا فروع لا بأس بالإشارة إليها.

الأول: هل يجوز ذلك من حيث الحكم التكليفي إن كان ذلك العضو من نفسه أو من غيره بإذنه؟ مقتضى الأصل الجواز.

الثاني: هل يجرى على المقطوع بعد الالتصاق و الالتحام حكم الميتة أو لا؟ فيه تفصيل، فإن صار بالالتصاق و الالتحام جزء حقيقيا من البدن بحيث يتأثر الإنسان بعصره و حره و برده مثلا، فلا يجري عليه حكم الميتة، و إلا فيجري و يلحق به الشك للاستصحاب.

الثالث: هل تجوز الصلاة فيه؟ هذا الفرع مبني على سابقة كما مرّ بلا حاجة للإعادة.

الرابع: لو جنى عليه شخص، فهل يجري عليه حكم الجناية على الأجزاء الأصلية؟ الظاهر ابتناؤه على الفرع الثاني كما تقدم.

الخامس: لو ألصق عضو آخر ببدنه، فهل يجري عليه حكم غصب المال أو هو منصرف عنه؟ يمكن تقوية الثاني إن لم يكن عرف على خلافه.

السادس: هل يجوز التبادل من شخصين بين عضويهما لغرض شخصي، مع عدم محذور شرعي في البين؟ مقتضى الأصل الجواز، فلو صار

ص: 20


1- الوسائل: باب 23 من أبواب قصاص الطرف: 1.

و لو انعكس بأن اقتص من الجاني العضو و بادر إلى الالتحام و الالتئام يحتمل القطع ثانيا (65)، و كذا الحكم لو قطع بعض الأعضاء كشحمة الاذن أو غيرها (66).

مسألة 21: إذا قطع أذنه فأزال سمعه

(مسألة 21): إذا قطع أذنه فأزال سمعه فهما جنايتان لكل منهما المختص بها (67)، فلو قطع أذنا فيها شلل ففيها ثلث الدية (68).

مسألة 22: يقتص في العين مع مساواة المحل فتقطع اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى دون العكس

(مسألة 22): يقتص في العين مع مساواة المحل فتقطع اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى دون العكس (69)،

______________________________

عضو الأجنبية جزء لبدن الأجنبي مثلا أو بالعكس، فهل يجري عليه الحكم الأول أو الثاني؟ الظاهر ابتناء هذا الحكم على الفرع الثاني كما مرّ.

السابع: هل يجوز بيع الأعضاء لهذا الغرض إذا كانت فيها منفعة محللة شائعة أو لا يجوز، لأنه من بيع الميتة؟ منشأ القول بالجواز انصراف أدلة بيع الميتة عن ذلك، هذا في العضو المنفصل بلا اختيار.

و أما المتصل، فهل يجوز للإنسان بيع بعض أعضاء بدنه في حال حياته بحيث يقطع؟ الظاهر عدمه، لعدم السلطة على ذلك، إلا بمجوز شرعي، و هو مفقود.

(65) لما مر في معتبرة إسحاق بن عمار، فراجع.

(66) لعدم الفرق بين الكل و البعض في جميع ما تقدم، و لو قطع العضو أو بعضه فتعلّق بجلده ثمَّ ألصقه يجري القصاص لتحقق المماثلة، فتشملها العمومات و الإطلاقات المتقدمة.

(67) أما كونهما جنايتين، فللعرف، و الشرع، و اللغة، و العقل، و يترتب على اختلاف الموضوع اختلاف الحكم لا محالة.

(68) لما نسب إلى الشيخ من الإجماع عليه، و ما يأتي من القاعدة.

(69) للعموم، و الإطلاق، و الاتفاق في كل منهما.

ص: 21

و لو كان الجاني أعورا اقتص منه (70)، و إن عمى (71)، و لا يرد إليه شي ء (72).

مسألة 23: لو قلع ذو عينين عين أعور اقتص له بعين واحدة

(مسألة 23): لو قلع ذو عينين عين أعور اقتص له بعين واحدة (73)، و يكون للمجني عليه التخيير بين أخذ الدية كاملة و بين الاقتصاص و أخذ نصفها (74).

______________________________

(70) لعموم الأدلة الشامل لذلك أيضا، بلا فرق بين كونه كذلك خلقة أو غيرها.

(71) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة محمد بن قيس قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: أعور فقأ عين صحيح، قال: تفقأ عينه، قلت: يبقى أعمى؟ قال عليه السّلام:

الحق أعماه» (1)، و في خبر أبان أيضا عن الصادق عليه السّلام: «سألت عن أعور فقأ عين صحيح متعمدا قال تفقأ عينه قلت: فيكون أعمى؟ قال الحق أعماه» (2)، و ظهر مما مر حكم ما لو قطع أعور العين الصحيحة من أعور، فإنه يقتص منه.

(72) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق. و إن جني عليه ابتداء، كان له تمام الدية نصا و فتوى. ففي رواية عبد اللّه بن الحكم عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل صحيح فقأ عين رجل أعور؟ فقال عليه الدية كاملة، فإن شاء الذي فقئت عينه أن يقتص من صاحبه و يأخذ منه خمسة آلاف درهم فعل، لأن له الدية كاملة و قد أخذ نصفها بالقصاص» (3)، و مثله غيره.

(73) لعموم قوله تعالى الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ (4)، الشامل للمقام أيضا.

(74) لقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن قيس: «قضى أمير المؤمنين في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت، أن تفقأ إحدى عيني

ص: 22


1- الوسائل: باب 15 من أبواب قصاص الطرف: 1 و 2.
2- الكافي ج-: 7 صفحة: 319/ 3.
3- الوسائل: باب 15 من أبواب قصاص الطرف: 1 و 2.
4- سورة المائدة الآية: 45.
مسألة 24: لا قصاص للعين الصحيحة من العمياء

(مسألة 24): لا قصاص للعين الصحيحة من العمياء بل يبدل بالدية (75).

مسألة 25: لو أذهب الضوء دون أصل الحدقة اقتص بالمماثل

(مسألة 25): لو أذهب الضوء دون أصل الحدقة اقتص بالمماثل فيرجع فيه إلى حذاق الاختصاصيين بذلك (76)،

______________________________

صاحبه، و يعقل له نصف الدية، و إن شاء أخذ دية كاملة و يعفى عن عين صاحبه» (1)، و تقدم رواية عبد اللّه بن الحكم أيضا، و يحمل على صحيح محمد بن قيس غيره.

و المنساق من مثل هذه الأخبار أنها فيما إذا كانت لعين الأعور دية كاملة، كما إذا كان كذلك خلقة أو بآفة من اللّه تعالى، و اما إذا قلعت عينه قصاصا، فهي منصرفة عنها.

(75) لأن النقص ذاتي، لا أن يرجع إلى النفع كالأعور و الأحول و نحوهما، مضافا إلى الإجماع. و يأتي قدر الدية في محله إن شاء اللّه تعالى.

(76) أما أصل الاقتصاص بالمماثل، فلعموم الأدلة و إطلاقاتها الشاملين لذلك، مضافا إلى الإجماع.

و أما الرجوع إلى أهل الخبرة، فلمرتكزات المتشرعة بل العقلاء في مثل هذه الأمور. و ما قاله بعض الفقهاء تبعا لخبر رفاعة، إنما هو بيان لبعض صغريات ذلك لو كان صحيحا في نفسه، ففي رواية رفاعة عن الصادق عليه السّلام: «ان عثمان أتاه رجل من قيس بمولى له قد لطم عينه، فانزل الماء فيها و هي قائمة ليس يبصر بها شيئا، فقال له: أعطيك الدية، فأبى، قال: فأرسل بهما إلى علي عليه السّلام و قال: احكم بين هذين فأعطاه الدية فأبى، قال: فلم يزالوا يعطونه حتى أعطوه ديتين، فقال: ليس أريد إلا القصاص، قال: فدعا علي عليه السّلام بمرآة

ص: 23


1- الوسائل: باب 27 من أبواب ديات الأعضاء: 2.

و لو لم يمكن إذهاب الضوء إلا بإيقاع جناية أخرى عليه يتبدل إلى الدية (77).

مسألة 26: تقتص العين الصحيحة بالعمشاء و الحولاء

(مسألة 26): تقتص العين الصحيحة بالعمشاء و الحولاء و الخفشاء و الجهراء و العشواء (78).

مسألة 27: يثبت القصاص في شعر الحاجب و الرأس و اللحية و الأهداب و نحوها

(مسألة 27): يثبت القصاص في شعر الحاجب و الرأس و اللحية و الأهداب و نحوها (79)،

______________________________

فحماها، ثمَّ دعا بكرسف فبلّه، ثمَّ جعله على أشفار عينيه و على حواليها، ثمَّ استقبل بعينه عين الشمس، قال: و جاء بالمرآة، فقال: انظر، فنظر فذاب الشحم و بقيت عينه قائمة و ذهب البصر» (1)، و يمكن اختلاف ذلك باختلاف الأعين أو الأزمنة أو الأمكنة.

(77) لأصالة الحرمة و الاحترام، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(78) لإطلاق الأدلة، و ظهور الإجماع بعد كون التفاوت في النفع لا في الذات، فيشمله عموم قوله تعالى الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ (2).

و العمش خلل في اجفاء العين يوجب سيلان الدمع غالبا. و الحول:

اعوجاج فيها. و الخفش: عدم حدة البصر بحيث لا يرى في الليل خاصة، أو لا يرى الأشياء في يوم غيم، أو صغر العين. و الجهراء: عدم البصر نهارا ضد الخفشاء الذي هو عدم البصر ليلا.

(79) لعموم قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (3)، و قوله تعالى:

ص: 24


1- الوسائل: باب 11 من أبواب قصاص الطرف: 1.
2- سورة المائدة الآية: 45.
3- سورة البقرة الآية: 194.

كما يقتص لو جنى على المحل من دون الشعر (80)، و لا بد في الاقتصاص من مراعاة التساوي (81).

مسألة 28: في الأنف قصاص

(مسألة 28): في الأنف قصاص (82)،

______________________________

وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ (1)، و قول علي عليه السّلام: «إنما يكون القصاص من أجل الشين» (2)، و جملة من الأخبار التي يمكن استفادة ذلك منها، فعن الصادق عليه السّلام في رواية مسمع: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في اللحية إذا حلقت فلم تنبت، الدية كاملة، فإذا نبتت فثلث الدية» (3)، و مثله خبر السكوني، و في رواية سلمة بن تمام قال: «أهرق رجل قدرا فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره، فاختصموا في ذلك إلى علي عليه السّلام فأجّله سنة فجاء فلم ينبت شعره، فقضى عليه بالدية» (4)، و في معتبرة سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام قلت: «الرجل يدخل الحمام فيصبّ عليه صاحب الحمام ماء حارا فيمتعط شعر رأسه فلا ينبت، فقال عليه السّلام: عليه الدية كاملة» (5)، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين عد الناس وجود اللحية زينة أو لا.

(80) لشمول أدلة القصاص له بلا إشكال إن أمكن الفرض، و مع عدم إمكانه يتبدل إلى الدية.

(81) لتحقق المثلية المعتبرة في القصاص، و لو فقدت المثلية ترجع إلى الدية كما يأتي.

(82) للعموم، و الإطلاق من الكتاب و السنة، مضافا إلى الإجماع، قال تعالى الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ (وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ) وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ (6).

ص: 25


1- سورة النحل الآية: 126.
2- الوسائل: باب 23 من أبواب قصاص الطرف: 1.
3- الوسائل: باب 37 من أبواب ديات الأعضاء: 1 و 3.
4- الوسائل: باب 37 من أبواب ديات الأعضاء: 1 و 3.
5- الوسائل: باب 37 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
6- سورة المائدة الآية: 45.

و يقتص الأنف الشام بعادمه و الصحيح بالمجذوم إن لم يتناثر منه شي ء و إلا فبقدر ما لم يتناثر، و الصغير و الكبير، و الأفطس و الأشم و الأقنى سواء (83)، و لا يقتص الأنف الصحيح بالشلل (84).

مسألة 29: يقتص بقطع المارن- و هو ما لان من الأنف

(مسألة 29): يقتص بقطع المارن- و هو ما لان من الأنف و كذا بقطع بعضه (85)، و لو قطع المارن مع بعض القصبة فالمرجع في تعين الاقتصاص أهل الخبرة بهذه الأمور (86)، و مع استقرار الشك فالحكومة (87).

مسألة 30: يقتص للمنخر بالمنخر مع التساوي في المحل الأيمن بالأيمن و الأيسر بالأيسر

(مسألة 30): يقتص للمنخر بالمنخر مع التساوي في المحل الأيمن بالأيمن و الأيسر بالأيسر (88)، و كذا الحاجز بالحاجز (89)،

______________________________

(83) لإطلاق أدلة المماثلة، بعد اتفاقهم على أنه لا اعتبار بالتفاوت في الأوصاف، بل تسقط ملاحظة التساوي فيها بعد تحقق التماثل الذاتي.

(84) لما يستفاد من مجموع الأدلة أن الشلل العضوي يخرجه عن موضوع القصاص، بل يتبدل الحكم إلى الدية أو الأرش و الحكومة.

(85) للعمومات، و الإطلاقات المتقدمة الشاملة للكل و البعض.

(86) لعدم ورود تحديد شرعي في ذلك يصح الاعتماد عليه، فلا بد من الرجوع إلى خبراء الفن.

(87) لأنها بمنزلة التصالح الذي هو خير محض. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

(88) لإطلاق أدلة القصاص، و اعتبار المماثلة في مورده كتابا و سنة و إجماعا، كما مر مكررا.

(89) لما مر في سابقة.

ص: 26

و لو قطع بعض الأنف يقاس المقطوع إلى الباقي و يقطع من الجاني بحسابه إن نصفا فنصف، و إن ثلثا فثلث و نحو ذلك (90).

مسألة 31: يقتص الشفة بالشفة مع التساوي علوا، و سفلا

(مسألة 31): يقتص الشفة بالشفة مع التساوي علوا، و سفلا (91)، و لا فرق بين الطويلة و القصيرة، و الكبيرة و الغليظة و الرقيقة، و الصحيحة و المريضة (92). نعم لو كان المرض هو الشلل يتبدّل بالدية حينئذ و يأتي مقدار الدية في الديات (93)، و لو قطع بعضها فبحساب المساحة كما مر في الأنف و يأتي في الديات.

مسألة 32: يثبت القصاص في اللسان تمامه بالتمام و بعضه بالبعض

(مسألة 32): يثبت القصاص في اللسان تمامه بالتمام و بعضه بالبعض (94).

______________________________

(90) للمماثلة المعتبرة بالكتاب و السنة كما مرّ، و لا يراعى المساحة بين الأنفين، و انما يراعى النسبة لتحقق المماثلة عرفا.

(91) أما أصل الاقتصاص في الشفتين، فلعمومات، و إطلاقات الأدلة، و إجماع فقهاء الملة.

و أما التساوي فيهما، فلأدلة اعتبار المماثلة من الكتاب و السنة كما مرت مكررة، فيقتص للشفة العليا بالعليا و السفلى بالسفلى.

(92) كل ذلك للإطلاقات، و العمومات، و أن كل ذلك من الصفات غير الملحوظة في اقتصاص الذات.

(93) لما مر غير مرة من أن الصحيح لا يقتص للمشلول، فتنتقل إلى الدية حينئذ، و يأتي التفصيل في الديات إن شاء اللّه تعالى.

(94) لإطلاق قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (1)، و قوله تعالى وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها (2).

ص: 27


1- سورة البقرة الآية: 194.
2- سورة الشورى الآية: 40.

مع التساوي في النطق (95)، فلا يقطع الناطق بالأخرس (96)، و يقطع الأخرس بالناطق، و بالأخرس و الفصيح بغيره و الخفيف بالثقل (97)، و لو قطع لسان طفل يقتص منه (98)، إلا إذا ثبت خرسه فلا يقطع بل فيه الدية (99).

مسألة 33: في ثدي المرأة و حلمتها قصاص

(مسألة 33): في ثدي المرأة و حلمتها قصاص (100)،

______________________________

و لم أجد الفرع في الكتب الفقهية كالشرائع و الجواهر و اللمعة.

(95) لظهور المثلية في قوله تعالى في ذلك، مضافا إلى الإجماع، كما مر في نظائر المقام.

(96) للأصل، و الإجماع، و ما تقدم في نظائره غير مرة.

(97) كل ذلك لإطلاق الأدلة من غير ما يصلح للتقييد.

(98) لإطلاق الأدلة و عمومها الشاملين لذلك أيضا.

إن قلت: قوله عليه السلام في صحيح أبي بصير: «لا قود لمن لا يقاد منه» (1)، حاكم عليهما فلا مجال للأخذ بهما.

يقال: نعم لو ثبت عموم دلالته فتثبت الحكومة لا محالة، و أما مع عدم الثبوت أو الشك فيه تقدم حقوق الناس التي اهتم الشارع بها غاية الاهتمام، و لعل إعراض المشهور عن العمل بعموم الصحيحة لأجل ذلك.

(99) أما عدم القطع مع ثبوت الخرس، فلما مرّ من أنه لا يقطع الصحيح بالأخرس.

و أما الدية فلما يأتي في الديات. و في ثبوت الخرس يرجع الى العلامات المعتبرة، و ثقات المتخصصين في ذلك.

(100) للعمومات، و الإطلاقات الشاملة لذلك أيضا، فلو قطعت امرأة ثدي امرأة أخرى أو حلمها، تقتص منها.

ص: 28


1- الوسائل: باب 28 من أبواب القصاص في النفس: 1.

مع تساوي المحل من حيث اليمنى و اليسرى (101)، و كذا في حلمة الرجل قصاصا مساويا (102)، و لو قطع رجل حلمة ثدي امرأة فلها القصاص من غير رد (103).

مسألة 34: يقتص في السن مع التساوي في المحل و الطرف و نحوهما

(مسألة 34): يقتص في السن مع التساوي في المحل و الطرف و نحوهما (104)، و لا فرق فيما ذكر بين الأصلية التي تنبت بعد سقوط أسنان الرضاع و غيرها بعد تحقق المماثلة و لو بالأجهزة

______________________________

(101) لعموم ما دلّ على اعتبار التساوي في الجناية و المقتص منه.

(102) لعموم الدليل الشامل لكل منهما، فلو قطع، رجل حلمة رجل آخر، يقتص منه مع مراعاة التساوي.

(103) أما أصل ثبوت القصاص، فلعموم دليله و إطلاقه. و أما عدم الرد، فللأصل بعد عدم دليل على ثبوته، فيتحقق الحق الثابت و هو أصل القصاص، و ينفى الزائد بالأصل، إلا أن يدل دليل عليه بالخصوص.

(104) للأدلة الأربعة، فمن الكتاب قوله تعالى وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ (1)، و السنة و الإجماع و العقل كما تقدم (2)، فلا يقلع ما في الفك الأعلى بما في الفك الأسفل و كذا العكس، و لا ما في اليمين باليسار أو العكس، و لا الثنية بالرباعية أو الطاحن أو الناب أو الضاحك و كذا العكس، و لا الزائد بالأصلية أو العكس، بل و لا الزائدة بالزائدة مع اختلاف المحل، كل ذلك لاعتبار المماثلة في الاعتداء كما صرح بها الكتاب الكريم- كما مر- و السنة المقدسة. نعم لا اعتبار بأوصاف الأسنان كالسواد و البياض و الصفر و غيرها.

ص: 29


1- المائدة الآية: 45.
2- تقدم في صفحة: 7.

الحديثة (105).

مسألة 35: لو عادت المقلوعة كما كانت بلا نقص بحكم أهل الخبرة ففيها التعزير

(مسألة 35): لو عادت المقلوعة كما كانت بلا نقص بحكم أهل الخبرة ففيها التعزير، و إن حكموا بالنقص ففيها الأرش إذا كان العود قبل الاقتصاص (106).

مسألة 36: لو اقتص و عادت سن الجاني ليس للمجني عليه إزالتها

(مسألة 36): لو اقتص و عادت سن الجاني ليس للمجني عليه إزالتها (107)، و كذا لو عادت سن المجني عليه ليس للجاني إزالتها (108).

مسألة 37: لو قلع سن الصبي فإن كان لم تنبت في زمان يرجى فيه النبات عادة ففيه القصاص

(مسألة 37): لو قلع سن الصبي فإن كان لم تنبت في زمان يرجى فيه النبات عادة ففيه القصاص (109).

______________________________

(105) لإطلاق الدليل الشامل لجميع ذلك. نعم لو لم تتحقق المماثلة من كل جهة تتعين الدية أو الأرش. و يمكن أن يجعل هذا النزاع بين الفقهاء لفظيا.

(106) أما الأول: فلأنه منكر، و كل منكر يعزّر مرتكبه، كما تقدم غير مرة من أن الغرض من نصب الحاكم الشرعي إقامة المعروف و الردع عن المنكر.

و أما الثاني: فلفرض حصول النقص، فلا بد إما من الأرش أو الحكومة، بل نسب إلى المشهور ثبوت حق القصاص مطلقا، فإن كان مدركهم التمسك بالعمومات بدعوى عدم انصرافها عن بعض فروض المسألة فهي صحيحة، و إن كان لهم دليل آخر نطالبهم بذلك، و الأحوط التراضي.

(107) للأصل بعد تحقق استيفاء حقه، فليس له حق بعد الاقتصاص حتى يكون له حق الاستيفاء.

و ما تقدم من أن الحكمة في القصاص لأجل الشين فلا يجوز إلصاق العضو المقطوع، و لو فعل ذلك يقتص مرة أخرى كما مر، لا يشمل مثل المقام.

لأنه إنبات و هبة جديدة منه تعالى مع انه لا شين في المقام أصلا.

(108) لما مر في سابقة.

(109) للعمومات، و الإطلاقات الشاملة للصبي أيضا.

ص: 30

و إلا فلا قصاص و فيه الأرش (110)، فلو مات الصبي المجني عليه قبل اليأس من عودها فلوارثه الأرش (111).

مسألة 38: لا تقلع السن الأصلية بالزائدة، بل فيها الدية

(مسألة 38): لا تقلع السن الأصلية بالزائدة (112)، بل فيها الدية (113)،

______________________________

(110) أما عدم القصاص: فللإجماع، و لمعتبرة علي بن حديد عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: «في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثمَّ تنبت، قال عليه السلام:

ليس عليه قصاص، و عليه الأرش» (1).

و أما الأرش: فلتحقق المماثلة في جهة الاعتداد، فيرجع بعد ذلك إلى الأصل و ما تقدم.

و لكن عن جمع أن في سن الصبي بعيرا، مطلقا لقول الصادق عليه السلام: «ان أمير المؤمنين عليه السّلام قضى في سن الصبي إذا لم يثغر ببعير» (2)، و الثغر: السن الأصلي الذي نبت بعد سقوط أسنان الرضاع، و في رواية مسمع عن الصادق عليه السلام أيضا: «قضى في سن قبل أن يثغر بعيرا في كل سن» (3).

و لكن العمل بإطلاقه مشكل مع قصور سندهما، فالأولى رد علمهما إلى أهله، و الأحوط التصالح إن لم يكن محذور في البين.

ثمَّ لا فرق بين الكسر و القلع، لشمول العمومات و الإطلاقات لكليهما، و لكن لا بد في الكسر من ملاحظة المماثلة، و لو بالآلات الحديثة كما في القلع.

(111) للعمومات، و الإطلاقات بعد تحقق التعدي، و يقتضيه الأصل أيضا.

(112) لما مرّ مكررا من اعتبار المماثلة في القصاص، و المفروض عدمها عرفا، و تقدم في مسألة 34 ما يرتبط بالمقام.

(113) لعموم أدلة الأرش بعد عدم موضوع للمماثلة، و سيأتي مقدارها إن

ص: 31


1- الوسائل: باب 33 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 33 من أبواب ديات الأعضاء: 3 و 2.
3- الوسائل: باب 33 من أبواب ديات الأعضاء: 3 و 2.

و تقلع الزائدة بالزائدة مع تحقق الشرائط (114).

مسألة 39: يثبت القصاص في قطع الذكر مطلقا

(مسألة 39): يثبت القصاص في قطع الذكر مطلقا (115)، و لا يقطع الصحيح بذكر العنّين و من يكون بذكره شلل (116)، و يقطع ذكر العنين بالصحيح و المشمول به (117)، و كذا يثبت القصاص في قطع الحشفة أو بعضها (118).

مسألة 40: في الخصيتين قصاص و كذا في إحداهما مع التساوي

(مسألة 40): في الخصيتين قصاص و كذا في إحداهما مع التساوي

______________________________

شاء اللّه تعالى، و كذا الحكم لو اشتبهت الزائدة بالأصلية.

(114) لتحقق المماثلة عرفا.

(115) للعموم، و الإطلاق، و الاتفاق، بلا فرق في ذلك بين الأغلف و المختون، و الكبير و الصغير بلغا في الكبر و الصغر ما بلغا، و الخصي- إن لم يبلغ إلى شلل الذكر- كل ذلك لما مر.

و أما قول أبي جعفر عليه السّلام في المعتبر: «لا قود لمن لا يقاد منه» (1)، فإن عمومه و إطلاقه موهون بإعراض المشهور عن العمل بهما مع كونه بمنظر منهم و مسمع، و أنه في مقام بيان قاعدة كلية، فهو مختص بمورده إذا، فالمرجع ما تقدم من العموم و الإطلاق، مضافا إلى الإجماع. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

(116) على المشهور فيهما، بل ادعي الإجماع في الثاني، و يشهد لذلك ما تقدم في اليد. و لا بد من التراضي بالدية، لما يأتي في الديات إن شاء اللّه تعالى.

(117) لظهور الإجماع، و يشهد له ما مرّ في اليد. و لكن لا بد من مراعاة عدم تحقق الضرر على النفس.

(118) للعمومات، و الإطلاقات، و ظهور الإجماع، و لكن لا بد من مراعاة

ص: 32


1- الوسائل: باب 28 من أبواب القصاص في النفس: 1.

في المحل (119)، و لو خيف ذهاب منفعة أخرى ينقلب إلى الدية (120)، هذا إذا ذهب أصل المنفعة بفعل الجاني، و أما إذا بقيت و ذهبت العين بفعله يقتص بالنسبة إلى العين فقط إلا مع الخوف فتنتقل إلى الدية (121)، و لو قطع الذكر و الخصيتين اقتص منه كذلك (122).

مسألة 41: يقتص في الشفرين و كذا في أحدهما

(مسألة 41): يقتص في الشفرين و كذا في أحدهما (123)، بلا فرق بين الصغيرة و الكبيرة و البكر و الثيب و المختونة و غيرها، و الصحيحة و الرتقاء، و القرناء، و العفلاء، و المفضاة و غيرها (124)، هذا إذا كانت الجانية امرأة، و أما لو كان رجلا أو قطعت المرأة ذكر رجل تتعين

______________________________

المثلية في الكمية من كل جهة.

(119) للإطلاق، و الاتفاق، و العموم، و يقتص اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى.

(120) لانتفاء موضوع القصاص، و هو اعتبار المثلية، فلا محالة تنقلب إلى الدية.

(121) أما الأول: فلاعتبار المماثلة في القصاص مهما أمكن.

و أما الثاني: فلعدم إمكان تحصيلها مع الخوف، فلا بد من الانتقال إلى الدية حينئذ.

(122) للإطلاق، و الاتفاق، سواء قطعهما معا أم على التعاقب، لشمول الدليل لكل منهما.

(123) أما الشفران: فهما اللحمان المحيطان بالفرج الشفتين بالفم.

و أما أصل القصاص مطلقا، فلعمومات الأدلة و إطلاقاتها الشاملة لهما و لأحدهما.

(124) كل ذلك للإطلاق، و العموم الشامل لجميع ذلك. نعم لا يقتص من الصحيحة للشلاء، لما تقدم مرارا.

ص: 33

الدية حينئذ (125).

مسألة 42: كل مورد لم يتمكن من المثلية و المساواة في الاقتصاص تتعين الدية

(مسألة 42): كل مورد لم يتمكن من المثلية و المساواة في الاقتصاص تتعين الدية و المرجع في ذلك ثقات أهل الخبرة و المتخصصين، فلو زالت بكر بكارة أخرى و لم يتمكن من المماثلة من كل جهة فعلى الجانية الدية (126).

مسألة 43: يثبت القصاص في الأليتين مع الأمن من الضرر و إلا فالدية

(مسألة 43): يثبت القصاص في الأليتين مع الأمن من الضرر و إلا فالدية (127).

مسألة 44: يقطع المجذوم بمثله و بالصحيح، و الاذن الصماء بالأذن الصحيحة

(مسألة 44): يقطع المجذوم بمثله و بالصحيح، و الاذن الصماء بالأذن الصحيحة (128).

______________________________

(125) لعدم موضوع القصاص في الجاني و الجانية حتى تتحقق المثلية، فلا محالة تنتقل إلى الدية.

و أما رواية عبد الرحمن بن سيابة عن الصادق عليه السّلام: «إن في كتاب علي عليه السّلام لو أن رجلا قطع فرج امرأته لأغرمته لها ديتها، و إن لم يؤد إليها الدية قطعت لها فرجه إن طلبت ذلك» (1)، فهي لا يصح العمل بها حتى في موردها، بل لا بد من رد علمها إلى أهلها بعد إعراض المشهور عنها.

(126) لأصالة الاحترام في النفس و الأطراف مطلقا، فمع إمكان القصاص يتعين، و مع عدمه لا بد من الدية، لئلا يذهب ما هو محترم هدرا أو ضياعا.

(127) أما الأول: فللعمومات، و الإطلاقات الشاملة لهما أيضا.

و أما الأخير: فلقاعدة نفي الضرر و الحرج الحاكمة عليهما.

(128) للعموم، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، و المراد بالمثلية و التساوي ما

ص: 34


1- الوسائل: باب 9 من أبواب قصاص الطرف: 2.
مسألة 45: لو جنى على شخص بجناية داخلية مثل النزيف الداخلي

(مسألة 45): لو جنى على شخص بجناية داخلية مثل النزيف الداخلي أو حدث مرض اعصاب أو سكر أو غير ذلك تتعين الدية (129).

مسألة 46: لو جنّ المجني عليه لا يسقط القصاص فلوليه الاستيفاء

(مسألة 46): لو جنّ المجني عليه لا يسقط القصاص فلوليه الاستيفاء (130)، و لو جنّ الجاني بعد تحقق الجناية يقتص الكامل شرعا منه (131).

مسألة 47: لو مات الجاني قبل استيفاء القصاص

(مسألة 47): لو مات الجاني قبل استيفاء القصاص يتبدل الحكم إلى

______________________________

هو في ظاهر الجسم- لا بالنسبة إلى تمام المنافع- إلا ما خرج بالدليل الخاص.

(129) لعموم قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (1)، بعد عدم إمكان المثلية بنظر المتخصص.

(130) لعموم ما دلّ على ثبوته، مضافا إلى الأصل، و لو استند الجنون إلى الجناية تكون الدية كاملة، كما يأتي في كتاب الديات إن شاء اللّه تعالى.

(131) للأصل، و العمومات، و الإطلاقات، مضافا إلى معتبرة بريد العجلي «سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل قتل رجلا فلم يقم عليه الحدّ و لم تصح الشهادة عليه حتى خولط و ذهب عقله، ثمَّ إن قوما آخرين شهدوا عليه بعد ما خولط أنه قتله؟ فقال: إن شهدوا عليه أنه قتله حين قتله و هو صحيح ليس به علّة من فساد عقل قتل به، و إن لم يشهدوا عليه بذلك و كان له مال يعرف دفعت إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل، و إن لم يكن له مال اعطي الدية من بيت المال، و لا يبطل دم امرئ مسلم» (2)، و تقدم أنه كل ما يجري في قصاص النفس يجري في ما دونها أيضا.

ص: 35


1- سورة البقرة الآية: 194.
2- الوسائل: باب 29 من أبواب القصاص في النفس: 1.

الدية، و لو مات المجني عليه بغير سبب الجناية فلأوليائه القصاص بعد المراجعة إلى الحاكم الشرعي (132).

مسألة 48: لا فرق في السبب الموجب للجناية بين الضرب أو غيره

(مسألة 48): لا فرق في السبب الموجب للجناية بين الضرب أو غيره كصب بعض الأدوية السامة على الجسد مثلا أو اتصال بعض الجسد بآلات الكهرباء التي قد توجب الشلل فيه (133).

مسألة 49: لو صدرت الجناية من اثنين بنحو الاشتراك فيها اقتص منهما المجني عليه إن شاء

(مسألة 49): لو صدرت الجناية من اثنين بنحو الاشتراك فيها اقتص منهما المجني عليه إن شاء مع رد ما فضل من دية المقتص منه إليهما أو يأخذ منهما الدية و يسقط القصاص، أو يقتص من أحد هما و يدفع من لم يقتص منه فضل دية المقتص عنه (134)، و كذا لو صدرت الجناية من جماعة.

______________________________

(132) لزوال الموضوع في الأول، فينتقل الحكم إلى الدية لا محالة، لئلا يبطل دم امرئ مسلم، و لأن أولياء الميت أولى بأحكامه، مضافا إلى الأصل في الثاني.

و أما الرجوع إلى الحاكم الشرعي، فلأن تشخيص هذه الموضوعات التي لها المعرضية للنزاع و الجدال، لا بد و أن تكون بنظره لقطعهما.

(133) لتحقق الاعتداء على كل حال، فتشمله الإطلاقات و العمومات.

(134) للعموم، و الإطلاق، و فحوى ما تقدم في النفس، و معتبرة أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل، قال: إن أحب أن يقطعهما أدّى إليهما دية يد يقتسمانها ثمَّ يقطعهما، و إن أحب أخذ منهما دية يد، و إن قطع يد أحدهما ردّ الذي لم يقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية» (1)، و لا فرق بين الاثنين و الأزيد، للإجماع، و فحوى ما مر في النفس.

ص: 36


1- الوسائل: باب 25 من أبواب القصاص في الطرف: 1.
مسألة 50: لو فعل الجاني ما يوجب زوال بعض القوى الجسمانية عن المجني عليه بمثل السحر أو التسخيريات فلا إشكال في الضمان

(مسألة 50): لو فعل الجاني ما يوجب زوال بعض القوى الجسمانية عن المجني عليه بمثل السحر أو التسخيريات فلا إشكال في الضمان (135)، و هل يجوز القصاص بالمثل؟ وجهان (136).

مسألة 51: لا يقتص من الحامل إن استلزم القصاص الضرر لحملها

(مسألة 51): لا يقتص من الحامل إن استلزم القصاص الضرر لحملها (137)، فعلى المجني عليه أو وليه تأخيره إلى أن تضع حملها أو المطالبة بالدية (138).

______________________________

و تقدم نظير هذه المسألة في مسائل القصاص في النفس.

(135) لعموم أدلة الاعتداء، و ما تقدم من عدم فرق بين الأسباب.

(136) من أن مقتضى العموم، و الإطلاق، الجواز بعد كون المجني عليه عالما بذلك، و من أنه دفع الحرم بالحرام فلا يجوز. و يمكن الإشكال بأنه حرام إن لم يأذن الشارع فيه، و المفروض شمول عموم الإذن له. نعم لو لم يكن عالما به قبل ذلك و تعلّم السحر لهذا الغرض بالخصوص، ففيه إشكال.

(137) لما تقدم في استيفاء القصاص على النفس، و ما تقدم في حدّ الحامل و أنه من الإسراف في القتل بقوله تعالى فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ (1).

(138) لولايته على ذلك، و لو اختار أحدهما لا يجوز لها المنع.

ص: 37


1- سورة الإسراء الآية: 33.

ختام و فيه مسائل

اشارة

ختام و فيه مسائل

الأولى: يشترط في القصاص التساوي في الأصالة و الزيادة

الأولى: يشترط في القصاص التساوي في الأصالة و الزيادة (1)، فلا يقطع أصلية بزائدة و لو مع اتحاد المحل (2)، و لا زائدة بأصلية مع اختلاف المحل (3)، و تقطع الأصلية بالأصلية مع اتحاد المحل و الزائدة كذلك، و الزائدة بالأصلية مع اتحاد المحل و فقد الأصلية (4)، و لا تقطع اليد الزائدة اليمنى بالزائدة اليسرى و بالعكس، و لا الزائدة اليمنى بالأصلية اليسرى و بالعكس (5).

الثانية: إذا قطع يدا كاملة و يده ناقصة بإصبع مثلا فللمجني عليه القصاص

الثانية: إذا قطع يدا كاملة و يده ناقصة بإصبع مثلا فللمجني عليه القصاص (6)،

______________________________

(1) لاعتبار المماثلة كتابا، و سنة، و إجماعا، كما مرّ فلا وجه للإعادة.

(2) لاعتبار الكمال و النقص في مورد القصاص، فالكامل لا يؤخذ للناقص، اتحد المحل أو اختلف.

(3) لاشتراط اتحاد المحل، و المفروض عدم تحققه.

(4) كل ذلك لوجود المقتضي للقطع و فقد المانع عنه، فتشملها الإطلاقات، و العمومات بلا محذور، مضافا إلى الإجماع.

(5) لما مرّ من اشتراط اتحاد المحل، فينتفي المشروط لا محالة بانتفاء الشرط، فينتقل إلى الدية لا محالة.

(6) لعمومات أدلة القصاص و إطلاقاتها، و ظهور الإجماع.

ص: 38

و لو أخذ دية ما هو مفقود (7)، بلا فرق بين ما إذا كان الفقدان خلقة أو لعارض (8)، و كذا لو قطع كامل الأجزاء من هو ناقص عكس ما مرّ مع دفع دية ما هو موجود في الجاني دونه (9)،

______________________________

(7) لقاعدة المثلية في الاعتداء، و الدية أقرب إلى المثل بعد تعذر الصورة، مضافا إلى دعوى الإجماع.

(8) لجريان قاعدة المثلية، و بدلية الدية عنها في الصورتين.

و أما رواية سورة بن كليب عن الصادق عليه السّلام قال: «سئل عن رجل قتل رجلا عمدا و كان المقتول أقطع اليد اليمنى؟ فقال عليه السّلام: إن كانت قطعت يده في جناية جناها على نفسه أو كان قطع فأخذ دية يده من الذي قطعها، فإن أراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله أدّوا إلى أولياء قاتله دية يده الذي قيد منها إن كان أخذ دية يده و يقتلوه، و إن شاؤوا طرحوا عنه دية يد و أخذوا الباقي، قال: و إن كانت يده قطعت في غير جناية جناها على نفسه و لا أخذ لها دية قتلوا قاتله و لا يغرم شيئا، و إن شاؤوا أخذوا دية كاملة، قال: و هكذا وجدناه في كتاب علي عليه السّلام» (1)، فلا بد من اختصاصها بموردها، و إلا يستلزم العمل بإطلاقها حكما لا يقول به أحد، و هو عدم شي ء على من قطع يدا مثلا و لا يد له خلقة، و هو معلوم البطلان.

(9) لما تقدم من العمومات، و الإطلاقات و تحقق المثلية.

و دعوى الإجماع، مضافا إلى رواية ابن الحريش عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام قال: «قال أبو جعفر الأول عليه السّلام لعبد اللّه بن عباس: يا ابن عباس أنشدك اللّه هل في حكم اللّه اختلاف؟ قال: فقال: لا، قال: فما تقول في رجل قطع رجل أصابعه بالسيف حتى سقطت فذهبت و أتى رجل آخر فأطار كف يده فأتى: به إليك و أنت قاض كيف أنت صانع؟ قال: أقول لهذا القاطع: أعطه دية كفه، و أقول

ص: 39


1- الوسائل: باب 50 من أبواب القصاص في النفس: 1.

و كذا لو نقصت بعض أصابع المقطوع أنملة (10)، أو ظفرا أو نقصت أصابع القاطع أنملة أو ظفرا (11).

الثالثة: إذا قطع إصبع رجل مثلا فسرت إلى كفه بحيث قطعت ثمَّ اندملت ثبت القصاص فيهما

الثالثة: إذا قطع إصبع رجل مثلا فسرت إلى كفه بحيث قطعت ثمَّ اندملت ثبت القصاص فيهما فتقطع كفه من المفصل (12)، و لو قطع يده من الكوع ثبت القصاص (13)، فإذا قطع مع اليد بعض الذراع اقتص من مفصل الكوع و تجري الحكومة في الباقي (14)،

______________________________

لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت و ابعث إليهما ذوي عدل، فقال له: قد جاء الاختلاف في حكم اللّه و نقضت القول الأول، أبى اللّه أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود و ليس تفسيره في الأرض، اقطع يد قاطع الكف أصلا ثمَّ أعطه دية الأصابع، هذا حكم اللّه» (1)، و في المسألة أقوال أخرى لم نجد لها دليلا وافيا يعتمد عليه، و لذلك أعرضنا عن ذكرها.

(10) لجريان جميع ما تقدم في ذلك أيضا، من غير فرق بينها و بين سابقتها، فيقطعها مع دفع دية الأنملة.

(11) فيجري حكم ما تقدم في الجميع جمودا على تحقق المثلية، بعد عدم إمكان تحققها بالنسبة إلى العين و الصورة.

(12) للعمومات، و الإطلاقات، و ظهور الإجماع، بعد كون السراية بفعله فيكون إحديهما بالمباشرة، و الأخرى بالتسبيب، و الأحوط التصالح بالدية.

(13) للعمومات، و الإطلاقات، و عدم الخلاف. و الكوع: طرف الزائد الذي يلي الإبهام.

(14) أما الأول: فلما مرّ من العمومات، و الإطلاقات.

و أما الثاني: فلفرض عدم المفصل، و اختلاف أوضاع العروق و الأعصاب.

ص: 40


1- الوسائل: باب 10 من أبواب قصاص الطرف: 1.

و المرجع في الحكومة المتخصصون فيها (15)، و لو قطعها من المرفق اقتص منه و في الزيادة ما مرّ (16)، و كذا لو قطعها من المنكب اقتص منه (17)، و ليس له القصاص من المرفق و أخذ أرش الزائد (18)، و لو قطعها من العضد فلا قصاص منه و يقتص من المرفق و في الباقي حكومة (19)، و لو خلع عظم المنكب (المشط) فالقصاص أو الدية (20)، و حكم الرجل حكم اليد (21).

الرابعة: إذا قطع كفه و كان للقاطع إصبع زائدة في اليمين مثلا و كان المقطوع كذلك اقتص منه

الرابعة: إذا قطع كفه و كان للقاطع إصبع زائدة في اليمين مثلا و كان المقطوع كذلك اقتص منه (22)،

______________________________

(15) لأنهم العارفون بمثل هذه الأمور.

(16) كل منهما لعين ما مر في سابقة من غير فرق.

(17) لكون الحكم مطابقا للقاعدة، فتجري في جميع الأشباه و النظائر.

(18) للأصل بعد عدم دليل عليه.

(19) أما الأول: فلما مرّ آنفا من اختلاف عروق الأيادي و الأعصاب في ذلك اختلافا كثيرا.

و أما الثاني: فلما تقدم من العمومات، و الإطلاقات، و تسالم الأصحاب.

(20) أما القصاص، إن حكم أهل الخبرة المتخصصين في العلم بإمكان ذلك، و إلا تتعين الدية لما مرّ.

(21) لكون الحكم في كل منهما مطابقا للقاعدة، فتجري في الأشباه و النظائر، فإن القدم كالكف، و الساق كالذراع، و الفخذ كالعضد و الورك كعظم الكف.

(22) لأن المفروض تحقق التساوي في كل منهما، فتشمله الإطلاقات و العمومات.

ص: 41

و لو كانت الزائدة في الجاني فقط و كانت خارجة عن الكف اقتص منه و تبقى الزائدة (23)، و إن كانت في سمت الأصابع منفصلة عنها ثبت القصاص في الأصابع الخمس دون الزائدة (24)، و أما الكف فإن كان في الاقتصاص منها تغرير فلا بد من الحكومة (25)،

______________________________

(23) لتحقق التساوي، مضافا إلى عدم الخلاف، و خروج الزائدة عن مورد القصاص، بأن تكون على الساعد مثلا فتسلم للجاني بلا قصاص فيها.

(24) لفرض تحقق التساوي فيها حينئذ، و كون الزائدة أزيد من الحق، فلا حق للمجني عليه فيها.

و أما رواية الحسين بن العباس الحريش عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام قال:

«قال أبو جعفر الأول لعبد اللّه بن عباس: يا بن عباس أنشدك اللّه هل في حكم اللّه اختلاف؟ قال فقال: لا، قال: فما تقول في رجل قطع رجل أصابعه بالسيف حتى سقطت فذهبت و أتى رجل آخر فأطار كف يده، فأتي به إليك و أنت قاض كيف أنت صانع؟ قال: أقول لهذا القاطع: أعطه دية كفه، و أقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت و أبعث إليهما ذوي عدل، فقال له: قد جاء الاختلاف في حكم اللّه و نقضت القول الأول، أبى اللّه أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود و ليس تفسيره في الأرض، اقطع يد قاطع الكف أصلا ثمَّ أعطه دية الأصابع، هذا حكم اللّه» (1)، ففي شموله للمقام إشكال بل منع، و لذا اضطربت كلماتهم الشريفة فيه، فهم بين عامل به و تارك له.

(25) لفرض عدم إمكان الاقتصاص من جهة التغرير كما هو الغالب، فتصل النوبة إلى الحكومة لئلا يذهب دم امرئ مسلم هدرا.

ص: 42


1- الوسائل: باب 10 من أبواب قصاص الطرف: 1.

و إن لم يكن كذلك فيقتص من الكف أيضا (26)، و لو كانت الزائدة متصلة ببعض الأصابع اقتص منه بما عدا الملتصقة و له دية الإصبع التي التصق الزائد بها و الحكومة في الكف (27). و لو كانت نابتة على الإصبع الوسطى مثلا و أمكن قطع بعضها مع الأربع تقطع الأنملة الوسطى مع الأربع و يؤخذ ثلثا دية الإصبع (28)، أما لو كانت الزائدة في المجني عليه خاصة فله القصاص في الكف و له دية الإصبع الزائدة و هي ثلث دية الأصلية (29)، و يجوز المصالحة بينهما بالدية مطلقا (30)، و لو كان للمجني عليه أربع أصابع أصلية و خامسة غير أصلية لم تقطع اليد الكاملة للجاني (31)،

______________________________

(26) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله العمومات و الإطلاقات.

و المرجع في التغرير و عدمه أهل الخبرة و المتخصصون بذلك.

(27) أما الاقتصاص بما عدا الملتصقة، فلوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة بلا مدافع.

و أما الدية في الملتصقة، فلفرض تعذر الاقتصاص فيها.

و أما الحكومة في الكف، فلما تقدم آنفا فلا حاجة للإعادة.

(28) أما قطع الأربع مع قطع بعض الأنملة الوسطى، فلتحقق موضوع الاقتصاص و التساوي.

و أما أخذ ثلث دية الإصبع، فلتعذر الاقتصاص فيه، فتتعين الدية حينئذ.

(29) أما القصاص، فلتحقق موضوعه، فتشمله الأدلة بلا إشكال.

و أما دية الإصبع الزائدة، فلعدم موضوع القصاص بالنسبة إليها، و تحقق الجناية، فلا بد من الدية حينئذ.

و أما انها ثلث دية الإصبع الأصلية، فلما يأتي في الديات إن شاء اللّه تعالى.

(30) لما يأتي في محله من جوازها بالتراضي.

(31) للإجماع، و لقاعدة عدم قطع الكامل بالناقص.

ص: 43

و للمجني عليه القصاص في الأربع و دية الخامسة و حكومة الكف (32)، و يصح التراضي بدية الجميع (33)، و لو كان بعض الأصابع التي ليست أصلية للجاني و كانت أصابع المجني عليه جميعها أصلية ثبت القصاص في الكف (34)، بشرط كون الزائدة في سمت الأصلية (35).

هذا كله إذا كانت الزائدة متميزة في يد الجاني. و أما لو كانت غير متميزة عن الأصلية (36)، فلا بد من الحكومة أو الأرش بنظر الحاكم الشرعي (37).

الخامسة: لو كان لبعض أصابعه أنملتان- زائدة و أصلية- فقطعهما

الخامسة: لو كان لبعض أصابعه أنملتان- زائدة و أصلية- فقطعهما فإن تساوى الجاني معه ثبت القصاص (38)، و إلا ثبتت الحكومة (39)،

______________________________

(32) أما القصاص في الأربع، فلتحقق موضوع القصاص، و أما دية الخامسة فلفرض عدم موضوع لها فيتعذر القصاص، و أما حكومة الكف فلعدم التساوي بينه و بين كف الجاني من حيث إن جميع الأصابع أصلية في الجاني، و واحدة منها غير أصلية في المجني عليه.

(33) لما يأتي من جواز التراضي بينهما مطلقا.

(34) لظهور الإجماع، و لأن الناقص يؤخذ بالكامل.

(35) أي تساوي المحل، و إلا فلا يتحقق التساوي، فلا موضوع للقصاص.

(36) كما إذا كانت الزائدة في سمت أصابعه و على نسقها كما و كيفا، و لم يمكن تمييزها حتى بالأجهزة العصرية.

(37) لعدم تحقق القصاص من كل جهة.

(38) لتحقق المماثلة، فتشمله الإطلاقات و العمومات المتقدمة.

(39) لفرض عدم تحقق التساوي، فينتقل الحكم إليها أو إلى الدية، لئلا تذهب الجناية على المسلم هدرا. و سيأتي مقدار دية الأنملة في كتاب الديات

ص: 44

و لو كان الطرفان للجاني فقط دون المجني عليه اقتص منه إن تميزت الأصلية (40)، و إلا فالدية و هي ثلث دية الإصبع (41).

السادسة: إذا قطع الجاني من واحد الأنملة العليا و من آخر الوسطى

السادسة: إذا قطع الجاني من واحد الأنملة العليا و من آخر الوسطى فإن سبق صاحب العليا بمطالبة حقه اقتص له (42)، و كان للآخر الوسطى (43)، و إن سبق صاحب الوسطى بالمطالبة أخّر قصاصه إلى انتهاء حق الأول (44)،

______________________________

إن شاء اللّه تعالى.

(40) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله العمومات و الإطلاقات، مضافا إلى الإجماع.

(41) أما الدية فللإجماع، و لعدم ذهاب دم المسلم هدرا بعد عدم إمكان القصاص، لعدم تمييز الأصلية عن الزائدة.

و أما انها ثلث الدية فلما يأتي في كتاب الديات التفصيل إن شاء اللّه تعالى.

و أما قطع الجميع و دفع الجاني دية الزائدة عملا بما تقدم من رواية ابن الحريش (1)، ففيه إشكال بل منع لعدم شمولها للمقام.

(42) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله العمومات و الإطلاقات المتقدمتان.

(43) لعدم مزاحمته مع حق الغير حينئذ.

(44) لأن إعمال حقه قبل استيفاء الآخر حقه يستلزم زوال موضوع حق الآخر، فلا بد من التأخير مراعاة لحفظ حقهما.

نعم لو عفا صاحب العليا أو تصالحا على مال، فلصاحب الوسطى استيفاء حقه حينئذ، لعدم محذور منه في البين. و أما رواية ابن الحريش ففي شمولها

ص: 45


1- تقدم في صفحة: 42.

و لو كان ضرر في تأخير صاحب الوسطى يرجع فيه إلى الحاكم الشرعي (45)، و لو بادر صاحب الوسطى فقطع قبل ذي العليا أثم و إن استوفى حقه و زيادة و عليه دية الزيادة (46)، و إن عفا صاحب العليا بمال أو بدونه ففي تسلط صاحب الوسطى على قطعها إشكال بل منع (47).

السابعة: إذا قطع العليا من سبابة يمنى رجل ثمَّ قطع العليا كذلك من سبابة رجل آخر

السابعة: إذا قطع العليا من سبابة يمنى رجل ثمَّ قطع العليا كذلك من سبابة رجل آخر فللسابق منهما القصاص (48)، و في جواز الاقتصاص من يساره بدلا عما قطع من يمنى رجل آخر وجه (49)،

______________________________

للمقام إشكال بل منع، لما عرفت سابقا. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

(45) لأنه المتعهد لهذه الأمور و له الولاية على جميع ذلك.

(46) أما الإثم: فلأنه أزال موضوع حق الغير إن لم يرض صاحب العليا بما فعل على نحو المشروع.

و أما الدية، فلأنه استوفى أكثر من حقه- كما هو المفروض- فلا بد له من التدارك، للعمومات و الإطلاقات المتقدمة، مضافا إلى الإجماع.

و أما احتمال رجوع صاحب العليا إلى صاحب الوسطى و أخذ الدية أو القصاص منه، فله وجه ثبوتا، و لم يقم عليه دليل صحيح إثباتا.

(47) لأنه يستلزم التصرف في حق الغير بلا وجه شرعي. نعم لو تراضيا مع الجاني بشي ء لقطع الأنملة الوسطى التي يستلزم قطع الأنملة العليا فله ذلك، و أما رواية ابن الحريش (1) المتقدمة، ففي شمولها للمقام منع، أو انها محمولة على المراضاة، و اللّه العالم.

(48) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله العمومات و الإطلاقات.

(49) لورود نظير ذلك في قطع اليسرى باليمنى، كما تقدم في رواية

ص: 46


1- تقدم في صفحة: 42.

و الأحوط التصالح على الدية (50).

الثامنة: لو قطع يمينا مثلا فبذل الجاني شمالا فقطعها المجني عليه لا يسقط القصاص

الثامنة: لو قطع يمينا مثلا فبذل الجاني شمالا فقطعها المجني عليه لا يسقط القصاص (51)، و يؤخر القصاص حتى يندمل الشمال (52)، و هناك صور:

الأولى: أن يكون مع علم الجاني و التفاته إلى أنها شماله و جهل المجني عليه كذلك فلا ضمان على المجني عليه أيضا (53).

الثانية: أن يكون مع علمهما بالحكم و الموضوع ففي القصاص وجه (54).

______________________________

حبيب السجستاني قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين، قال: فقال: يا حبيب تقطع يمينه للذي قطع يمينه أولا، و تقطع يساره للرجل الذي قطع يمينه أخيرا، لأنه إنما قطع يد الرجل الأخير و يمينه قصاص للرجل الأول» (1).

(50) لاحتمال اختصاص ذلك بخصوص اليد، فلا تشمل أبعاضها.

(51) للأصل، و الإطلاق، و العموم، و ظهور المثلية حينئذ.

(52) توقيا من السراية على النفس.

(53) لأنه باختياره و التفاته أقدم على هدرية يده و صار سببا لها، فلا ضمان، لقوة السبب على المباشر. و لا إثم للمجني عليه، لفرض جهله بالحال.

(54) لفرض تحقق العدوان منه، فيتحقق الموضوع لا محالة، إن لم يكن نفس البذل من الجاني شبهة دارئة للحدّ، فتصل النوبة إلى الدية أو الحكومة، حذرا من هدرية الجناية إن لم نقل بأن نفس إقدامه على البذل إهدار لدمه بنفسه و اختياره. نعم لا إشكال في تحقق الإثم للمجني عليه، لفرض علمه بالحال.

ص: 47


1- الوسائل: باب 12 من أبواب قصاص الطرف: 2.

الثالثة: أن يكون مع جهل الجاني بالحكم أو الموضوع دون المجني عليه فيقتص منه (55).

الرابعة: أن يكونا جاهلين بالحكم أو الموضوع (56). و لو اختلفا فقال المجني عليه إن البذل كان عن علم و التفات، و أنكر الباذل ذلك فالقول قول الباذل مع يمينه (57)،

______________________________

و الاحتياط التصالح بالدية.

(55) لأن الاعتداء وقع عن عمد من المجني عليه، فتشمله العمومات و الإطلاقات من أدلة القصاص.

(56) لما تقدّم مكررا من أن الجنايات غير العمدية تترتب عليها الدية أو الحكومة.

و ما عن بعض أعاظم الفقهاء (رحمة اللّه تعالى عليهم) من احتمال تقديم قوة السبب على المباشر في هذه الصورة أيضا، كما تقدم في الصورة الأولى.

(مخدوش): لعدم مساعدة العرف في هذه الصورة على تفويت السبب على المباشر، بعد فرض جهل الجاني.

ثمَّ إن كل مورد يتحقق فيه الضمان يثبت ضمان السراية أيضا، لفرض أنها حصلت من الجناية.

و لا تختص هذه الصور الأربع باليد، بل تجري في جميع أعضاء الجسد المزدوجة، إلا ما خرج بالدليل. و اللّه العالم بحقائق أحكامه.

(57) أما تقديم قوله، فلأن الفعل فعله و هو أبصر بنيته، و مقتضى الأصل عدم هدرية الجناية.

و دعوى: أن جريان أصالة عدم الغفلة في فعل الجاني يقتضي تقديم قول المجني عليه.

غير صحيحة: بأن أصالة عدم الغفلة إنما تجري فيما إذا لم تكن قرينة

ص: 48

و لو اتفقا على بذلها بدلا لم تقع (58).

التاسعة: لو كان المجني عليه غير كامل شرعا فبذل له الجاني الكامل شرعا غير مورد القصاص فقطعه ذهبت الجناية هدرا و بقي القصاص

التاسعة: لو كان المجني عليه غير كامل شرعا فبذل له الجاني الكامل شرعا غير مورد القصاص فقطعه ذهبت الجناية هدرا و بقي القصاص (59)، و كذا لو جنى على مجنون فوثب المجنون فاقتص منه مثله لم يتحقق الاستيفاء (60)، و دية جناية المجنون على عاقلته (61).

العاشرة: لو جنى على أحد ثمَّ مات المجني عليه

العاشرة: لو جنى على أحد ثمَّ مات المجني عليه، فادّعى وليه الموت بالسراية و أنكره الجاني يقدم قول الجاني مع يمينه (62)،

______________________________

عرفية على الخلاف، و كون الفاعل المختار أبصر بفعله و نيته قرينة معتبرة، فلا موضوع لذلك الأصل بعد دعواه لذلك.

و أما الحلف، فلما تقدم مكررا أنه لقطع النزاع، فإذا حلف أخذ الدية. و إن نكل حلف الآخر على مدعاه، كما تقدم في كتاب القضاء مفصلا.

(58) لعدم الإذن الشرعي في ذلك، و عدم مشروعية القصاص في غير محل الجناية.

(59) أما هدرية الجناية، فلعدم ولاية غير الكامل شرعا على القصاص، مضافا إلى ظهور الإجماع، من غير فرق بين علم الباذل بالحكم الشرعي أو جهله به، و كذا بالنسبة إلى الموضوع، لقوة السبب على المباشر، مضافا إلى الإجماع كما مرّ.

و أما بقاء القصاص فللأصل، و الإطلاق، و ظهور المثلية حينئذ كما مرّ.

(60) لعدم الإذن الشرعي فيه، و عدم ولايته، و سقوط فعله بجنونه.

(61) للإجماع، و لما يأتي في كتاب الديات إن شاء اللّه تعالى.

(62) اما تقديم قوله، فللأصل إن لم تكن قرينة معتبرة على السراية، كما في التحليلات العصرية إن أوجبت الاطمئنان مثلا. نعم لو ادعى الجاني أن الموت كان بسبب آخر، كشرب السم مثلا أو السقوط من بنائه عالية، و الولي

ص: 49

بلا فرق بين وحدة الجناية عليه أو تعددها (63)، و لو قطع إحدى يدي شخص و رجليه مثلا خطأ فقال الولي: مات بعد الاندمال (64)، و قال الجاني: مات بالسراية (65)، فالقول قول الجاني مع يمينه (66)، و كذا الملفوف في كساء إذا قدّه نصفين فادّعى الولي أنه كان حيا و ادّعى الجاني أنه كان ميتا يقدّم قول الجاني مع يمينه (67).

______________________________

ادعى السراية بالجناية، تصير من التداعي الذي مر حكمه في كتاب القضاء.

و أما اليمين، فلعموم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «اليمين على من أنكر» (1)، و لما مرّ مكررا من أنها لفصل الخصومة.

(63) لجريان ما مرّ في جميع ذلك. نعم لا بد من مثل التعدد أن لا يوجب دية النفس كاملة.

(64) حتى يستحق من الجاني ديتين، دية كاملة للرجلين، و لليد الواحدة نصفها.

(65) فتجب دية واحدة لدخول الطرف في النفس.

(66) لأصالة عدم اشتغال ذمته بما يوجب تعدد الدية، ما لم تكن قرينة حالية معتبرة على أنه مات بعد الاندمال، و لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «اليمين على من أنكر» (2).

(67) أما تقدم قوله فللأصل الذي يقتضي عدم الضمان، ما لم تكن قرينة معتبرة توجب سقوط دعوى الجاني. و أما استصحاب الحياة فلا تثبت أنه قدّه حيا إلا بالمثبت الذي لا نقول به.

و دعوى: أنه ليس من الأصل المثبت، بل من الموضوعات المركبة من الأصل و الوجدان.

ص: 50


1- الوسائل: باب 25 من أبواب كيفية الحكم 3.
2- الوسائل: باب 25 من أبواب كيفية الحكم: 3.

الحادية عشرة: لو قطع إصبع رجل من يده اليمنى مثلا ثمَّ اليد اليمنى من شخص آخر اقتص للأول عن إصبعه

الحادية عشرة: لو قطع إصبع رجل من يده اليمنى مثلا ثمَّ اليد اليمنى من شخص آخر اقتص للأول عن إصبعه (68)، ثمَّ يقطع يده للآخر و رجع الثاني بدية إصبع على الجاني (69)، و لو سبق المتأخر أثم و إن استوفى حقه (70)، و لو انعكس فقطع اليد اليمنى من شخص ثمَّ قطع إصبعا من اليد اليمنى لآخر اقتص للأول و عليه دية الإصبع للآخر (71)،

______________________________

مردودة: لأن الموضوعات المركبة منهما التي قد يترتب عليها الأثر ليست قاعدة كلية يعمل بها في كل مورد، و إنما يعمل بها تبعا للدليل، و هو في المقام مفقود، فالأصل مثبت على كل تقدير.

و أما اليمين، فلما مرّ مكررا من أنها لقطع الخصومة و النزاع.

(68) لوجود المقتضي للقصاص و فقد المانع، فتشمله العمومات المتقدمة، و كذا الإطلاقات.

(69) للعمومات، و الإطلاقات، و ظهور المثلية، فيرجع بدية الإصبع حتى يتم المثلية، كما لو قطع ذو يد ناقصة إصبعا من يد كاملة فيرجع عليه بدية الإصبع بعد التقاص، سواء كان النقص باستحقاق- مثل ما إذا قطعت بحكم شرعي- أم بطبيعة كما تقدم.

(70) أما الإثم، فلأنه تسابق بإزالة حق الغير مع عدم استرضاء صاحب الحق. و أما الاستيفاء، فلأن الفعل وقع موقعه و استوفى حقه، و يرجع صاحب الإصبع بالدية إلى الجاني بعد زوال موضوع القصاص.

(71) أما القصاص للأول، فلوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله العمومات و الإطلاقات.

و أما الدية للآخر، فللإجماع، و لعدم ذهاب دم المسلم هدرا بعد عدم تحقق المثلية- كما هو المفروض- فلا بد من الدية أو الحكومة.

و لو سبق المتأخر فقطع ذو الإصبع أولا أثم، و إن استوفى حقه و رجع

ص: 51

و لو داوى الإصبع المقطوعة فتآكل الكف فادّعى الجاني تأكّلها بالدواء و ادّعى المجني عليه تأكّلها بالقطع قدّم قول الجاني (72).

الثانية عشرة: لو ادّعى الجاني عيب العضو المقطوع أو شلله و ادّعى المجني عليه السلامة

الثانية عشرة: لو ادّعى الجاني عيب العضو المقطوع أو شلله و ادّعى المجني عليه السلامة يقدّم قول الجاني مع يمينه (73)، و لو ادّعى الجاني صغره وقت الجناية و ادّعى المجني عليه البلوغ قدّم قول الجاني مع يمينه (74).

الثالثة عشرة: لو جنى على أحد فعفا المجني عليه- قبل الاندمال أو بعده- حقه رأسا

الثالثة عشرة: لو جنى على أحد فعفا المجني عليه- قبل الاندمال أو بعده- حقه رأسا فلا قصاص في العمد و لا دية في غيره (75)،

______________________________

صاحب اليد بعد القطع بدية الإصبع إلى الجاني كما تقدم.

(72) لأصالة اشتغال ذمة الجاني إلا بما اعترف به، ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف.

(73) لأصالة عدم اشتغال ذمة الجاني إلا بما اعترف به ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف.

و دعوى: تقديم أصالة الصحة في العضو على هذا الأصل.

مخدوشة: بأنها لا تثبت وقوع الجناية على الصحيح. نعم لو كانت في البين أمارة عرفية على السلامة من سيرة أو غيرها، أو أصل موضوعي، فيعمل بكل منهما لا محالة. و بهذا يفترق المقام عن ما ذكروه في خيار العيب.

(74) لما مرّ من الأصل في أصل الإنكار، و اليمين لقطع الخصومة. و تقدم نظير هذا الفرع في شرائط القصاص في النفس (1)، و كذا لو ادعى الجنون و قد عرف له حال جنون، و إن لم يعرف له تلك الحالة فلا بد له من إثباتها، و إلا يقدم قول المجني عليه. و اللّه العالم.

(75) لزوال موضوع كل منهما بالعفو، فلم يبق موضوع للقصاص في

ص: 52


1- راجع ج: 28 صفحة: 236.

و لو ادّعى الجاني العفو مطلقا و المجني عليه العفو على مال يقدّم قول الجاني (76).

الرابعة عشرة: لو قطع إصبع شخص مثلا فعفا المجني عليه ثمَّ سرت الجناية إلى الكف سقط القصاص في الإصبع

الرابعة عشرة: لو قطع إصبع شخص مثلا فعفا المجني عليه ثمَّ سرت الجناية إلى الكف سقط القصاص في الإصبع (77)، و له دية الكف (78)، و كذا لو سرت جناية الإصبع إلى النفس فللولي أخذ دية النفس (79)، و الأحوط ردّ دية ما عفا عنه (80).

______________________________

الجناية العمدية، أو الدية في الجناية غير العمدية. نعم لو كان أخذ الدية من الأمور الشرعية لا من الحقوق، فلا أثر لعفوه حينئذ بل لا بد منها، و لكنه مشكل جدا بل ممنوع، للإطلاقات، و العمومات الدالة على أنها حق قابل للإسقاط و الإبراء.

(76) للأصل، ما لم تكن قرينة معتبرة توجب إثبات قول المجني عليه.

(77) لزوال موضوعه بالعفو كما تقدم.

(78) لفرض أن السراية حصلت من قطع الإصبع و لم تكن مقصودة للجاني، و إنما كانت اتفاقية فتثبت الدية لا محالة، لئلا تذهب الجناية هدرا. نعم بناء على رواية ابن الحريش المتقدمة يجوز للمجني عليه قصاص الكف بعد رد دية الإصبع، و لكن شمولها لمثل المقام مشكل بل ممنوع كما مر.

و أما لو قطع الإصبع بقصد السراية إلى الكف، أو كان القطع مما توجب السراية غالبا بقول أهل الخبرة و المتخصصين، فيتحقق القصاص حينئذ إلا أن يتصالحا على الدية.

و لو صرح بالعفو عن الجناية و سرايتها لم يكن على الجاني شي ء، لما تقدم آنفا من زوال الموضوع.

(79) لتحقق القتل بسببه، فتشمله عمومات الدية و إطلاقاتها.

(80) أما أصل الرد، فللإطلاقات، و العمومات، و ظهور المثلية. و أما

ص: 53

الخامسة عشرة: لو عفا المجني عليه عن قصاص النفس أو ديتها يصح عفوه

الخامسة عشرة: لو عفا المجني عليه عن قصاص النفس أو ديتها يصح عفوه (81)، و كذا لو عفا الوارث- واحدا كان أو متعددا- عن القصاص سقط بلا بدل (82)،

______________________________

الاحتياط، فلاحتمال دخول الطرف في النفس كما تقدم (1)، و لكنه مشكل و إثباته على مدعيه.

(81) لكثرة ما ورد في محبوبية العفو عند اللّه تبارك و تعالى (2)، و أن ذلك نحو تصدق كما في الآية الشريفة فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفّارَةٌ لَهُ (3).

و احتمال أنه ليس له ذلك إما لأنه إبراء ما لم يجب، أو لأن القصاص حق الولي و لا ربط له للمجني عليه.

غير صحيح: أما الأول: فلأن إسقاط ما لم يجب على فرض بطلانه إنما هو في مورد لم يكن للموضوع معرضية عرفية للوجوب و الثبوت، و لا ريب في أن المقام له معرضية عرفية قريبة لذلك، كما ذكرنا في إبراء المريض الطبيب عن الضمان و غيره.

و أما الثاني: فلأن الحق أولا و بالذات لنفس المجني عليه، و حيث انه لا يمكن استيفاؤه جعله اللّه تعالى لوليه، فإذا أسقطه باختياره فلا موضوع للولي.

و أما الآية المباركة وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلّا بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (4)، في مقام إثبات أصل الولاية للولي، و لا نظر لها إلى عدم الولاية للمولى عليه في زمان حياته أصلا.

(82) أما العفو عن القصاص، فلما تقدم، و أما عدم البدل، فلأن الحق

ص: 54


1- راجع ج: 28: صفحة: 205.
2- راجع الوسائل: باب 57 من أبواب القصاص في النفس.
3- سورة المائدة الآية: 45.
4- سورة المائدة الآية: 45.

و يجوز العفو بتأخير القصاص إلى مدة معينة سواء كان في النفس أم في الطرف (83)، و لا يجوز عفو القصاص في النفس عن بعض الجسم إلا إذا كان ذلك كناية عن العفو من قصاص النفس (84).

السادسة عشرة: لو عفا المجني عليه عن الجناية بزعم أنها بسيطة

السادسة عشرة: لو عفا المجني عليه عن الجناية بزعم أنها بسيطة فبانت الجناية شديدة لا يصح العفو (85).

السابعة عشرة: لو طلب المجني عليه إزالة الجناية و إبراء نفسه عنها

السابعة عشرة: لو طلب المجني عليه إزالة الجناية و إبراء نفسه عنها و لكن الجاني رفض ذلك و لم يقبل إلا بالدية الشرعية أو القصاص ففي وجوب القبول على الجاني إشكال (86).

الثامنة عشرة: الاشتراك في الجناية على الأطراف تارة: بالمباشرة

الثامنة عشرة: الاشتراك في الجناية على الأطراف تارة: بالمباشرة كما مرّ.

______________________________

منحصر في القصاص كما هو المفروض، و لا موضوع لغيره حتى يطالب به.

(83) لولاية الولي أو المجني عليه على ذلك، و له إعمال حقه متى شاء و أراد ما لم يكن فيه محذور شرعي.

(84) للأصل بعد عدم دليل على الخلاف، فلو قال: عفوت عن جميع الأعضاء إلا يدك- مثلا- لا يصح الاسقاط، فلا يجوز له قطع اليد.

(85) لأن مثل هذا العفو في الواقع كان محدودا بخصوص الجناية البسيطة، فلا يجري في الشديدة، و مقتضى الأصل بقاء حق القصاص إلا أن تكون قرينة معتبرة على الخلاف.

(86) من الجمود على ما ورد في الشريعة المقدسة من الدية أو القصاص، و ما طلبه المجني عليه يكون نحو تعد عنهما فلا يجب على الجاني القبول، و يجب على المجني عليه قبول الدية أو الحكومة للقصاص.

و من أن ذلك كله كان حكما ارفاقيا بالنسبة إلى تلك الأزمنة. و أما في مثل

ص: 55

و أخرى: يكون الاشتراك في السبب كما في الاشتراك في سبب الجناية على النفس و تقدم تفصيل ذلك في الجناية على النفس (87).

التاسعة عشرة: لو اقتص من الجاني على الطرف فسرى القصاص اتفاقا الى عضو آخر منه أو إلى نفسه فلا ضمان

التاسعة عشرة: لو اقتص من الجاني على الطرف فسرى القصاص اتفاقا الى عضو آخر منه أو إلى نفسه فلا ضمان (88).

العشرون: لو قال المجني عليه أو وليه عفوت عن القصاص بشرط الدية و رضي الجاني

العشرون: لو قال المجني عليه أو وليه عفوت عن القصاص بشرط الدية و رضي الجاني يراعى دية المقتول من حيث النقص و التمام (89).

الحادية و العشرون: لو لم يمكن القصاص في الطرف لمانع شرعي

الحادية و العشرون: لو لم يمكن القصاص في الطرف لمانع شرعي ينتقل إلى الدية أو الحكومة إن لم ينتظر زواله (90).

______________________________

هذه الأزمنة التي كان التحسين و الاندمال سهلا يسيرا، فيجب عليه القبول. هذا إذا لم تكن بين الدية و مصارف الإبراء تفاوت، و إلا فلا وجه للإشكال في عدم وجوب القبول على الجاني، و لكن القبول في صورة عدم التفاوت أيضا مشكل جدا، و الاحتياط في التراضي، و اللّه العالم بحقائق أحكامه.

(87) مرّ تفصيل ذلك في البحث عن موجب القصاص فراجع هناك (1)، و لا وجه للتكرار مرة أخرى.

(88) لقوله عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «من قتله القصاص بأمر الإمام فلا دية له في قتل و لا جراحة» (2)، و تقدم في قصاص النفس ما يدلّ على ذلك (3).

(89) للزوم الشرط و وجوب الوفاء به بعد تراضي الطرفين، فلو كان المقتول ناقصا بعض أجزائه و قتل مع هذا النقص، و كان انقص من الدية المتعارفة، يجب ذلك دون الدية المتعارفة أو دية القاتل.

(90) لئلا تذهب الجناية على المسلم هدرا، و يضيع دم امرئ مسلم.

ص: 56


1- ج: 28 صفحة: 184- 211.
2- الوسائل: باب 24 من أبواب القصاص في النفس: 8.
3- راجع ج: 28 صفحة: 205.

الثانية و العشرون: لو التجأ الجاني إلى حرم اللّه تعالى عمدا لا يقتص

الثانية و العشرون: لو التجأ الجاني إلى حرم اللّه تعالى عمدا لا يقتص، و يضيّق عليه في حوائجه حتى يخرج عنه فيقتص منه (91)، لو جنى في الحرم اقتص منه فيه (92)، و لا يلحق به حرم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سائر المشاهد المشرفة (93).

______________________________

(91) إجماعا، و نصوصا، تقدم بعضها في كتاب الحج، ففي صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً؟ قال عليه السّلام: إذا حدث العبد في غير الحرم جناية ثمَّ فرّ إلى الحرم لم يسع لأحد أن يأخذه في الحرم، و لكن يمنع من السوق و لا يبايع و لا يطعم و لا يسقى و لا يكلم، فإنه إذا فعل ذلك يوشك أن يخرج فيؤخذ، و إذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم، لأنه لم ير للحرم حرمة» (1)، و قريب منها غيرها.

(92) لما مرّ في صحيحة الحلبي، و في صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا في الحل ثمَّ دخل الحرم؟ فقال: لا يقتل و لا يطعم و لا يسقى و لا يبايع و لا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد، قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال عليه السّلام: يقام عليه الحدّ في الحرم صاغرا، لأنه لم ير للحرم حرمة، و قد قال اللّه عزّ و جلّ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ فقال عليه السّلام: هذا هو في الحرم، و قال: لا عدوان إلا على الظالمين» (2).

(93) للأصل، و ما ورد من أن للمدينة المنورة حرما، و هو «ما بين ظل عائر

ص: 57


1- الوسائل: باب 14 من أبواب مقدمات الطواف: 1.
2- الوسائل: باب 14 من أبواب مقدمات الطواف: 2.

الثالثة و العشرون: لو ترددت الجناية بين شخصين أو أكثر يرجع إلى الحاكم الشرعي

الثالثة و العشرون: لو ترددت الجناية بين شخصين أو أكثر يرجع إلى الحاكم الشرعي فيعمل بالقواعد الشرعية من القرعة أو غيرها (94).

______________________________

إلى ظل و عير» (1)، محمول على الفضل و الفضيلة.

(94) لأن الموضوع من المجملات و لم تكن قرينة معتبرة توجب التعيين كما هو المفروض، فيرجع الحاكم فيه إما إلى القواعد المقررة، أو القرعة لأنها لكل أمر مشكل و المقام كذلك، و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

ص: 58


1- راجع الوسائل: باب 17 من أبواب المزار: 1 و 10.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب الديات

اشارة

كتاب الديات و هي جمع دية (1)،

______________________________

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السّلام على أشرف خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين.

(1) و أصلها ودى كعدى و في الحديث: «ان أحبوا قادوا و ان أحبوا و أدوا» (1)، و الهاء في (دية) عوض عن الواو المحذوفة.

و قد تسمى الدية عقلا، إما لأن القاتل إذا قتل شخصا جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء أولياء المقتول، و شدّها في عقلها ليسلمها إليهم و يقبضوها منه، فسميت الدية عقلا. و كان الأصل في الدية الإبل ثمَّ قوّمت بعد ذلك بالذهب و الفضة و البقر و الغنم و غيرها كما يأتي.

و إما لأنها تمنع من الجرأة على الدم، فسميت عقلا.

و ربما تسمّى بالدم أيضا، تسمية للمسبب باسم السبب.

ص: 59


1- النهاية لابن الأثير ج: 5 صفحة: 169.

و أنها المال الواجب بالجناية على النفس أو ما دونها (2)، و البحث فيها إما في الأسباب أو في المقادير و موجبات الضمان و إما في الجناية على الأطراف (3)، فهنا فصول:

______________________________

(2) كما في القصاص، فالدية إما في النفس أو في ما دونها، و الثاني لها أفراد كثيرة، فقد تكون بالجرح أو البتر أو الخدش أو غيرها.

و المال إما مقدر شرعا فيسمى بالدية كما يأتي، أو غير مقدر شرعا فيسمى بالأرش أو الحكومة.

و شرعيتها ثابتة بالأدلة الأربعة، فمن الكتاب قوله تعالى وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ (1).

و من السنة المتواترة بين المسلمين التي يأتي التعرض لبعضها.

و من الإجماع إجماع المسلمين، بل ضرورة من الدين.

و من العقل حكمه بحسن جبران الجناية على النفس أو الطرف بالمال، لأنه محترم عند العرف و العقلاء بعد النفس أو الطرف و سقوط القصاص كما يأتي فيجبر هما بالمال.

(3) هذا الحصر استقرائي فقهي، كما هو المتعارف في الكتب الفقهية.

ص: 60


1- سورة النساء الآية: 92.

الفصل الأول في الأسباب

اشارة

الفصل الأول في الأسباب تثبت الدية في الجنايات مطلقا (1)، إلا ما ثبت فيها القصاص- كالجنايات العمدية القابلة له- فلا تثبت الدية فيها (2)، إلا بالتراضي أو التصالح (3).

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا كما يأتي التعرض لبعضها إن شاء اللّه تعالى.

(2) لإطلاق الآية الشريفة أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ (1)، و قوله تعالى:

فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (2)، و نصوص مستفيضة تقدمت جملة منها في كتاب القصاص، و في صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن السن و الذراع يكسران عمدا لهما أرش أو قود؟

فقال: قود، قلت: فإن أضعفوا الدية؟ قال: إن أرضوه بما شاء فهو له» (3)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة الحكم بن عتيبة قلت له: «ما تقول في العمد و الخطأ في القتل و الجراحات؟ فقال: ليس الخطأ مثل العمد، العمد فيه القتل، و الجراحات فيها القصاص، و الخطأ في القتل و الجراحات فيها الديات» (4).

(3) إجماعا، و نصوصا منها صحيح أبي بصير كما تقدم و منها معتبرة إسحاق بن عمار: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام فيما كان من جراحات الجسد أنّ

ص: 61


1- سورة المائدة الآية: 45.
2- سورة البقرة الآية: 194.
3- الوسائل: باب 13 من أبواب قصاص الطرف: 4 و 1.
4- الوسائل: باب 13 من أبواب قصاص الطرف: 4 و 1.

مسألة 1: القتل إما عمد محض، أو شبه العمد

(مسألة 1): القتل إما عمد محض (4)، أو شبه العمد (5)،

______________________________

فيها القصاص، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها» (1).

و يمكن أن يقال: إن الأصل في الجنايات مطلقا القصاص إلا ما خرج بالدليل، للأصول اللفظية، و العملية، و مرتكزات العقلاء.

أما الأولى: فللإطلاق و العموم في قوله تعالى وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ (2)، و قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ (3)، و غير هما من الآيات المباركة كما تقدم في كتاب القصاص.

و أما الثانية: فلأن الأصل في الضمانات مطلقا المثلية إن أمكن المثل، و قد أثبتوا ذلك في ضمان الأموال، و مع تعذر ذلك ينتقل إلى البدل كالأرش، أو الدية، أو الحكومة.

و أما الثالثة: فلأن المتبادر إلى الأذهان في الجنايات العقوبية العقاب بالمثل، كما جرت على ذلك القوانين الوضعية المتداولة بين العقلاء.

نعم خرجت الجنايات الخطأية و شبه العمدية بل العمدية مع الصلح و الرضا بالدية عن هذا الأصل، لأدلة خاصة كما تقدمت.

(4) و ضابطه أن يقصد القتل حقيقة، أو كان الفعل مما يقتل و قصد الفعل، كما تقدم في كتاب القصاص.

(5) و ضابطه عدم قصد القتل مع قصد أصل الفعل، كما إذا ضرب الولي الصبي تأديبا فمات فقصد الفعل و لم يقصد القتل، و منه علاج الأطباء المرضى فيتفق الموت فالخطأ في القصد دون الفعل.

و أما الروايات الواردة في المقام فهي تدل على ما ذكرنا بلا إشكال

ص: 62


1- الوسائل: باب 13 من أبواب قصاص الطرف: 3.
2- راجع الوسائل: باب 11 من أبواب القصاص في النفس.
3- سورة البقرة الآية: 194.

أو خطأ محض (6)، و تجري الأقسام الثلاثة في غير القتل من الجناية على الأطراف أيضا (7).

مسألة 2: يلحق بالخطإ المحض من ألغى الشارع قصده كفعل الصبي أو المجنون

(مسألة 2): يلحق بالخطإ المحض من ألغى الشارع قصده كفعل الصبي أو المجنون (8).

مسألة 3: كما تثبت الدية في موارد الخطأ و شبه العمد كذلك تثبت فيما لا يمكن القصاص أو لا يجوز شرعا

(مسألة 3): كما تثبت الدية في موارد الخطأ و شبه العمد كذلك تثبت فيما لا يمكن القصاص أو لا يجوز شرعا (9).

______________________________

و التباس، كما مرت في كتاب القصاص.

(6) و ضابطه الخطأ في القصد و الفعل معا، كما إذا رمى حيوانا فأخطأ فأصاب إنسانا، و قد لا يقصد الفعل أصلا كما إذا انقلب في النوم على غيره فمات الغير أو انزلق في المشي فوقع على إنسان فمات، و قد يعبر بالخطإ الذي لا شبهة فيه.

(7) لجريان ما تقدم فيها من غير فرق إجماعا و نصوصا تقدمت في كتاب القصاص.

(8) إجماعا- بل ضرورة من الفقه- و نصوصا منها ما عن علي عليه السّلام:

«عمد الصبي خطأ يحمل على العاقلة» (1)، و عن أبي جعفر في صحيح محمد بن مسلم قال: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان أو عمدا» (2)، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي زياد: «إن محمد بن أبي بكر كتب إلى أمير المؤمنين عليه السّلام يسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا، فجعل الدية على قومه، و جعل خطأه و عمده سواء» (3)، إلى غير ذلك من الروايات، و اللّه العالم بحقائق أحكامه.

(9) أما في موارد عدم إمكان القصاص- كما مر في الجناية على

ص: 63


1- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة: 3.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة 1 و 5.
3- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة 1 و 5.

مسألة 4: لو قتل أحد شخصا باعتقاد كونه مهدور الدم أو باعتقاد القصاص فبان الخلاف

(مسألة 4): لو قتل أحد شخصا باعتقاد كونه مهدور الدم أو باعتقاد القصاص فبان الخلاف، أو ظن أنه صيد فبان إنسانا ثبتت الدية (10).

مسألة 5: لو وقعت جناية و شك أنها كانت عن عمد حتى يجب القصاص أو عن غير عمد حتى تجب الدية

(مسألة 5): لو وقعت جناية و شك أنها كانت عن عمد حتى يجب القصاص أو عن غير عمد حتى تجب الدية و لم تكن قرينة تعيّن أحد هما وجب القصاص (11)، إلا إذا ادعى الجاني أنها كانت عن غير عمد وجبت الدية مع الحلف (12).

مسألة 6: لو أذن شخص في إيقاع الجناية عليه، فهل يسقط القصاص أو الدية حينئذ أو لا؟

(مسألة 6): لو أذن شخص في إيقاع الجناية عليه، فهل يسقط القصاص أو الدية حينئذ أو لا؟ وجهان (13).

______________________________

الأطراف- فلزوال موضوع القصاص، فتتعين الدية لا محالة، لئلا تذهب الجناية هدرا.

و أما في موارد عدم جواز القصاص شرعا- كما إذا كان القاتل أبا للمقتول، أو كان المقتول مجنونا- فللإجماع و النصوص التي تقدمت في كتاب القصاص، فلا داعي للتكرار مرة أخرى.

(10) لأنه من شبه العمد الذي فيه الدية كما مر.

(11) لما تقدم من الأصل، و لجريان أصالة عدم الغفلة و الخطأ أيضا.

(12) أما عدم القصاص فلما مرّ من أصالة عدم اشتغال ذمة الجاني إلا بما اعترف و أقر في مورد النزاع- ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف- و لا مورد للأصول الحكمية- لفظية كانت أو عملية- بعد وجود أصل موضوعي في البين و تقدمه عليها، كما ذكرنا في علم الأصول، و تقدم في كتاب القصاص أيضا، و لتحقق الشبهة الدارئة للحدّ.

و أما وجوب الدية فلئلا يذهب دم المسلم هدرا، بعد فرض اعترافه بالقتل و إنكاره للعمد، و أما الحلف فلقطع الخصومة و النزاع كما مرّ مكررا.

(13) من أن أصل القصاص و الدية من الحدود الإلهية، فليس لأحد

ص: 64

مسألة 7: لو اختلف مذهب الجاني و المجني عليه

(مسألة 7): لو اختلف مذهب الجاني و المجني عليه فكانت الجناية في مذهب الجاني تسقط بالدية، و في مذهب المجني عليه لا تسقط إلا بالقصاص، يقدم مذهب المجني عليه (14)، و الأحوط لزوما التراضي بالدية (15).

مسألة 8: لو منعه مما يكون به قوام حياته- من الأدوية و غيرها

(مسألة 8): لو منعه مما يكون به قوام حياته- من الأدوية و غيرها في مدة لا يقدر فيها على البقاء حيا كان من العمد (16).

مسألة 9: لو سجن أحد لمصلحة شرعية يراها الحاكم الشرعي فمات فيه فهو على أقسام

(مسألة 9): لو سجن أحد لمصلحة شرعية يراها الحاكم الشرعي فمات فيه فهو على أقسام:

الأول: أن يكون الموت غير مستند إلى السجن بنظر أهل الخبرة و لم يكن السجن لأجل الموت و لم يقصد موته و كان من الموت حتف انفه فلا

______________________________

السلطنة عليها نفيا و إثباتا فلا يسقط.

و من أن الإسقاط نحو صدقة و عفو، و هما محبوبان كما دلت عليه الآية الشريفة فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفّارَةٌ لَهُ (1)، و قوله تعالى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ (2)، فيسقط حينئذ إن كان له الحق. و لكنه مشكل لعدم دليل على ثبوت مثل هذا الحق.

(14) لما تقدم من أن الأصل في الجنايات القصاص، إلا ما خرج بالدليل.

(15) لتحقق الشبهة الدارئة للحدّ في مثل المقام.

(16) لأنه من التعمد إلى السبب القاتل نوعا، و التعمد إلى السبب في مثل ذلك تعمد إلى المسبب، كما في جميع الأسباب التوليدية، و تقدم نظير ذلك في كتاب القصاص (مسألة 5 و 7).

ص: 65


1- سورة المائدة الآية: 45.
2- سورة البقرة الآية: 178.

شي ء على أحد (17).

الثاني: أن يكون الموت مستندا إلى السجن بنظر الخبراء و لم يكن السجن لأجل الموت و لم يقصد الموت يكون ذلك من الخطأ (18)، و تثبت الدية على الجاني (19)، إن لم يتسبب الحاكم الشرعي لسجنه و إلا فعلى بيت المال (20).

الثالث: أن يقصد الحابس قتله فهو من العمد (21)، و يكون القود على الجاني (22).

الرابع: ما إذا شككنا في أنه من أي الأقسام المتقدمة فلا شي ء على أحد (23).

______________________________

(17) للأصل بعد عدم تحقق الموضوع للخطإ و العمد و شبهه.

(18) لعدم قصد القتل، و لا كون المحل سببا للموت نوعا.

(19) لعمومات أدلة الخطأ و إطلاقاتها، و لئلا يذهب دم المسلم هدرا.

(20) لقول علي عليه السّلام في المعتبر: «ما أخطأت القضاة في دم، أو قطع، فهو على بيت مال المسلمين» (1)، مضافا إلى الإجماع كما مرّ (2).

(21) لفرض تعمده و قصده إلى القتل.

(22) للعمومات و الإطلاقات المتقدمة.

(23) للأصل بعد كون أحد أطراف العلم الإجمالي لا أثر له أصلا، و هو القسم الأول، و لا مورد لجريان قوله عليه السّلام: «لا يبطل دم امرئ مسلم» (3)، لفرض عدم إحراز الموضوع، و إن الموت حتف الأنف من أحد الأطراف. نعم الاحتياط في التراضي و التصالح بما شاءا.

ص: 66


1- الوسائل: باب 10 من أبواب آداب القاضي.
2- راجع ج: 28 صفحة: 58 و ج: 27 صفحة: 218.
3- الوسائل: باب 29 من أبواب القصاص في النفس.

مسألة 10: لو مات بالتعذيب للإقرار يكون من العمد و فيه القصاص

(مسألة 10): لو مات بالتعذيب للإقرار يكون من العمد و فيه القصاص (24)، نعم لو كان ذلك لأجل مصلحة يراها الحاكم الشرعي كما في التعزيرات ففيه الدية (25).

مسألة 11: لو مات أحد بوصول خبر إليه

(مسألة 11): لو مات أحد بوصول خبر إليه سواء كان من أخبار الفرح أو الحزن- تجري فيه وجوه:

الأول: غفلة المخبر عن ذلك و عدم التفاته إلى شي ء، فلا شي ء عليه (26).

الثاني: أن يكون ملتفتا إلى أن الخبر يوجب التلف فحينئذ إما أن يخبر عمدا و يقصد القتل و يتحقق ذلك فيكون من العمد (27)، و قد يكون من شبه العمد (28)

______________________________

(24) لعدم إذن الشارع في التعذيب للإقرار- كما تقدم في مسألة 3 من الفصل الثالث فيما يثبت به السرقة- فيثبت القصاص إن مات الشخص بالتعذيب، لأنه من القتل العمدي.

(25) لما تقدم من أن خطأ الحاكم الشرعي في بيت المال.

(26) للأصل، و عدم كون السبب قاتلا نوعا، و عدم قصد المخبر للقتل، بل ان القتل لا يسند إلى المخبر عرفا، بل استناده عرفا إلى مرض من الضعف في القلب أو في الأعصاب أو غير هما.

نعم لو استند القتل إلى المخبر عرفا، دخل في قتل الخطأ و تلزمه الدية.

(27) لفرض قصده إلى القتل، و التفاته إلى أن الخبر يوجب القتل، و التعمد بإخباره، فالمقتضي للقود موجود و المانع عنه مفقود.

(28) مثل إسماعه من غير قصد القتل، أو كتب الخبر في ورقة و لم يقصد إخباره له فقرأه صدفة.

ص: 67

أو الخطأ فيترتب على كل منهما حكمه من الدية (29).

الثالث: أن نشك في أنه من أي الأقسام المتقدمة فلا شي ء عليه (30).

مسألة 12: لو حصل موت شخص بسبب الإهمال و عدم الاحتياط الصادرين عن أرباب العمل

(مسألة 12): لو حصل موت شخص بسبب الإهمال و عدم الاحتياط الصادرين عن أرباب العمل كما قد يتحقق في الأسلاك الكهربائية أو في المكائن يكون من الخطأ (31)، و تثبت الدية (32)، إن لم يقصد قتل أحد بذلك (33).

مسألة 13: لو حصل الموت من مخالفة الأوامر أو من عدم التحرز في الأمكنة الخطرة مع الإعلام و الإشعار بالخطر أو التحرز فلا دية

(مسألة 13): لو حصل الموت من مخالفة الأوامر أو من عدم التحرز في الأمكنة الخطرة مع الإعلام و الإشعار بالخطر أو التحرز فلا دية (34).

نعم لو قصّر في الإشعار أو في الإعلام يكون من الخطأ، بل قد يكون من العمد (35).

مسألة 14: لا فرق في أقسام الجناية الخطأية بين أن يكون المجني عليه واحدا أو متعددا

(مسألة 14): لا فرق في أقسام الجناية الخطأية بين أن يكون المجني عليه واحدا أو متعددا (36)،

______________________________

(29) إما في ماله أو على العاقلة على ما تقدم.

(30) للأصل بعد كون أحد أطراف العلم الإجمالي مما لا أثر له أصلا، كما تقدم في مسألة 9.

(31) لعدم قصد القتل، و عدم كون السبب من آلة قاتلة عرفا.

(32) لثبوتها في كل قتل، خطأ كان أو شبهه كما مرّ مكررا.

(33) كما هو المفروض في قتل الخطأ المترتب عليه الدية، و لو قصد القتل يكون من العمد الذي فيه القود، كما تقدم في كتاب القصاص.

(34) للإقدام، فيكون دمه هدرا.

(35) إن لم يقصد القتل، و إلا يكون من العمد كما هو واضح.

(36) للإطلاق و العموم الشامل لكل ذلك.

ص: 68

و تتعدد الدية حسب تعدد المجني عليه (37) كما لا فرق فيها بين المباشر و السبب (38)، و كذا لا فرق في الجنايات التي تثبت فيها دية الخطأ بين المؤلمة و غيرها و بين ما كانت سريعة البرء أو بطيئة البرء (39).

مسألة 15: لا تهاتر في قصاص القتل عمدا

(مسألة 15): لا تهاتر في قصاص القتل عمدا (40)، و يتحقق التهاتر في الدية مع التراضي (41).

مسألة 16: الأحوط عدم جواز القصاص للمجني عليه بعد التصالح على الدية

(مسألة 16): الأحوط عدم جواز القصاص للمجني عليه بعد التصالح على الدية سواء أخذها أم لا (42).

مسألة 17: لو أخبر المتخصصون الثقات بالطب

(مسألة 17): لو أخبر المتخصصون الثقات بالطب بأن الشخص على

______________________________

(37) لأن اختلاف السبب يوجب اختلاف المسبب لا محالة.

(38) لعين ما تقدم في القصاص بلا فرق.

(39) لإطلاقات الأدلة و عموماتها، الشاملة لجميع ذلك.

و على هذا لو شرب شخص دواء أو تدّهن بشي ء لم تؤثر فيه الجناية أصلا أو لم يتألم- أو تأثر و لكن حصل البرء و الشفاء فورا و بلا فصل كما يقال في المصارعات كذلك- تثبت الدية إن تحققت الجناية، لما تقدم من الإطلاقات و العمومات.

(40) للأصل، و العموم، و الإطلاق، بعد عدم كون ذلك من القصاص المعروف في الشرع، فلو قتل أحد والد زيد و قتل زيد والد القاتل تهاترا، لم يتحقق القصاص الشرعي، بل لا بد من الاقتصاص من كل منهما.

(41) لصدق أخذ الدية و عدم ذهاب دم المسلم هدرا، فلو كان للجاني على المجني عليه دين بمقدار خمسمائة دينار شرعي مثلا و جنى عليه، و كانت جنايته تبلغ ذلك المقدار، سقطت الدية، و لكن الأحوط الأخذ ثمَّ الأداء.

(42) لسقوط حق القصاص بالتصالح على الدية، كما تقدم في نظير هذه

ص: 69

شرف الهلاك و لم يبق من حياته إلا ثوان مثلا- و حصل الاطمئنان من قولهم- لا يجوز الجناية عليه بقطع أعضائه الداخلية- كالكبد و غيره- أو الخارجية كاليد و الرجل (43)، و لو فعل ذلك أحد أثم و يقتص منه إن كان عن عمد و إلا فالدية (44).

مسألة 18: لا يجوز في موارد ثبوت الدية في الجنايات القصاص

(مسألة 18): لا يجوز في موارد ثبوت الدية في الجنايات القصاص و إن بذل الجاني ذلك و لا العكس إلا مع المصالحة و المراضاة فيه (45).

______________________________

المسألة في كتاب القصاص (1)، و لكن يحتمل أن يكون السقوط ما داميا لا دائميا، لجواز الصلح و لشدة اهتمام الشارع بالقصاص، فيعود الحق بعد رجوعه، و لا مجال للاستصحاب حينئذ.

(43) للأصل، و الإطلاق، و العموم، بعد فرض كونه حيا. و كذا لا يجوز تشريحه بعد موته، إلا إذا لم يكن احترام له عند الشارع كالحربي، و ترتب عليه غرض عقلائي و لم يكن مفسدة في البين.

كما لا يجوز للحاكم الشرعي الإذن في الجناية عليه و لو كان في شرف الهلاك، إلا إذا كان في نظره أمر أهم شرعا و لم تكن مفسدة حالا أو مستقبلا.

(44) للعموم، و الإطلاق. في كل منهما، و لئلا يذهب جناية المسلم هدرا.

(45) للأصل، و الإطلاقات، و العمومات، كما تقدم. و اللّه العالم بحقائق أحكامه.

ص: 70


1- راجع ج: 28 صفحة: 281.

الفصل الثاني في مقادير الديات

اشارة

الفصل الثاني في مقادير الديات

مسألة 1: دية قتل العمد حيث تتعين كما تقدم مائة من الإبل أو مائتا بقرة

(مسألة 1): دية قتل العمد حيث تتعين كما تقدم مائة من الإبل أو مائتا بقرة أو ألف شاة أو مائتا حلة أو ألف دينار أو عشرة آلاف درهم (1)،

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا. منها معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج قال:

«سمعت ابن أبي ليلى يقول: كانت الدية في الجاهلية مائة من الإبل فأقرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمَّ إنه فرض على أهل البقر مائتي بقرة، و فرض على أهل الشاة ألف شاة ثنية، و على أهل الذهب ألف دينار، و على أهل الورق عشرة آلاف درهم، و على أهل اليمن الحلل مائتي حلة، قال عبد الرحمن بن الحجاج: فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عما روى ابن أبي ليلى، فقال: كان علي عليه السّلام يقول: الدية ألف دينار و قيمة الدينار عشرة دراهم، و عشرة آلاف لأهل الأمصار و على أهل البوادي مائة من الإبل، و لأهل السواد مائتا بقرة، أو ألف شاة» (1)، و في صحيح ابن أبي عمير في الدية قال: «ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، و يؤخذ من أصحاب الحلل الحلل، و من أصحاب الإبل الإبل، و من أصحاب الغنم الغنم، و من أصحاب البقر البقر» (2)، و في موثق أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الدية؟ فقال: دية المسلم عشرة آلاف من الفضّة، و ألف مثقال من الذهب، و ألف من الشاة على أسنانها أثلاثا، و من الإبل مائة على أسنانها، و من البقر مائتان» (3)، و غيرها من

ص: 71


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس الحديث: 1 و 4 و 2.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس الحديث: 1 و 4 و 2.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس الحديث: 1 و 4 و 2.

و يعتبر في الإبل أن تكون مسنة (2)، و لا فرق فيه بين الذكر و الأنثى (3)، و الأحوط استحبابا اعتبار الذكورة (4)، و كذا يعتبر في البقرة المسنة (5)، و كذا الذكورية على الأحوط (6)، و لا يعتبر في الشاة السن و الذكورة بل تكفي مسماها (7). و الحلة هي الإزار و الرداء اليمنية (8)،

______________________________

الروايات التي يأتي التعرض لها.

(2) و هي التي أكملت السنة الخامسة و دخلت في السادسة، و تسمى ثنية أيضا، و الثني: من الظلف و الحافر ما كان في السنة الثالثة، و من الخف كالإبل ما دخل في السنة السادسة كما عن جمع من أهل اللغة، و في معتبرة أبي بصير قال:

«سألته عن دية العمد الذي يقتل الرجل عمدا؟ فقال: مائة من فحولة الإبل المسان» (1)، و مثلها صحيحة معاوية بن وهب (2).

(3) للإطلاق، و أن الإبل الوارد في الروايات المتقدمة من اسم الجنس الشامل للذكر و الأنثى، كما في سائر أسماء الأجناس.

و ما في بعض الأخبار من ذكر الفحولة- كما في معتبرة أبي بصير قال:

«سألته عن دية العمد الذي يقتل الرجل عمدا؟ فقال: مائة من فحولة الإبل المسان» (3)- محمول على الأفضلية.

(4) لما عرفت آنفا.

(5) لظهور تسالمهم عليها.

(6) لأن البقر من اسم الجنس أيضا الشامل للذكر و الأنثى، و التاء في (بقرة) للوحدة لا للتأنيث، كما في التمر و التمرة.

(7) للأصل، مضافا إلى الإجماع.

(8) أما كونها ثوبين أحدهما إزار و الآخر رداء، فلإجماع الفقهاء

ص: 72


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 3 و 2.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 3 و 2.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 3.

و الدينار و الدرهم المسكوكان منهما (9)، و لا يكفي ألف مثقال ذهب أو عشرة آلاف مثقال فضة غير مسكوكين (10).

مسألة 2: الجاني مخير في الدفع بين الأصول الستة

(مسألة 2): الجاني مخير في الدفع بين الأصول الستة (11)،

______________________________

و اللغويين عليه، و أما كونها يمنية لما نسب إلى جمع من اللغويين، و لعل المنساق منها أيضا. و بما أن الموضوع منتف في هذه العصور فلا مجال للبحث عنه أزيد من ذلك، و الحلة غير الكفن اليمني كما هو واضح.

(9) لأنه المنساق منهما عرفا و استعمالا في جميع الموارد- كما تقدم في كتاب الزكاة- إلا إذا كان هناك دليل على الخلاف، و هو مفقود.

نعم بناء على صحة التقويم يجوز دفع غير المسكوك، بل و غير الذهب و الفضة، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

ثمَّ إن الدرهم ليس مثقالا من الفضة، و إنما الدرهم يكون نصف المثقال الصيرفي و ربع عشر 65/ 12، و بالغرام يكون 415/ 2 فيصير عشرة آلاف درهم خمسة آلاف و مائتين و خمسين مثقالا صيرفيا من الفضة، و كل مثقال صيرفي في زماننا هذا 600/ 4 غرام كما عن بعض أهل الخبرة.

(10) للأصل إلا إذا كان بعنوان القيمة كما يأتي.

ثمَّ إنه ورد في بعض الروايات أن الدية اثنا عشر ألف درهم، مثل صحيحة عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام قال: «الدية ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم» (1)، و مثله صحيحة عبد اللّه بن سنان (2)، إما محمول على التقية، أو اثنا عشر ألف درهم يكون قيمتها عشرة آلاف درهم كما مر، لاختلاف ضرب الدراهم في تلك الأزمنة.

(11) إجماعا، بل هو المنساق من روايات الباب، بل ذلك ظاهر صحيح

ص: 73


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: 10 و 9.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: 10 و 9.

و ليس للولي الامتناع عن قبول ما بذله (12)، و لا تكون الأصول الستة على سبيل التنويع بأن يجب على أهل الإبل الإبل و على أهل الغنم الغنم و هكذا (13)، بل للجاني أداء أي فرد شاء منها و إن كان الأحوط التنويع (14)،

______________________________

جميل بن دراج في الدية قال: «ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، و يؤخذ من أصحاب الحلل الحلل و من أصحاب الإبل الإبل. و من أصحاب الغنم الغنم، و من أصحاب البقر البقر» (1)، و في معتبرة يونس عن الصادق عليه السّلام في حديث قال:

«الدية عشرة آلاف درهم أو ألف دينار أو مائة من الإبل»(2)، و قريب منهما غير هما، مضافا إلى الإجماع، و ما يستفاد منه الترتيب كما في معتبرة أبي بصير الآتية (3)، محمول جمعا و إجماعا.

(12) إذ لا ولاية له في ذلك، و إنما الولاية في ما جعله الشارع، و المفروض أنه حكم تخييري، فإذا بذل الجاني الإبل مثلا تعين القبول، و كذا لو بذل من إبل البلد أو من غيره- و كذا في الغنم مع وجدان الشرائط- فليس للولي الامتناع عن القبول.

(13) للأصل، و ظهور التسالم عليه، و ما ذكر في بعض الروايات من التنويع- كما تقدم في صحيح جميل بن دراج- إنما هو من باب الحكمة الغالبة في تلك الأزمنة، و قد أثبتنا في علم الأصول أن الحكمة غير مطردة، و إنما هي مقتضية في الجملة لأصل التشريع لا في الحكم المشروع أبدا.

(14) جمودا على ما ذكر في بعض الروايات، و خروجا عن مخالفة جمع من الفقهاء، حيث ذهبوا إلى التنويع، و لكن المتأمل في روايات الباب بل في كل رواية وردت من هذا القبيل يطمئن بأن الحكم ليس تنويعيا، و إنما هو إرفاق

ص: 74


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: 4 و 7.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: 4 و 7.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 3.

كما أنها أصول في نفسها و ليس بعضها بدلا عن بعض و لا مشروطا بعدم البعض (15)، فلا يعتبر التساوي في القيمة و لا التراضي بل الجاني مخير في بذل أي منها شاء (16).

مسألة 3: تجزي القيمة عن كل واحد مما مرّ من الأصول الستة

(مسألة 3): تجزي القيمة عن كل واحد مما مرّ من الأصول الستة (17)،

______________________________

على أهله في تلك الأزمنة، كما أن التخيير إرفاق و تسهيل لهم على ما مرّ.

و يمكن أن يقال: إن التخيير بين الأصول الستة حكم من الأحكام الأولية التي يتغير بواسطة عروض العناوين الخارجية، فإذا صار أحد الأطراف في حدّ الأقل جدا بالنظر إلى الأطراف الأخر بحسب المالية، أو تغيير الأزمنة و الأعصار، يمكن أن يقال بخروج الأقل- الذي اختاره القاتل- عن طرف التخيير، فيكون التخيير بين بقية الأطراف حينئذ، لأن لحاظ الخصوصيات الواردة في الروايات، و ملاحظة زمان الشارع هو أن التفاوت بين هذه الأطراف كان يسيرا لا ما إذا كانت فاحشة، بحيث يصير اختيار الأقل بالنسبة إلى الأكثر بمنزلة الثمن أو العشر أو أقل منهما، و الشك في شمول أدلة التخيير لمثل هذه الصورة يكفينا في عدم صحة التمسك بإطلاقاتها، فإن ذلك قد يوجب الجرأة على القتل، و يشهد لما ذكرنا ما ورد من الأصل في الدية مائة إبل (1)، و لوحظت ماليتها بالنسبة إلى ما ورد من الأطراف، فلا بد من مراعاة هذه الجهة، و لكن الأحوط التصالح و التراضي.

و اللّه العالم بحقائق أحكامه.

(15) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و لذلك لا يعتبر التساوي في القيمة.

(16) لما عرفت سابقا، و لا وجه للتكرار بعبارة أخرى.

(17) لأن المنساق من مجموع الأدلة تدارك الجناية بمال الجاني، و يصدق

ص: 75


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: 10.

خصوصا مع التعذر العرفي (18)، و هل يجزي الملفق من الأصول الستة؟

الظاهر هو الإجزاء إن كان بعنوان الصلح و القيمة (19).

______________________________

ذلك على القيمة، كما في جملة كثيرة من الكفارات، فإن المال في تلك الأزمنة كان منحصرا في الأصول المتقدمة، و كانوا يعتمدون عليها في اعتبار سائر الأشياء، فليس لها خصوصية خاصة بل المناط كله تدارك الجناية بمال الجاني المحدود شرعا بتلك الأصول. و لكن الجمود على الأعيان الستة حتى المقدور خروجا عن خلاف بعض لا بأس به.

(18) فتتعين حينئذ القيمة لما عرفت.

ثمَّ إنه وردت في جملة من الروايات أن كل بعير عشرون شاة، مثل معتبرة أبي بصير قال: «سألته عن دية العمد الذي يقتل الرجل عمدا؟ فقال: مائة من فحولة الإبل المسان، فإن لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم»(1)، و معتبرة زيد الشحام (2)، فلا بد من حملها على قيمة ذلك الوقت في بعض الأمكنة، كما يستفاد ذلك من صحيحة ابن سنان قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إن الدية مائة من الإبل، و قيمة كل بعير من الورق مائة و عشرون درهما أو عشرة دنانير، و من الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة» (3)، فلا وجه لاستفادة الكلية منها إلى الأبد، و أمثال هذه الروايات تؤيد ما تقدم من جواز إعطاء القيمة. إذا لا منافاة بين الروايات.

(19) لفرض تراضيهما على ذلك، و لا نزاع بعد التراضي، بل لا يبعد الإجزاء بعنوان الورود أيضا، لشمول الإطلاقات الأحوالية له، مع بناء الشرع على التسهيل و التخفيف.

و لا فرق في التلفيق بين نفس الأصول و بين القيمة و الأصول، بأن يؤدي

ص: 76


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 3 و 5.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 3 و 5.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: 3.

مسألة 4: المدار في القيمة على ما هو المتداول في بلد القتل و وقت الأداء

(مسألة 4): المدار في القيمة على ما هو المتداول في بلد القتل و وقت الأداء (20).

مسألة 5: يعتبر في الأنعام مطلقا، السلامة من العيب و الصحة من المرض

(مسألة 5): يعتبر في الأنعام مطلقا (21)، السلامة من العيب و الصحة من المرض (22)، و أن لا تكون مهزولة على خلاف المتعارف (23)، و في الثلاثة الأخيرة السلامة من العيب فلا يجزي الدرهم و الدينار المغشوشان (24)، إلا إذا كان بعنوان القيمة (25).

مسألة 6: تستوفى دية العمد في سنة واحدة

(مسألة 6): تستوفى دية العمد في سنة واحدة (26)،

______________________________

نصف المقدر أصلا، و النصف الآخر قيمة، كل ذلك يجوز لما عرفت.

(20) لأن ذلك هو المنساق من الأدلة، مع أن وقت الأداء هو وقت التفريق، فالذمة مشغولة إلى حين الأداء كما مرّ في المكاسب، فلا وجه للإعادة مرة أخرى.

(21) أي: في قتل العمد، و في شبه العمد، و في قتل الخطأ المحض.

(22) لأن ذلك هو المنساق من ظواهر الأدلة، فلا يكفي المعيوب و لا المريض، كما تقدم في كتاب الزكاة و الهدي من الحج.

(23) لتبادر المتعارف من ظواهر الأدلة. و أما السمن فلا دليل على اعتباره، لا من حيث ظواهر الأدلة و لا من حيث الأدلة الخارجية، نعم الأحوط مراعاته.

(24) لما مر في سابقة من غير فرق.

(25) لأن القيمة مبنية على التراضي بأي نحو شاءا، و في صحيح جميل:

«مائة من الإبل إلا أن يصطلحوا على مال أو ما شاؤوا غير ذلك» (1).

(26) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي ولّاد: «كان علي عليه السّلام يقول: تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين، و تستأدى دية العمد في سنة» (2).

ص: 77


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 7.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات النفس.

و مبدأ السنة مع إطلاق ثبوتها من حين التراضي لا من حين الجناية (27)، و للجاني أداؤها في خلال السنة أو آخرها (28)، و لا يجوز له التأخير عنها إلا مع التراضي (29)، و ليس للولي عدم القبول في خلالها (30).

مسألة 7: لو اختلفا في مبدأ السنة فالقول مع من يدّعي التأخير

(مسألة 7): لو اختلفا في مبدأ السنة فالقول مع من يدّعي التأخير (31) و لو اختلفا في انتهائها فالقول مع من يدّعي الأكثر (32).

مسألة 8: لا يجب على الولي قبول القيمة السوقية لو بذلها الجاني مع وجود الأصول

(مسألة 8): لا يجب على الولي قبول القيمة السوقية لو بذلها الجاني مع وجود الأصول (33)، و كذا لا يجب على الجاني أداؤها لو طالب القيمة الولي مع وجود الأصول (34).

______________________________

(27) لأنه المنساق من الأدلة.

(28) لما تقدم من قول علي عليه السّلام: «تستأدى دية العمد في سنة».

(29) أما عدم الجواز فللتحديد الشرعي كما مرّ، و أما الجواز فلفرض التصالح بما تراضيا عليه من التأجيل أو التقسيط.

(30) لفرض عدم الولاية على ذلك.

(31) كما لو ادّعى الولي أن مبدأ السنة كان أول شهر رمضان، و الجاني ادّعى أنه كان أول شهر شوال، يقدم قول الجاني للأصل.

(32) كما لو اتفقا على أن أول مبدأ السنة أول شهر رمضان، و لكن الولي يدّعي أن ذلك كان باعتبار الشهور العربية، و الجاني يدّعي أن ذلك كان باعتبار الشهور الأفرنجية مثلا، و حصل التراضي على ذلك، فالقول مع من يدعي الأكثر للأصل كما مر، إن لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف.

(33) لفرض ولايته و اختياره، فله أن يختار الأصل دون القيمة.

(34) للأصل، و تقدم أنه لا ولاية للولي على التعين.

ص: 78

مسألة 9: لو تعذر جميع الأصناف و طالب الولي القيمة يجب أداء قيمة واحد منها

(مسألة 9): لو تعذر جميع الأصناف و طالب الولي القيمة يجب أداء قيمة واحد منها (35)، و الجاني مخير في أداء قيمة أي منها شاء (36)، و ليس للولي مطالبة قيمة أحدها المعين (37).

مسألة 10: دية العمد من مال الجاني، لا على العاقلة و لا على بيت المال

(مسألة 10): دية العمد من مال الجاني (38)، لا على العاقلة و لا على بيت المال (39)، سواء تصالحا عليها أم تراضيا بها أو وجبت ابتداء كما في قتل الوالد ولده و العاقل المجنون (40).

مسألة 11: لو لم يكن للجاني مال استسعى أو أمهل إلى الميسرة كسائر الديون

(مسألة 11): لو لم يكن للجاني مال استسعى أو أمهل إلى الميسرة كسائر الديون (41)،

______________________________

(35) لتعين الدية في ذلك حينئذ.

(36) لفرض تخييره بالنسبة إلى الأصل، فيتخير بالنسبة إلى القيمة أيضا.

(37) لعدم ولايته على ذلك كما تقدم.

(38) للأصل، و الإجماع، و النصوص، منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «في رجل دفع رجلا عن رجل فقتله، قال: الدية على الذي دفع، و إن أصاب المدفوع شي ء فهو على الدافع أيضا» (1)، و قريب منه غيره، و كذا دية شبه العمد كما يأتي.

(39) لأن الضمان عليهما يكون خلاف الأصل، فيقتصر على ما دلّ الدليل عليه، و هو الخطأ المحض كما يأتي.

(40) لظهور الإطلاق، و الاتفاق في جميع الموارد المذكورة.

(41) لقاعدة الاشتغال، و يجب السعي مقدمة لتفريغ الذمة، و إن لم يمكن له السعي أمهل حتى يتمكن من تفريغها بأي نحو شاء.

ص: 79


1- الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة: 1.

و إلا فمن بيت المال (42)، و لو هرب القاتل و لم يتمكن منه أخذت الدية من ماله فإن لم يكن له مال فالدية على الأقرب فالأقرب (43).

مسألة 12: لو لم يؤد الجاني الدية أجبره الحاكم الشرعي على الأداء

(مسألة 12): لو لم يؤد الجاني الدية أجبره الحاكم الشرعي على الأداء (44)، و إلا أخذها الحاكم من ماله و أعطاها للولي (45)، و إن لم يكن حاكم شرعي و العياذ باللّه أو وكيله فثقات المؤمنين يتصدّون ذلك (46).

مسألة 13: لا فرق في الدية من الأصناف المتقدمة بين القتل العمدي و شبه العمد و الخطأ المحض

(مسألة 13): لا فرق في الدية من الأصناف المتقدمة بين القتل العمدي و شبه العمد و الخطأ المحض (47)، إلا أنه يختص العمد بالتغليظ

______________________________

(42) لفرض أنه موضوع للمصالح، و المقام منها لو لم يكن من أهمها، و لكن يحتمل السقوط في فرض عدم تمكنه من أداء دينه مطلقا، و كون أداء مطلق الدين من بيت المال أول الكلام. نعم يمكن أن يدخل في جملة الغارمين في الزكاة فيؤدي الدية منها.

(43) لصحيحة أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا متعمدا ثمَّ هرب القاتل فلم يقدر عليه؟ قال: ان كان له مال أخذت الدية من ماله، و إلا فمن الأقرب فالأقرب، و إن لم يكن له قرابة أداه الإمام فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم» (1).

(44) لأن ذلك من الأمور الحسبة القائمة بالحاكم الشرعي.

(45) لولايته على ذلك بعد عدم الأثر للإجبار، كما هو المفروض.

(46) لما تقدم من انتقال ولاية الحسبة إليهم حينئذ.

(47) لأن الأصول الستة المتقدمة قررها الشارع لطبيعة القتل، بلا فرق بين كونه عمدا أو خطأ أو شبه العمد.

ص: 80


1- الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة: 1.

في السن في الإبل و مدة الاستيفاء كما تقدم (48). و كذا تكون دية شبه العمد على الجاني نفسه (49).

مسألة 14: لو اختار الجاني في شبيه العمد إعطاء الدية من الإبل تكون الإبل دون إبل العمد في السن

(مسألة 14): لو اختار الجاني في شبيه العمد إعطاء الدية من الإبل تكون الإبل دون إبل العمد في السن و هي ثلاث و ثلاثون جذعة و ثلاث و ثلاثون حقة و اربع و ثلاثون ثنية كلها طروقة الفحل (50).

______________________________

(48) و قد مر في مسألة 1 و 6 فراجع.

(49) إجماعا، و نصوصا منها صحيحة زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم؟ فقال: عليه الدية و صوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم» (1)، و قريب منها غيرها.

(50) نسب ذلك إلى المشهور، و تدل عليه روايات منها موثق محمد بن سنان عن العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السّلام: «و الدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد، الذي يضرب بالحجر و العصا الضربة و الاثنتين فلا يريد قتله، فهي أثلاث: ثلاث و ثلاثون حقة و ثلاث و ثلاثون جذعة، و اربع و ثلاثون ثنية، كلها خلفة من طروقة الفحل» (2).

و منها: رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «دية المغلظة التي تشبه العمد و ليست بعمد أفضل من دية الخطأ بأسنان الإبل: ثلاثة و ثلاثون حقة، و ثلاثة و ثلاثون جذعة و أربع و ثلاثون ثنية، كلها طروقة الفحل» (3).

ص: 81


1- الوسائل: باب 3 من أبواب ديات النفس: 4.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: 13.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 4.

.....

______________________________

و منها: صحيح محمد بن مسلم و زرارة عن أحد هما عليهما السّلام في الدية قال:

هي مائة من الإبل و ليس فيها دنانير و لا دراهم و لا غير ذلك، قال ابن أبي عمير:

فقلت لجميل: هل للإبل أسنان معروفة؟ فقال: نعم ثلاث و ثلاثون حقة، و ثلاث و ثلاثون جذعة، و اربع و ثلاثون ثنية» (1)، فهو ظاهر في شبه العمد بقرينة ما تقدمت من الأخبار و إن خصها علي بن حديد في حديثه بالخطإ، و لكنه لم ينسب ذلك إلى معصوم.

و هناك روايات أخرى مختلفة، ففي بعضها أربعون خلقة و ثلاثون حقة و ثلاثون بنت لبون، كما في معتبرة عبد اللّه بن سنان قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر، أن دية ذلك تغلظ و هي مائة من الإبل منها أربعون خلفة من بين ثنية إلى بازل عامها، و ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون» (2).

و في بعضها الأخرى بدل (كلها طروقة) كما في القسم الأول (كلها خلفة)، ففي رواية عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كان علي عليه السّلام يقول:

في شبه العمد ثلاث و ثلاثون جذعة، و ثلاث و ثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة» (3).

و في رابعة منها جمع بين الخلفة و الطروقة، ففي معتبرة المعلى عن الصادق عليه السّلام: «و في شبيه العمد المغلظة ثلاثة و ثلاثون حقّة، و أربع و ثلاثون جذعة، و ثلاثة و ثلاثون ثنية، خلفة طروقة الفحل» (4).

و يمكن حمل تلك الروايات مع قطع النظر عن سندها على تحقق المراضاة بينهما بذلك، نقصت عن مالية ما نسب إلى المشهور أم زادت.

ثمَّ إن المراد من بنت مخاض ما كانت داخلة في السنة الثانية، و المراد من

ص: 82


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 7 و 1 و 10.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 7 و 1 و 10.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 7 و 1 و 10.
4- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس الحديث: 9.

مسألة 15: دية شبه العمد على الجاني نفسه، و تستوفى في سنتين

(مسألة 15): دية شبه العمد على الجاني نفسه (51)، و تستوفى في سنتين (52).

مسألة 16: لو اختلف الولي و الجاني في أوصاف الإبل فلا بد من الرجوع إلى الثقات من أهل الخبرة

(مسألة 16): لو اختلف الولي و الجاني في أوصاف الإبل فلا بد من الرجوع إلى الثقات من أهل الخبرة (53)،

______________________________

بنت لبون ما كانت داخلة في السنة الثالثة، و المراد من الحقّة ما كانت داخلة في السنة الرابعة، و المراد من الجذعة: هي الداخلة في السنة الخامسة، و المراد من الثنيّة و هي الداخلة في السنة السادسة، و المراد من الطروقة أي البالغة ضراب الفحل، أو ما طرقها الفحل فحملت، و المراد من الخلفة أي الحامل.

(51) للإجماع، و للآية المباركة مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ (1)، و للنصوص منها صحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم؟ فقال: عليه الدية» (2)، و المراد من الخطأ شبه الخطأ لا الخطأ المحض، لأنه على العاقلة كما يأتي.

و هناك نصوص أخرى يأتي التعرض لها في أحكام الضمان إن شاء اللّه تعالى.

(52) للإجماع، و لأنه كالوسط بين الخطأ المحض و العمد المحض.

و أما ما عن علي عليه السّلام: «تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين» (3)، يمكن أن يحمل على الإشراف في الدخول إلى ثلاث سنين، أو يكون ترغيبا إلى إمهال المجني عليه الجاني إلى هذا الحدّ. و لا وجه للرجوع إلى الأصل في المقام مع وجود الإجماع في البين، و لا أقل من الاحتياط الوجوبي للفقيه المتتبع، و اللّه العاصم من الزلل.

(53) لأنهم أعرف بذلك.

ص: 83


1- سورة النساء الآية: 92.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب ديات النفس: 4.
3- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات النفس: 1.

و لو تبين الخطأ وجب الاستدراك (54).

مسألة 17: دية قتل الخطأ أحد الأصناف الستة المتقدمة

(مسألة 17): دية قتل الخطأ أحد الأصناف الستة المتقدمة (55)، و لو اختير دفع الإبل تكون ثلاثين حقة و ثلاثين بنت لبون و عشرين بنت مخاض و عشرين ابن لبون (56)، و هي على العاقلة (57)،

______________________________

(54) لأصالة الاشتغال بعد كشف عدم فراغ الذمة.

(55) لما تقدم في مسألة 13 فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

(56) كما هو المشهور بين الفقهاء (قدس اللّه أسرارهم) و يدلّ على ذلك صحيح ابن سنان قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

و الخطأ يكون فيه ثلاثون حقّة، و ثلاثون ابنة لبون، و عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون ذكر» (1).

و اما معتبرة محمد بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الخطأ إن كانت الإبل فخمس و عشرون بنت مخاض، و خمس و عشرون بنت لبون، و خمس و عشرون حقّة، و خمس و عشرون جذعة» (2)، و مثله ما عن علي عليه السّلام (3)، فيمكن حملهما على المراد أو على التقية، و يحتمل التخيير.

(57) نصا، و إجماعا من المسلمين، ففي معتبرة الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسألت عيناه على خديه، فوثب المضروب على ضاربه فقتله؟ قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هذان متعديان جميعا فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا، لأنه قتله حين قتله و هو أعمى، و الأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين» (4)، إلى غير ذلك من الروايات.

ص: 84


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات النفس: 1.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: 13.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب النفس: 10.
4- الوسائل: باب 10 من أبواب العاقلة الحديث: 1.

بتفصيل يأتي إن شاء اللّه تعالى. و لا يضمن الجاني منها شيئا (58)، و لا ترجع العاقلة على القاتل (59).

مسألة 18: دية قتل الخطأ تستوفي في ثلاث سنين كل سنة ثلثها

(مسألة 18): دية قتل الخطأ تستوفي في ثلاث سنين كل سنة ثلثها (60)، بلا فرق بين دية الطرف و دية النفس (61).

مسألة 19: لو لم تتمكن الأداء منها أو امتنعت وجبت الدية على القاتل نفسه

(مسألة 19): لو لم تتمكن الأداء منها أو امتنعت وجبت الدية على القاتل نفسه (62).

______________________________

(58) أي أولا و بالذات للنص كما مرّ، و الإجماع.

و أما بلحاظ طرو العناوين فسيأتي حكمه.

(59) لتعلّق التكليف بالنسبة إليها فقط، و لا معنى للرجوع عليه بعد اختصاص الضمان لها.

(60) نصا- كما مرّ- و إجماعا.

(61) للإطلاق الشامل لكل منهما، مضافا إلى الإجماع.

و ما قيل من أن دية الطرف إن كان قدر الثلث أخذ في سنة واحدة إذا كان خطأ و إن كان أكثر حلّ الثلث بانسلاخ الحول، و حلّ الزائد عند انسلاخ الثاني إن كان ثلثا آخر فما دون، و ان كان أكثر حلّ الثلث عند انسلاخ الثاني و الزائد عند انسلاخ الثالث.

فمخالف لظاهر الإطلاق من غير دليل معتبر عليه.

(62) لأن ذمة القاتل مشغولة بالدية، و إنما تجب على العاقلة تكليفا، فإذا فقدت العاقلة أو امتنعت وجب على القاتل الأداء.

و ما حكي عن جمع من رجوع العاقلة على الجاني مطلقا حتى في صورة وجود العاقلة بعد إعطاء الدية من مالهم.

لا دليل لهم عليه يصح الاعتماد عليه.

ص: 85

مسألة 20: لا فرق في دية الخطأ المحض و العمد و شبهه في غير الإبل من الأصناف المتقدمة

(مسألة 20): لا فرق في دية الخطأ المحض و العمد و شبهه في غير الإبل من الأصناف المتقدمة (63)، و إنما الفرق في سن الإبل في أقسام القتل و في الاستيفاء كما عرفت (64)، كما لا فرق في الدية بين أن تكون تامة (65)، أو ناقصة (66)، أو دية الأطراف (67).

مسألة 21: تغلّظ الدية إن وقع القتل في الأشهر الحرم، عمدا كان أو خطأ

(مسألة 21): تغلّظ الدية إن وقع القتل في الأشهر الحرم (68)، عمدا كان أو خطأ (69)، و هي دية كاملة و ثلثها من أي الأصناف كانت (70)، و كذا لو وقع القتل في الحرم الإلهي (71)،

______________________________

(63) لظهور الإطلاق، و الاتفاق، و عدم وجود دليل على الخلاف.

(64) و قد مرّ التفصيل في مسألة 5 و 14 و 15 و 17 و 18.

(65) مثل دية الحر المسلم.

(66) كدية المرأة أو الذمي.

(67) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(68) نصا، و إجماعا، ففي معتبرة كليب الأسدي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقتل في الشهر الحرم ما ديته؟ قال: دية و ثلث» (1)، و مثله ما عن زرارة (2).

(69) لظهور الإطلاق كما مرّ و الاتفاق.

و أشهر الحرم هي: رجب و ذو القعدة و ذو الحجة و محرم.

(70) للإطلاق المتقدم، و الاتفاق.

(71) لظهور الإجماع، و قطع الفقيه المتتبع بتحقق المناط، و يدلّ على ذلك روايتان: الأولى معتبرة زرارة قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجل قتل في الحرم؟

ص: 86


1- الوسائل: باب 3 من أبواب ديات النفس: 1 و 5.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب ديات النفس: 1 و 5.

و لا يلحق به المدينة المنورة (72)، و لا سائر المشاهد المشرفة (73)، كما لا تغليظ في قتل الأقارب (74)، و لا في دية الأطراف (75).

مسألة 22: لا فرق في التغليظ في الدية كما مرّ بين العالم بالحكم أو الجاهل به

(مسألة 22): لا فرق في التغليظ في الدية كما مرّ بين العالم بالحكم أو الجاهل به كما لا فرق في الجهل بالموضوع أيضا فإنه كالحكم (76)،

______________________________

قال: عليه دية و ثلث»(1)، و الثانية معتبرة ابن أبي عمير عن أبان عن زرارة قال:

«قلت لأبي جعفر عليه السّلام رجل قتل في الحرم؟ قال: عليه دية و ثلث، و يصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم» (2).

و دعوى: أن المراد من الحرم (الحرم) بالضمتين، فيكون خصوص الأشهر الحرم.

غير صحيحة: لأن الحرم أعم من الزمان و المكان، قال تعالى ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ» (3)، و إن ذلك من مجرد الدعوى بلا دليل.

(72) للأصل، و عدم دليل على الخلاف في المقام. نعم للحاكم الشرعي التشديد بحسب ما يراه لو اقتضاه المصلحة، لقداسة الحرم النبوي الشريف، كما تقدم في الحدود (4).

(73) لما مرّ في سابقة.

(74) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، إلا إذا وقع القتل في أشهر الحرم، أو في الحرم الإلهي، كما تقدم.

(75) للأصل، و الإطلاق من غير دليل على الخلاف.

(76) لظهور الأدلة في أن ذلك حكم واقعي لا يتغير بالعلم و الجهل، و لا

ص: 87


1- الوسائل: باب 3 من أبواب ديات النفس: 3.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب بقية الصوم الواجب: 3.
3- الحج- 30.
4- راجع ج: 27 صفحة: 284.

و تغلظ الدية على العاقلة أيضا (77)، و كذا لا فرق في المقتول بين العاقل و المجنون و الصغير و الكبير و الوالد في قتل الولد و إن لم يكن في البين قصاص (78).

مسألة 23: هل يعتبر في مقدار التغليظ أن يكون من نفس الدية أو لا؟

(مسألة 23): هل يعتبر في مقدار التغليظ أن يكون من نفس الدية أو لا؟ لا يبعد الثاني (79).

مسألة 24: لو تسبب و هو في الحل بقتل من هو في الحرم تغلظ في الدية

(مسألة 24): لو تسبب و هو في الحل بقتل من هو في الحرم تغلظ في الدية (80)، و لو انعكس فلا تغليظ (81)،

______________________________

يشمله حديث الرفع (1)، بعد كون الحكم وضعيا كما تقدم.

(77) للإطلاق الشامل لها أيضا.

(78) كل ذلك لما مرّ من الإطلاق و العموم، و كذا تغلظ الدية لو كان المقتول امرأة، و لكن بحسب تحديدها الشرعي كما يأتي في مسألة 26.

(79) لأن المدار على التغليظ المالية كما تقدم في نفس الدية، و هو يتحقق بأصل المال، فحينئذ لا فرق بين أن يعطى الدية من الفضة و الغلظة من الذهب، أو بالعكس، و لكن الأحوط مراعاة المثلية جمودا على ظاهر النص المتقدم، خصوصا مع عدم رضا الولي.

(80) لفرض تحقق القتل في الحرم بسببه، كما إذا رماه بحجر و هو في الحلّ و مات به و هو في الحرم، أو أشربه سما في أواخر شهر شوال فمات به في ذي القعدة.

(81) لعدم استناد موته في الحرم إلى الفعل الخارجي، و وقوع القتل في الحلّ، كما لو رماه بحجر فأصابه و هو في الحلّ و مشى باختياره إلى الحرم و مات فيه، لا تغليظ. نعم لو سلب عن الاختيار بهذا الرمي فدخل في الحرم نحو حركة

ص: 88


1- الوسائل: باب 56 من أبواب جهاد النفس.

سواء كان المسبب في الحل أو في الحرم (82).

مسألة 25: لو التجأ القاتل إلى الحرم بعد ما وقع القتل في الحلّ لا يقتص منه في الحرم

(مسألة 25): لو التجأ القاتل إلى الحرم بعد ما وقع القتل في الحلّ لا يقتص منه في الحرم (83)، و لكن يؤخذ منه الدية فيه بعد المراضاة (84).

مسألة 26: دية المرأة الحرة المسلمة نصف دية الرجل الحر المسلم

(مسألة 26): دية المرأة الحرة المسلمة نصف دية الرجل الحر المسلم (85)،

______________________________

المذبوح و مات فيه، فالظاهر التغليظ، فيدخل في القسم الأول.

(82) لما عرفت من أن المدار وقوع القتل في الحرم لا سببه.

(83) لإطلاق قوله تعالى وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (1)، و قد ذكرنا حول موضوع أمن الحرم في التفسير و من شاء فليرجع إليه (2)، و تقدم في مسألة 21 من الفصل الثالث في أقسام حدّ الزنا ما يتعلق بالمقام أيضا.

(84) للأصل، و الإطلاق من غير دليل على الخلاف.

(85) نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«في الرجل يقتل المرأة متعمدا، فأراد أهل المرأة أن يقتلوه، قال: ذاك لهم إذا أدّوا إلى أهله نصف الدية، و إن قبلوا الدية فلهم نصف دية الرجل» (3)، و في معتبرة عبد اللّه بن سنان قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: في رجل قتل امرأته متعمدا، قال: إن شاء أهلها أن يقتلوه قتلوه، و يؤدّوا إلى أهله نصف الدية، و إن شاؤوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم» (4)، و في صحيح ابن مسكان عن الصادق عليه السّلام قال: «إذا قتلت المرأة رجلا قتلت به، و إذا قتل الرجل المرأة فإن أرادوا القود أدّوا فضل دية الرجل على دية المرأة و أقادوه بها، و إن لم يفعلوا قبلوا الدية، دية المرأة كاملة، و دية المرأة نصف دية الرجل» (5).

ص: 89


1- سورة آل عمران الآية: 97.
2- راجع الجزء الخامس من مواهب الرحمن صفحة: 171 طبعة النجف الأشرف.
3- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص: 3 و 1 و 2.
4- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص: 3 و 1 و 2.
5- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص: 3 و 1 و 2.

من جميع التقادير المتقدمة فمن الدنانير خمسمائة، و من الإبل خمسون، و من الشاة خمسمائة و هكذا (86)، و لا يلحق بها الخنثى المشكل (87)، و ديتها ثلاثة أرباع دية الرجل (88).

مسألة 27: تقدم سابقا أن المرأة و الرجل يتساويان في الجراح قصاصا و دية

(مسألة 27): تقدم سابقا أن المرأة و الرجل يتساويان في الجراح قصاصا و دية حتى تبلغ ثلث دية الحر فينتصف بعد ذلك ديتها (89).

مسألة 28: تتساوى في الدية جميع فرق المسلمين

(مسألة 28): تتساوى في الدية جميع فرق المسلمين (90)، إلا المحكوم عليه منهم بالكفر كالخوارج و الغلاة و غير هم (91).

مسألة 29: دية ولد الزنا إن كان محكوما بالإسلام دية المسلم

(مسألة 29): دية ولد الزنا إن كان محكوما بالإسلام دية المسلم (92).

______________________________

(86) لإطلاق قوله عليه السّلام: «دية المرأة نصف دية الرجل» فيشمل جميع ما مرّ من الأصناف الستة.

(87) للأصل، و ظهور الاختلاف بينهما بعد تحقق المشكلية.

(88) لما أرسل ذلك إرسال المسلمات.

(89) نصا، و إجماعا، كما مرّ في مسألة 2 من (فصل شرائط القصاص)، فلا حاجة للتكرار مرة أخرى.

(90) للإطلاق، و لذكر المسلم في بعض الروايات، قال الصادق عليه السّلام: «دية المسلم عشرة آلاف من الفضة و ألف مثقال من الذهب و ألف من الشاة» (1).

(91) للإجماع، و لما مرّ سابقا من عدم الاحترام لهم، فلا قصاص و لا دية لهم.

(92) لما مرّ من الإطلاقات الشاملة له بعد تحقق الموضوع شرعا.

و ما يظهر من الروايات من أن ديته دية الذمي، مثل خبر عبد الرحمن بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال: «قال لي أبو الحسن عليه السّلام: دية ولد الزنا دية

ص: 90


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات النفس: ح: 2.

مسألة 30: دية الذمي الحر الذكر ثمانمائة درهم

(مسألة 30): دية الذمي الحر الذكر ثمانمائة درهم سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا (93)،

______________________________

اليهودي ثمانمائة درهم» (1)، و مثله ما عن إبراهيم بن عبد الحميد عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال: «دية ولد الزنا دية الذمي ثمانمائة درهم» (2)، قاصر سندا، و معرض عنه عند الأصحاب.

و اما من قال: لا دية له، استند إلى أدلة ظهور مناقشتها يغني عن بيانها و ردها، و كذا صحيح عبد اللّه بن سنان الدال على أن ديته مقدار إنفاق من أنفق عليه، ففيه عن الصادق عليه السّلام في دية ولد الزنا: «يعطي الذي أنفق عليه ما أنفق عليه» (3)، فإنه غريب شاذ يردّ علمه إلى أهله.

(93) نصوصا، و إجماعا، ففي معتبرة ابن مسكان عن الصادق عليه السّلام قال:

«دية اليهودي و النصراني و المجوسي ثمانمائة درهم» (4)، و قريب منها صحيحة ليث المرادي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دية النصراني و اليهودي و المجوسي؟ فقال: ديتهم جميعا سواء ثمانمائة درهم» (5)، و في موثق سماعة ابن مهران قال: «بعث النبي صلّى اللّه عليه و آله خالد بن الوليد إلى البحرين، فأصاب بها دماء قوم من اليهود و النصارى و المجوس، فكتب إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله: إني أصبت دماء قوم من اليهود و النصارى فوديتهم ثمانمائة درهم ثمانمائة، و أصبت دماء قوم من المجوس، و لم تكن عهدت إلى فيهم عهدا، فكتب إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن ديتهم مثل دية اليهود و النصارى، و قال: إنهم أهل الكتاب» (6).

و أما ما دلّ على أن دية الذمي كدية المسلم، كما في صحيح ابان بن تغلب

ص: 91


1- الوسائل: باب 15 من أبواب ديات النفس: ح: 1.
2- الوسائل: باب 15 من أبواب ديات النفس الحديث: 3 و 4.
3- الوسائل: باب 15 من أبواب ديات النفس الحديث: 3 و 4.
4- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات النفس الحديث: 2 و 5.
5- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات النفس الحديث: 2 و 5.
6- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات النفس: 7.

و دية نسائهم على النصف من دياتهم (94)، و دية جراحاتهما كدية جراحة المسلمين و كذا دية أعضائهما (95)،

______________________________

عن الصادق عليه السّلام: «دية اليهودي و النصراني و المجوسي دية المسلم» (1)، و في معتبرة زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «من أعطاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذمة فديته كاملة، قال زرارة: فهؤلاء؟ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و هؤلاء من أعطاهم ذمة» (2)، محمول على ما اشترط في ضمن عقد الذمة، على أن تكون دية الكافر الذمي كدية المسلم، أو محمول على التقية (3)، أو غير هما من المحامل.

و أما رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «دية اليهودي و النصراني أربعة آلاف درهم، و دية المجوسي ثمانمائة درهم، و قال أيضا: للمجوس كتابا يقال له: جاماس» (4)، و ما رواه الصدوق قال: «إن دية اليهودي و النصراني و المجوسي أربعة آلاف درهم، لأنهم أهل الكتاب» (5)، أوهنهما إعراض المشهور عنهما، مضافا إلى قصور سندهما.

(94) لإطلاق ما تقدم في صحيح ابن مسكان: «دية المرأة نصف دية الرجل» (6)، مضافا إلى الإجماع، و قاعدة الاشتراك.

(95) لإطلاق ما تقدم من الأخبار، و تقتضيه قاعدة: «اشتراك الكفار مع المسلمين في الفروع»، فتساوي جراحات المرأة منهم مع الرجل حتى تبلغ الثلث، فتنصف حينئذ كما مر في مسألة 2 من (فصل شرائط القصاص).

فراجع.

ص: 92


1- الوسائل: باب 14 من أبواب ديات النفس: 2 و 3.
2- الوسائل: باب 14 من أبواب ديات النفس: 2 و 3.
3- كما عن النخعي و الثوري و أبي حنيفة، راجع المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 527.
4- الوسائل: باب 14 من أبواب ديات النفس: ح 4.
5- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات النفس: ح: 12.
6- الوسائل: باب 33 من أبواب القصاص في النفس ح: 2.

و تغلظ دياتهم باجتماع الحرمات (96)، و أما سائر الكفار فلا دية و لا قصاص لهم (97).

مسألة 31: لا دية للذمي لو خرج عن الذمة

(مسألة 31): لا دية للذمي لو خرج عن الذمة (98)، كما لا دية له لو ارتد عن دينه إلى دين غير أهل الذمة (99)، و لو خرج الذمي من دينه إلى دين ذمي آخر تثبت الدية (100).

مسألة 32: يجوز التقاص في الدية بعد ثبوتها إن امتنع الجاني من الأداء

(مسألة 32): يجوز التقاص في الدية بعد ثبوتها إن امتنع الجاني من الأداء فيقتص الولي أو المجني عليه من ماله (101).

مسألة 33: من قتله الحدّ أو التعزير فلا دية له

(مسألة 33): من قتله الحدّ أو التعزير فلا دية له (102).

______________________________

(96) لما مرّ من إطلاق: «الرجل يقتل في الشهر الحرام ما ديته؟ قال: دية و ثلث» (1)، مضافا إلى قاعدة الاشتراك كما مرّ.

(97) للأصل، و الإجماع، بعد عدم تحقق عقد الذمة بينهم و بين المسلمين، فلا حرمة لهم حينئذ، لا دية و لا قصاصا.

(98) لسقوط احترامه بخروجه منها، فيبقى الأصل بلا معارض.

(99) لسقوط الحرمة حينئذ كما مرّ.

(100) لو شمل عقد الذمة ذلك أيضا و إلا فلا دية له، لما مرّ من عدم احترامه بارتداده عن دينه.

(101) لعمومات أدلة التقاص الشاملة للمقام. نعم الأحوط أن يكون التقاص بنظر الحاكم الشرعي.

(102) لأن الحاكم الشرعي أمين و لا معنى لتضمين الأمين كما تقتضيه قاعدة الإحسان أيضا، و قد مر في مسألة 7 من الفصل الرابع من فصول أحكام الزنا (2)، ما يتعلق بالمقام.

ص: 93


1- تقدم في صفحة: 86.
2- راجع ج: 27 صفحة: 291.

مسألة 34: لا تسقط الدية بإسقاط المجني عليه قبل الجناية

(مسألة 34): لا تسقط الدية بإسقاط المجني عليه قبل الجناية (103)، و هل له الإسقاط في الجناية على الأطراف أم لا؟ فيه وجهان (104).

مسألة 35: لو اشترك اثنان أو أزيد في قتل شخص خطأ أو عمدا

(مسألة 35): لو اشترك اثنان أو أزيد في قتل شخص خطأ أو عمدا و رضي ولي المجني عليه بالدية تقسّط الدية (105).

مسألة 36: لو ادعى قاتل المسلم أن المقتول كان مهدور الدم فلا دية له

(مسألة 36): لو ادعى قاتل المسلم أن المقتول كان مهدور الدم فلا دية له (106)،

______________________________

إن قيل: إن الضمان يكون من بيت المال.

يقال: لا بد أولا من إثبات الضمان، ثمَّ القول بأن محله بيت المال. نعم للحاكم الشرعي تدارك القتل مهما أمكن إن رأى في ذلك مصلحة، و لم تكن مصلحة أقوى منها في البين، و لا فرق فيما تقدم بين حق اللّه و حق الناس كما مر هناك. فراجع.

(103) لأن الحق ليس له و إنما هو للولي، و لا يثبت الحق إلا بعد تحقق الجناية.

(104) من احتمال ثبوت الحق له في الجملة، و لكل ذي حق إسقاط حقه فيسقط، الا أن يدلّ دليل على الخلاف. و من احتمال أن هذا كله من الأحكام لا من الحقوق، و إن كانت في مورد الحقوق فلا وجه للإسقاط كما مرّ. فراجع.

(105) لفرض الاشتراك، فلا بد من التقسيط إلا أن يكون تفاوت في البين فتقسط حينئذ حسب التفاوت. و تقدم التفصيل في الاشتراك في الجناية على النفس في كتاب القصاص. فراجع. (1).

(106) كما إذا ادعى أن المقتول سب النبي صلّى اللّه عليه و آله مثلا.

ص: 94


1- تقدم في ج: 28 صفحة: 184- 211.

و ادعى الولي أنه كان محقون الدم و لم تكن لأحد هما بينة يقدم قول الولي (107).

مسألة 37: لا يعتبر في أداء الدية بعد ثبوتها أن يكون بنظر الحاكم الشرعي

(مسألة 37): لا يعتبر في أداء الدية بعد ثبوتها أن يكون بنظر الحاكم الشرعي (108)، بل للجاني أداؤها للمجني عليه بعد إحراز رضاه بخلاف القصاص (109).

مسألة 38: أداء الدية فوري

(مسألة 38): أداء الدية فوري (110)، و أنها تخرج من أصل التركة إن مات الجاني (111)، و هي بحكم تركة المقتول (112).

______________________________

(107) لأصالة احترام دم المسلم إلا ما خرج بالدليل، و لا دليل في المقام على الخروج.

(108) للأصل بعد عدم دليل على الخلاف، إلا إذا كانت في البين خصومة متوقفة على نظره و متابعته، فلا مناص حينئذ من اتباع رأيه و نظره.

(109) لأنه متوقف على تشخيص الموضوع، و لا يتحقق إلا بنظره غالبا، و لتوقف القصاص على الحكم كما مر.

(110) لأنها من الحقوق المالية، و أنها يجب فورا أداؤها إن لم يكن رضا من الطرفين على التأخير.

(111) لأنها دين، و الدين يخرج من أصل التركة نصا (1)، و إجماعا، كما مرّ في كتاب الدين.

(112) لما مر في مسألة 24 من (فصل كيفية استيفاء القصاص) (2)، فراجع و لا وجه للإعادة مرة أخرى.

ص: 95


1- راجع الوسائل: باب 28 من أبواب الوصايا.
2- تقدم في ج: 28 صفحة: 295.

مسألة 39: لو اختلف الجاني و المجني عليه في مقدار الدية أو في أوصافها- اجتهادا أو تقليدا

(مسألة 39): لو اختلف الجاني و المجني عليه في مقدار الدية أو في أوصافها- اجتهادا أو تقليدا يؤخذ بما يعترف به الجاني (113)، و كذا لو اختلفا في السراية فادعى ولي المجني عليه السراية و أنكرها الجاني يقدم قول الجاني (114).

مسألة 40: إذا قطع الجاني أعضاء بدن المجني عليه و سرى القطع إلى موته

(مسألة 40): إذا قطع الجاني أعضاء بدن المجني عليه و سرى القطع إلى موته فإن كان قطع تلك الأعضاء بسبب واحد فعليه دية النفس (115)،

______________________________

(113) لأصالة عدم اشتغال ذمته، إلا بما يعترف الجاني به، ما لم يثبت المجني عليه دعواه بحجة شرعية معتبرة.

(114) لأصالة عدم السراية إلا إذا ثبتت بقول الثقات من أهل الخبرة.

(115) للإطلاقات، و العمومات، و ظهور الإجماع، مضافا إلى معتبرة أبي عبيدة الحذاء قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله؟

قال: إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلاة. و لا يعقل ما قال و لا ما قيل له، فإنه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه و بين السنة أقيد به ضاربه، و إن لم يمت فيما بينه و بين السنة و لم يرجع إليه عقله اغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله. قلت: فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال: لا، لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين، و هي الدية، و لو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان، إلا أن يكون فيهما الموت بواحدة و تطرح الأخرى، فيقاد به ضاربه، فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه،

ص: 96

و إن قطع كل عضو مستقلا و لم يسر إلى موته بل سرى قطع العضو الأخير إلى موته فعليه مضافا إلى دية النفس دية كل عضو سوى الأخير (116).

______________________________

قال: فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات» (1)

(116) لتحقق السبب في كل منها، و أصالة عدم التداخل، و لكن لا دية للعضو الأخير لفرض السراية، فعليه دية النفس كما مر.

ص: 97


1- الوسائل: باب 7 من أبواب ديات المنافع: 1.

الفصل الثالث في موجبات الضمان

اشارة

الفصل الثالث في موجبات الضمان و هي إما بالمباشرة أو بالتسبيب:

أما الأولى: بالمباشرة

اشارة

أما الأولى: فهي أعم من أن يصدر الفعل منه بآلة كرميه أو قتله بسلاح أو بلا آلة كخنقه بيده أو كان فعله من الأسباب التوليدية للقتل كالقائه في البحر أو في النار بحيث يتولد منها القتل (1).

مسألة 1: القتل أما عمدي أو غيره و الأول يوجب القصاص و الثاني يوجب الدية

(مسألة 1): القتل أما عمدي أو غيره و الأول يوجب القصاص و الثاني يوجب الدية (2).

______________________________

قد تقدم كثير من مسائل الإتلاف بالمباشرة في كتاب الغصب.

(1) كل ذلك لصحة نسبة القتل إليه عرفا، كما تقدم في موجبات القصاص، فلا داعي للتكرار مرة أخرى. فراجع (مسألة 1 و 2) من موجبات القصاص.

(2) أما الأول: فلما تقدم من أن موضوع القصاص هو القتل العمدي و بلا مجوز شرعي.

و أما الثاني: و هو كما إذا رمى هدفا فأصاب شخصا و مات، أو عالج مريضا فمات، و غير هما من الأمثلة كما يأتي، فتثبت الدية حينئذ لما مرّ من ثبوتها في القتل الخطئي و شبه العمدي.

ص: 98

مسألة 2: لو ضرب الصبي فاتفق التلف به فالضارب ضامن

(مسألة 2): لو ضرب الصبي فاتفق التلف به فالضارب ضامن (3)، و كذا في الزوج و الزوجة (4)، و لو ضرب صبي صبيا آخر فاتفق التلف فالضمان على وليه (5)، إن لم يكن الضارب مأمورا عن غيره و إلا فالضمان على الآمر (6).

مسألة 3: ما يتلفه الطبيب بالعلاج على أقسام
اشارة

(مسألة 3): ما يتلفه الطبيب بالعلاج على أقسام:

الأول: أن يعالج الشخص الكامل شرعا بلا إذن منه فيتلف

الأول: أن يعالج الشخص الكامل شرعا بلا إذن منه فيتلف فهو له ضامن (7)، و كذا لو عالج المجنون أو الصبي من دون إذن من أوليائهما (8).

الثاني: العلاج مع الإذن من المريض الكامل شرعا

الثاني: العلاج مع الإذن من المريض الكامل شرعا و لكن مع التقصير من الطبيب في العلاج فهو أيضا ضامن (9)،

______________________________

(3) وليا كان الضارب أو وصيا أو معلما أو غيرهم. كل ذلك لقاعدة التسبيب، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(4) سواء كان الضارب الزوج أم الزوجة لما مرّ في سابقة.

(5) لأن «عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة»، و كذا في المجنون.

(6) لقوة السبب على المباشر حينئذ. نعم يعزر الحاكم الشرعي المباشر بما يراه حفظا للنظام.

(7) لأصالة الضمان، و التسبيب، و النص، و الإجماع، ففي معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه و إلّا فهو له ضامن» (1).

(8) لما مرّ في سابقة من غير فرق، سواء كان الولي الحاكم الشرعي أم غيره.

(9) لأصالة الضمان التي تقدمت في الإجارة، و أن الإذن إنما كان في

ص: 99


1- الوسائل: باب 24 من أبواب الضمان الحديث: 1.

و كذا لو قصّر في علاج الصبي أو المجنون و إن كان مع الاذن من وليهما (10).

الثالث: العلاج مع الإذن من المريض الكامل شرعا أو من ولي غير الكامل شرعا

الثالث: العلاج مع الإذن من المريض الكامل شرعا أو من ولي غير الكامل شرعا و عدم التقصير منه في العلاج و لكن اتفق التلف يضمن حينئذ ما أتلف (11).

الرابع: أخذ براءة الضمان من المريض الكامل شرعا أو من الولي الشرعي لغير الكامل شرعا

الرابع: أخذ براءة الضمان من المريض الكامل شرعا أو من الولي الشرعي لغير الكامل شرعا و اتفق التلف بالعلاج لم يضمن إن لم يقصّر في الاجتهاد و الاحتياط (12)، و إلا فهو ضامن (13).

______________________________

العلاج فقط دون الفساد، و لا مطلقا و لو مع التقصير من الطبيب، بل في جواز الإذن في التعميم حتى مع التقصير إشكال بل منع، لعدم سلطته على ذلك.

(10) لأن الإذن من الأولياء إنما كان في صرف الوجود من العلاج، دون صورة التقصير، بل لا ولاية لهم في هذه الصورة.

(11) لقاعدة الضمان الاحتياطي التي أسسها علي عليه السّلام كما تقدمت في كتاب الإجارة، فلا وجه لإعادتها هنا (1)، مضافا إلى ما تقدم من أن الإذن في العلاج فقط دون الفساد و التلف.

(12) نصا، و إجماعا، ففي معتبرة السكوني المتقدمة عن الصادق عليه السّلام قال:

«قال أمير المؤمنين عليه السّلام من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه و إلّا فهو له ضامن».

(13) لما تقدّم في القسم الثاني.

ص: 100


1- راجع ج: 19 صفحة: 104- 110.
الخامس: ما إذا تلف المريض و شك الطبيب في أنه قصّر في العلاج أم لا

الخامس: ما إذا تلف المريض و شك الطبيب في أنه قصّر في العلاج أم لا يضمن حينئذ (14).

السادس: ما إذا نسي الطبيب أن يأخذ البراءة من المريض أو جهل بالحكم و حصل التلف بالعلاج

السادس: ما إذا نسي الطبيب أن يأخذ البراءة من المريض أو جهل بالحكم و حصل التلف بالعلاج فهو له ضامن (15).

السابع: ما إذا شك الطبيب في أخذ البراءة من المريض أو من وليه عن الضمان أو في أخذ الإذن للعلاج من كل منهما

السابع: ما إذا شك الطبيب في أخذ البراءة من المريض أو من وليه عن الضمان أو في أخذ الإذن للعلاج من كل منهما يضمن حينئذ إن حصل التلف (16).

الثامن: ما إذا لم يقصّر في العلاج و أذن له المريض و أبرأه من الضمان

الثامن: ما إذا لم يقصّر في العلاج و أذن له المريض و أبرأه من الضمان فاتفق التلف في الأثناء لأجل قسر خارجي فلا ضمان حينئذ (17).

مسألة 4: الإقدام للعلاج أعم من الإذن و البراءة عن الضمان

(مسألة 4): الإقدام للعلاج أعم من الإذن و البراءة عن الضمان (18).

______________________________

(14) لأصالة الضمان، و أصالة احترام ما يتعلق بالمحترم إلا ما خرج بالدليل، و المفروض عدمه في هذه الصورة، و لقاعدة الضمان الاحتياطي التي أسسها علي عليه السّلام كما مرّ في كتاب الإجارة، و لا تجري أصالة الصحة في العلاج، لتقديم قاعدة الضمان الاحتياطي عليها، مع أن التلف و إتلاف ما هو محترم موجب للضمان مطلقا، سواء كان في المال أم في البدن. و تقدم في كتاب الإجارة أنها لا تختص بالماليات، بل تجري في مثل المقام و في كل ما هو محترم مطلقا.

(15) لأصالة الضمان فيما يتعلق بالمحترم.

(16) لأصالة الضمان كما مرّ إلا ما خرج بالدليل، و ليس في المقام دليل على الخروج.

(17) لأصالة البراءة بعد استناد التلف إلى أمر خارجي.

(18) لأن الأول يختلف عن الأخيرين عقلا و شرعا و عرفا، فهو أعم منهما.

ص: 101

مسألة 5: لو وصف الطبيب علاجا للمريض و استعمله المريض باختياره ثمَّ حصل التلف

(مسألة 5): لو وصف الطبيب علاجا للمريض و استعمله المريض باختياره ثمَّ حصل التلف، فإن كان استعمال المريض لاعتماده على الطبيب بحيث عدّ ذلك من تسبيبه عرفا فالطبيب ضامن (19)، و إلا فلا ضمان (20).

مسألة 6: لو باشر الطبيب بالعلاج و كان متيقنا في العمل

(مسألة 6): لو باشر الطبيب بالعلاج و كان متيقنا في العمل و أذن له المريض في ذلك و أبرأه من الضمان و لكن المريض لم يراع إرشادات الطبيب و قصر فيها فحصل التلف لم يكن الطبيب ضامنا (21)،

______________________________

(19) لقاعدة التسبيب حينئذ، و ما تقدم من أصالة الضمان فيما يتعلق بالمحترم، إلا ما خرج بالدليل و لم يكن دليل كذلك.

(20) لأصالة البراءة، و عدم التسبيب كما هو المفروض، و عليه يحمل رواية أحمد بن إسحاق قال: «كان لي ابن و كان تصيبه الحصاة فقيل لي: ليس له علاج إلا أن تبطه فبططته، فمات، فقالت الشيعة: شركت في دم ابنك، فكتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكري عليه السّلام فوقع يا احمد ليس عليك فيما فعلت شي ء، و إنما التمست الدواء و كان أجله فيما فعلت» (1)، و كذا رواية إسماعيل بن الحسن قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إني رجل من العرب و لي بالطب بصر و طبي طب عربي و لست آخذ عليه صفدا، قال: لا بأس، قلت: إنا نبط الجرح و تكوى بالنار، قال: لا بأس، قلت: و نسقي هذا السموم الأسمحيقون و الغاريقون، قال: لا بأس، قلت: إنه ربما مات، قال: و إن مات، قلت: نسقي عليه النبيذ، قال: ليس في الحرام شفاء» (2).

(21) لاستناد التلف إلى نفس المريض، لا إلى الطبيب كما تقدم نظيره في

ص: 102


1- روضة الكافي ج: 8 صفحة: 193.
2- الوسائل: باب 134 من أبواب الأطعمة المباحة.

و كذا إن لم يبرأه و حصل التلف كذلك (22).

مسألة 7: إذا شرع الطبيب في العلاج بعد أخذ الإذن من المريض و بلا أخذ البراءة منه

(مسألة 7): إذا شرع الطبيب في العلاج بعد أخذ الإذن من المريض و بلا أخذ البراءة منه و في أثنائه التفت إلى الخطر هل يجوز له البراءة حينئذ؟ فيه إشكال (23).

مسألة 8: ما تقدم في الطبيب من الأقسام يجري في البيطار المتطبب للحيوان المملوك للغير

(مسألة 8): ما تقدم في الطبيب من الأقسام يجري في البيطار المتطبب للحيوان المملوك للغير (24).

مسألة 9: يعتبر في إبراء المريض أن يكون المريض جامعا للشرائط الشرعية

(مسألة 9): يعتبر في إبراء المريض أن يكون المريض جامعا للشرائط الشرعية (25)، و لم ينته إلى القتل (26)، و إذن الولي في الصغير و إن انتهى إلى القتل (27).

______________________________

القسم الثامن من الأقسام السابقة.

(22) لعدم استناد التلف إلى الطبيب، و إنما يستند إلى نفس المريض.

(23) لأن الضمان قد تحقق، و لا يرتفع إلا بالإسقاط، فلا يصح الإبراء حينئذ. و من إمكان إرجاع الإبراء إلى الإسقاط فيصح، و لكن الأحوط التصالح.

(24) لعين ما مرّ من الأدلة، بل قد ورد ذكر البيطار في معتبرة السكوني كما مر، و يجري ما تقدم في تصليح المكائن و تصليح الدور و المساكن، لكون الحكم مطابقا للقاعدة، فيجري في كل ما يصير مصداقا لها.

(25) لأصالة عدم صحة الإبراء إلا بذلك، مضافا إلى الأدلة العامة الواردة في مطلق الإنشاءات، كما تقدم في كتاب البيع.

(26) لعدم ولايته على قتل نفسه حينئذ. نعم يمكن أن يقال: لو كان المرض شديدا على نحو يكون التلف متحققا بقول أهل الخبرة، فحينئذ يصح الإبراء للعلاج حتى لو انتهى إلى التلف أو القتل، و لكنه مع ذلك مشكل، لعدم وجود مثل هذه السلطة على نفسه.

(27) لأن له حق الولاية على أخذ الدية و العفو عنها مع المصلحة. و لكن

ص: 103

مسألة 10: لا فرق في الإبراء بين أن يكون قبل الشروع في العلاج أو في أثنائه أو بعده بحيث يرجع إلى الإسقاط

(مسألة 10): لا فرق في الإبراء بين أن يكون قبل الشروع في العلاج أو في أثنائه أو بعده بحيث يرجع إلى الإسقاط (28).

______________________________

لا بد من مراعاته للأهم و المهم.

(28) لشمول الدليل لجميع ذلك، فتجري أصالة براءة ذمة الطبيب حينئذ.

تنبيه ليس للإنسان السلطة على نفسه و أعضائه بحيث يقطع عضوا من أعضاء بدنه، أو يأذن لغيره في ذلك، لقاعدة الضرر.

و ما يظهر من الأدلة في مورد احتمال الضرر و خوفه على النفس أو على العضو ينتقل التكليف إلى تكاليف أخرى، كانتقال الصوم إلى الفدية مثلا، أو الطهارة المائية إلى الترابية، بل و سقوط الحج و غير ذلك مما تقدم في العبادات و المعاملات.

و قد نسب إلى المشهور من أنه لو تحمل الضرر و أتى بالمكلف به الضرري لا يصح.

هذا إذا لم تكن مصلحة أهم في البين، كالعلاج لرفع المرض أو البتر لأجل عدم سريان المرض إلى الجسم مثلا، و إلا فيجوز لمراعاة المصلحة الأهم حينئذ.

و من هنا يصح الإذن في العلاج، لأنه دفع للمفسدة، أو حسم لها، كما يصح الإبراء على ما تقدم.

و ما يظهر من صاحب الجواهر من المسلمية بأن المكلف مسلط على نفسه مجرد دعوى بلا إقامة دليل عليها، بل الدليل ما ذكرناه. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

ص: 104

مسألة 11: لو ادّعى الطبيب أخذ البراءة من المريض و أنه لا يكون ضامنا لما أتلف و أنكرها المريض يقدم قول المريض

(مسألة 11): لو ادّعى الطبيب أخذ البراءة من المريض و أنه لا يكون ضامنا لما أتلف و أنكرها المريض يقدم قول المريض (29)، و كذا لو ادّعى الطبيب البراءة مطلقا و ادّعى المريض أنها كانت على وجه خاص (30).

مسألة 12: الختّان ضامن إذا تجاوز الحدّ

(مسألة 12): الختّان ضامن إذا تجاوز الحدّ (31) و كذا إذا لم يتجاوزه و لكن علم بأن الختان يضر الطفل و مع ذلك ختنه و تلف (32)، إلا أن يأخذ البراءة من وليه (33).

مسألة 13: لو استند الإتلاف إلى النائم بانقلابه أو بسائر حركاته

(مسألة 13): لو استند الإتلاف إلى النائم بانقلابه أو بسائر حركاته فهو على أقسام:

______________________________

(29) للأصل، إلا إذا أثبت الطبيب دعواه بحجة معتبرة.

(30) للأصل، ما لم يثبت الطبيب دعواه بحجة معتبرة.

(31) للتعدي الموجب للضمان، و لمعتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «إن عليا عليه السّلام ضمن ختانا قطع حشفة غلام» (1)، مضافا إلى الإجماع، بلا فرق في ذلك بين ما إذا كان ماهرا أو غير ماهر قصّر أو لم يقصّر في القطع أو في العلاج.

(32) لأصالة الضمان على ما تقدم، و لاستناد الضرر إليه عرفا، لفرض علمه بذلك. نعم، إذا لم يعلم بذلك و لم يحصل منه التعدي و التفريط في العلاج و حصل الضرر من مجرد الختان، لا يكون ضامنا لفرض الإذن من الشارع فيه، و لا يختص ما ذكرنا بالختان، بل يجري في مثل الحجامة و الاحتقان بالابر و الفصد و قلع الأسنان و العمليات الجراحية في الجملة.

(33) لما تقدم من أنه لا ضمان مع أخذ البراءة، إلا مع التعدي و التفريط.

ص: 105


1- الوسائل: باب 24 من أبواب موجبات الضمان: 2.

الأول: أن يكون من عادة النائم القلب و الانقلاب في النوم و هو يعلم بذلك فهو له ضامن (34).

الثاني: أن لا يكون من عادته ذلك فالضمان على العاقلة (35).

الثالث: ما إذا شك في أنه من أيهما فهو ضامن (36).

مسألة 14: لو انقلبت الظئر نائمة فقتلت نفسا

(مسألة 14): لو انقلبت الظئر نائمة فقتلت نفسا فإن كانت الظؤرة لمعيشتها فالضمان على العاقلة و إلا على نفسها (37)،

______________________________

(34) لتحقق السبب منه حينئذ، و أن ضمانه في ماله لمباشرته.

(35) لعدم حصول التسبيب منه بعمده و اختياره، و أن التلف خطأ محض، و أصالة الضمان في النفس المحترمة و عدم ذهابها هدرا، فلا بد و أن يتحمله العاقلة، و إذا لم تكن له عاقلة فمن بيت مال المسلمين، لما تقدم في سابقته من عدم ذهاب جناية النفس المحترمة هدرا، إلا أن يتراضيا بما شاءا.

و مما ذكرنا يمكن الجمع بين القائل بأن الدية على العاقلة و القائل بأنها من ماله.

و دعوى: عدم ثبوت الدية فهي مخالفة لذوق الفقاهة، من عدم تجويز الفقهاء ذهاب دم المسلم هدرا، تمسكا بإطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة معاوية العجلي: «و لا يبطل دم امرئ مسلم» (1).

(36) لأصالة الضمان إلا ما خرج بالدليل، و لم يثبت دليل كذلك، و لكن الأحوط التصالح و التراضي.

(37) لمعتبرة محمد بن مسلم قال: «قال أبو جعفر عليه السّلام: أيما ظئر قوم قتلت صبيا لهم و هي نائمة فقتلته، فإن عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظائرت طلب العز و الفخر، و إن كانت إنما ظائرت من الفقر فإن الدية على

ص: 106


1- الوسائل: باب 29 من أبواب القصاص في النفس: 1.

و لا تلحق بها الأم (38)، و لو ادعيت الظئر أن الظؤرة لدفع الفقر و المعيشة لا لشأن الفخر يقبل قولها (39)، و كذا لو ادعت أن التلف لم يكن مستند إليها (40).

مسألة 15: لو أعنف الرجل بزوجته جماعا أو ضما فماتت يضمن الدية في ماله

(مسألة 15): لو أعنف الرجل بزوجته جماعا أو ضما فماتت يضمن الدية في ماله (41)،

______________________________

عاقلتها» (1)، و يمكن أن يقال: إن الظؤرة لإمرار المعيشة فالغالب تكون عن فقر و احتياج، فيكون الضمان على العاقلة بعد فرض كون التلف عن خطأ محض، بخلاف ما إذا كانت الظؤرة للعز و الفخر.

(38) للأصل، و عدم التعدي عن مورد النص، فتدخل في المسألة السابقة.

(39) لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة الحلبي: «إنما الظئر مأمونة» (2)، و أنها أعرف بنفسها من غيرها. نعم عليها اليمين لقطع النزاع، كما مر في الحدود.

(40) للأصل، و لما مر في سابقة.

(41) لأنه من القتل شبه العمد، فلا قود فيه، و إنما تثبت الدية كما مرّ، مضافا إلى معتبرة سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام: «أنه سئل عن رجل أعنف على امرأته فزعم أنها ماتت من عنفه؟ قال عليه السّلام: الدية كاملة، و لا يقتل الرجل» و لا فرق في الجماع بين القبل و الدبر لما عرفت، و في معتبرة زيد عن أبي جعفر عليه السّلام «في رجل نكح امرأة في دبرها فألح عليها حتى ماتت من ذلك، قال:

عليه الدية» (3)، كما لا فرق بين النكاح أن يكون منقطعا أو دائما، حتى لو كان الوطء بشبهة، بل لو حصل العنف بين أجنبيين من غير جماع و لم يقصد القتل و مات أحد هما كذلك، لما عرفت من أن الدية حسب القاعدة فتثبت في الجميع.

ص: 107


1- الوسائل: باب 29 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 1.
2- الوسائل: باب 29 من أبواب موجبات الضمان 2.
3- الوسائل: باب 31 من أبواب موجبات الضمان 2.

و إن كان الزوج مجنونا أو غير بالغ فالدية على العاقلة (42)، و كذا لو أعنفت الزوجة بالزوج (43).

مسألة 16: لو ادّعى الزوج عدم العنف و أن الزوجة ماتت بطبعها و ادعى ولي الدم العنف يقدم قوله

(مسألة 16): لو ادّعى الزوج عدم العنف و أن الزوجة ماتت بطبعها و ادعى ولي الدم العنف يقدم قوله (44).

مسألة 17: من حمل متاعا فأصاب به إنسانا ضمن جنايته من ماله

(مسألة 17): من حمل متاعا فأصاب به إنسانا ضمن جنايته من ماله كما يضمن لو تلف المتاع كذلك (45).

______________________________

(42) لما تقدم مكررا من أن جناية غير الكامل ديتها على العاقلة، و سيأتي تفصيل ذلك.

(43) لما مرّ من أن الدية حسب الأصل، لأنه من القتل شبه العمد و لم يقصد القتل.

و أما رواية يونس عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل أعنف على امرأته أو امرأة أعنفت على زوجها، فقتل أحد هما الآخر؟ قال: لا شي ء عليهما إذا كانا مأمونين، فإن اتّهما ألزما اليمين باللّه أنهما لم يريدا القتل» (1)، فمحمولة على نفي القود، أو مطروحة لإعراض المشهور عنها.

(44) للأصل، إلا أن يثبت ولي الدم خلافه بحجة شرعية.

و المراد من العنف: الشدة و القساوة ضد الرفق، فلو حصل الموت به كان من شبه العمد، لأنه قصد الفعل دون القتل، و أن الفعل مما لا يقتل به كما مر.

(45) أما ضمان الجناية فللأصل و الإجماع، و ما يأتي من النص.

و أما كونه من ماله فلأصالة كون الجنايات من مال الجاني مطلقا، إلا إذا دلّ دليل على الخلاف، و لا دليل كذلك في المقام، مضافا إلى قاعدة الضمان

ص: 108


1- الوسائل: باب 31 من أبواب موجبات الضمان 4.
مسألة 18: لو صاح ببالغ غير غافل فمات

(مسألة 18): لو صاح ببالغ غير غافل فمات أو سقط و مات و لم يقصد به القتل و لم يكن ذلك مما يقتل غالبا فلا دية و لا قصاص (46)،

______________________________

الاحتياطي التي أسسها علي عليه السّلام في أمثال ذلك، كما تقدم في كتاب الإجارة (1)، و لمعتبرة داود بن سرحان على ما في الكافي عن الصادق عليه السّلام: «في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه، فقال: هو ضامن» (2).

و دعوى: أن الجناية في المقام على العاقلة غير صحيحة، بعد ما تقدم من الأصل و الإجماع و النص.

و أما كون ضمان المتاع من ماله أيضا، فلما تقدم من قاعدة: «الضمان الاحتياطي» التي أسسها علي عليه السّلام، و لإطلاق ما مرّ من قوله عليه السّلام: «هو ضامن»، فالمقام نظير بعض الكفارات المجعولة في الخطأ، و ترك التحفظ في الإحرام.

و أما موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يستأجر الحمال فيكسر الذي يحمل عليه أو يهريقه، قال: إن كان مأمونا فليس عليه شي ء، و إن كان غير مأمون ضامن» (3)، فيمكن حملها على ما إذا استأمنه المالك، فيكون موافقا لقاعدة: «عدم تضمين الأمين»، مضافا إلى إعراض المشهور عن إطلاقها في مثل المقام.

ثمَّ إنه ورد في رواية داود بن سرحان في الفقيه: «فقال: هو مأمون»، و في الكافي كما تقدم: «هو ضامن»، و فيه: أن نسخة الكافي مقدمة على غيرها عند التعارض كما هو المشهور بين المحدثين و الفقهاء، و على فرض اعتبار نقل الصدوق فلتحمل كما حمل موثق أبي بصير. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

(46) للأصل بعد عدم حصول تسبيب منه، مضافا إلى ظهور الإجماع،

ص: 109


1- راجع ج: 19 صفحة: 104- 110.
2- الوسائل: باب 10 من أبواب موجبات الضمان: 1.
3- الوسائل: باب 29 من أبواب أحكام الإجارة: 11.

و إلا فإن قصد القتل يتعين القصاص (47)، و إن لم يقصد القتل و كان الفعل مما يقتل به غالبا تتعين الدية (48)، و كذا لو شهر السلاح في وجه إنسان فمات (49)، فلو صاح بغافل أو مريض أو طفل أو جبان فمات فالحكم كما تقدم (50).

______________________________

و كذا لو شك أنه مات بالصياح أو بغيره، لما مرّ من الأصل، بعد فرض أن الفعل لا يقتل به عرفا.

(47) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة.

(48) لأنه من شبه الخطأ الذي فيه الدية كما مرّ، مضافا إلى صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «أيما رجل فزع رجلا من الجدار أو نفر به عن دابته فخرّ فمات فهو ضامن لديته، و إن انكسر فهو ضامن لدية ما ينكسر منه» (1).

و ما عن الشيخ من أن الدية على العاقلة.

ففيه: مضافا إلى مخالفته للأصل، أن مورد ثبوت الدية على العاقلة غير هذا المورد، كما يأتي في محله.

(49) لجريان جميع ما تقدم في الصيحة فيه بلا فرق بين الأقسام.

(50) فتارة: يكون من العمد، فيتعين القصاص لتحقق المقتضي له، كما إذا علم أن الصيحة مما يقتل بها الطرف غالبا، و قصد به القتل.

و أخرى: من شبه العمد، و تتعين الدية كما إذا قصد الفعل دون القتل، و لم يكن الفعل مما يقتل به عرفا.

و ثالثة: لا شي ء عليه، كما إذا لم يقصد القتل، و لم يستند الموت إلى فعله كما مر.

ص: 110


1- الوسائل: باب 15 من أبواب الضمان الحديث: 2.
مسألة 19: لو أخافه أحد ففر منه فأوقع نفسه حين الفرار في بئر أو من شاهق و هلك

(مسألة 19): لو أخافه أحد ففر منه فأوقع نفسه حين الفرار في بئر أو من شاهق و هلك فإن كان الإيقاع بعمده و اختياره فلا ضمان في البين (51)، و إن كان وقوعه في البئر أو من الشاهق لدهشة عرض عليه فوقع فيها فالضمان على المخيف (52)، و لو شك أنه من أيهما فلا شي ء عليه (53)، و كذا لو التجأ إلى طريق فافترسه الأسد (54).

مسألة 20: لو أخاف شخص أحدا و حصل من الإخافة مرض يضمن المخيف

(مسألة 20): لو أخاف شخص أحدا و حصل من الإخافة مرض يضمن المخيف (55)، بلا فرق فيها بين أن يكون للتأديب أو لغيره (56)، نعم لو أخاف شخص حيوانا و حصل منها مرض على إنسان لم يقصده لا شي ء على المخيف (57).

______________________________

(51) لفرض أنه اختار ذلك بعمده فرارا عن المخيف.

(52) لأنه السبب حينئذ لقتله، فتتعين الدية إن لم يقصد القتل، و إلا فالقصاص كما مر.

(53) للأصل، بعد عدم الدليل على الضمان في مثله.

(54) لجريان جميع ما مر فيه بلا فرق. نعم لو اضطره إلى طريق يعلم المخيف أنه فيه الأسد و يفترسه، و قصد ذلك، يكون من العمد و فيه القصاص، و إلا فمن شبه العمد و يكون فيه الدية، كما مر.

(55) لقاعدة التسبيب كما تقدم.

(56) لأن الإذن في التأديب الشرعي أعم من الضمان.

(57) للأصل، بعد عدم تحقق التسبيب منه، و عدم كون الفعل مما يتخوف به غالبا، و إلا فضامن، و كذا لو أخاف زيدا و لكن حصلت الجناية على عمرو الذي لم يقصده أصلا.

ص: 111

مسألة 21: لو أخاف شخص أعمى فوقع في بئر و مات

(مسألة 21): لو أخاف شخص أعمى فوقع في بئر و مات أو حصلت له جناية ضمن المخيف (58).

مسألة 22: لو خوّف حاملا فأجهضت ضمن دية الجنين من ماله إن تلف

(مسألة 22): لو خوّف حاملا فأجهضت ضمن دية الجنين من ماله إن تلف (59)، بلا قصد الإجهاض و إلا فعليه القصاص (60).

______________________________

(58) لقاعدة التسبيب، و لأن الأعمى غالبا لا يمكن له التحرز عن المخاوف و المهالك، و كذا في كل ذي آفة لا يقدر على تحفظ نفسه.

(59) لما مر من قاعدة التسبيب، مضافا إلى النص، و الإجماع، ففي معتبرة علي بن أسباط عن الصادق عليه السّلام قال: «كانت امرأة تؤتى فبلغ ذلك عمر فبعث إليها فروّعها و أمر أن يجاء بها إليه، ففزعت المرأة فأخذها الطلق فذهبت إلى بعض الدور فولدت غلاما فاستهل الغلام ثمَّ مات، فدخل عليه من روعة المرأة و من موت الغلام ما شاء اللّه، فقال له بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين ما عليك من هذا شي ء؟ و قال بعضهم: و ما هذا؟ قال: سلوا أبا الحسن عليه السّلام، فقال لهم أبو الحسن عليه السّلام: لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم، و لئن كنتم برأيكم قلتم لقد أخطأتم، ثمَّ قال عليه السّلام: عليك دية الصبي» (1)، و أما ما في مرسلة المفيد من أن الدية على العاقلة (2)، محمولة على الخطأ المحض، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

و لو خوفها الحاكم الشرعي بحق فأجهضت لم يضمن، و تؤدى الدية من بيت المال، كما تقدم مكررا.

(60) لوجود المقتضي حينئذ- كما إذا ولجته الروح و كان تام الخلقة- و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة. و أما قوله عليه السّلام: «لا قود لمن لا يقاد منه» (3)، فقد تقدم الإشكال فيه (4).

ص: 112


1- الوسائل: باب 30 من أبواب موجبات الضمان: 1 و 2.
2- الوسائل: باب 30 من أبواب موجبات الضمان: 1 و 2.
3- الوسائل: باب 28 من أبواب القصاص في النفس: 1.
4- راجع صفحة: 28.
مسألة 23: إذا صدم أحد شخصا فمات المصدوم

(مسألة 23): إذا صدم أحد شخصا فمات المصدوم فالدية من مال الصادم إن لم يكن الفعل مما يقتل غالبا و لم يقصد القتل (61)، و إلا فالقصاص (62)، و لو مات الصادم فدمه هدر إن لم يتحقق تفريط من المصدوم (63)، و إلا فالدية على المصدوم (64)، و كذا لو جلس في طريق فعثر به إنسان و حصلت جناية على الجالس (65).

مسألة 24: إذا حصل الاصطدام من شخص آخر يكون هو ضامنا لو حصلت الجناية عليهما

(مسألة 24): إذا حصل الاصطدام من شخص آخر يكون هو ضامنا لو حصلت الجناية عليهما (66).

______________________________

(61) لأنه السبب لقتله، فتتعين الدية حينئذ كما مرّ، مضافا إلى الإجماع.

(62) لوجود المقتضي- من قصد القتل أو كون الفعل مما يقتل غالبا- و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة.

(63) للإجماع، و لعدم استناد الموت إلى أحد، و إنما استند إلى فعل نفسه، كما إذا كان المصدوم في ملك نفسه أو في طريق واسع غير مزاحم لأحد أو يمشي في شارع يجوز فيه السير بطرف واحد فقط، فصدمه شخص مخالف لقوانين السير أو للقوانين المجعولة لحفظ النفوس فمات بعد ما حصلت الجناية على المصدوم.

(64) لأنه السبب بجعل نفسه في معرضية التلف، خصوصا إذا كان له مندوحة، و ليس على الصادم شي ء، كما لو وقف في طريق ضيّق فصدمه أحد بلا قصد أو خالف القوانين الوضعية فصدمه أحد كذلك.

و هل يكون مثله لو حصل المخالفة من الخوف أو الدهشة أو لا؟ الظاهر يكون المقام من صغريات ما تقدم في مسألة 19.

(65) ظهر وجهه مما تقدم.

(66) لأنه السبب في التلف و الجناية.

فتارة: تكون عمدية، ففيها القصاص، كما إذا قصد ذلك، أو يكون الفعل

ص: 113

مسألة 25: إذا اصطدم حرّان كاملان فماتا

(مسألة 25): إذا اصطدم حرّان كاملان فماتا، فإن قصدا القتل فهو عمد (67)، و كذا لو لم يقصداه و لكن الفعل مما يقتل به غالبا و إلا فهو من شبيه العمد (68)، و يكون لورثة كل منهما نصف الدية و يسقط النصف الآخر (69)، و يستوي فيهما الراكبان و الراجلان و المختلفان (70)، و على كل منهما نصف قيمة مركوب الآخر لو تلف أو تعيب بالتصادم (71).

______________________________

مما يحصل به الاصطدام غالبا.

و أخرى: تكون غير عمدية ففيها الدية، لما مر من أنها الأصل في الجناية ما لم يعلم الخطأ المحض، فحينئذ تكون الدية على العاقلة كما يأتي.

(67) فتترتب أحكامه فيهما، أو في العامد منهما، فلو كان الاصطدام عن عمد منهما، كان لولي كل منهما القصاص، فلا محالة يقع التهاتر إن لم يكن فضل في البين.

(68) لوجود المقتضي له و فقد المانع عنه، بأن تعمد الاصطدام، و لم يقصد القتل، و لم يكن الفعل مما يقتل به غالبا.

(69) لأن كل واحد منهما تلف بفعل نفسه و بفعل غيره، فيهدر النصف مقابل فعله، و يضمن طرفه النصف الآخر، مضافا إلى الإجماع، فحينئذ فإن تساويا في الدية فلا شي ء على أحدهما للتهاتر، و إن كانا مختلفين كالرجل و المرأة يأخذ صاحب الفضل الزيادة من الطرف الآخر.

(70) لشمول الدليل السابق للجميع، كما لا فرق بين المقبلين و المدبرين و المختلفين أو الاعميين، أو غير ذلك من الحالات و الصفات.

(71) لأن التلف حصل من فعلهما معا كما مرّ، فإن لم يختلفا في القيمة فلا شي ء على أحد هما للتهاتر، و إلا رجع صاحب الزيادة إلى الطرف و أخذ الزيادة منه.

و لا فرق في جنس المركوب اتحدا أو اختلفا، تفاوتا في القوة و الضعف

ص: 114

مسألة 26: لو اتفق الاصطدام و لم يتعمدا

(مسألة 26): لو اتفق الاصطدام و لم يتعمدا بأن كان الطريق مزلقا أو كان مظلما أو كانا غافلين أو عمياوين فنصف دية كل منهما على عاقلة الآخر (72)، و كذا لو كانا غير كاملين شرعا أو كان أحد هما كاملا دون الآخر أو كان الركوب منهما أو من وليهما فيما إذا كان جائزا له شرعا (73)، و لو أركبهما أجنبي أو الولي في غير مورد الجواز (74)، فدية كل منهما تماما على الذي أركبهما (75)، و كذا قيمة دابتهما لو تلفتا (76).

______________________________

أو لم يتفاوتا، اتفقا في سرعة المشي أو اختلفا، كل ذلك لما مرّ بعد صدق التصادم.

نعم، لو كان أحد هما ضعيفا أو بطي ء الحركة على نحو لا يصدق التصادم، و إنما يقال عند أهل الخبرة إنه صدمه الآخر، فلا ضمان على المصدوم، لما مر في المسألة السابقة من أن الضمان على الصادم، لقاعدة التسبيب، و أنه المعتدي، و يجري ما ذكرناه في آلات النقل الحديثة من السيارات و السفن و الدراجات البخارية و الشاحنات، فإن ثبت عند أهل الخبرة و الفن الاعتداء من جانب واحد، يكون الضمان عليه لما مر، و إن ثبت على كل منهما، فالحكم كما مر من التنصيف، و إن ثبت أن الجناية و الاصطدام لأمر خارج عن الاختيار مثل كثرة الضباب أو المطر أو الريح و لم يحصل من أحدهما أو منهما إهمال أو تفريط، فلا ضمان لأن الجناية أو التلف لم يستند إلى واحد منهما.

(72) أما كون الدية على العاقلة، فلأن ذلك من الخطأ المحض و هي على العاقلة كما سيأتي، و أما التنصيف، فللإجماع، و لما مرّ في سابقة.

(73) فتكون الدية على العاقلة من كل منهما لما مرّ، مضافا إلى الإجماع.

(74) كما إذا كانت مفسدة في الركوب.

(75) لتحقق السبب منه حينئذ للتلف، فيكون الضمان على المسبب.

(76) لاستناد التلف إلى المسبب حينئذ.

ص: 115

مسألة 27: لو اصطدم حران فمات أحدهما و كان القتل شبيه العمد

(مسألة 27): لو اصطدم حران فمات أحدهما و كان القتل شبيه العمد (77)، يضمن الحي نصف دية التالف (78)، و إذا كانا عبدين سقطت جنايتهما (79).

مسألة 28: لو تصادمت امرأتان حاملان فاسقطتا و ماتتا سقط نصف دية كل واحدة منهما

(مسألة 28): لو تصادمت امرأتان حاملان فاسقطتا و ماتتا سقط نصف دية كل واحدة منهما (80)، و ثبت النصف الآخر (81)، و إن مات الجنين ثبت في مال كل منهما نصف دية الجنين (82)،

______________________________

(77) بأن قصد الاصطدام، و لم يقصد القتل، أو لم يكن الفعل مما يقتل به غالبا، كما مرّ.

(78) لأن التلف حصل من فعلهما، فيهدر النصف مقابل فعله، و يضمن النصف الآخر، مضافا إلى الإجماع.

و أما موثق صالح بن عقبة عن أبي موسى عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في فرسين اصطدما فمات أحد هما فضمن الباقي دية الميت» (1)، أسقطه عن الاعتبار عدم عامل به، و يمكن حمله على ما ذكرنا من ضمان النصف لا تمام الدية.

(79) لأن جناية العبد تتعلق برقبته، و فات بتلفه ما على الطرف الآخر، و الولي لا يضمن شيئا، فيكون نصيب كل منهما يذهب هدرا لاستناده إلى فعل نفسه، و النصف الآخر ينتفي بانتفاء الموضوع.

(80) لما مر في المسألة السابقة من أن الجناية حصلت من فعلهما.

(81) لأن التلف حصل بفعل كل منهما، فيهدر النصف في مقابل فعلها، و تضمن النصف الآخر كما مر.

(82) لأن الموت حصل بفعلهما فلا تذهب الجناية هدرا، فتضمن كل

ص: 116


1- الوسائل: باب 25 من أبواب موجبات الضمان: 1.

إن كان الموت شبيه العمد، و أما لو كان خطأ محض فعلى العاقلة (83)، هذا إذا علم ذكورية الجنين و انو أنوثيته و إلا فربع دية الذكر و ربع دية الأنثى (84).

مسألة 29: إذا مر من بين الرماة فأصابه سهم

(مسألة 29): إذا مر من بين الرماة فأصابه سهم فإن كان الرامي قاصدا له فهو عمد (85)، و إن لم يكن كذلك فالدية على عاقلة الرامي (86)، إن لم يكن من شبه العمد و إلا فمن ماله (87)، و أما لو حذّره الرامي- قولا أو كتبا أو فعلا- و علم المار و كان متمكنا من حفظ نفسه فلم يفعل لم يضمن أحد دمه (88)،

______________________________

واحدة منهما نصف دية الجنين للآخر، كما تضمن كل واحدة من أم الجنينين النصف الآخر من الدية، ففي الواقع تثبت دية كاملة لجنين كل واحدة منهما.

و ظهر مما ذكرنا حكم ما لو كانت أحدهما حاملا دون الأخرى، و مات الجنين بالاصطدام.

(83) لما سيأتي من أن الدية في الخطأ المحض على العاقلة.

(84) للجمع بين الاحتمالين، و الأحوط التصالح، و تجب كفارات متعددة في تركة كل واحدة منهما، كفارة لنفسها إن ماتت، و كفارة لصاحبها، و كفارة ثالثة لجنينها، و رابعة لجنين صاحبتها، لفرض الاصطدام من كل منهما. و سيأتي الكلام عن وجوب الكفارة في القاتل نفسه.

(85) فيترتب عليه حكمه من القود أو الدية، و كذا إن لم يقصده، و لكن الفعل مما يقتل به غالبا، كما هو كذلك في المقام.

(86) لأنه من الخطأ المحض، مضافا إلى الإجماع.

(87) لما تقدم مكررا من أن الدية في شبه العمد من مال الجاني.

(88) لتحقق الهدرية حينئذ، مضافا إلى رواية محمد بن الفضيل الكناني عن الصادق عليه السّلام قال: «صبيان في زمان علي عليه السّلام يلعبون بأخطار لهم فرمى أحدهم بخطره فدق رباعية صاحبه، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، فأقام

ص: 117

و لو اصطحب المار صبيا غير مميز من طريق السهم فأصابه فالضمان على من مرّ به (89).

مسألة 30: لو دخل دار غيره بغير إذنه و أصابه جناية فهو على أقسام

(مسألة 30): لو دخل دار غيره بغير إذنه و أصابه جناية فهو على أقسام:

الأول: أن يكون عالما به و مع ذلك دخل فحصلت جناية فلا شي ء على أحد (90).

______________________________

الرامي البينة بأنه قال: حذار، فدرأ عنه القصاص، ثمَّ قال: قد أعذر من حذّر» (1)، و لا بد من حملها على إقامة وليهما البينة، كما أنه لا بد من حمل القصاص الوارد فيها على مطلق الضمان.

و كذا لم يضمن إن لم يحذره، و لكنه دخل ملك الرامي بغير إذنه عالما عامدا، فإنّه أهدر دمه بنفسه و اختياره.

(89) لأنه المباشر حينئذ لتلف الصبي، نعم لو قصده الرامي و علم بذلك المصطحب كان من الاشتراك في القتل، و قد مر حكمه في كتاب القصاص.

و أما لو كان جاهلا بذلك فأصاب الصبي السهم تكون الدية على عاقلة المصطحب، لأنه من الخطأ المحض، و هو السبب للتلف و إن كان عن جهل.

(90) لفرض أنه بعمده و اختياره أقدم على الجناية فيكون دمه هدر، و في رواية الجرجاني عن الصادق عليه السّلام: «اعلم من دخل دار غيره فقد أهدر دمه» (2)، كما مر في المسألة السابقة نظيره.

و دعوى: أن دخوله بلا إذن يستلزم الإثم، و لا ينافي ذلك الضمان على الجاني.

ص: 118


1- الوسائل: باب 26 من أبواب القصاص في النفس: 1.
2- الوسائل: باب 27 من أبواب القصاص في النفس: 2.

الثاني: أن لا يعلم بذلك فدخل و أصابته الجناية مع علم من الجاني فهو عمد منه (91).

الثالث: أن يكون الدخول جهلا و أصابته الجناية الخطأ فالدية على العاقلة (92).

الرابع: أن يكون الدخول عمدا و لكن كانت الجناية من شبيه العمد فلا شي ء على أحد (93).

الخامس: دخل الدار مضطرا و حصلت الجناية فهي إما عمدية أو شبه العمد أو خطأ محض على ما مرّ (94).

مسألة 31: لو وقع من علو على غيره فقتله

(مسألة 31): لو وقع من علو على غيره فقتله.

فتارة: يقصد القتل- أو كان الوقوع مما يقتل به غالبا- فهو عمد و عليه القود (95).

______________________________

غير صحيحة: بعد تحقق السببية منه للقتل أو الجناية، لفرض العلم و العمد في الدخول.

(91) لتحقق المقتضي للعمد و فقد المانع عنه، فيترتب عليه حكمه. نعم لو حذّر صاحب الدار من الدخول و قصر الطرف في العلم به و دخل و حصلت الجناية، يخرج حينئذ عن العمد، بل يمكن أن يقال إنه لا ضمان عليه أيضا، لما مر في مسألة الرمي.

(92) لأنه من الخطأ المحض، فيترتب عليه حكمه.

(93) لفرض علمه بذلك، فقد حصل السبب باختياره، و كأنه أهدر دمه.

(94) فيترتب على كل منهما حكمه، بعد فرض عدم تحقق سبب من الذي دخل لفرض اضطراره.

(95) لتحقق المقتضي و فقد المانع عنه.

ص: 119

و أخرى: يكون الوقوع مقصودا لغير القتل فتثبت الدية (96).

و ثالثة: يكون الوقوع مقصودا و لكنه مضطرا فالدية على العاقلة (97).

و رابعة: لا قصد في الوقوع أصلا كمن زلق و وقع على الغير و حصلت الجناية فلا ضمان أصلا (98).

مسألة 32: لو دفعه دافع فوقع على الغير و حصلت جناية فالضمان على الدافع

(مسألة 32): لو دفعه دافع فوقع على الغير و حصلت جناية فالضمان على الدافع (99).

______________________________

(96) لأنه شبيه العمد، فتثبت الدية في ماله.

(97) لفرض عدم اختياره، و عدم تمكنه من غير ذلك، فتكون الدية على العاقلة قهرا.

(98) لفرض عدم تحقق القصد لا إلى القتل و لا إلى فعل اختياري آخر يحصل منه ذلك، مضافا إلى النص و الإجماع.

ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل يسقط على الرجل فيقتله، فقال: لا شي ء عليه» (1)، و في معتبرة عبيد بن زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وقع على رجل فقتله؟ فقال: ليس عليه شي ء» (2)، و في معتبرته الثانية قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل وقع على رجل من فوق البيت فمات أحدهما؟ قال: ليس على الأعلى شي ء و لا على الأسفل شي ء» (3)، و غيرها من الروايات.

(99) لتقديم السبب على المباشر، و أن الفعل منسوب إليه عرفا، فالضمان يكون عليه، مضافا إلى الإجماع، بلا فرق في ثبوت الجناية على المدفوع فقط أو على الغير كذلك أو على كليهما.

ص: 120


1- الوسائل: باب 20 من أبواب قصاص النفس: 2 و 1 و 3.
2- الوسائل: باب 20 من أبواب قصاص النفس: 2 و 1 و 3.
3- الوسائل: باب 20 من أبواب قصاص النفس: 2 و 1 و 3.
مسألة 33: لو ركبت جارية جارية أخرى فنخستها ثالثة فقمصت الجارية المركوبة فصرعت الراكبة فحصلت جناية

(مسألة 33): لو ركبت جارية جارية أخرى فنخستها ثالثة فقمصت الجارية المركوبة فصرعت الراكبة فحصلت جناية فالدية على الناخسة و لا شي ء على المنخوسة (100).

______________________________

و أما معتبرة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في رجل دفع رجلا على رجل فقتله، قال: الدية على الذي دفع على الرجل فقتله لأولياء المقتول، قال:

و يرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه، قال: و إن أصاب المدفوع شي ء فهو على الدافع أيضا» (1)، فإن أمكن حملها على ما ذكرنا، و إلا فلا بد من رد علمها إلى أهلها.

(100) لتحقق السببية من الناخسة فيكون الضمان عليها.

فيدخل. تارة: في القتل العمدي.

و أخرى: في شبه العمد.

و أما رواية أبي جميلة: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في جارية ركبت أخرى فنخستها ثالثة فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت، فقضى بديتها نصفين بين الناخسة و المنخوسة» (2)، فأسقطتها عن الاعتبار ضعف سندها، و عدم الجابر لها.

و أما ما عن المفيد في الإرشاد: «أن عليا عليه السّلام رفع إليه باليمن خبر جارية حملت جارية على عاتقها عبثا و لعبا فجاءت جارية أخرى فقرصت الحاملة فقفزت لقرصها فوقعت الراكبة فاندقت عنقها فهلكت، فقضى علي عليه السّلام على القارصة بثلث الدية، و على القامصة بثلثها، و أسقط الثلث الباقي لركوب الواقصة عبثا القامصة، فبلغ النبي صلّى اللّه عليه و آله فأمضاه» (3)، يمكن حمله على الجهات الخارجية التي يراها الحاكم الشرعي، إذ قد يختلف الحكم باختلاف تلك الجهات، و إلا

ص: 121


1- الوسائل: باب 21 من أبواب قصاص النفس: 1.
2- الوسائل: باب 7 من أبواب موجبات الضمان: 1 و 2.
3- الوسائل: باب 7 من أبواب موجبات الضمان: 1 و 2.
مسألة 34: من قتل في زحام يوم الجمعة فديته من بيت مال المسلمين

(مسألة 34): من قتل في زحام يوم الجمعة فديته من بيت مال المسلمين (101).

______________________________

فحكم أصل المسألة ما تقدم.

(101) نصا، و إجماعا، ففي صحيح عبد اللّه بن بكير عن الصادق عليه السّلام:

«قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل زحمه الناس يوم الجمعة في زحام الناس فمات، أن ديته من بيت مال المسلمين» (1)، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «ازدحم الناس يوم الجمعة في إمرة علي عليه السّلام بالكوفة فقتلوا رجلا فودي ديته إلى أهله من بيت مال المسلمين» (2).

و يلحق بالجمعة كل زحام يكون مشعرا من مشاعر الدين، كزحام الإفاضة من عرفات و المزدلفة و زحام صلاة عيد الفطر و غيرها.

و هل يلحق كل زحام و لو لم يكن من مشاعر الدين؟ فيه تفصيل، فإن كان الزحام في محل عام و من منافع عامة الناس، كالزحام لإطفاء الحريق أو كالزحام في العبور من جسر عام أو رصيف كذلك، فالظاهر الإلحاق للإذن فيه شرعا، و القطع بوحدة المناط، مضافا إلى رواية مسمع عن الصادق عليه السّلام: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من مات في زحام الناس يوم الجمعة، و يوم عرفة، أو على جسر لا يعلمون من قتله، فديته من بيت المال» (3)، و إن لم يكن كذلك كالزحام في الأغراض الدنيوية، سواء كان الزحام من المسلمين أم من غيرهم، ففي الإلحاق إشكال بل منع، فتكون الدية على مسببه. و اللّه العالم.

ثمَّ إنه يعتبر أن يكون مستند القتل الزحام، فلو كان مسببا من غيره لم تشمله الروايات و إن قتل فيه، كما يعتبر عدم لوث في البين، كما تقدم في

ص: 122


1- الوسائل: باب 6 من أبواب دعوى القتل: 1.
2- الوسائل: باب 6 من أبواب دعوى القتل: 2.
3- الوسائل: باب 6 من أبواب دعوى القتل الحديث: 5.
مسألة 35: من دعا غيره فأخرجه من منزله فهو له ضامن حتى يرجع إليه

(مسألة 35): من دعا غيره فأخرجه من منزله فهو له ضامن حتى يرجع إليه فإن فقد و لم يعلم حاله فهو ضامن لديته (102)،

______________________________

(مسألة 25 من فصل ما يثبت به القتل) فراجع هناك (1).

(102) نصا، و إجماعا، ففي معتبرة عمرو بن أبي المقدام: «أن رجلا قال لأبي جعفر المنصور و هو يطوف: يا أمير المؤمنين، إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يرجع إليّ، و و اللّه ما أدري ما صنعا به؟ فقال لهما: ما صنعتما به؟ فقالا: يا أمير كلّمناه ثمَّ رجع إلى منزله فقال لهما: وافياني غدا صلاة العصر في هذا المكان، فوافياه من الغد، فقال لجعفر بن محمد عليهما السّلام و هو قابض على يديه: يا جعفر اقض بينهم، فقال: يا أمير اقض بينهم أنت، فقال: بحقي عليك إلا قضيت، فخرج جعفر فطرح له مصلى من قصب فجلس عليه ثمَّ جاء الخصماء فجلسوا قدامه- إلى أن قال- فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا غلام اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو ضامن إلا أن يقيم البينة أنه قد ردّه إلى منزله، يا غلام نحّ هذا (الواحد منهما) و اضرب عنقه للآخر، فقال: يا ابن رسول اللّه و اللّه ما أنا قتلته و لكني أمسكته ثمَّ جاء هذا فوجأه فقتله، فقال: أنا ابن رسول اللّه، يا غلام نح هذا فاضرب عنقه للآخر، فقال: يا ابن رسول اللّه، و اللّه ما عذبته و لكني قتلته بضربة واحدة، فأمر أخاه فضرب عنقه، ثمَّ أمر بالآخر فضرب جنبيه و حبسه في السجن، و وقع على رأسه يحبس عمره و يضرب في كل سنة خمسين جلدة» (2)، و في رواية عبد اللّه بن ميمون قال: «إذا دعا الرجل أخاه بليل فهو له ضامن حتى يرجع إلى بيته» (3)، فكما أن قاعدة اليد تقتضي الضمان في الأموال، ففي الاستيلاء على الحر تقتضي الضمان أيضا، و يشهد لذلك العرف و الاعتبار أيضا،

ص: 123


1- تقدم في ج: 28 صفحة: 258.
2- الوسائل: باب 18 من أبواب قصاص النفس: 1.
3- الوسائل: باب 18 من أبواب قصاص النفس: 2.

.....

______________________________

و لم تثبت قاعدة عدم ضمان الحر بنحو الإطلاق حتى تشمل المقام. نعم تصح في الجملة.

و لا يختص الحكم بالليل فيشمل الاختطافات الحاصلة في هذه الأزمنة التي تكون غالبا في النهار، و ما ورد من ذكر الليل في الحديث و الكلمات إنما هو من باب الغالب في تلك الأزمنة، كما لا فرق بين الصغير و الكبير و الرجل و المرأة و الرحم و غيره، اخرج من بيته أو من بيت الغير أو من محله، كان بالتماس منه أو بالتخويف و الغصبية أو بالاستيجار أو غير ذلك، إلا إذا لم يدخل تحت عنوان الإخراج عرفا.

و كذا لا فرق بين أن يكون المخرج أمينا أم لا، كل ذلك لما مر.

و قد ظهر مما تقدم أنه لا فرق بين القتل أو الجناية دونه، فلو أخرجه من منزله ثمَّ عثر عليه و هو مقطوع اليد مثلا، يكون الضمان على المخرج حتى يقيم البينة بأنه رده سالما. أو تثبت الجناية على غيره بحجة شرعية، لإطلاق ما تقدم من قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله.

ثمَّ إنه يستفاد من معتبرة عمرو بن أبي المقدام أمور:

الأول: يجوز للحاكم الشرعي إعمال الوسائل الصحيحة، أو الحيل الشرعية، لتمييز المحق عن المبطل، و كانت هذه عادة القضاة المهرة في الأزمنة القديمة، كما يستفاد ذلك من جملة كثيرة من قضايا أمير المؤمنين عليه السّلام.

الثاني: يستفاد منها أن الاستيلاء على النفس المحترمة- كوضع اليد على المال المحترم- من موجبات الضمان، فقاعدة اليد المعروفة في الفقه غير مختصة بالأموال المحترمة، بل تجري في النفوس المحترمة بالاستيلاء عليها، لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن، إلا أن يقيم البينة أنه قد ردّه إلى منزله»، و قريب منه ما عن الصادق عليه السّلام، فيستفاد منهما أن الاستيلاء على النفس سواء كان بالليل أم بالنهار من موجبات الضمان كما مر، و لذا حكموا بالضمان في موارد أخرى، فيمكن أن يستفاد منهما قاعدة: «ضمان

ص: 124

.....

______________________________

الحر إلا ما خرج بالدليل».

و ما عن الشهيد (قدس اللّه سره) في حواشيه: أن الحر لا يضمن بإثبات اليد عليه، و لا أثر لليد في غير المال، ثمَّ استثنى مما ذكره موارد منها المقام، و منها الظئر إن لم تكن مأمونة كما سيأتي، و منها تلف الصبي المغصوب.

يمكن الخدشة فيه: بأن في النفس المحترمة- أو العمل أو المال كذلك- لو تحقق الاستيلاء على كل واحد منها يوجب الضمان مطلقا، إلا ما خرج بالدليل، و اختلاف المستولي عليه لا يوجب نفي أصل الضمان، ففي مرتبة يضمن الدية، و في مرتبة أخرى يضمن الأرش، و في ثالثة يضمن الحكومة الشرعية، و قد يوجب القصاص.

فيستفاد من جميع ذلك أن أصل الضمان بمعنى الأعم مسلّم بلا إشكال.

نعم لو لم يكن نقص و تلف في البين كما إذا وضع يده على حر ثمَّ رفع اليد عنه بلا نقيصة و حزازة فيه، فلا يعقل فيه الضمان، و لعل أنظارهم الشريفة إلى هذه الصورة، لا ما إذا أوجب التلف أو النقيصة.

و أما ما نسب إلى العلامة و غيره (رحمة اللّه عليهم) من أن عمل الحر لا يضمن بالفوات، بل بالاستيفاء و التفويت، فهو أول الكلام أيضا، و لعل مرادهم نفي الضمان المالي في الجملة، مع أن كلمات العلامة قدس سرّه مختلفة في كتبه.

و دعوى: أن ذلك قبل الاستيفاء لا يعد مالا عرفا في الخارج، إذ المال في العرف ما كان له نحو خارجية و وجود خارجي، فلا ريب في عدمهما بالنسبة إلى منافع الحر قبل الاستيفاء.

مردودة: لأن المال إنما سمي مالا لميل النفس إليه، و كل ما فيه غرض عقلائي و لم يكن منهيا عنه شرعا فهو مال يجوز لصاحبه طلب عوضه، إلا إذا عدّ من السفاهة العرفية، فمنافع الحر تكون من المال، كما تقدم في كتاب الإجارة بعض الكلام فراجع هناك، و لا مبرر للإعادة مرة أخرى. و اللّه العالم بحقيقة الحال.

ص: 125

و لو كان الداعون جماعة ضمّن الولي كل واحد باستقلاله (103)، و إن وجد مقتولا و ادّعى على غيره و أقام بينة فقد برئ (104)، و إن لم تقم البينة فعليه الدية و لا قود (105)، و إن وجد ميتا فإن أحرز بالقرائن إن موته مستند إلى الإخراج فهو ضامن من ماله (106)، و إن علم من القرائن أن موته كان حتف انفه بلا سببية للإخراج فيه فلا ضمان في البين (107)،

______________________________

نعم يختلف ذلك باختلاف الموارد و الأشخاص.

الثالث: يستفاد منها أن الضمان من مال المخرج لا على العاقلة، و لا قود إلا إذا ثبت أن المخرج هو القاتل بالحجة الشرعية، كما ثبت كذلك عند الإمام عليه السّلام فأقاده.

(103) لتحقق المقتضي للضمان و فقد المانع بالنسبة إلى الجميع، فللولي الرجوع إلى كل واحد مستقلا، و يسقط عن الباقي لو أدى أحدهم الدية، و يضمن كل واحد من الشركاء حصته إلى من أدّى الدية لو كان جميعهم مشتركين في الجناية، و لا معنى لثبوت تعدد الديات بالنسبة إلى شخص واحد، فلا محال تكون الدية بنحو الواجب الكفائي. نعم يمكن تصور تعدد الحكومة في ما لو تعددت الجنايات من أشخاص مختلفة.

(104) لقيام البينة الشرعية على أنه قتله غيره، مضافا إلى الإجماع.

(105) أما الدية فلتحقق سببية الخروج بدعوته، فيثبت الضمان في الجملة، و أما عدم القود فللأصل بعد عدم تحقق الموجب له للقتل عمدا. و للاحتياط في هدرية الدماء ما لم يثبت الحق.

(106) للإطلاق، و تحقق السببية بعد الاطمئنان بأن الإخراج سبب للموت، و لا شي ء على العاقلة للأصل.

(107) للأصل، بعد عدم تحقق السببية في البين.

ص: 126

و إن شك في ذلك فللضمان وجه (108).

مسألة 36: لو غصب شخص صبيا فتلف الصبي عنده فالغاصب ضامن

(مسألة 36): لو غصب شخص صبيا فتلف الصبي عنده فالغاصب ضامن (109).

مسألة 37: لو سلّم شخص آخرا إلى ظالم فقتله

(مسألة 37): لو سلّم شخص آخرا إلى ظالم فقتله فإن كان يعلم بذلك يكون من الاشتراك في القتل العمدي (110)، و إلا فحكمه موكول إلى الحاكم الشرعي (111).

مسألة 38: لو دخل شخص في دار الغير لعمل غير مشروع

(مسألة 38): لو دخل شخص في دار الغير لعمل غير مشروع كالزنا أو اللواط أو غيرهما- فقتله صاحب الدار لم يضمن (112)،

______________________________

(108) بناء على أن الإخراج من حيث هو سبب للضمان حتى يرده، لإطلاق ما تقدم من قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «من طرق رجلا بالليل فأخرجه عن منزله فهو له ضامن إلا أن يقيم البينة أنه قد ردّه إلى منزله»(1)، فيكون مثل وضع اليد على مال الغير في أنه موجب للضمان بمجرده، كما اخترناه. و اللّه العالم.

(109) لفرض استيلاء الغاصب عليه بغير حق، و لا فرق في التلف بين أن يكون بسبب من الغاصب أو بغير ذلك. نعم لو كان الصبي في نفسه مشرفا على الهلاك ثمَّ غصبه و مات في يده، فيشكل الضمان حينئذ.

(110) لأنه السبب فيأبد في السجن، كما مر في كتاب القصاص، و الظالم هو المباشر فيقاد منه.

(111) فقد يقتضي نظره الحبس المؤبد، و قد يقتضي نظره التعزير، كما قد يقتضي في بعض الموارد القتل، فذلك موكول إلى ملاحظة الحاكم الجامع للشرائط لخصوصيات القضية.

(112) لأنه بفعله ذلك أهدر دمه، مضافا إلى النصوص، و الإجماع، ففي

ص: 127


1- الوسائل: باب 18 من أبواب قصاص النفس: 1.

و لو حصلت جناية من دخوله ضمنها الداخل (113)، و لو أدخلت المرأة أجنبيا في دار زوجها و قتل الزوج الأجنبي فإن أدخلته باختياره و رضاه و علم بالحال يكون دمه هدرا (114)، و إن أدخلته المرأة جاهلا بالحال أو مكرهة له فالضمان عليها (115).

______________________________

رواية ابن طلحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها، فتحرك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه، فلما فرغ حمل الثياب و ذهب ليخرج حملت عليه بالفأس فقتلته، فجاء اهله يطلبون بدمه من الغد؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اقض على هذا كما وصفت لك، فقال: يضمن مواليه الذين طلبوا بدمه دية الغلام، و يضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم بمكابرتها على فرجها إنه زان و هو في ماله عزيمة، و ليس عليها في قتلها إياه شي ء، لأنه سارق، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كابر امرأة ليفجر بها فقتلته فلا دية له و لا قود» (1)، و لا بد من حملها على بعض المحامل، لمخالفتها لبعض القواعد و الأصول، مثل أن القتل العمدي لا تضمنه العاقلة، و حكم السارق القطع لا القتل إلى غير ذلك، و في رواية أخرى عن أبي الحسن الأول عليه السّلام: «في رجل دخل دار آخر للتلصص أو الفجور فقتله صاحب الدار، أ يقتل به أم لا؟ فقال: اعلم أن من دخل دار غيره فقد أهدر دمه و لا يجب عليه شي ء» (2)، و غير هما من الروايات.

(113) لتحقق المقتضي للضمان و فقد المانع.

(114) لما تقدم في مسألة 30 من أنه أهدر دم نفسه باختياره.

(115) لأنها السبب في الجناية، و على ذلك يحمل ما عن الصادق عليه السّلام:

ص: 128


1- الوسائل: باب 23 من أبواب القصاص في النفس: 2.
2- الوسائل: باب 27 من أبواب القصاص في النفس: 2.
مسألة 39: لو دفعت الظئر الولد إلى امرأة أخرى من دون إذن وليه و حصلت جناية على الولد ضمنها الظئر

(مسألة 39): لو دفعت الظئر الولد إلى امرأة أخرى من دون إذن وليه و حصلت جناية على الولد ضمنها الظئر (116)، و لو ادعت الإذن و أنكره ولي الصبي قدم قول الولي (117).

مسألة 40: لو أعادت الظئر الولد فأنكره أهله صدقت

(مسألة 40): لو أعادت الظئر الولد فأنكره أهله صدقت (118)،

______________________________

«قلت له رجل تزوج امرأة، فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة، فلما دخل الرجل يباضع أهله، ثار الصديق فاقتتلا في البيت، فقتل الزوج الصديق، و قامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق، فقال عليه السّلام: تضمن دية الصديق و تقتل بالزوج» (1)، أي تقاد المرأة كما تؤخذ منها الدية للرجل الأجنبي المقتول، لأنها السبب في قتله، و لا شي ء على المباشر لأنه أدخل دار غيره بغير إذنه. نعم لو دخل الرجل باختياره و أن المرأة هيأت له الطريق و المكان كان دمه هدرا.

(116) لتحقق التفريط حينئذ منها، و خروجها عن الأمانة، فيكون الضمان من مالها و تدلّ على ما ذكرنا معتبرة سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل استأجر ظئرا فدفع إليها ولده، فانطلقت الظئر فدفعت ولده إلى ظئر أخرى، فغابت به حينا، ثمَّ إن الرجل طلب ولده من الظئر التي أعطاها ابنه فأقرت أنها استأجرت و أقرب بقبضها ولده، و أنها كانت دفعته إلى ظئر أخرى، فقال عليه السّلام: عليها الدية أو تأتي به» (2)، و قريب منها غيرها، و لا فرق في الجناية بين القتل أو غيره من الجنايات على الطرف لما تقدم.

(117) للأصل، ما لم تقم البينة على دعواها.

(118) نصا، و إجماعا، ففي صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل استأجر ظئرا فدفع إليها ولده فغابت بالولد سنين ثمَّ جاءت بالولد

ص: 129


1- الوسائل: باب 23 من أبواب القصاص في النفس: 3.
2- الوسائل: باب 80 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2.

إن لم يثبت كذبها و إلا فلا يقبل قولها و تلزمها الدية إن لم تحضره بعينه (119)، و لو لم يعلم كذبها كان القول قولها مع اليمين (120)، و لو ادّعت تلف الولد صدقت مع اليمين (121)، و حينئذ فلا قصاص و لا دية (122).

______________________________

و زعمت أمه أنها لا تعرفه و زعم أهلها أنهم لا يعرفونه؟ فقال عليه السّلام: ليس لهم ذلك فليقبلوه إنما الظئر مأمونة» (1).

(119) لتحقق الضمان بالاستيلاء على الولد ما لم ترده بعينه، و إلا فالدية من مالها، مضافا إلى الإجماع.

(120) لأنها أمينة و «ليس على الأمين إلا اليمين».

(121) أما التصديق فلفرض أنها أمينة ما لم تثبت خلافها بالحجة الشرعية، و أما اليمين فلفضل الخصومة كما مر مكررا.

و دعوى: أن عليها الدية لأن الأمانة ترفع القود، و لا تنافي ما تقدم من أصالة الضمان على النفس إلا ما خرج بالدليل.

غير صحيحة، لأن الأمانة بإطلاقها تنفي كل ضمان، قصاصا كان أو غيره، إلا إذا دلّ دليل على الخلاف، و لا دليل كذلك.

(122) لعدم تحقق موجبهما بعد فرض أنها مأمونة، نعم لو ثبت موجب كل واحد منهما بالحجة الشرعية يترتب عليه أثره.

ص: 130


1- الوسائل: باب 29 من أبواب موجبات الضمان: 2.

الأسباب و هي الثاني من موجبات الضمان

اشارة

الأسباب و هي الثاني من موجبات الضمان و السبب في المقام هو السبب المتداول بأن لولاه لما حصلت الجناية (123).

مسألة 1: لو وضع حجرا في ملكه- أو ملك مباح- لم يضمن دية العاثر

(مسألة 1): لو وضع حجرا في ملكه- أو ملك مباح- لم يضمن دية العاثر (124)، و كذا لو حفر بئرا أو أوتد وتدا أو القى معاثر و نحو ذلك (125)،

______________________________

(123) لظهور الأدلة في ذلك إلا إذا ورد تحديد من الشرع و هو مفقود، فكل ما تحقق لدى العرف صدق السببية يترتب عليه الحكم، و لو لم تكن من العلة التامة المنحصرة العقلية، كما إذا حفر بئرا فوقع فيه غيره، و كذا لو نصب السكين أو القى حجرا، أو طرح المعاثر في الطرق و هكذا.

(124) لسلطنته على التصرف في ملكه بما شاء و أراد، و لم يقصد بذلك الجناية على الغير، و لم يتحقق منه عنوان العمد و شبه العمد و لا الخطأ، مضافا إلى ما يأتي من النص و الإجماع. نعم قد يتصور عنوان العمد للجناية و الخطأ و شبه العمد، فيلحق بكل واحد حكمه كما مر.

(125) لما تقدم، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «البئر جبار و جرح العجماء جبار و المعدن جبار» (1)، و المراد من الجبار الهدر، و العجماء الدابة.

ص: 131


1- الوسائل: باب 32 من أبواب موجبات الضمان: 2.

و لو فعل ذلك في طريق المسلمين أو في ملك غيره بلا إذن منه فعليه الضمان في ماله (126). و إذا حفر في ملك غيره فرضي به المالك فلا ضمان على الحافر (127)، و لو فعل ذلك لمصلحة العابرين شرعا فلا ضمان (128).

______________________________

(126) نصا، و إجماعا، و لتحقق التسبيب بذلك من غير الإذن الشرعي، فيتحقق الضمان لا محالة. ففي صحيح أبي الصباح الكناني قال الصادق عليه السّلام:

«من أضر بشي ء من طريق المسلمين فهو له ضامن» (1)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن الشي ء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره؟ فقال: كل شي ء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه» (2)، و في صحيح زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: رجل حفر بئرا في غير ملكه فمر عليها رجل فوقع فيها، فقال: عليه الضمان، لأن كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان» (3)، و في معتبرة سماعة قال: «سألته عن الرجل يحفر البئر في داره أو في أرضه؟ فقال: أما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان، و أما ما حفر في الطريق، أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه» (4)، هذا إن لم يكن العابر عالما بالحفر أو غيره، و أما إذا كان عالما بذلك و لم يكن تغرير من الحافر أو غيره في البين فلا ضمان على أحد، لأنه أقدم على هدرية دمه باختياره.

(127) للأصل، بعد وقوع التصرف بوجه شرعي من دون تسبب إلى جناية الغير، و عدم قصده لذلك.

(128) للإذن الشرعي في ذلك بعد أن لم يكن مضرا لطريق المسلمين، كما إذا جعل أعمدة الضياء لإنارة الطريق فصدم بها شخص، أو جعل مضلة للوقاية

ص: 132


1- الوسائل: باب 8 من أبواب موجبات الضمان: 2 و 1 و 3.
2- الوسائل: باب 9 من أبواب موجبات الضمان: 1.
3- الوسائل: باب 8 من أبواب موجبات الضمان: 2 و 1 و 3.
4- الوسائل: باب 8 من أبواب موجبات الضمان: 2 و 1 و 3.
مسألة 2: لو حفر حفيرة في ملكه- أو في مكان مباح- ثمَّ دعا من لم يطّلع عليها فوقع فيها ضمنه

(مسألة 2): لو حفر حفيرة في ملكه- أو في مكان مباح- ثمَّ دعا من لم يطّلع عليها فوقع فيها ضمنه (129)، و لو دخل في ملكه بلا إذنه أو بإذنه السابق قبل حفرها و لم يطلع الآذن فلا ضمان (130).

مسألة 3: إذا تصرف في ملك غيره- بحفر أو بناء أو غيرهما عدوانا

(مسألة 3): إذا تصرف في ملك غيره- بحفر أو بناء أو غيرهما- عدوانا فدخل فيه ثالث عدوانا (131)، و حصلت الجناية ضمن المتصرف (132).

مسألة 4: لو أوقف دابته أو سيارته في طريق المسلمين و لم يكن في إيقافها مصلحة

(مسألة 4): لو أوقف دابته أو سيارته في طريق المسلمين و لم يكن في إيقافها مصلحة (133)، كان من الإضرار بطريق المسلمين (134).

______________________________

من الحر و البرد أو المطر أو غير هما مما فيه مصلحة نوعية شرعية و حصل الضرر اتفاقا.

(129) لتحقق التسبيب بالدعوة، بلا فرق بين أن يكون المجني عليه أعمى، أو كان الطريق مظلما، أو لم يكن كذلك. مع عدم التوجه إليه، ففي جميع ذلك يثبت الضمان لما عرفت.

(130) لعدم تسبيب منه، لأن الإذن السابق لم يكن سببا لأي جناية، لفرض حدوث الحفيرة بعد الإذن، و عدم اطلاع الآذن بالدخول، و عدم تحقق تفريط منه.

(131) بدون إذن المالك، و لا عبرة بإذن المتصرف، لكون تصرفه عدوانا.

(132) لتحقق السبب منه حينئذ.

(133) مثل ركوب المسافر أو نزوله منها، لصدق المصلحة في الإيقاف.

(134) و يختلف ذلك باختلاف الشوارع و الطرق و غير هما سعة و ضيقا، فإذا صدق الإضرار عرفا فلولي الأمر منعه، و يضمن التلف، و في صورة الشك يرجع فيه إلى الثقات من أهل الخبرة، فيختلف الحكم باختلاف أنظارهم في تشخيص الموضوعات.

ص: 133

مسألة 5: لو جاء السيل بحجر و حصل منه ضرر فلا ضمان على أحد

(مسألة 5): لو جاء السيل بحجر و حصل منه ضرر فلا ضمان على أحد (135)، و إن تمكن من إزالته (136)، و لو رفع الحجر و وضعه في محل آخر و حصل منه ضرر على الغير ضمن (137)، و لو كان ذلك لمصلحة المسلمين فلا ضمان (138).

مسألة 6: تقدم في كتاب الغصب أن من أخرج ميزابا على الطريق بنحو يضر به المارة فهو ضامن

(مسألة 6): تقدم في كتاب الغصب أن من أخرج ميزابا على الطريق بنحو يضر به المارة فهو ضامن (139)، إن لم يكن متعارفا و إلا فلا ضمان (140).

______________________________

(135) لعدم تسبب من فاعل مختار، و كذا الكلام لو حصل الضرر من الرياح الشديدة أو الأمطار الغزيرة.

(136) لعدم وجوب دفع الضرر عن الغير بعد توجهه إليه.

(137) لتحقق التسبب منه حينئذ.

(138) لأنه من المحسنين حينئذ و ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (1).

(139) لتحقق التسبيب منه إلى ذلك، فالضمان ثابت إن حصل منه تلف أو تفويت، و تحمل على ذلك معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اخرج ميزابا أو كنيفا أو أوتد وتدا أو أوثق دابة أو حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن» (2).

(140) لجريان العرف غير المنهي عنه شرعا على ذلك، فلا تسبب حينئذ في البين، و كذا الكلام في إخراج الأجنحة و الشبابيك إلى الشارع، نعم لو لم يأذن الشارع- كما إذا كان الشباك أو الجناح أو الأساس يضر بطريق المسلمين بشهادة الثقات من أهل الخبرة- فالضمان ثابت، و لو حصلت جناية بسببه يكون ضامنا.

ص: 134


1- سورة التوبة الآية: 91.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب موجبات الضمان: 1.
مسألة 7: لو اصطدمت مركبتان

(مسألة 7): لو اصطدمت مركبتان سواء كانتا كالسيارة أم السفينة أم الطائرة و نحوها- فمع تعمد القيّم بذلك فهو عمد (141)، و إلا فهو من شبه العمد أو الخطأ و من الأسباب الموجبة للضمان (142)، و لكل منهما على صاحبه نصف قيمة ما أتلفه صاحبه (143)، و لو كان القيّمان غير مالكين للمركبتين- كالغاصب و الأجير و نحو هما- ضمن كل منهما نصفي المركبتين و ما فيهما (144)، من أموالهما (145)،

______________________________

(141) يجري عليه أحكامه من القود أو الدية و الضمان كما مر.

(142) أما الخطأ مثل ما إذا زعما أن أمام كل منهما جبل أو موج، ثمَّ بان أنه كانت سيارة أو سفينة، و أما شبه العمد مثل ما إذا لم يقصد القتل، و لم يكن غلبة التصادم موجبة له، و أما الأسباب الموجبة للضمان أو الدية، كما إذا حصل التلف بفعل كل منهما بحيث لو لا كل منهما لم يحصل التلف كما تقدم.

(143) لما تقدم سابقا من أن الجناية أو التلف مستند إلى فعلهما معا، فيضمن كل منهما نصف الآخر، فحينئذ فإن تساوت القيمتان فلا شي ء عليهما، و إلا أخذ صاحب الزيادة الزائد من الآخر، كما على كل منهما نصف دية صاحبه لو تلفا، و كذا على كل منهما نصف دية من تلف فيهما إن لم يكن عمد في البين، كل ذلك لما مر.

(144) لتحقق التسبيب منهما، بل اليد الغاصبة هي المناط في الضمان بنفسها.

(145) لفرض أن الجناية شبه عمد، فتكون الدية في النفس أو الضمان في غيرها على الجاني نفسه من أمواله كما مر، و لا فرق في ذلك بين مالكين و غير هما بعد فرض كونهما كاملين، و أما لو كانا غير كاملين شرعا، فالضمان على العاقلة إن أركبهما الولي لمصلحة، و إن لم يركبهما الولي، أو لم يكن فيه مصلحة، فإن كان تسبيب في البين فالضمان عليه، و إلا فعلى العاقلة أيضا.

ص: 135

و لو كان الاصطدام بغير فعلهما و لم يكن بالغصب و لا بتفريط منهما فلا ضمان (146)، و لو فرط أحد هما دون الآخر ضمن المفرّط (147).

مسألة 8: لو كانت السيارة- أو السفينة أو غيرهما- تحتاج إلى إصلاح و لم يصلحها

(مسألة 8): لو كانت السيارة- أو السفينة أو غيرهما- تحتاج إلى إصلاح و لم يصلحها أو أصلحها في مكان غير مناسب للإصلاح- و حصل من ذلك تلف أو جناية ضمن (148).

مسألة 9: لا يضمن صاحب الحائط ما يتلف بوقوعه إن بناه في ملكه

(مسألة 9): لا يضمن صاحب الحائط ما يتلف بوقوعه إن بناه في ملكه أو ملك مباح و اثبت بنيانه من دون ميل و لا استهدام (149)، و كذا لو بناه مائلا إلى ملكه (150)،

______________________________

(146) للأصل، بعد عدم تسبيب من كل منهما، كما لو كان الاصطدام بغلبة الرياح أو هيجان البحر.

(147) لتحقق التسبيب منه دون الآخر، كما لا يضمن صاحب المركبة الواقفة إذا وقعت عليها مركبة أخرى، مع عدم تفريط في محل الوقوف و كيفيته.

نعم، لو كانا غاصبين ضمن كلاهما، لأن الضمان بمجرد الغصب.

(148) للتفريط، و أن الجناية شبه عمد، مضافا إلى الإجماع.

نعم، لو قصد التلف من ذلك، أو كان متعمدا في عدم إصلاحها، أو أصلحها في مكان غير مناسب له مما يوجب ذلك عرفا، يدخل في العمد حينئذ كما مر.

(149) للأصل، بعد عدم صحة استناد الجناية إلى صاحب الحائط عرفا، فيكون كسائر الحوادث غير الاختيارية التي توجب الجناية و لا ضمان فيها على أحد، سواء وقع الحائط في الطريق أم في ملك الغير.

(150) لعدم صحة استناد الضرر حينئذ إلى بنائه، و لو كان ضررا لكان في الميل إلى ملكه، إن لم يحكم أهل الخبرة بخلاف ذلك.

ص: 136

و لو بناه مائلا إلى ملك غيره أو إلى الشارع ضمن (151)، و كذا لو بناه في ملك الغير بلا إذن من المالك (152)، و إن بناه في ملكه مستويا فمال إلى الشارع أو إلى غير ملكه و لم يتمكن من إزالته أو تصليحه لم يضمن (153)، و إن تمكن منهما فهو ضامن (154)، و لو أماله غيره فالضمان عليه إن لم يتمكن المالك من الإزالة (155)، و لو كان الحائط لصبي فالضمان على الولي مع التفريط (156)،

______________________________

(151) لتحقق التسبيب منه حينئذ، مضافا إلى الإجماع، و لقاعدة نفي الضرر بناء- على أنها تثبت الضمان على ما هو الصحيح- كما اخترناه.

(152) لتحقق التسبيب منه بالتعدي و العدوان.

(153) لعدم تحقق التسبيب منه بعد فرض عدم قدرته على الإصلاح، و هل يجب عليه إعلام الحاكم الشرعي بذلك؟ الظاهر هو الوجوب بعد تحقق المعرضية لإضرار الغير- أو الوقوع في المهلكة- و عدم تمكنه من رفعه بالإصلاح، و الحاكم الشرعي يرى فيه ما تقتضي المصلحة، فإن لم يفعل ذلك و لم يخبره فهو ضامن، لتحقق التسبيب منه حينئذ.

(154) لتحقق التسبيب منه حينئذ.

(155) أما كون الضمان على الغير، فلأنه الموجب للجناية حينئذ، و أما لو تمكن المالك من الإزالة و لم يزله، فالضمان عليه لصحة استناد الإتلاف إليه حينئذ بقاء و إن لم يكن مستند إليه حدوثا.

و الحاصل: أن المناط حكم ثقات أهل الخبرة بتحقق السببية من الباني للجدار مائلا في ملك الغير، أو من المالك و كل من حكم بتحقق التسبب منه يترتب الضمان عليه، و في مورد الشك يرجع إلى أصالة عدم الضمان، إن لم تحكم القرائن المعتبرة بشي ء.

(156) لفرض ولايته على رفع الخطر و لم يفعل ذلك كما لو كان الحائط

ص: 137

فلو مال الحائط إلى ملك الغير فأبرأه الغير فلا ضمان (157).

مسألة 10: لو أجج نارا في ملكه أو في مكان مباح بقدر حاجته لم يضمن لو اتفق التعدي فأتلفت مالا أو نفسا

(مسألة 10): لو أجج نارا في ملكه أو في مكان مباح بقدر حاجته لم يضمن لو اتفق التعدي فأتلفت مالا أو نفسا (158)، و يضمن لو أجج بمقدار زائد عن حاجته مع علمه بالتعدي إلى ملك الغير (159)، و لو اقتضت العادة التعدي فيضمن سواء علم بها أم لم يعلم (160)، و لو أجج زائدا على مقدار حاجته و تعدى ضمن بفعله (161)، و لو أجج النار في ملك غيره بغير رضاه أو في الطريق العام لا لمصلحة المارة ضمن ما يتلف بها (162)، و إن لم يقصد ذلك (163).

______________________________

لغائب و مال إلى ملك الغير أو إلى الطريق، فالمرجع الحاكم الشرعي، لأنه ولي الغائب.

(157) لإسقاطه بالإبراء.

(158) للأصل، بعد ظهور الإجماع، و عدم تحقق التسبيب منه بحسب الانظار العرفية.

(159) لتحقق التسبيب منه حينئذ.

(160) لفرض أنها جرت على التعدي، و هو أججها في مورد حصول العادة، فيكون ذلك نظير الأسباب التوليدية التي فيها الضمان.

(161) لتحقق التسبيب منه حينئذ.

نعم لو علم بعدم التعدي، و لم تقتض العادة ذلك أيضا، فاتفق حصول أمر غير مترقب، فلا ضمان عليه حينئذ لعدم تحقق التسبيب منه.

(162) لتحقق العدوان حدوثا و بقاء فيضمن ما تلف من الأموال، و تجب الدية، لأنه من القتل شبه العمد، إلا أن يقصد القتل، أو يكون الفعل كذلك غالبا و إن لم يقصده، فتترتب عليه أحكام العمد.

(163) لعدم مدخلية القصد في الضمان، و أن ذلك من سنخ الأفعال

ص: 138

مسألة 11: لو أجج نارا لرفع حاجته و ألقى آخر مالا أو شخصا في النار لم يضمن مؤججها

(مسألة 11): لو أجج نارا لرفع حاجته و ألقى آخر مالا أو شخصا في النار لم يضمن مؤججها (164)، بل الضمان على الملقي (165)، و لو وقعت الجناية بفعله التوليدي يكون ضامنا للأموال (166)، و كذا الأنفس إن لم يكن عمد في البين أو لم يكن الفرار منها و إلا ففيه القصاص (167).

مسألة 12: لو فتح الماء في ملكه- أو في مكان مباح- و تضرر الغير به

(مسألة 12): لو فتح الماء في ملكه- أو في مكان مباح- و تضرر الغير به فإن كان بمقدار حاجته فلا ضمان (168)، و إلا فهو ضامن (169)، و لو فتح الماء في ملك غيره و حصل ضرر منه فهو ضامن (170).

______________________________

التوليدية، قصد المسبب أو لم يقصد.

(164) للأصل، بعد عدم تحقق التسبب منه.

(165) لاستناد التلف حينئذ إلى السبب القريب دون البعيد، فيقدم المباشر- على السبب- و هو الملقي في المقام.

(166) لصحة انتساب الإتلاف إليه، كما في كل سبب توليدي، مثل إذا سرت النار إلى محل فيه الأموال.

(167) لتحقق موضوع القصاص في كل منهما، و أما لو لم يكن كذلك يكون من شبه العمد، و تكون الدية من ماله، كما تقدم، و مع الخطأ المحض فعلى العاقلة، فتجري الأقسام الثلاثة في المقام، و يحمل على العمد- أو على ما إذا لم يكن الشخص قادرا على الفرار- ما عن علي عليه السّلام في معتبرة السكوني: «انه قضى في رجل أقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت و احترق متاعهم، قال: يغرّم قيمة الدار و ما فيها، ثمَّ يقتل» (1).

(168) للأصل، و قاعدة السلطنة.

(169) لقاعدة الإضرار، و الإتلاف.

(170) لاستناد الضرر و الإتلاف إليه، مضافا إلى الإجماع.

ص: 139


1- الوسائل: باب 41 من أبواب موجبات الضمان: 1.
مسألة 13: إذا ألقى فضولات بيته المزلقة

(مسألة 13): إذا ألقى فضولات بيته المزلقة كقشر البطيخ أو الموز أو غيرهما- في الطريق أو أجرى الماء على خلاف المتعارف لا لمصلحة المارة فزلق إنسان ضمن (171)، إلا إذا وضع العابر الكامل متعمدا رجله عليها فلا ضمان (172)، و لو تلف به حيوان أو غير كامل شرعا ضمن (173).

مسألة 14: لو وضع إناء على حائطه فسقط و تلف به نفس أو مال لم يضمن

(مسألة 14): لو وضع إناء على حائطه فسقط و تلف به نفس أو مال لم يضمن (174)، إلا أن يضعه مائلا إلى الطريق على نحو تقتضي السقوط عادة فإنه يضمن حينئذ (175).

مسألة 15: يجب حفظ كل ما يكون تركه مضرا للغير و كان الحفظ تحت اختياره كالدابة الصائلة

(مسألة 15): يجب حفظ كل ما يكون تركه مضرا للغير و كان الحفظ تحت اختياره كالدابة الصائلة (176)،

______________________________

(171) لقاعدة التسبيب، مضافا إلى الإجماع.

و قد يكون فيه القود كما إذا كان قاصدا لتلف الغير، أو يكون الفعل مما يوجب التلف غالبا، و في غيرها يكون الضمان من ماله، إلا في الخطأ المحض كما مر.

(172) لعدم تحقق التسبيب منه، و أن التلف مستند إلى فعل نفسه، و هو السبب القريب.

(173) لتحقق التسبيب منه عرفا.

(174) للأصل، بعد عدم تحقق التسبيب منه، و أن الوقوع مستند إلى القضاء و القدر.

(175) لتحقق التسبيب منه، كما مر مكررا.

(176) لأن ترك التحفظ من الأسباب الموجبة للإضرار، و يكون الضرر و الجناية أو التلف، مستندة إلى ترك التحفظ، فيجب التحفظ لا محالة.

ص: 140

و البعير المغتلم و الفرس العضوض و الكلب العقور فلو أهمل حفظها ضمن جنايتها (177)، و لو جهل حالها أو علم و لم يقدر على حفظها و لم يفرط فلا ضمان (178)،

______________________________

(177) لتحقق التسبيب منه بترك التحفظ، مضافا إلى الروايات الواردة في المقام، ففي صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: «سألته عن بختي مغتلم قتل رجلا فقام أخو المقتول فعقر البختي و قتله، ما حاله؟ قال:

على صاحب البختي دية المقتول، و لصاحب البختي ثمنه الذي عقر بختيه» (1)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سئل عن بختي اغتلم فخرج من الدار فقتل رجلا فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسيف فقال: صاحب البختي ضامن للدية و يقتصّ ثمن بختيه» (2).

(178) للأصل، بعد عدم تحقق التفريط، مضافا إلى النص، و الإجماع، فعن الصادق عليه السّلام في معتبرة السكوني قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «البئر جبار و العجماء جبار، و المعدن جبار» (3)، و عن علي عليه السّلام في معتبرة السكوني أيضا:

«لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا، و يقول: على صاحب الزرع حفظ زرعه، و كان يضمن ما أفسدت البهائم ليلا» (4)، و التفصيل ليس إلا لأجل الحفظ و التفريط، و في رواية الحلبي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليا إلى اليمن فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن و مرّ يعدو، فمرّ برجل فنفحه برجله فقتله، فجاء أولياء المقتول إلى الرجل فأخذوه فرفعوه إلى علي عليه السّلام فأقام صاحب الفرس البينة عند علي عليه السّلام أن فرسه أفلت من داره و نفح الرجل، فأبطل علي عليه السّلام دم صاحبهم، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:

ص: 141


1- الوسائل: باب 14 من أبواب موجبات الضمان: 4 و 1.
2- الوسائل: باب 14 من أبواب موجبات الضمان: 4 و 1.
3- الوسائل: باب 32 من أبواب موجبات الضمان: 5.
4- الوسائل: باب 40 من أبواب موجبات الضمان: 1.

و لو صالت على شخص فدفعها بمقدار يقتضي الدفاع بذلك فماتت أو وردت عليها جناية لم يضمن (179)، و كذا لو دفعها عن نفس محترمة أو مال كذلك لم يضمن (180)، و لو أفرط في الدفاع فجنى عليها أو جنى عليها لغير الدفاع ضمن (181)، و يجرى الحكم في الطيور الضاربة و الهرة في جميع ما تقدم (182).

مسألة 16: لو هجمت دابة على أخرى فجنت الداخلة

(مسألة 16): لو هجمت دابة على أخرى فجنت الداخلة فإن كان بتفريط المالك في الاحتفاظ ضمن (183)، و إن جنت المدخول عليها كان هدرا (184).

______________________________

يا رسول اللّه إن عليا ظلمنا و أبطل دم صاحبنا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن عليا ليس بظلّام و لم يخلق للظلم، إن الولاية لعلي من بعدي، و الحكم حكمه، و القول قوله، لا يرد حكمه و قوله و ولايته إلا كافر»(1).

(179) للأصل، و الإجماع، و ما تقدم من النص.

(180) لما مر في سابقة.

(181) لتحقق التفريط و التعدي، و أنه غير مأذون شرعا، كما لو أمكن الدفاع بالصياح فضربها و حصل فيه ضرر عليها ضمن، أو أمكن الدفاع بالضرب و لكن قتلها، و هكذا.

(182) لكون الحكم مطابقا للقاعدة، فيضمن لو تعدّى عن مقدار الدفاع.

(183) لصحة انتساب الجناية إليه حينئذ، فإن ترك احتفاظها تسبيب في الجناية على الغير، و هو نحو تفريط منه.

(184) لفرض أنها مدافع عن نفسها، و تقدم في باب الدفاع أنه لا ضمان في مثل ذلك، و تدلّ على ما ذكرنا رواية سعد بن طريف الإسكاف عن أبي

ص: 142


1- الوسائل: باب 20 من أبواب موجبات الضمان: 1.
مسألة 17: لو دخل دار قوم فعقره كلبهم ضمنوا إن دخل بإذنهم و إلا فلا ضمان

(مسألة 17): لو دخل دار قوم فعقره كلبهم ضمنوا إن دخل بإذنهم و إلا فلا ضمان (185)، و لو اختلف صاحب الدار و الداخل في الإذن و عدمه فالقول قول منكره (186)،

______________________________

جعفر عليه السّلام قال: «اتى رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: إن ثور فلان قتل حماري، فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله: ائت أبا بكر فسله، فأتاه فسأله، فقال: ليس على البهائم قود، فرجع إلى النبي فأخبره بمقالة أبي بكر، فقال له النبي: ائت عمر فسله، فأتى عمر فسأله فقال مثل مقالة أبي بكر فرجع إلى النبي فأخبره، فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله: ائت عليا فسله، فأتاه فقال علي عليه السّلام: إن كان الثور الداخل على حمارك في منامه حتى قتله فصاحبه ضامن، و إن كان الحمار هو الداخل على الثور في منامه فليس على صاحبه ضمان، قال: فرجع إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فأخبره، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: الحمد للّه الذي جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم الأنبياء» (1).

(185) نصا، و إجماعا- بعد كونه معتد للدخول من غير إذن- ففي معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل دخل دار قوم بغير إذنهم فعقره كلبهم، قال: لا ضمان عليهم، و إن دخل بإذنهم ضمنوا» (2)، و لا فرق بين كون الكلب حاضرا في الدار أو دخل بعد ذلك، علم صاحب الدار بكونه يعقر الداخل أو لا لما مر من إطلاق المعتبرة.

نعم لو كان الكلب مقيدا مثلا، و الداخل جعل الطريق عليه مع وجود طريق آخر و علمه به، فلا ضمان على صاحب الدار، لأنه بنفسه و اختياره أوقع نفسه في المضرة و المهلكة.

(186) للأصل، إن لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف.

و المراد من الإذن الأعم من الخاص- لشخص مخصوص- و العام،

ص: 143


1- الوسائل: باب 19 من أبواب موجبات الضمان: 2.
2- الوسائل: باب 17 من أبواب موجبات الضمان: 2.

و إذا عقر الكلب إنسانا خارج الدار فمع حفظه و عدم التفريط فيه فلا ضمان و إلا فيضمن صاحبه (187).

______________________________

كالمضايف المفتوحة أبوابها للناس.

و أما مرسلة علي بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل دخل دار رجل فوثب عليه كلب في الدار فعقره؟ فقال: إن كان دعي فعلى أهل الدار أرش الخدش، و إن كان لم يدع فدخل فلا شي ء عليهم» (1)، فالمراد من الدعاء الأعم من الشخصي و النوعي، مع قطع النظر عن السند.

و حيث إن الحكم مطابق للقاعدة لصدق التسبيب حينئذ مع الإذن شخصا أو نوعا، فعلى صاحب الدار إزالة جميع ما يضر الداخل، و لا يختص بالكلب فيشمل الثور و الأسلاك الكهربائية مثلا و غير هما، كما هو مقتضى السيرة.

(187) لصحة انتساب الجناية إليه حينئذ، لأنه ترك احتفاظه فتسبب للجناية على الغير. نعم لو جرت العادة على الإرسال و عدم الحفظ لأجل الحراسة، فلا يضمن صاحبه الجناية لعدم تسبيب منه.

و أما التفصيل بين العقر في النهار فالضمان على صاحبه، و العقر في الليل فلا ضمان تمسكا ببناء العرف على حفظ كلابهم في النهار و إرسالهم في الليل للحراسة، فيتحقق التسبيب و التفريط في الأول دون الثاني، و للنص كما عن علي عليه السّلام في معتبرة زيد بن علي: «أنه كان يضمن صاحب الكلب إذا عقر نهارا، و لا يضمنه إذا عقر بالليل» (2).

لا كلية فيه إذ المناط التسبيب، فلو فرض في محل كان الأمر بالعكس، أي يرسلون كلابهم في النهار لأجل الحراسة أو دواعي أخرى كالصيد مثلا و يحفظونها في الليل، يتحقق الضمان لو عقر في الليل. فالمدار على التسبيب،

ص: 144


1- الوسائل: باب 17 من أبواب موجبات الضمان: 1.
2- الوسائل: باب 17 من أبواب موجبات الضمان: 3.
مسألة 18: لو أتلفت الهرة المملوكة أو الطير المملوك أو غيرهما مال أحد

(مسألة 18): لو أتلفت الهرة المملوكة أو الطير المملوك أو غيرهما مال أحد فإن جرت العادة على حفظها عن الإضرار بالغير يضمن (188)، و إلا فلا ضمان (189)، بل لو كان مؤذيا للغير يجوز قتله و لا ضمان (190).

مسألة 19: لو أفسدت البهائم الزرع فلا ضمان على صاحبها إن كان الإفساد في النهار

(مسألة 19): لو أفسدت البهائم الزرع فلا ضمان على صاحبها إن كان الإفساد في النهار (191)، و إن كان في الليل فعلى صاحبها الضمان (192).

______________________________

و أما النص فيحمل على الغالب، و لا يستفاد منه التعبد.

(188) لتحقق التسبيب حينئذ مع عدم الحفظ.

(189) للأصل بعد جريان العادة على عدم الحفظ.

(190) للإجماع، و لفرض أنه دافع عن حفظ نفسه.

(191) لعدم تحقق التسبيب منه، و على صاحب الزرع حفظ زرعه، مضافا إلى ما أتى من النص.

(192) نصوصا، و إجماعا، ففي موثق هارون بن حمزة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البقر و الغنم و الإبل تكون في الرعي (المرعى) فتفسد شيئا، هل عليها ضمان؟ فقال: «إن أفسدت نهارا فليس عليها ضمان، من أجل أن أصحابه يحفظونه، و إن أفسدت ليلا فإنه عليها ضمان» (1)، و في معتبرة أبي بصير قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ، فقال: لا يكون النفش إلا بالليل إن على صاحب الحرث أن يحفظ الحرث بالنهار، و ليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار إنما رعيها بالنهار و أرزاقها، فما أفسدت فليس عليها، و على أصحاب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا و هو النفش، و أنّ داود عليه السّلام حكم للذي أصاب زرعه رقاب الغنم و حكم

ص: 145


1- الوسائل: باب 40 من أبواب موجبات الضمان: 3.
مسألة 20: لو كان يعلّم أحدا السياقة أو السباحة فتلف بها ضمن المعلّم

(مسألة 20): لو كان يعلّم أحدا السياقة أو السباحة فتلف بها ضمن المعلّم (193)، و إن الدية من ماله (194).

مسألة 21: لو اجتمع أشخاص في هدم حائط و وقع على واحد منهم و مات سقط من الدية بقدر حصة الميت

(مسألة 21): لو اجتمع أشخاص في هدم حائط و وقع على واحد منهم و مات سقط من الدية بقدر حصة الميت (195)،

______________________________

سليمان عليه السّلام الرسل و الثلة: و هو اللبن، و الصوف في ذلك العام» (1)، و غير هما من الروايات، و يستفاد منها أن المدار على التسبيب- ليلا كان أو نهارا- و يختلف ذلك باختلاف البقاع و الأمكنة بل المزروعات، نعم الغالب أن أصحاب الزرع يحفظون مزارعهم في النهار دون الليل.

(193) لتحقق التسبيب منه حينئذ، سواء كان المتعلم صبيا و المعلم وليه أم لم يكن كذلك.

(194) لأنه من القتل من شبيه العمد. نعم، لو كان قاصدا القتل، أو كان الفعل مما يحصل به القتل غالبا، كان من العمد و يترتب عليه حكمه، و كذا يضمن لو حصل منه تفريط. و لو تلف المعلم لم يكن شي ء على المتعلم إن لم يحصل منه تسبيب في البين.

(195) لإقدامه على ذلك فيسقط من الدية بقدر حصته، و أما رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في حائط اشترك في هدمه ثلاثة نفر فوقع على واحد منهم، فمات فضمن الباقين ديته، لأن كل واحد منهما ضامن لصاحبه» (2)، فلا تنافي ما ذكرنا، لأن تضمين الباقين ديته أي بمقدار حصتهم لا تمام الدية، بعد فرض هدرية حصته بالإقدام، مضافا إلى المناقشة في سندها.

ص: 146


1- الوسائل: باب 40 من أبواب موجبات الضمان: 4.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب موجبات الضمان.

و يقسّط الباقي على الآخرين (196).

مسألة 22: لو أدب الزوج زوجته بما هو مشروع فاتفقت الجناية ضمنها

(مسألة 22): لو أدب الزوج زوجته بما هو مشروع فاتفقت الجناية ضمنها (197)، و كذا الصبي لو أدبه الولي بما هو مشروع و اتفقت جناية (198).

مسألة 23: راكب الدابة يضمن ما تجني بيديها و إن لم يكن بتفريط منه

(مسألة 23): راكب الدابة يضمن ما تجني بيديها و إن لم يكن بتفريط منه (199)،

______________________________

(196) لحصول التسبيب بفعلهم، فإن كان الفعل خطأ محض فعلى العاقلة، و إلا ففي أموالهم، و لو كان الاشتراك بين شخصين سقط نصف الدية بموت أحد هما، و لو كان بين الثلاثة سقط ثلثها و هكذا.

(197) لعمومات الأدلة، و ظهور الإجماع، و المشروعية لا تنافي ثبوت الضمان، و لو اتفق أنها ماتت فلا قصاص، لعدم استناد موتها إلى فعله بعد فرض المشروعية. نعم، لو علم الزوج بذلك حينئذ، كما لو علم أن الضرب المشروع بزعمه يوجب موتها لأجل جهات خارجية، يتحقق القصاص.

و مما ذكرنا ظهر حكم العكس بأن الزوجة ضربت الزوج و حصلت جناية عليه فعليها الضمان على كل حال إن لم يكن من الخطأ المحض، و إلا فعلى العاقلة.

(198) ظهر وجه ذلك مما مر.

(199) لإطلاق النص، و الإجماع، مضافا إلى تحقق التسبيب الذي هو أعم من التفريط، ففي معتبرة سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل مرّ في طريق فتصيب دابته برجلها؟ فقال: ليس على صاحب الدابة شي ء مما أصابت برجلها، و لكن عليه ما أصابت بيدها، لأن رجلها خلفه إذا ركب، و إن قاد

ص: 147

و لو كانت الجناية برجليها فإن علم من القرائن أنها مستندة إلى تفريط الراكب فالضمان عليه (200)، و إلا فلا ضمان (201)، و أما ما تجنيه برأسها أو بمقاديم بدنها يضمن الراكب أيضا (202)،

______________________________

دابة فإنه يملك رجلها بإذن اللّه يضعها حيث يشاء» (1)، و قريب منها معتبرة الحلبي (2)، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة السكوني: «ما أصاب الرجل فعلى السائق، و ما أصاب اليد فعلى القائد و الراكب» (3).

و يستفاد من هذه الروايات أن الحكم موافق للقاعدة، لأن الراكب مسلّط على ما بين يدي الدابة و رأسها. و لذا أن الضمان عليه و إن لم يحصل منه تفريط.

(200) لاستناد الجناية إليه حينئذ.

(201) للأصل، و الإجماع، و نصوص خاصة منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله:

«البئر جبار و العجماء جبار و المعدن جبار» (4)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «أنه سئل عن الرجل يمر على طريق من طرق المسلمين فتصيب دابته إنسانا برجلها، فقال: ليس عليه ما أصابت برجلها» (5).

و أما ما ورد في بعض الروايات الدالة على الضمان، مثل معتبرة غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «أن عليا عليه السّلام «ضمن صاحب الدابة ما وطئت بيديها و رجليها» (6)، و معتبرة إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «أن عليا عليه السّلام كان يضمن الراكب ما وطأت الدابة بيديها أو رجلها، إلا أن يعبث بها أحد فيكون الضمان على الذي عبث بها» (7)، إلى غير ذلك من الروايات الدالة على الضمان، فلا بد من حملها- على فرض اعتبار السند- على صورة التفريط.

(202) لصدق التفريط حينئذ، و أن ذكر اليدين في الروايات المتقدمة من

ص: 148


1- الوسائل: باب 13 من أبواب موجبات الضمان: الحديث: 9 و 3 و 5.
2- الوسائل: باب 13 من أبواب موجبات الضمان: الحديث: 9 و 3 و 5.
3- الوسائل: باب 13 من أبواب موجبات الضمان: الحديث: 9 و 3 و 5.
4- الوسائل: باب 32 من أبواب موجبات الضمان: 2.
5- الوسائل: باب 13 من أبواب موجبات الضمان: الحديث: 3 و 7 و 10.
6- الوسائل: باب 13 من أبواب موجبات الضمان: الحديث: 3 و 7 و 10.
7- الوسائل: باب 13 من أبواب موجبات الضمان: الحديث: 3 و 7 و 10.

و لو ركب على خلاف المعتاد- سواء كان وجهه إلى خلف الدابة أم كان على جهة اليمين أو اليسار- فالضمان يدور مدار صدق التسبيب و عدمه (203)، و لو أوقفها ضمن ما تجنيه مطلقا- بيديها أو رجليها أو غير هما- (204)، و لو ضربها المالك ضمن ما جنتها (205)، و لو ضربها غيره ضمن ما تجنيه مطلقا (206)،

______________________________

باب المثال لجميع مقاديم بدنها، خصوصا إذا كانت ذات لجام و كان بيد الراكب.

و لا يجرى ما تقدم في المراكب المستحدثة في هذه الأعصار كالسيارة و القطارات و غير هما.

(203) لتحقق المقتضي للضمان في صورة التسبيب، و مع عدم صدقه أو الشك فيه فلا وجه للضمان، و كذا الكلام فيما لو أفسدت شيئا برشاش بولها أو روثها.

(204) لقاعدة التسبيب، مضافا إلى النص، و الإجماع، ففي معتبرة العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السّلام: «أنه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته فتصيب برجلها، قال: ليس عليه ما أصابت برجلها، و عليه ما أصابت بيدها، و إذا وقف فعليه ما أصابت بيدها و رجلها، و إن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها و رجلها أيضا» (1)، و لا فرق في الطريق بين الضيق و الواسع و غير هما.

(205) لتحقق التسبيب منه حينئذ، و ما يأتي من الروايات في غير المالك.

(206) نصا، و إجماعا، ففي صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام في حديث:

«أنه سئل عن الرجل ينفر بالرجل فيعقره و يعقر دابته رجل آخر، فقال: هو

ص: 149


1- الوسائل: باب 13 من أبواب موجبات الضمان: 2.

و السائق يضمن ما تتلفه الدابة بأي جزء من بدنها (207)، و لو كان لها سائق و قائد و راكب يشتركون الجميع في الضمان (208)، و لو تعددت الدابة و ساق الجميع شخص واحد أو قادها شخص واحد أو ركب واحد على إحداها و ساق- أو قاد- البقية فمع تحقق التفريط ضمن المفرط الجناية (209)،

______________________________

ضامن لما كان من شي ء» (1)، و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا قال: «أيما رجل فزع رجلا من الجدار أو نفر به عن دابته فخر فمات، فهو ضامن لديته، و إن انكسر فهو ضامن لدية ما ينكسر منه» (2)، نعم لو هجمت عليه و دافع عن نفسه لم يكن على الدافع شي ء، و لا على مالكه، لما مر في باب الدفاع، و الشك في شمول ما تقدم من الأدلة عليه، و في معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال:

«سألته عن رجل غشيه رجل على دابة فأراد أن يطأه فزجر الدابة فنفرت بصاحبها فطرحته و كانت جراحة أو غيرها؟ فقال: ليس عليه ضمان إنما زجر عن نفسه، و هي الجبار» (3).

(207) لاستيلائه عليها بتمامها، و يتحقق التسبيب لا محالة، مضافا إلى الإجماع بين المسلمين، و ما تقدم من موثق العلاء بن الفضيل.

و أما التفصيل في معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام: «ما أصاب الرجل فعلى السائق، و ما أصاب اليد فعلى القائد و الراكب» (4)، يمكن أن يحمل على الغالب، و إلا فلا بد من رد علمه إلى أهله.

(208) لتحقق التسبيب من كل واحد منهم في الجملة، إلا إذا كانت قرينة معتبرة على الاختصاص، و كذا لو كان اثنان منهما.

(209) لتحقق التفريط الموجب للضمان، فيكون الحكم مطابقا للقاعدة.

ص: 150


1- الوسائل: باب 15 من أبواب موجبات الضمان: 1 و 2.
2- الوسائل: باب 15 من أبواب موجبات الضمان: 1 و 2.
3- الوسائل: باب 37 من أبواب موجبات الضمان: 1.
4- الوسائل: باب 13 من أبواب موجبات الضمان: 5.

و مع عدمه فلا ضمان (210)، و لو ركبها رديفان تساويا في الضمان إن صح نسبة التسبيب إليهما معا (211)، و إلا فالضمان على المسبب فقط دون الآخر (212)، و لا فرق في ذلك بين مالك الدابة و غيره (213).

مسألة 24: لو ركب الصبي أو المجنون بنفسهما الدابة فتلفا فلا ضمان على أحد

(مسألة 24): لو ركب الصبي أو المجنون بنفسهما الدابة فتلفا فلا ضمان على أحد (214)، و لو أركبهما الولي فالضمان عليه (215)، إن كان تسبيب منه و إن لم يكن تسبيب في البين و إنما راعى المصلحة فاركبهما لمصلحتهما فلا ضمان (216)، و أما لو أركبهما غير الولي فإن لم يكن بإذن منه فالضمان عليه (217)، و لو كان بإذنه فمع عدم التسبيب و التفريط فلا ضمان (218)،

______________________________

(210) للأصل، بعد خروج الفرض عن مورد النص. و الاحتياط في التصالح.

(211) لصدق التسبيب بالنسبة إليهما حينئذ معا.

(212) لفرض عدم صحة التسبيب بالنسبة إلى الآخر، بأن يكون الآخر ضعيفا أو مريضا مثل الحمل الذي وضع على الدابة.

(213) لأن المدار على صدق التسبيب و عدمه، فمع صدقه يضمن- مالكا كان أو غيره- و مع عدمه فلا يضمن كذلك.

(214) لعدم تسبيب في البين، فلا موجب للضمان.

(215) لتحقق المقتضي للضمان- و هو التسبيب- و فقد المانع عنه.

(216) للأصل، بعد عدم صدق التسبيب منه حينئذ، بل المفروض أنه راعى المصلحة فتكون الجناية غير مربوطة به.

(217) لصدق التسبيب حينئذ.

(218) لعدم تحقق موجب الضمان حينئذ. و تقدم حكم ما لو أركب صبيين

ص: 151

إلا إذا كان تسبيب في البين (219).

مسألة 25: لو دخلت دابة شخص إلى زرع الغير

(مسألة 25): لو دخلت دابة شخص إلى زرع الغير سواء كان مختصا به أم مشتركا بينه و بين مالك الدابة- و استلزم إخراجها تلف زرع الغير لا يجوز له إخراجها إلا بإذنه (220)، و إن أضرت الدابة بزرع نفسه (221).

______________________________

فتصادما، فلا حاجة للتكرار.

(219) من تنفير أو نحوه، فيضمن المسبب حينئذ لقاعدة التسبيب، و كذا لو كان مالك الدابة عالما بأن الدابة شاردة و تلقي ما عليها، و لكن لم يخبر الراكب بذلك، فيكون الضمان على المالك حينئذ.

(220) لأن تصرفه حينئذ بدون إذنه تصرف في مال الغير من دون إحراز رضاه، فلو أخرجها كذلك اثم، و لو حصل ضرر بالخروج ضمن.

(221) لأن الدابة و الزرع ملكه، و أن الناس مسلطون على أموالهم، نعم لا بد أن يطلع الغير بذلك لفرض اشتراك الزرع.

و لو توقف حفظ مال الغير على الإضرار بمال نفسه، ففي وجوب حفظ مال الغير حينئذ إشكال، بل منع إن لم تكن أهمية في البين.

ص: 152

فصل في تزاحم موجبات الضمان

اشاره

فصل في تزاحم موجبات الضمان و هو فيما إذا تحقق هناك موجبان للضمان بنحو الاقتضاء

فيقع البحث في أن أيهما مقدم على الآخر؟
اشارة

فيقع البحث في أن أيهما مقدم على الآخر؟ فهنا أقسام:

الأول: ما إذا كان التزاحم من السبب و المباشر للإتلاف
اشارة

الأول: ما إذا كان التزاحم من السبب و المباشر للإتلاف فيكون الأصل في هذا القسم تقديم المباشر على السبب مطلقا (1)، إلا إذا كانت هناك قرينة معتبرة على الخلاف (2).

مسألة 1: لو كان أحدهما مباشرا للجناية و الآخر سببا لها

(مسألة 1): لو كان أحدهما مباشرا للجناية و الآخر سببا لها ضمن المباشر إن كان عالما بها (3)،

______________________________

(1) سواء كانا مساويان في القوة أم كان المباشر أقوى.

(2) لأن المباشر حينئذ كالعلة التامة للإتلاف، فيبقى السبب على مجرد اقتضائه، مضافا إلى الإجماع.

نعم لو كان المباشر بمنزلة الآلة للسبب، كالصبي و المجنون و غير هما، فحينئذ يقدم السبب، لأنه العلة التامة، و أن المباشر ضعيف جدا.

(3) لما مر من تقديم المباشر على السبب، و أنه كالعلة التامة لتحقق الجناية، كما إذا اجتمع الحافر و الدافع فحفر بئرا في غير ملكه و دفع آخر ثالثا إليها فسقط فيها و مات، فالضمان على الدافع، و كذا في اجتماع مؤجج النار مع الملقي فيها، إلى غير ذلك من الأمثلة.

ص: 153

و لو كان المباشر جاهلا بها فالضمان على السبب (4).

مسألة 2: لو أمسك شخص شخصا آخر و قتله غيره فالضمان على القاتل

(مسألة 2): لو أمسك شخص شخصا آخر و قتله غيره فالضمان على القاتل و كذا لو هيّأ أسباب الموت شخص- كالسلاح و الأدوية القتالة- و استعمله آخر في قتله (5).

الثاني: ما إذا اجتمع السببان فالضمان على ما هو السابق تأثيرا
اشارة

الثاني: ما إذا اجتمع السببان فالضمان على ما هو السابق تأثيرا و إن كان حدوثه متأخرا أو مصاحبا (6)، إن تساويا في العدوان (7).

مسألة 3: لو وضع حجرا في الشارع ثمَّ جاء آخر و حفر بئرا بجنبه فسقط فيها شخص بعثرته بالحجر فالضمان على واضع الحجر

(مسألة 3): لو وضع حجرا في الشارع ثمَّ جاء آخر و حفر بئرا بجنبه فسقط فيها شخص بعثرته بالحجر فالضمان على واضع الحجر (8)،

______________________________

(4) لسقوط العلية التامة مع الجهل، فيقوى السبب، كما لو حفر بئرا في الطريق و سترها بالحشيش و غيره فدفع آخر ثالثا مع جهله بالواقعة فسقط في البئر، فالضمان على الحافر، لاستناد القتل إليه عرفا، و أن المباشر كالآلة بعد فرض جهله.

(5) لما مرّ من تقديم المباشر على السبب.

نعم للحاكم الشرعي إن يعزّر المسبب من السجن المؤبد كما مر، أو غيره بما يرى فيه من المصلحة حفظا للنظام و دفعا للفساد، و كذا الحكم فيما لو أجج شخص نارا و القى آخر شخصا ثالثا فيها، إلى غير ذلك من الأمثلة.

(6) لاستناد التلف حينئذ إلى السابق تأثيرا لا وجودا، و هو يوجب انحصار التلف فيه.

(7) لتساوي السببين في الاقتضاء من هذه الجهة، و إن لم يكن كذلك فالضمان على المعتدي فقط، كما يأتي.

(8) لأنه السبب للجناية عرفا، و تقدم أن الضمان على السابق تأثيرا.

ص: 154

بل و كذا لو حفر أحد بئرا ثمَّ وضع شخص حجرا على جنبها فسقط العاثر بالحجر في البئر و حصلت جناية فالضمان على الواضع أيضا (9)، و لو نصب سكينا في البئر فسقط في البئر شخص على السكين فالضمان على الحافر (10)، و كذا لو وضع حجرا و وضع آخر حجرا خلفه فعثر بحجر و وقع على آخر و حصلت الجناية فالضمان على الواضع الذي عثر بحجره (11).

مسألة 4: لو انقلب الحجر على جانب البئر- بوضع غير آدمي

(مسألة 4): لو انقلب الحجر على جانب البئر- بوضع غير آدمي كالحيوان و السيل و غيرها- و عثر به شخص و وقع في البئر فالضمان على الحافر (12).

______________________________

(9) لأن الوقوع في البئر و تحقق الجناية به، يستند عرفا إلى العثور بالحجر، و هو سابق في التأثير، فيكون الواضع للحجر كدافع الشخص في البئر عرفا، فإذا لم يكن عثور لم تتحقق الجناية، فالتأثير له لا للحافر.

و يظهر من ذلك أنه لا وجه لاستصحاب التأثير بالنسبة إلى الحجر، كما عن صاحب الجواهر (قدس اللّه نفسه الزكية)، لأنه بعد الصدق العرفي في كون الحجر كالدافع في البئر يكون بمنزلة الأمارة المتقدمة على الاستصحاب، كما لا وجه للاشتراك في الضمان بعد صدق الاستناد عرفا إلى واضع الحجر، كما هو واضح.

(10) لأنه السبب، فيكون الحفر حينئذ كالإلقاء في البئر على السكين.

(11) لما مرّ من أنه السبب المؤثر للجناية.

(12) لاختصاص السببية بالنسبة إليه حينئذ، و عدم استناد وضع الحجر إلى فاعل مختار حتى يتحقق الضمان.

ص: 155

مسألة 5: لو حفر بئرا قليل العمق فعمّقها غيره فالضمان على الأول

(مسألة 5): لو حفر بئرا قليل العمق فعمّقها غيره فالضمان على الأول (13)، نعم لو اشتركا في الحفر فالضمان عليهما (14).

مسألة 6: لو كان أحدهما عاديا دون الآخر

(مسألة 6): لو كان أحدهما عاديا دون الآخر فالضمان على المتعدي خاصة (15).

الثالث: ما إذا كانا مباشرين في الجناية
اشارة

الثالث: ما إذا كانا مباشرين في الجناية (16)، كما لو اشترك اثنان أو أكثر في الجناية على شخص فالضمان على الجميع (17)، و أنه بالسوية و إن اختلف قواهم (18).

مسألة 7: لو سقط اثنان في البئر فمات كل منهما باصطدام الآخر

(مسألة 7): لو سقط اثنان في البئر فمات كل منهما باصطدام الآخر فالضمان على الحافر (19).

مسألة 8: لو أتلف متاع غيره لغرض أهم في البين من خوف على نفس محترمة أو عرض ضمن إن لم يأذن له

(مسألة 8): لو أتلف متاع غيره لغرض أهم في البين من خوف على نفس محترمة أو عرض ضمن إن لم يأذن له (20)،

______________________________

(13) لاستناد السبق إليه حينئذ، فهو السبب لتحقق الجناية.

(14) لتحقق السببية منهما، و عدم صحة الترجيح بلا مرجح.

(15) لأن جهة عدوانه يوجب سبقه على غيره، كما لو حفر حفره في ملكه و جاء آخر و وضع حجرا بجنبها عدوانا فعثر ثالث بالحجر و سقط في الحفرة، فالضمان على الواضع، و هكذا.

(16) تقدم حكمه في المسائل السابقة من الاشتراك في الضمان بالتنصيف أو غيره، فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

(17) لصدق التسبيب بالنسبة إليهم، فيكون الضمان على الجميع، كما مر في قصاص النفس.

(18) للاشتراك في التسبيب، و لا أثر لاختلاف القوى.

(19) لأنه السابق في التسبيب.

(20) لقاعدة الإتلاف، إلا إذا كان في البين قرينة معلومة على سقوط إذنه

ص: 156

و لو قال: الق متاعك في البحر لتسلم السفينة فلا ضمان في البين (21)، و لو قال ذلك و عليّ ضمانه فهو ضامن (22)، و لو قال: الق متاعك في البحر و عليّ ضمانه و على ركبان السفينة صح الضمان (23).

مسألة 9: لو قال: أحرق متاعك أو ثوبك أو اجرح نفسك و عليّ ضمانه أو أرشه

(مسألة 9): لو قال: أحرق متاعك أو ثوبك أو اجرح نفسك و عليّ ضمانه أو أرشه فإن كان فيه غرض صحيح عقلائي فلا شي ء في البين (24)، و إن لم يكن كذلك ففيه الضمان (25).

______________________________

لأجل مراعاة الأهم، و حينئذ لا أثر لإذنه و إن بقي الضمان على حاله.

(21) للأصل، و صدور الإلقاء عن فاعل مختار باختياره و قول القائل من باب مجرد إحداث الداعي لا التسبيب منه، و هو لا يوجب شيئا أصلا، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(22) للإجماع، و ظهور كلامه في الالتزام بالضمان، و هذا الظهور معتبر عند العرف، و كذا الكلام في المراكب الحديثة.

(23) سواء كان ذلك على نحو البدل أم الاشتراك في الضمان، و ذلك كله لوجود المقتضي و فقد المانع بعد رضا الجميع، و لا بأس باشتراك ذمم متعددة و اجتماعها على مال واحد سواء كان بالاشتراك أم على نحو البدل، كما أثبتنا ذلك في تعاقب الأيادي، مضافا إلى ظهور الإجماع في المقام.

و إن لم يرضوا بالضمان فيمكن أن يقال بضمانه للتمام، لدلالة مفهوم قوله على التزامه بضمان الكل إن لم يرض البقية، و لكنه مشكل، فلا بد من اتباع القرائن الحالية أو المقالية، و الأولى التصالح.

(24) لفرض أنه فعل صحيح عقلائي صدر من فاعل مختار بعمده و اختياره، فلا ضمان.

(25) إن تحقق التسبيب عرفا أو الغرور، و إلا فلا وجه للضمان كما مر.

ص: 157

مسألة 10: لو ترك حفظ مال الغير أو ترك إنقاذ الغريق أو إطفاء الحريق مع القدرة عليها فلا ريب أنه أثم

(مسألة 10): لو ترك حفظ مال الغير أو ترك إنقاذ الغريق أو إطفاء الحريق مع القدرة عليها فلا ريب أنه أثم و لكن لا ضمان في البين (26)، بخلاف ما لو حبس الطعام عن شخص حتى مات فإنه يضمن (27).

مسألة 11: لو استؤجر شخص لإطفاء الحريق أو لمداواة المرضى أو لصيانة المكائن مثلا أو غير ذلك

(مسألة 11): لو استؤجر شخص لإطفاء الحريق أو لمداواة المرضى أو لصيانة المكائن مثلا أو غير ذلك و ترك عمله بعد تمكينه من العمل و حصل منه ضرر ضمن (28).

مسألة 12: لو وقع أحد في محل خطر فتعلق لحفظ نفسه بثان

(مسألة 12): لو وقع أحد في محل خطر فتعلق لحفظ نفسه بثان و تعلق الثاني بثالث و تعلق الثالث برابع فماتوا جميعا ضمن كل واحد منهم دية الآخر (29).

______________________________

(26) لأن التروك كلها ليس فيها ضمان إذا كان علة التلف غيرها.

نعم لو كان الترك علة منحصرة للتلف مع كمال القدرة، كما إذا ترك الطبيب المنحصر القادر مداواة المريض عن عمد و اختيار فتلف المريض، بحيث نسب الإتلاف إليه عرفا، فللضمان وجه.

(27) لأنه صدر منه فعل باختياره، و ترتب عليه الجناية.

(28) لأن مخالفته للشرط فعل تسبيبي حصل منه بعمده و اختياره، فيضمن ما ترتب عليه من الجناية.

(29) إن استند موت كل لا حق باستمساك السابق له، بحيث يكون السابق سببا لموت لاحقه فتخرج دية الثاني من تركة الأول، و دية الثالث من تركة الثاني، و هكذا.

و إن لم يكن كذلك بل كل سابق له نحو اقتضاء في البين، و كان الموت مستندا إليهما معا، فتسقط الدية على الجميع بالنصف أو الثلث أو الربع أو غيرها حسب الافراد، كما مر سابقا، و عليه يحمل صحيح محمد بن قيس عن

ص: 158

مسألة 13: لو جذب إنسان غيره إلى بئر فوقع المجذوب فمات الجاذب بوقوعه عليه فالجاذب دمه هدر

(مسألة 13): لو جذب إنسان غيره إلى بئر فوقع المجذوب فمات الجاذب بوقوعه عليه فالجاذب دمه هدر (30)، و لو مات المجذوب ضمن الجاذب ديته (31)،

______________________________

أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في أربعة اطلعوا في زبية الأسد فخر أحدهم فاستمسك بالثاني، و استمسك الثاني بالثالث، و استمسك الثالث بالرابع حتى أسقط بعضهم بعضا على الأسد فقتلهم الأسد، فقضي بالأول فريسة الأسد، و غرّم أهله ثلث الدية لأهل الثاني، و غرّم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية، و غرّم الثالث لأهل الرابع الدية كاملة» (1)، فالصحيحة مطابقة للقاعدة و على هذا لا موضوعية للزبية، بل يجرى الحكم في غيرها، كالغرق و الحرق و غير هما من مظان الخطر.

و أما رواية مسمع بن عبد الملك عن الصادق عليه السّلام: «إن قوما احتفروا زبية للأسد باليمن فوقع فيها الأسد فازدحم الناس عليها ينظرون إلى الأسد فوقع رجل فتعلق بآخر، فتعلق الآخر بآخر، و الآخر بآخر، فجرحهم الأسد فمنهم من مات من جراحة الأسد، و منهم من أخرج فمات، فتشاجروا في ذلك حتى أخذوا السيوف، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: هلموا أقض بينكم، فقضى أن للأول ربع الدية، و الثاني ثلث الدية، و الثالث نصف الدية و الرابع الدية كاملة، و جعل ذلك على قبائل الذين ازدحموا، فرضي بعض القوم و سخط بعض، فرفع ذلك إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و أخبر بقضاء أمير المؤمنين عليه السّلام، فأجازه» (2)، فهي خارجة عن ما نحن فيه، لإمكان حملها على جهات أخرى، و تأثير الازدحام في الوقوع و الافتراس و غير هما مما يوجب الموت. و اللّه العالم.

(30) لاستناد موته إلى فعل نفسه و اختياره.

(31) لقاعدة التسبيب إن لم يكن قاصدا للقتل، أو لم يكن الفعل مما يقتل

ص: 159


1- الوسائل: باب 4 من أبواب موجبات الضمان: 2.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 1.

و لو ماتا فدم الجاذب هدر، و دية المجذوب من مال الجاذب (32).

مسألة 14: لو عضّ رجل يد رجل عمدا و اختيارا فانتزعها من فيه فسقطت ثنايا العاض

(مسألة 14): لو عضّ رجل يد رجل عمدا و اختيارا فانتزعها من فيه فسقطت ثنايا العاض فلا شي ء عليه (33).

مسألة 15: لو تعثّر بحجر فالضمان على واضعه

(مسألة 15): لو تعثّر بحجر فالضمان على واضعه (34)، و لو تعثر به رجل فدحرجه ثمَّ تعثّر به آخر فالضمان على المدحرج (35)، إلا إذا لم يشعر به فالضمان على العاقلة (36).

مسألة 16: لو سبّب ما يوجب الضمان ثمَّ مات أو جن فالضمان باق يخرج من أمواله

(مسألة 16): لو سبّب ما يوجب الضمان ثمَّ مات أو جن فالضمان باق يخرج من أمواله (37).

______________________________

به غالبا، و إلا فعليه القود، كما مر مكررا.

(32) لما تقدم، مضافا إلى ظهور الإجماع، و لا فرق في ذلك إن البئر كانت محفورة في ملك نفسه أو ملك الغير أو في الطريق، كل ذلك لقاعدة التسبيب، كما عرفت.

(33) لقاعدة التسبيب، و جواز المدافعة عن النفس، و ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «في رجل عض يد رجل فانتزعها من فيه فسقطت ثنايا العاض فطلها» (1)، أي أهدرها، و لا فرق في ذلك بين الزوج و الزوجة و غير هما.

(34) لتحقق التسبيب، و قد يدخل في العمد أو في شبه العمد أو يكون من الخطأ، كما هو معلوم، و يكون الضمان في الأخير على العاقلة.

(35) لانتساب التسبيب بالنسبة إليه حينئذ.

(36) لأنه يكون من الخطأ المحض، و هو على العاقلة كما يأتي.

(37) لبقاء السببية عرفا، فيشمله إطلاق أدلة التسبيب، و لكن الأحوط

ص: 160


1- النهاية لابن الأثير ج: 3 صفحة: 136.
مسألة 17: لو سبب ما يوجب زيادة في البدن

(مسألة 17): لو سبب ما يوجب زيادة في البدن بحيث يوجب الشين أو قبح المنظر أو نحو ذلك ضمن (38).

______________________________

التصالح مع الورثة في الأول، و مع الولي في الثاني، لاحتمال انقطاع جهة التسبيب بعروض مثل هذه العوارض.

(38) لأنه سبّب ما يوجب الضرر بالنسبة إليه، كما إذا أشربه دواء فزاد إصبعا في يده أو لحما زائدا في وجهه يشينه، و حيث إنه لم يرد تحديد شرعي في البين فلا بد فيه من الحكومة.

نعم لو كان الدواء لأجل شفاء مرض، و كان يستلزم استعماله الزيادة في الجسم، أو يستلزم ضرر آخر، فلا ضمان على الطبيب مع اطلاع المريض بذلك، و ان لم يطلعه فالطبيب ضامن لما يحدث من الضرر و الشين، إلا إذا أخذ البراءة منه، كما مر.

ص: 161

الفصل الرابع في ديات الأعضاء

اشارة

الفصل الرابع في ديات الأعضاء الجنايات على الأطراف أما فيها تقدير شرعي أو لا، و الثاني لا بد فيه من الحكومة (1)، فيفرض الحر عبدا قابلا للتقويم و يقوّم صحيحه و معيبه و يؤخذ التفاوت بالنسبة (2)،

______________________________

(1) و قد يعبر عنها بالأرش، و يمكن الفرق بينهما اعتبارا: بأن الحكومة تخصّ في مورد حكم الحاكم، بفرض الحر المجني عليه عبدا غير مشين بهذه الجراحة، و قيمته بعد الشين، و تقدير جنايته بقدر جناية العبد من حيث المالية، و التفاوت بين الصحيح و المعيب، فيؤخذ بذلك التفاوت من الجاني و يعطى للمجني عليه الحر.

و أما الأرش فيمكن أن يلحظ مع قطع النظر عن فرضه عبدا، بأن يلحظ الحاكم الشرعي الخبير المطلع على الجنايات و صنفها و خصوصياتها قدر الجناية، ثمَّ الحكم حسب نظره، فيصير الأرش كإيكال التعزير إلى نظره، و لكن هذا يحتاج إلى خبرة و مهارة تامة.

و يمكن القول بأن الحكومة يصح شمولها للصلح و لو قهرا دون الأرش.

و كيف كان لا مشاح في الاصطلاح، لعدم ثمرة علمية بل و لا عملية في البين، بعد كون الحاكم الشرعي الخبير مسلّط على كل منهما بحسب ولايته.

(2) لدوران الأمر حينئذ بين تعطيل الجناية أو الأخذ بالمقدر الشرعي، أو

ص: 162

و لا بد من ملاحظة خصوصيات الصحيح و المعيب (3).

و أما التقدير الشرعي ففي موارد (4):

______________________________

هذا الوجه، و الأول باطل، و الثاني مفقود بالفرض، فيتعين ذلك لا محالة، مضافا إلى الإجماع، فيمكن أن تستفاد قاعدة كلية و هي: «لا جناية في الشريعة المقدسة ليست لها استيفاء و لا قصاص و لا دية»، لبطلان الجناية بلا مقدر شرعي عقلا و نقلا، أما العقل فلأنه ظلم، و هو قبيح بالنسبة إلى الشارع الأقدس. و أما النقل فما دلّ من الروايات الكثيرة، مثل صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «إن عندنا الجامعة، قلت: و ما الجامعة؟ قال: الجامعة صحيفة فيها كل حلال و حرام، و كل ما يحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش، و ضرب بيده إليّ فقال: أ تأذن يا أبا محمد؟ قلت: جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت، فغمزني بيده و قال: حتى أرش هذا» (1)، و غيرها من الروايات.

(3) لاختلاف القيم بذلك حتى لو كان حصول العيب إلى أمد. ثمَّ يزول، كما في شعر الرأس و الحاجب الذي ينبت بعد حين.

(4) ربما تبلغ أكثر من عشرين، و لكن يمكن إدخال بعضها في البعض فتصير أقل من ذلك، و لا ثمرة في التقليل و التكثير علما، بعد وضوح الموضوع و حكمه.

و يمكن هنا بيان قاعدة كلية ربما تستفاد من كلماتهم الشريفة، و هي: «إن كل ما في البدن واحد كاللسان و الأنف ففيه الدية كاملة، و كل ما كان في البدن اثنان ففي كل واحد منهما نصف الدية»، تدلّ عليها روايات، يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

ص: 163


1- الوسائل: باب 48 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

الأول: الشعر

اشارة

الأول: الشعر

مسألة 1: لو أزال شعر رأس الرجل- صغيرا كان أو كبيرا خفيفا كان أو كثيفا طويلا كان أو صغيرا- الدية كاملة إن لم ينبت

(مسألة 1): لو أزال شعر رأس الرجل- صغيرا كان أو كبيرا خفيفا كان أو كثيفا طويلا كان أو صغيرا- الدية كاملة إن لم ينبت (5)،

______________________________

(5) نصوصا، و إجماعا، ففي معتبرة سليمان بن خالد قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل صب ماء حارا على رأس رجل فامتعط شعره فلا ينبت، قال:

عليه الدية كاملة» (1)، و في رواية سلمة بن تمام قال: «أهرق رجل قدرا فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره فاختصموا في ذلك إلى علي عليه السّلام فأجّله سنة فجاء سنة فلم ينبت شعره، فقضى عليه بالدية» (2).

و لا فرق في ذهاب الشعر بأي وجه كان، كالحلق و الحرق أو صبّ المائع عليه أو إشراب دواء أو غيرها، لإطلاق ما تقدم بعد كون مورد الروايات من باب المثال. ثمَّ إن التأجيل إلى سنة في عدم الإنبات، كما في رواية سلمة فيما إذا احتمل الإنبات، و إلا فلا موضوعية للسنة بعد حكم الثقات من أهل الخبرة بعدم الإنبات، كما يأتي.

و ما عن الشهيد (قدس اللّه نفسه الزكية) من أن الدية الكاملة في إزالة شعر الرأس و اللحية معا، تمسكا بما تقدم من معتبرة سليمان بن خالد «فيمن امتعط شعر رأسه و لحيته فلا تنبت أبدا، قال: الدية كاملة» (3).

ص: 164


1- الوسائل: باب 37 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
2- الوسائل: باب 37 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 3.
3- التهذيب ج: 10 باب ديات الأعضاء و الجوارح: 25.

و في اللحية إذا حلقت أو نتفت و لم تنبت فالدية كاملة (6)، و إن نبتا ففي شعر الرأس الحكومة (7)، و في اللحية ثلث الدية (8)، و في شعر المرأة إن لم ينبت فالدية كاملة (9)، و إلا ففيه مهر نسائها (10).

______________________________

مخدوش .. أولا: بأن الواو قد يأتي للترديد بمعنى (أو).

و ثانيا: لم يضبط في الكافي الذي هو أضبط من غيره كلمة «و لحيته»، هذا إذا كان ذهاب الشعر على نحو الجناية، و أما لو أقدم الشخص على ذلك فلا شي ء على أحد، لإقدامه باختياره على الهدرية.

(6) نصا، و إجماعا، ففي معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في اللحية إذا حلقت فلم تنبت الدية كاملة، فإذا نبتت فثلث الدية» (1)، و لما تقدم من معتبرة سليمان بن خالد، بناء على إرادة (أو) من (واو) كما ذكرنا.

(7) لأنها الأصل في كل ما لا مقدر له كما تقدم.

(8) نصا- كما مرّ في معتبرة السكوني- و إجماعا، و لكن الأحوط التصالح بما تراضيا عليه من الحكومة، لذهاب جمع إليها.

(9) لمعتبرة عبد اللّه بن سنان- مضافا إلى الإجماع- قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك ما على الرجل و وثب على امرأة فحلق رأسها؟ قال يضرب ضربا وجيعا، و يحبس في سجن المسلمين حتى يستبرأ شعرها، فإن نبت أخذ منه مهر نسائها، و إن لم ينبت أخذ منه الدية كاملة، قلت: فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعرها؟ فقال: يا ابن سنان إن شعر المرأة و عذرتها شريكان في الجمال، فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كملا» (2).

(10) نصا، كما تقدم في معتبرة ابن سنان، و إجماعا.

ص: 165


1- الوسائل: باب 37 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 30 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
مسألة 2: لو نبت بعضه دون بعض يسقط مقدار الدية

(مسألة 2): لو نبت بعضه دون بعض يسقط مقدار الدية فيلاحظ نسبة غير النابت فيؤخذ نصف الدية إن كان نصفا و ثلثها إن كان ثلثا أو أقل أو أكثر منها و هكذا (11)، و لا يلاحظ كثافة الشعر و خفته في الشعر النابت جديدا (12)، و في النابت لا تسقط الحكومة (13).

مسألة 3: لو اختلفت صفات الشعر النابت مع الشعر الساقط بالجناية ففيه الحكومة

(مسألة 3): لو اختلفت صفات الشعر النابت مع الشعر الساقط بالجناية ففيه الحكومة (14)، و تشخيص التفاوت و تعيين قدره بنظر الثقات من أهل الخبرة (15).

مسألة 4: لو حكم ثقات أهل الخبرة بعدم الإنبات فأخذ الدية الكاملة

(مسألة 4): لو حكم ثقات أهل الخبرة بعدم الإنبات فأخذ الدية الكاملة ثمَّ نبت بعد مدة ردّ التفاوت إلى الجاني (16).

______________________________

و لا فرق بين الصغيرة و الكبيرة، مزوجة كانت أو غير مزوجة، لما مرّ من الإطلاق.

(11) لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «إن نبت بعضه دون بعض فبحساب ذلك» (1)، و للإجماع على اعتبار النسبة في أبعاض كل ماله مقدر شرعا في تمامه.

(12) للأصل، بعد عدم التعارف في ملاحظة ذلك.

(13) للأصل، بعد صدق الجناية في إذهاب الشعر.

(14) لأن الأصل هو الأرش أو الحكومة في كل ما لا تقدير له كما مر.

(15) لاعتبار قولهم في مثل هذه الموضوعات الخارجية، بعد عدم وجود تحديد فيها من الشرع، و كذا في تشخيص عدم إنبات الشعر أصلا، أو في مدة معينة.

(16) لانكشاف خلاف ما استحق. هذا إذا لم يحكم أهل الخبرة بأن

ص: 166


1- مستدرك الوسائل: باب 34 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
مسألة 5: لو زاد مهر مثل المرأة- إذا أنبت شعرها- على مهر السنة يؤخذ مهر المثل

(مسألة 5): لو زاد مهر مثل المرأة- إذا أنبت شعرها- على مهر السنة يؤخذ مهر المثل (17)، إلا إذا زاد على الدية الكاملة فليس لها إلا الدية (18)، و يضمن لو تلف- ما تداول في هذه الأعصار- من الشعر الصناعي (19).

مسألة 6: في شعر الحاجب إذا ذهب كله و لم ينبت مائتان و خمسون دينارا

(مسألة 6): في شعر الحاجب إذا ذهب كله و لم ينبت مائتان و خمسون دينارا (20)، و في بعض منه على حساب ذلك (21)، و إن نبت ففيه الحكومة (22)،

______________________________

الإنبات موهبة جديدة إلهية و ليس من مجرى الطبيعة، و إلا فلا وجه للرجوع، و لكن الأحوط التصالح.

(17) لأن مهر المثل هو المناط في تعيين تدارك مثل هذه الجناية الواردة على المرأة.

(18) لأن الدية تحديد شرعي لا يتجاوز عنها، بل يردّ ما تجاوز عنها إليها، و أما احتمال الرجوع إلى الأرش فلا وجه له بعد تعيين الشارع و تحديده.

(19) لقاعدة: «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» فيدفع عوضه مثلا أو قيمة.

(20) نصا، و إجماعا، ففي كتاب ظريف المعتبر عن علي عليه السّلام «و ان أصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين مائتا دينار و خمسون دينارا، فما أصيب منه فعلى حساب ذلك» (1)، و المراد من الدينار المثقال الشرعي المسكوك، كما مر في مسألة 1 من الفصل الثاني في مقادير الديات، فيكون في شعر الحاجبين معا خمسمائة دينار.

(21) للإجماع، و لما تقدم في معتبر ظريف.

(22) لأنها الأصل فيما لا تقدير فيه شرعا كما مر.

ص: 167


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الأعضاء: 3 و 5.

و لو نبت بعض و لم ينبت بعض ففي غير النابت بالحساب و في النابت الأرش (23).

مسألة 7: في الأهداب الأربع فقط الحكومة

(مسألة 7): في الأهداب الأربع فقط الحكومة (24)، سواء نبتت أو لم تنبت أو نبت بعض دون بعض (25)، و أما ذهابها مع الأجفان فهي تابعة لها (26).

مسألة 8: يثبت الأرش غير ما تقدم من الشعر إن قلع منفردا

(مسألة 8): يثبت الأرش في غير ما تقدم من الشعر إن قلع منفردا (27)، و لا شي ء فيه لو انضم إلى العضو إذا قطع أو إلى الجلد إذا كشط (28).

مسألة 9: لو كان إزالة الشعر موجبة للكمال دون النقص بشهادة العرف و أهل الخبرة ففي ثبوت الدية أو الأرش إشكال

(مسألة 9): لو كان إزالة الشعر موجبة للكمال دون النقص بشهادة العرف و أهل الخبرة ففي ثبوت الدية أو الأرش إشكال (29).

______________________________

(23) أما الحساب فلما مر آنفا، و أما الأرش فلما تقدم في شعر الرأس.

(24) لعدم ورود تحديد فيه بالخصوص من الشارع، و كل ما كان كذلك فالأصل فيه الأرش أو الحكومة كما تقدم. و المراد من الأهداب الشعور النابتة على أجفان العين.

(25) لما تقدم في سابقة، نعم يختلف الأرش باختلاف الأقسام كما هو واضح.

(26) لعدم ملاحظة الأهداب حينئذ مستقلة، فهي تابعة كتبعية شعر اليد لليد، أو تبعية شعر الرأس في الشجاج و هكذا.

(27) لما تقدم من أن الأصل الأرش فيما لا تقدير فيه من الشرع، كشعر اليدين أو الرجلين.

(28) للتبعية في جميع ذلك، فلا شي ء في شعر الساعد أو الساق أو الحاجب إذا قطع عضوها سوى دية الساعد أو الساق أو محل الحاجب.

(29) من عدم حصول النقص بشهادة أهل الخبرة، بل حصل الكمال كما

ص: 168

مسألة 10: يثبت الأرش في إزالة شعر العبد و الخنثى المشكل

(مسألة 10): يثبت الأرش في إزالة شعر العبد و الخنثى المشكل (30)، و لو فرض أن إزالة الشعر في العبد أو الأمة تزيد في القيمة أو لا ينقص منها لا شي ء عليه إلا التعزير (31).

______________________________

هو المفروض، فلا شي ء عليه. و من أن الدية أو الأرش و الحكومة تحديدات شرعية لإزالة الشعر مطلقا، فلا بد من الدية أو الأرش في ما نقص عن الخلقة الأصلية و الأحوط التصالح في المقام.

(30) لعدم إحراز التحديد الشرعي في كل منهما، فيرجع إلى الأرش- و هو التفاوت بين الصحيح و المعيب- لا محالة كما تقدم.

(31) أما عدم شي ء على الجاني لعدم نقص في المالية حينئذ كما هو المفروض، و أما التعزير لأنه تصرف في ما يتعلق بالغير بدون إذن صاحبه، فهو نحو ظلم لا بد فيه من التعزير.

ص: 169

الثاني: العينان

اشارة

الثاني: العينان

مسألة 11: في العينين الدية كاملة و في كل واحدة منهما نصفها

(مسألة 11): في العينين الدية كاملة و في كل واحدة منهما نصفها (32)، و لا فرق بين العين الصحيحة و غيرها كالأعمش و الأحول و الأعشى و الأخفش و الأرمد (33).

مسألة 12: لو كان في عينه بياض فإن كانت الرؤية و الإبصار باقيا فالدية تامة

(مسألة 12): لو كان في عينه بياض فإن كانت الرؤية و الإبصار باقيا فالدية تامة (34)، و إلا سقطت من الدية بمقدار النقص لو أمكن التشخيص (35)،

______________________________

(32) نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام «في الرجل يكسر ظهره، قال: فيه الدية كاملة، و في العينين الدية، و في إحداهما نصف الدية» (1)، و في معتبرة سماعة قال: «سألته عن اليد، قال: نصف الدية، و في الاذن نصف الدية .. و العين الواحدة نصف الدية» (2)، و في صحيح زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «و في العينين الدية و في أحدهما نصف الدية» (3)، و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية مثل اليدين و العينين، قلت: رجل فقئت عينه؟ قال: نصف الدية» (4)، إلى غير ذلك من الروايات.

(33) لإطلاق ما مر من الروايات.

(34) لسلامة العضو حينئذ، فيشمله ما مرّ من الإطلاق.

(35) و لو بالرجوع إلى الثقات من أهل الخبرة إذا عينوا أن الذاهب نصف

ص: 170


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 4.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 10 و 6 و 1.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 10 و 6 و 1.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 10 و 6 و 1.

و إلا ففيه الحكومة (36).

مسألة 13: في العين الصحيحة من الأعور الدية كاملة إن كان العور خلقة أو بآفة سماوية

(مسألة 13): في العين الصحيحة من الأعور الدية كاملة إن كان العور خلقة أو بآفة سماوية (37)، و إن لم يكن كذلك كما إذا كان بجناية أو كان قصاصا- فعليه نصف الدية (38)،

______________________________

الرؤية أو ربعها أو أكثر أو أقل، فيقسط الحاكم الدية بالحساب كما مرّ.

(36) لأنها الأصل فيما لا تقدير له شرعا، و لو من جهة عدم التشخيص و التعيين.

(37) نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال «في عين الأعور الدية كاملة» (1)، و مثله معتبرة أبي بصير (2)، و في صحيح محمد بن قيس قال: «قال أبو جعفر عليه السّلام قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت، أن تفقأ إحدى عيني صاحبه، و يعقل له نصف الدية، و إن شاء أخذ دية كاملة و يعفى عن عين صاحبه» (3)، و قريب منه رواية عبد اللّه ابن الحكم (4)، و يقتضيه الاعتبار أيضا، لأن العين الواحدة له حينئذ بمنزلة عينين بالنسبة إلى الرؤية، فهي فيه مثل الأنف.

(38) نصوصا، و إجماعا، كقول الصادق عليه السّلام في صحيح زرارة «في العينين الدية و في إحداهما نصف الدية» (5)، و مثله غيره من الإطلاقات كما تقدم، خرج منها الأعور خلقة أو بآفة سماوية دون غير هما، مع أن أخذه العوض لعينه الفائتة سابقا أو استحقاقه له أو الذهاب قصاصا لجنايته لا ينزل عينه الموجودة منزل العينين، بل يكون من إحدى العينين فقط، فتشمله الإطلاقات المتقدمة، و لا فرق في ذلك بين أنه أخذ ديتها أم لا، و سواء كان قادرا على الأخذ أم لا، أو كان العور

ص: 171


1- الوسائل: باب 27 من أبواب ديات الأعضاء.
2- الوسائل: باب 27 من أبواب ديات الأعضاء.
3- الوسائل: باب 27 من أبواب ديات الأعضاء: 2 و 4.
4- الوسائل: باب 27 من أبواب ديات الأعضاء: 2 و 4.
5- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 6.

و في خسف العين العوراء أو قلعها ثلث الدية (39)، سواء كانت العوراء خلقة أو بالجناية (40).

______________________________

لأجل القصاص أو لا، كل ذلك لما تقدم من الإطلاق.

(39) نصا، و إجماعا، ففي صحيح بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السّلام: «في لسان الأخرس و عين الاعمى و ذكر الخصي و أنثييه، ثلث الدية» (1).

و أما رواية عبد اللّه بن أبي جعفر عن الصادق عليه السّلام: «في العين العوراء تكون قائمة فتخسف، فقال: قضى فيها علي بن أبي طالب عليه السّلام نصف الدية في العين الصحيحة»(2)، أي ربع الدية، و منها رواية عبد اللّه بن سليمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل فقأ عين رجل ذاهبة و هي قائمة، قال: عليه ربع دية العين» (3).

يمكن حملهما على ذهاب بعض مراتب البصر بمقدار التفاوت بين الربع و الثلث الذي هو نصف السدس، لأن للإبصار و الرؤية مراتب كثيرة جدا، مضافا إلى قصور السند فيهما، و إعراض المشهور عنهما.

و مما ذكرنا يظهر الحال في صحيح أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس؟ فقال: إن كان ولدته أمه و هو أخرس فعليه ثلث الدية، و إن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد ما كان يتكلم، فإنّ على الذي قطع لسانه، ثلث دية لسانه. قال: و كذلك القضاء في العينين و الجوارح، قال: و هكذا وجدناه في كتاب علي عليه السّلام» (4)، فالمراد من العينين كل واحد منهما بقرينة صحيح بريد، فلا ينافي ما ذكرنا.

(40) لإطلاق ما تقدم في صحيح بريد بن معاوية.

ص: 172


1- الوسائل: باب 31 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 29 من أبواب ديات الأعضاء: 1 و 2.
3- الوسائل: باب 29 من أبواب ديات الأعضاء: 1 و 2.
4- الوسائل: باب 31 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
مسألة 14: لو فقأ أعور عين صحيح قلعت عينه الصحيحة و إن عمي

(مسألة 14): لو فقأ أعور عين صحيح قلعت عينه الصحيحة و إن عمي (41)، و إن قلع عينيه كان مخيرا بين أن يأخذ دية كاملة منه أو يقلع إحدى عيني الجاني مع أخذ نصف الدية منه (42).

مسألة 15: في تمام الأجفان الدية الكاملة

(مسألة 15): في تمام الأجفان الدية الكاملة (43)، و في تقدير كل جفن الأعلى منها ثلث دية العين و الأسفل منها النصف (44).

______________________________

(41) لما تقدم في مسألة 33 من (فصل القصاص في ما دون النفس).

(42) لما مرّ من العمومات، و الإطلاقات من غير تقييد في البين.

(43) نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح هشام بن سالم عن الصادق عليه السّلام قال:

«كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية و في أحد هما نصف الدية» (1)، و في صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل ما في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية مثل اليدين و العينين، قال: قلت: رجل فقئت عينه؟ قال: نصف الدية» (2)، الى غير ذلك من الروايات بتقريب كل جفنين بمنزلة العين الواحدة، بقرينة الإجماع.

(44) نصا، و اعتبارا، لأن الشفر الأسفل أكثر نفعا للعين من غيره، كما عن بعض المتخصصين، و الجفن الأسفل بمنزلة الشفة السفلى التي يأتي فيها التفصيل، و في معتبر ظريف قال: «أفتى أمير المؤمنين عليه السّلام فكتب الناس فتياه، و كتب به أمير المؤمنين إلى أمرائه و رؤوس أجناده فمما كان فيه: إن أصيب شفر العين الأعلى فشتر فديته ثلث دية العين مائة دينار و ستة و ستون دينارا و ثلثا دينار، و إن أصيب شفر العين الأسفل فشتر فديته نصف دية العين مائتا دينار و خمسون دينارا» (3).

و أما القول بأن في كل واحد منها ربع الدية، فلا دليل له إلا التقسيط،

ص: 173


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 12 و 1.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 12 و 1.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الأعضاء: 3.
مسألة 16: إذا فقأ عين شخص و ادعى الجاني أنها كانت لا تبصر يقدم قول المجني عليه مع يمينه

(مسألة 16): إذا فقأ عين شخص و ادعى الجاني أنها كانت لا تبصر و ادعى المجني عليه أنها كانت صحيحة يقدم قول المجني عليه مع يمينه (45).

مسألة 17: الأهداب تتداخل مع الأجفان بخلاف الأجفان

(مسألة 17): الأهداب تتداخل مع الأجفان (46)، بخلاف الأجفان فإنها لا تتداخل مع الأهداب كما لا تتداخل مع العينين (47).

______________________________

فيكون كل جفنين بمنزلة عين واحدة، فيقع لكل واحد منها الربع لا محالة، و هذا مخالف للنص المتقدم.

و كذا القول بأن في الأعلى ثلثاها، و في الأسفل الثلث، فلا دليل له سوى دعوى الإجماع، و إثباتها على مدعيه، نعم الأحوط التصالح.

(45) أما تقديم قول المجني عليه فلأصالة الصحة، إلا أن يثبت الجاني دعواه بحجة شرعية، و أما اليمين فلما مر مكررا من أنها لقطع النزاع و الخصومة.

و ما عن المحقق و غيره من تقديم قول الجاني لأصالة البراءة عما يدعيه المجني عليه، فهو مخدوش لما أثبتناه في الأصول من تقديم الأصول الموضوعية على الحكمية.

(46) لما تقدم في (مسألة 7).

(47) للأصل في كل منهما.

ص: 174

الثالث: الأنف

اشارة

الثالث: الأنف

مسألة 18: إذا استؤصل الأنف كله ففيه الدية كاملة

(مسألة 18): إذا استؤصل الأنف كله ففيه الدية كاملة (48)، و كذا في قطع مارنه (49)، و لو قطع المارن و بعض قصبة الأنف دفعة فالدية كاملة (50)، و لو قطع المارن ثمَّ بعض القصبة فالدية كاملة في المارن و الحكومة في القصبة (51)، و إذا قطع المارن ثمَّ قطع تمام القصبة ففي المارن الدية و في القصبة الحكومة (52).

______________________________

(48) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح عبد اللّه بن سنان: «في الأنف إذا استؤصل جدعه الدية» (1)، و في موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «في الأنف إذا قطع الدية كاملة» (2)، إلى غير ذلك من الروايات، و تقتضيه القاعدة التي أسسها الصادق عليه السّلام و هي: «كل ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية، و ما فيه اثنان ففي أحد هما نصف الدية»، فلا فرق بين الأخشم و المخزوم، لأن أنف الأخشم لا عيب فيه و إنما العيب في غيره، و كذا المخزوم كما يأتي.

(49) و هو ما لان منه و نزل عن قصبته، لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة الحلبي: «في الأنف إذا قطع المارن الدية» (3)، و في صحيح زرارة عنه عليه السّلام أيضا:

«في الأنف إذا قطع المارن الدية» (4)، و غير هما من الروايات.

و لو قطع بعض المارن فتكون الدية بحسابه أي حسب حصة المساحة بالنصف أو الثلث.

(50) للأصل، و لما مر من النصوص، و لا تعدد في الجناية حتى يحتمل التداخل، كما عن بعض الفقهاء (قدس اللّه نفسه الزكية).

(51) لأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا.

(52) أما الأول فلما تقدم، و أما الثانية فلأنها الأصل في كل ما لا تقدير له

ص: 175


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 5 و 7 و 3 و 6.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 5 و 7 و 3 و 6.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 5 و 7 و 3 و 6.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 5 و 7 و 3 و 6.
مسألة 19: لو كسر الأنف أو أحرق ففسد ففيه الدية كاملة

(مسألة 19): لو كسر الأنف أو أحرق ففسد ففيه الدية كاملة (53)، و إذا جبر على نحو عادت الصحة فمائة دينار (54).

مسألة 20: لو نفذت فيه نافذة فخرقت المنخرين و الوترة جميعا على وجه لا تنسد فثلث الدية

(مسألة 20): لو نفذت فيه نافذة فخرقت المنخرين و الوترة جميعا على وجه لا تنسد فثلث الدية (55)، و كذا في خرق أحد المنخرين (56)،

______________________________

شرعا، و الأحوط للجاني التصالح مع المجني عليه، لاحتمال ثبوت الدية في القصبة.

(53) لما تقدم من القاعدة: «كل ما في البدن واحد ففيه الدية و ما فيه اثنان ففي أحد هما نصف الدية»، فهي بعمومها شاملة للكسر و الإفساد و الاستيصال.

(54) للإجماع، و لما يستفاد من معتبر ظريف الآتي، إن كل ما كان في كسره الدية إذا جبر و عاد على غير عيب و لا عثم، ففيه مائة دينار أي مائة مثقال شرعي من الذهب، و لا خصوصية في الكسر أو الحرق، بل يشمل غير هما إن تحقق فساد الأنف، ثمَّ عادت السلامة.

(55) نصا، و إجماعا، فعن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «و إن نفذت فيه نافذة لا تنسد بسهم أو رمح فديته ثلاثمائة دينار و ثلاثة و ثلاثون دينارا و ثلث دينار» (1).

(56) لمعتبر غياث عن جعفر عن أبيه عن على عليهم السّلام: «أنه قضى في كل جانب من الأنف ثلث دية الأنف» (2)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في رواية عبد الرحمن:

«في خشاش الأنف كل واحد ثلث الدية» (3)، و الخشاش (بكسر الخاء) عود يجعل في أنف الجمل ليكون أسرع في زمامه و انقياده، و المراد من الرواية محل الخشاش تسمية للمحل باسم الحال، و كيف كان فإنها ظاهرة في المطلوب.

و ما عن الشيخ و غيره من أن فيه نصف الدية لأنه إذهاب نصف الجمال، مخالف لما تقدم من النص، و كذا القول بربع الدية.

ص: 176


1- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 43 من أبواب ديات الأعضاء: 1- 2.
3- الوسائل: باب 43 من أبواب ديات الأعضاء: 1- 2.

أو في ثقبه (57)، و أما لو جبر و صلح ففيه الحكومة (58).

مسألة 21: لو استلزمت الجناية شلل الأنف ففيه ثلثا دية الأنف صحيحا

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 29، ص: 177

(مسألة 21): لو استلزمت الجناية شلل الأنف ففيه ثلثا دية الأنف صحيحا (59)، و لو استؤصل الأشل ففيه ثلث الدية (60)، سواء كان الأشل خلقة أم بالجناية (61).

مسألة 22: في الروثة من الأنف إذا استؤصلت نصف الدية

(مسألة 22): في الروثة من الأنف إذا استؤصلت نصف الدية (62)،

______________________________

(57) لقول الصادق عليه السّلام في رواية مسمع: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في خرم الأنف ثلث دية الأنف» (1)، و الخرم: الثقب و الثلم.

(58) لعدم خلو الجناية عن العوض كما تقدم، و الأحوط للحاكم الشرعي ملاحظة العشر لرواية ظريف عن علي عليه السّلام: «و إن كانت نافذة فبرأت و التأمت فديتها خمس دية روثة الأنف» (2). و التصالح على الخمس لدعوى الإجماع عليه.

(59) لقاعدة: «أن الجناية إذا أوجبت الشلل في العضو تكون ديتها ثلثي دية ذلك العضو المشلول صحيحا» المستندة إلى النص، و الإجماع، على ما يأتي في الجناية على أصابع اليد.

(60) للقاعدة التي أسسها أبو جعفر الباقر عليه السّلام: «كل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح» (3)، بلا فرق بين الأنف و غيره، مضافا إلى الإجماع في المقام.

(61) لإطلاق ما تقدم.

(62) نصا، و إجماعا، ففي كتاب ظريف عن علي عليه السّلام «فإن قطع روثة

ص: 177


1- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
3- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

و إذا قطع أحد المنخرين مع الروثة فثلث الدية و نصفها (63)، و في قطع بعض الروثة الدية بنسبة المقطوع و كذا في المنخر (64).

مسألة 23: لو قطع مع المارن لحما متصلا بالشفتين فعليه الدية مع الحكومة

(مسألة 23): لو قطع مع المارن لحما متصلا بالشفتين فعليه الدية مع الحكومة (65)

مسألة 24: لو عوج الأنف بالضرب أو تغير لونه فالحكومة

(مسألة 24): لو عوج الأنف بالضرب أو تغير لونه فالحكومة (66)، و كذا لو شق ما بين المنخرين (67)،

______________________________

الأنف- و هي طرفه- فديته خمسمائة دينار» (1).

و في روثة الأنف احتمالات:

الأول: أنها طرف الأنف.

الثاني: أنها الحاجز بين المنخرين.

الثالث: أنها مجمع المارن.

و يمكن أخذ الجامع القريب في جميع ذلك و هو طرفه من مقدمة الأنف الشامل لمجمع المارن و المنخرين.

(63) لأن في أحد المنخرين الثلث كما تقدم، و في الروثة النصف لما مر.

(64) أي: بنسبة المقطوع إلى الجميع، فنصف الثلث في أحد المنخرين لو كان المقطوع نصفا أو ربعه لو كان كذلك. و هكذا في الروثة فديتها بحساب المقطوع.

(65) اما الدية فلما مر في مسألة 18، و أما الحكومة فلأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا.

(66) لعدم مقدر شرعي فيهما، فالمرجع إليها صلح، زال العيب بعد ذلك أو لا. نعم إن لم يصلح فالحكومة أكثر، كما هو واضح.

(67) لأنها الأصل كما تقدم، سواء بقي منفرجا أو التأم، و لكن الحكومة في

ص: 178


1- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

و إذا قطع أنفه فذهب شمّه فعليه ديتان (68).

مسألة 25: إذا قطع الأنف بكامله و بقي متعلقا بجلدة

(مسألة 25): إذا قطع الأنف بكامله و بقي متعلقا بجلدة فان لم يصلح و لا بد من الإبانة فعليه الدية كاملة (69)، و إن ردّه هو أو المجني عليه فالتحم أو المجني عليه فالحكومة (70).

______________________________

الأول أكثر كما لا يخفى.

(68) دية قطع الأنف، و دية المنفعة: و هي ذهاب الأنف.

(69) لأنه قطع الأنف عرفا، و أن التعلق بالجلدة لا أثر له.

(70) لبقاء الأنف و عدم الإبانة، فالمرجع إليها إن لم يكن الالتحام نعمة جديدة مستقلة أنعم اللّه تعالى عليه، فحينئذ عليه الدية.

ص: 179

الرابع: الاذن

اشارة

الرابع: الاذن

مسألة 26: في الأذنين إن استؤصلتا دفعة فالدية كاملة

(مسألة 26): في الأذنين إن استؤصلتا دفعة فالدية كاملة (71)، و في أحد هما نصف الدية (72)، و في بعضها بحساب ديتها (73).

مسألة 27: في خصوص شحمة الاذن ثلث دية الاذن

(مسألة 27): في خصوص شحمة الاذن ثلث دية الاذن (74)،

______________________________

(71) نصوصا، و إجماعا كما تقدم في القاعدة التي أسسها جعفر بن محمد عليهما السّلام، و في موثق العلاء بن الفضيل: «و في أذنيه الدية كاملة» (1)، و في صحيح الحلبي: «و في الأذنين الدية» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(72) لما عن على عليه السّلام في كتاب ظريف: «في الأذنين إذا قطعت أحدهما فديتها خمسمائة دينار» (3)، و في معتبرة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «و في الاذن إذا قطعت نصف الدية» (4)، و غير هما من الروايات، مضافا إلى القاعدة المتقدمة، و الإجماع.

(73) لما عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «و ما قطع منها فبحساب ذلك» (5)، فان كان نصفا من أحد هما فربع الدية، أو ثلثا فسدس الدية، و هكذا.

(74) نصا، و إجماعا، ففي معتبرة غياث عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام:

«أنه قضى في شحمة الاذن بثلث دية الاذن» (6)، و قريب منها رواية مسمع

ص: 180


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 8.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 4.
3- الوسائل: باب 7 من أبواب ديات الأعضاء.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 5.
5- الوسائل: باب 7 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
6- الوسائل: باب 43 من أبواب ديات الأعضاء:

و كذا في خرم الاذن (75)، و أما في خرم الشحمة الحكومة (76).

مسألة 28: لو استلزمت الجناية شلل الاذن فعليه ثلثا ديتها صحيحة

(مسألة 28): لو استلزمت الجناية شلل الاذن فعليه ثلثا ديتها صحيحة (77)، و لو قطعها بعد الشلل فثلث ديته (78).

مسألة 29: لو تغير لون الاذن بالضرب أو الجرّ ففيه الحكومة

(مسألة 29): لو تغير لون الاذن بالضرب أو الجرّ ففيه الحكومة، و كذا إن لواها و تألم به (79).

مسألة 30: الأصم فيما تقدم كالصحيح

(مسألة 30): الأصم فيما تقدم كالصحيح (80)، و لو قطع الاذن فسرى إلى الصمم ففيه دية الاذن و دية المنفعة من غير تداخل و كذا لو نقص السمع (81).

______________________________

عنه عليه السّلام أيضا (1)، و في قطع بعض الشحمة بحسابها، كما تقدم في قطع بعض أصل الاذن.

(75) للإجماع، و الأحوط التصالح مع الجاني في الثلث.

(76) لعدم التقدير فيه عرفا، و لكن الأحوط للحاكم الشرعي المصالحة مع الجاني بثلث دية الشحمة، لدعوى الإجماع كما عن بعض.

(77) لما تقدم من القاعدة في مسألة 21، مضافا إلى الإجماع في المقام.

(78) لما مر في الأنف من القاعدة، بعد عدم الخصوصية فيه، فراجع

مسألة 21 و لا حاجة للتكرار

(مسألة 21) و لا حاجة للتكرار.

(79) للأصل فيهما، بعد عدم التقدير لهما شرعا.

(80) لأن الصمم آفة السماع و ليس نقصا في الاذن، مضافا إلى الإجماع.

(81) للأصل في كل منهما، و سيأتي في الفصل الآتي أن دية ذهاب السمع كله ألف دينار، أي الدية الكاملة.

ص: 181


1- الوسائل: باب 7 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
مسألة 31: لو قطع الاذن فأوضح العظم وجب دية الاذن و دية الموضحة

(مسألة 31): لو قطع الاذن فأوضح العظم وجب دية الاذن و دية الموضحة (82)، و لو قطعها و بقيت متعلقة بجلدة فكما تقدم في الأنف (83).

______________________________

(82) لأصالة عدم التداخل في كل منهما بعد تعدد السبب. نعم لو كانت الجناية توجب دية كاملة، كما إذا شج رأسه فذهب عقله، تلزمه الدية الكاملة على ما يأتي في ذهاب المنافع، فحينئذ لا وجه لوجوب دية الشجة بعد تعلق الدية الكاملة، لأن ما نقصت يدخل تحته كما يأتي.

(83) بلا فرق بين الأنف و الاذن، لأن الحكم حسب القاعدة، و لا نص بالخصوص في المقام.

ص: 182

الخامس: الشفتان

اشارة

الخامس: الشفتان

مسألة 32: في الشفتين إذا استؤصلتا دفعت الدية كاملة

(مسألة 32): في الشفتين إذا استؤصلتا دفعت الدية كاملة (84). و لو قطعتا متعاقبتين، ففي العليا منهما النصف (85)، و في السفلى منهما ثلثا الدية (86)،

______________________________

(84) نصا، و إجماعا بين المسلمين، و تقتضيه القاعدة المتقدمة.

و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «و في الشفتين الدية» (1)، و في كتاب الديات المعروض على أبي الحسن الرضا عليه السّلام كما في صحيحة يونس:

«و الشفتين إذا استؤصلا ألف دينار» (2)، و مثلهما غير هما.

(85) لما تقدم من القاعدة، و لما ورد في كتاب ظريف بالخصوص، فعن علي عليه السّلام: «و إذا قطعت الشفة العليا و استؤصلت فديتها خمسمائة دينار، فما قطع منها فبحساب ذلك» (3).

(86) لما ورد عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف، المعلل فيه بأن السفلى أكثر نفعا، و لذا فضلها علي عليه السّلام في الدية على العليا، فيقدم على غيره من العمومات المتقدمة، لكونه بمنزلة الحاكم و الشارح لها قال عليه السّلام: «و دية الشفة السفلى إذا استوصلت ثلثا الدية ستمائة و ستة و ستون دينارا و ثلثا دينار، فما قطع منها فبحساب ذلك- إلى أن قال ظريف- فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك، فقال: بلغنا أن أمير المؤمنين عليه السّلام فضلها، لأنها تمسك الماء و الطعام مع الأسنان، فلذلك

ص: 183


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 2.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 2.
3- الوسائل: باب 5 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

و لو قطع بعض منهما فبحساب المقطوع (87).

مسألة 33: لو ضربهما فاسترختا دفعة ففيه ثلثا دية الشفتين

(مسألة 33): لو ضربهما فاسترختا دفعة ففيه ثلثا دية الشفتين (88)،

______________________________

فضلها في حكومته» (1).

و أما رواية أبان بن تغلب عن الصادق عليه السّلام قال: «في الشفعة السفلى ستة الاف درهم، و في العليا أربعة الاف درهم، لأن السفلى تمسك الماء» (2)، فهي محمولة على المراضاة بينهما، إن لم يمكن الجمع بينهما و بين ما ورد عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف، لاختلاف قيمة الدراهم، مع قطع النظر عن قصور سندها.

و أما ما اختاره جمع من الفقهاء (قدس اللّه أسرارهم) من أن في العليا الثلث و في السفلى الثلاثين، بدعوى الإجماع، فعهدة إثباتها على مدعيها بالنسبة إلى العليا فقط، و أما السفلى فهي منصوصة كما مر.

و مما ذكرنا يظهر الحال في معتبرة سماعة عنه عليه السّلام: «الشفتان العليا و السفلى سواء في الدية» (3)، فهي محمولة على أصل وجوب الدية لا مقدارها، و على فرض استفادة المقدار منها يقدم ما ورد عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف، لما أثبتنا في محله من أن المعلل مقدم على غيره. و كيف كان فالأحوط التصالح بينهما. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

(87) لما تقدم عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «فما قطع منها فبحساب ذلك»، ففي النصف تكون الدية نصفا و في الربع تكون ربعا و هكذا، و لا بد من ملاحظة مقدار المقطوع طولا و عرضا، و لا فرق بين الشفة العليا و السفلى، فكل منهما بحسابها.

(88) لما تقدم في (مسألة 21) فلا وجه للتكرار. و الاسترخاء نوع من

ص: 184


1- الوسائل: باب 5 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 5 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 10.

و لو استؤصلت المسترخية ففيها ثلث الدية (89)، و لو جنى عليها حتى تقلصت ففيها الحكومة (90).

مسألة 34: حدّ الشفة

(مسألة 34): حدّ الشفة في العليا عرضا ما تجافت عن اللثة متصلة بالمنخرين و الحاجز و طولها مع طول الفم و السفلى ما تجافت عن اللثة عرضا و طولها طول الفم (91).

مسألة 35: لو تغير لونها بالضرب أو الجر ففيه الحكومة

(مسألة 35): لو تغير لونها بالضرب أو الجر ففيه الحكومة (92)، و كذا لو تورمت و لم تنشق (93).

مسألة 36: إذا شق الشفتين حتى بدت الأسنان فعليه ثلث الدية إن لم تبرء و لم تلتئم

(مسألة 36): إذا شق الشفتين حتى بدت الأسنان فعليه ثلث الدية إن لم تبرء و لم تلتئم (94)،

______________________________

الشلل، لم تنفصل الشفة عن الأسنان بضحك و نحوه.

(89) لما مر من القاعدة في مسألة 21، و يلاحظ الثلث في كل منهما حسب ما هو المقدر شرعا.

(90) لأنها الأصل في ما لا مقدر له شرعا، و كذا لو تقلصتا بعض التقليص أو أحد هما كذلك. و المراد من التقلص، عدم الانطباق على الأسنان، و لا فرق فيها بين زوال التقلص في المستقبل بقول أهل الخبرة و عدمه.

(91) بشهادة العرف و المتخصصين في علم التشريح و الجراحات، و ليس حاشية الشدقين (جانب ألف) منهما.

(92) لأنها الأصل في كل جناية لا تقدير لها شرعا، كما تقدم مكررا.

(93) لما تقدم في سابقة.

(94) إجماعا، بل عن جمع دعوى قطع الأصحاب.

و أما ما ورد في كتاب ظريف من أنه لا توافق الثلث كما يأتي، فمحمول على كثرة الشين و بعض مراتبه حتى لا ينافي مورد قطع الأصحاب، فيجمع بينهما بذلك.

ص: 185

فإن برأت فخمس الدية (95)، و في إحداهما ثلث الدية إن لم تبرأ و إن برأت فخمس ديتها (96).

______________________________

(95) نصا، و إجماعا، ففي كتاب ظريف عن علي عليه السّلام: «فإن انشقت (الشفة العليا) حتى تبدو منها الأسنان ثمَّ دويت و برأت و التأمت فديتها مائة دينار، فذلك خمس دية الشفة (العليا) إذا قطعت و استؤصلت- إلى أن قال- فإن شترت فشينت شيئا قبيحا فديتها مائة دينار و ثلاثة و ثلاثون دينارا و ثلث دينار و دية الشفة السفلى- إلى أن قال- فإن انشقت حتى تبدو الأسنان منها ثمَّ برأت و التأمت فديتها مائة و ثلاثة و ثلاثون دينارا و ثلث دينار، و إن أصيبت فشينت شيئا قبيحا فديتها ثلاثمائة و ثلاثة و ثلاثون دينار، و ذلك نصف ديتها» (1)، فهذه الرواية لا توافق الثلث، فلا بد من حملها على ما تقدم حتى لا تنافي دعوى قطع الأصحاب. و اللّه العالم.

(96) ظهر وجه كل منهما كما تقدم.

ص: 186


1- الوسائل: باب 5 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

السادس: اللسان

اشارة

السادس: اللسان

مسألة 37: في استيصال اللسان الصحيح عضوا و نطقا الدية كاملة

(مسألة 37): في استيصال اللسان الصحيح عضوا و نطقا الدية كاملة (97) و في لسان الأخرس مع الاستيصال ثلث الدية (98).

______________________________

(97) نصوصا، و إجماعا، فعن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «و اللسان إذا استوصل ألف دينار»(1)، و في معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام «في اللسان إذا قطع الدية كاملة» (2)، و غير هما من الروايات و تقتضيه القاعدة المتقدمة.

(98) نصا، و إجماعا، ففي صحيح بريد عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «في لسان الأخرس و عين الاعمى و ذكر الخصي و أنثييه ثلث الدية» (3)، و مقتضى إطلاقه، عدم الفرق بين أن يكون الخرس من علة و آفة أو كان خلقة.

و أما موثق أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس؟ فقال: إن كان ولدته امه و هو أخرس فعليه ثلث الدية، و إن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد ما كان يتكلم فإن على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه، قال: و كذلك القضاء في العينين و الجوارح، قال: و هكذا وجدناه في كتاب علي عليه السّلام» (4)، فهو و إن كان شارحا لما تقدم من صحيح بريد، و لكن أسقطه عن الاعتبار هجر الأصحاب عنه في المقام و في العينين و سائر الجوارح كما مر.

ص: 187


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 10.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 7.
3- الوسائل: باب 31 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
4- الوسائل: باب 31 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
مسألة 38: لو قطع بعض لسان الأخرس فبحساب المساحة

(مسألة 38): لو قطع بعض لسان الأخرس فبحساب المساحة (99)، و أما في اللسان الصحيح فيعتبر قطعه بحروف المعجم لا بالمساحة (100)،

______________________________

(99) إجماعا، و لما تقدم في سائر الأعضاء و الجوارح، فإذا قطع نصف لسان الأخرس تكون الدية نصف الثلث، و لو قطع ربعه فالدية ربع الثلث، و هكذا.

(100) نصا، و إجماعا، بل و اعتبارا، لأن المدار في مقادير الجنايات على المنفعة الغالبة، بل الأكثر احتياجا في اللسان التكلم به، و هو لا يتحقق إلا بأداء جميع حروف المعجم، فيطرح من الدية ما يفصح منها، و في معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت له رجل ضرب لغلام ضربة فقطع بعض لسانه فأفصح ببعض و لم يفصح ببعض، فقال: يقرأ المعجم فما أفصح به طرح من الدية، و ما لم يفصح به ألزم الدية، قال: قلت: كيف هو؟ قال: على حساب الجمّل: ألف ديته واحد، و الباء ديتها اثنان، و الجيم ثلاثة، و الدال أربعة، و الهاء خمسة، و الواو ستة، و الزاء سبعة، و الحاء ثمانية، و الطاء تسعة، و الياء عشرة، و الكاف عشرون، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و النون خمسون، و السين ستّون، و العين سبعون، و الفاء ثمانون، و الصاد تسعون، و القاف مائة، و الراء مائتان، و الشين ثلاثمائة، و التاء أربعمائة، و كل حرف يزيد بعد هذا من ألف ب ت ث زدت له مائة درهم» (1)، و ما في ذيل الرواية من التفصيل فلا بد من رد علمه إلى أهله إن كان من كلام الإمام عليه السّلام، لأنه لا تبلغ الدية إن حسبت على الدراهم، و إن حسبت بالدينار فتصير أضعاف الدية.

و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل ضرب رجلا على رأسه فثقل لسانه، فقال: يعرض عليه حروف المعجم فما أفصح منها فلا شي ء فيه، و ما لم يفصح به كان عليه الدية» (2)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرضت عليه حروف

ص: 188


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات المنافع الحديث: 7 و 2.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات المنافع الحديث: 7 و 2.

و لو كان القطع لم يؤثر في التكلم بالحروف ففيه الحكومة (101).

مسألة 39: حروف المعجم في اللغة العربية ثمانية و عشرون حرفا

(مسألة 39): حروف المعجم في اللغة العربية ثمانية و عشرون حرفا (102)،

______________________________

المعجم، تقرأ ثمَّ قسّمت الدية على حروف المعجم، فما لم يفصح به الكلام كانت الدية بالقياس من ذلك» (1)، إلى غير ذلك من الروايات الدالة على أن المناط الفصح بالحروف، و أن الدية تقسم على جميعها بالسوية.

و لا فرق في ذلك بين قطع شي ء من لسانه و لم يفصح بعض الحروف به، أو عدم قطع شي ء و لكن الجناية أثرت بحيث لم يفصح بعض الحروف، لما تقدم من معتبرة سماعة و صحيح الحلبي و غيره.

كما لا وجه لتعدد الدية كما احتمله بعض الفقهاء (قدس اللّه أسرارهم)، لما تقدم من الروايات المعتبرة من أن المدار على الفصح بالحروف.

(101) لأنها الأصل حينئذ في كل ما لا تقدير فيه شرعا.

(102) نصا، و إجماعا، ففي معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل ضرب فذهب بعض كلامه و بقي البعض، فجعل ديته على حروف المعجم، ثمَّ قال: تكلم بالمعجم فما نقص من كلامه فبحساب ذلك، و المعجم ثمانية و عشرون حرفا، فجعل ثمانية و عشرين جزء، فما نقص من كلامه فبحساب ذلك» (2).

و ما في بعض الروايات من أنها تسعة و عشرون كما في معتبرة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «و هي تسعة و عشرون حرفا» (3)، فيمكن أن يقال على فرض صحة النسخة- لأن في بعض النسخ عن الصدوق ضبطها «ثمانية

ص: 189


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات المنافع الحديث: 3.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات المنافع: 6.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات المنافع: 2.

فتبسط الدية عليها بالسوية (103)، و أما غير العربية فإن كانت الحروف موافقة للعربية فبحسابها (104)، و أما لو كانت حروفه أقل أو أكثر من حروف اللغة العربية فالتقسيط عليها (105)، و لا فرق في الحروف بين الخفيفة منها و الثقيلة و اللسنية منها و غيرها (106).

مسألة 40: لو ذهب نصف اللسان الصحيح بالجناية و لكن ذهب ربع الحروف بها فالدية الربع

(مسألة 40): لو ذهب نصف اللسان الصحيح بالجناية و لكن ذهب ربع الحروف بها فالدية الربع كما لو ذهب ربع اللسان و ذهب نصف الحروف فالدية النصف (107)،

______________________________

و عشرون حرفا» أيضا- أن حروف المعجم ثمانية و عشرون دية و تسعة و عشرون حرفا بزيادة، و في الزائد الحكومة مع التصالح و اللّه العالم.

(103) نصا، و إجماعا كما مرّ، فيأخذ المجني عليه نصيب ما يعدم منها.

(104) لشمول ما مرّ من الدليل أيضا.

(105) لأن الحروف العربية هي الأصل و بمنزلة المادة، و بقية اللغات منتزعة منها.

(106) كل ذلك للإجماع و لما مرّ من الإطلاق، و الخفيفة من الحروف كالكاف، و اللام، و الميم، و النون، و الهاء، و الياء. و أما الثقيلة كالصاد، و الضاد، و القاف، و العين، و الغين. و اللسنية هي الحروف التي تنطق باللسان كالتاء، و الثاء، و الدال، و الذال، و الجيم، و الراء، و الزاء، و السين، و الشين.

(107) لما تقدم من أن المدار على ذهاب الحروف لا المساحة في صحيح اللسان.

و ما عن بعض الفقهاء (قدس اللّه أسرارهم) أنه يعتبر أكثر الأمرين من الذاهب من عضو اللسان و من الحروف- فإن كان الأكثر ذهاب الحروف فالدية تعتبر به، و إن كان الأكثر المساحة في اللسان فالدية تعتبر بالمساحة. فلو فرضنا أنه قطع نصف اللسان مثلا و لكن لم ينطق بثلثي حروف المعجم فالدية ثلثان،

ص: 190

و كذا لو ذهب نصف الحروف بجناية و لم ينقص من عضو اللسان شي ء ثمَّ ذهب نصفها الآخر بجناية ثانية كذلك فصار أخرس، ثمَّ ذهب ربع اللسان بجناية ثالثة تتعدد الدية حسب تعدد الجناية (108).

مسألة 41: إذا لم تذهب الحروف بالجناية لكن استلزمت العيب في النطق بها

(مسألة 41): إذا لم تذهب الحروف بالجناية لكن استلزمت العيب في النطق بها فصار ثقيل اللسان أو سريع النطق بما يعد عيبا عرفا أو تغير حرف بآخر صحيحا على نحو يعد عيبا ففيه الحكومة (109).

مسألة 42: لو ذهب بعض الحروف بجناية ثمَّ حصلت جناية أخرى

(مسألة 42): لو ذهب بعض الحروف بجناية ثمَّ حصلت جناية أخرى تحسب الدية الثانية مما بقي من الحروف بعد الجناية الأولى (110)، و كذا لو أعدم شخص كلامه بالضرب على رأسه- أو بجناية أخرى- من دون قطع فعليه الدية (111)،

______________________________

لأنه أكثر من النصف، و إذا قطع ثلث اللسان و ذهب ربع الحروف فالدية الثلث، لأنه أكثر و هكذا- للاحتياط و للجمع بين الدليلين.

و لكن تقدم أن المدار على ذهاب الحروف، فهو الحاكم على غيره، نعم مجرد الاحتياط لا بأس به.

(108) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، و هو الدية التي مقررة شرعا، مضافا إلى ما تقدم من الإطلاق.

(109) لأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا، و لا فرق في ذلك بين ما إذا حصل نقص في اللسان أو لم يحصل نقص فيه.

(110) لإطلاق دليل التقسيط على الحروف، فإنه يشمل الجناية الواحدة أو المتعددة، فلو ذهب بالجناية الأولى نصف كلامه مثلا فعليه نصف الدية، ثمَّ ذهب بالجناية الثانية نصف ما بقي فعليه نصف النصف، أي الربع، و هكذا.

(111) لما تقدم من أن في ذهاب حروف المعجم كلها الدية كاملة، و كذا لو نقص منها فالبحساب منها.

ص: 191

و قطع آخر لسانه الذي أخرس بفعل السابق فعليه ثلث الدية (112)، من غير فرق بين المجني عليه على أداء الحروف الشفوية و الحلقية أم لا (113).

مسألة 43: لو قطع لسان طفل قبل نطقه فعليه الدية كاملة

(مسألة 43): لو قطع لسان طفل قبل نطقه فعليه الدية كاملة (114)، و أما لو بلغ حدّ النطق عادة و لم ينطق فقطعه ففيه ثلث الدية (115)، و لو اتفق تخلف ذلك بعد أخذها فنطق يؤخذ ما نقص من الجاني (116).

مسألة 44: لا فرق فيما تقدم من الأحكام أن يكون سببها الجناية أو التهويل أو الضرب أو إشراب الأدوية

(مسألة 44): لا فرق فيما تقدم من الأحكام أن يكون سببها الجناية أو التهويل أو الضرب أو إشراب الأدوية (117)، حصلت عن عمد أو شبه عمد أو خطأ (118).

______________________________

(112) لما مرّ من أن دية قطع لسان الأخرس الثلث، سواء بقيت للسان منافع أخرى- التي كانت قبل القطع كالذوق و الإعانة به لطحن الغذاء أم غير هما- أم لم تبق، لأن الدية تترتب على ذهاب الحروف، و هذه المنافع لا يترتب عليها شي ء إلا الحكومة.

(113) لإطلاق ما تقدم، بعد اختلاف الموضعين، فإن الشفة و الحلق غير اللسان.

(114) لكفاية الاستعداد لذلك، مضافا إلى أصالة الصحة ما لم يثبت الخلاف بقول الثقات من أهل الخبرة، فيشمله الإطلاق.

(115) لانكشاف أنه أخرس عادة، مضافا إلى الإجماع.

(116) لظهور الخلاف، و عدم ثبوت الملكية المطلقة لما أخذ، فيؤخذ ما نقص من الحروف و يرد الباقي إلى الجاني.

(117) كل ذلك لإطلاق ما تقدم من الأخبار.

(118) فيختلف الحكم حسب اختلاف صفة الجناية كما مر.

ص: 192

مسألة 45: لو استلزمت الجناية ذهاب بعض ما يعرفه المجني عليه

(مسألة 45): لو استلزمت الجناية ذهاب بعض ما يعرفه المجني عليه من اللغات أو المصطلحات دون أصل الكلام ففيها الحكومة (119).

مسألة 46: لو كانت في اللسان آفة و ذهبت بجناية الجاني

(مسألة 46): لو كانت في اللسان آفة و ذهبت بجناية الجاني فإن كانت لها تقدير شرعي أو حكومة يؤخذ من الجاني (120)، و لو لم يكن كذلك فلا شي ء عليه (121).

مسألة 47: لو جنى عليه بغير قطع فذهب كلامه ثمَّ عاد تستعاد الدية

(مسألة 47): لو جنى عليه بغير قطع فذهب كلامه ثمَّ عاد تستعاد الدية (122)، و في فترة ذهاب الكلام الحكومة (123).

مسألة 48: لو كان اللسان ذا طرفين- كالمشقوق- فقطع أحدهما دون الآخر

(مسألة 48): لو كان اللسان ذا طرفين- كالمشقوق- فقطع أحدهما دون الآخر كان الحكم كما تقدم (124).

______________________________

(119) لأن ذلك نقص بالنسبة إلى المجني عليه، و ليس له تقدير شرعي، فالمرجع حينئذ إليها، و سيأتي في دية المنافع بعض الكلام.

(120) لوجود المقتضى و فقد المانع، و لا تجري قاعدة الإحسان ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (1)، لفرض قصد الجناية، و المنساق منها قصد الإحسان، لا ما إذا ترتبت جهة حسن على الظلم و الجناية.

(121) للأصل بعد الشك في ثبوت شي ء في مثل ذلك، كما إذا خوّفه ففتق لسانه أو اشرب الأخرس دواء ليقتله، و لكن لم يتحقق الموت و ذهب الخرس عنه و هكذا. نعم للحاكم الشرعي تعزيره لتجرّيه.

(122) لكشف الخلاف إلا إذا كان عود الكلام هبة مستقلة إلهية بشهادة الثقات من أهل الخبرة، فحينئذ لا معنى للاستعادة كما تقدم.

(123) إن رآها الحاكم الشرعي، و إلا فلا شي ء عنه.

(124) بالنطق بالحروف، فإن نطق بها فالحكومة، لأنها الأصل في أمثال

ص: 193


1- سورة التوبة الآية: 91.
مسألة 49: لو ادعى المجني عليه صحة لسانه و قدرته على أداء جميع الحروف و ادعى الجاني خلاف ذلك

(مسألة 49): لو ادعى المجني عليه صحة لسانه و قدرته على أداء جميع الحروف و ادعى الجاني خلاف ذلك يقدم قول المجني عليه مع اليمين (125).

مسألة 50: لو جنى عليه فلم يبق للّسان فائدة الذوق أو لم يتمكن به العون بعمل الطحن أو الإدارة أو غير ذلك

(مسألة 50): لو جنى عليه فلم يبق للّسان فائدة الذوق أو لم يتمكن به العون بعمل الطحن أو الإدارة أو غير ذلك ففيها الحكومة إن تمكن من النطق بحروف المعجم (126).

______________________________

المقام كما مر، و إلا فالدية أو بنسبة ما ذهب منها على ما تقدم.

(125) أما تقديم قوله فلأصالة الصحة ما لم يثبت الجاني مدعاه بحجة شرعية، و اما اليمين فلقطع الخصومة بها، و كذا لو ادعى الجاني أن المجني عليه كان أخرس، و ادعى المجني عليه خلافه.

(126) لأنها الأصل في كل ما لا مقدر له شرعا من النقص كما في المقام.

ص: 194

السابع: الأسنان

اشارة

السابع: الأسنان

مسألة 15: في الأسنان الدية كاملة

(مسألة 15): في الأسنان الدية كاملة (127)،

______________________________

(127) نصا، و إجماعا، ففي معتبرة العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السّلام «و في أسنان الرجل الدية تامة» (1)، و في قضايا علي عليه السّلام: «أنه قضى في الأسنان التي تقسّم عليها الدية أنها ثمانية و عشرون سنا، ستة عشر في مواخير الفم، و اثنا عشر في مقاديمه، فدية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون دينارا يكون ذلك ستمائة دينار، و دية كل سن من المواخير إذا كسر حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة و عشرون دينارا، فيكون ذلك أربعمائة دينار فذلك ألف دينار، فما نقص فلا دية له، و ما زاد فلا دية له» (2)، و في رواية الحكم بن عتيبة قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام إن بعض الناس في فيه اثنان و ثلاثون سنا، و بعضهم له ثمانية و عشرون سنا، فعلى كم تقسم دية الأسنان؟ فقال: الخلقة إنما هي ثمانية و عشرون سنا اثنتا عشرة في مقاديم الفم و ستّ عشرة في مواخيره، فعلى هذا قسمت دية الأسنان، فدية كل سن من المقاديم إذا كسرت حتى تذهب خمسمائة درهم فديتها كلها ستة آلاف درهم، و في كل سن من المواخير إذا كسرت حتى تذهب فإن ديتها مائتان و خمسون درهما و هي ست عشرة سنا فديتها كلها أربعة آلاف درهم، فجميع دية المقاديم و المواخير من الأسنان عشرة آلاف درهم، و إنما وضعت الدية على هذا، فما زاد على ثمانية

ص: 195


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 8.
2- الوسائل: باب 38 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

و هي ثمان و عشرون سنا اثنتا عشرة في مقاديم الفم (128)، ففي كل واحدة منها خمسون دينارا (129)، و ست عشرة في مئاخر الفم (130)، و في كل واحدة خمسة و عشرون دينارا (131)، فالمجموع ألف دينار (132)،

______________________________

و عشرين سنا فلا دية له، و ما نقص فلا دية له. هكذا وجدناه في كتاب علي عليه السّلام» (1)، إلى غير ذلك من الروايات.

(128) و هي: الثنيتان، و الرباعيتان من أعلى الأسنان و مثلها من الأسفل، فيصير المجموع اثنتا عشرة.

(129) فيكون الجميع ستمائة دينار، بضرب الخمسين في اثني عشر.

(130) و هي أربعة- في كل جانب من الجوانب الأربعة من الفم- ضاحك و ثلاثة أضراس (الطواحن) فيصير المجموع ستة عشر.

(131) فيكون المجموع أربعمائة دينار، لضرب خمس و عشرين في ستة عشر.

(132) للإجماع، و لما مرّ من قضايا علي عليه السّلام، و رواية الحكم بن عتيبة.

و لكن بإزاء ما تقدم من الروايات روايات اخرى تدلّ على تساوي الدية في جميع الأسنان، كما في صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال:

«الأسنان كلها سواء في كل سن خمسمائة درهم» (2)، و عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «و في الأسنان في كل سن خمسون دينارا و الأسنان كلها سواء» (3)، و عن سماعة قال: «سألته عن الأسنان فقال هي سواء في الدية» (4)، فهي إما محمولة على المقاديم، أو على التقية.

و ما عن الصادق عليه السّلام في رواية السكوني قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

ص: 196


1- الوسائل: باب 38 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 2 و 1 و 5.
3- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 2 و 1 و 5.
4- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 2 و 1 و 5.

و لا يلحظ غيرها (133).

مسألة 52: لا دية في الأسنان الزائدة

(مسألة 52): لا دية في الأسنان الزائدة سواء كانت الزيادة من قبيل النواجذ أضراس العقل أو من غيرها (134)، إن قلعت منفردة و فيها الحكومة إن طابقت مع الثلث (135)، و الأحوط التراضي حتى يبلغ الثلث (136)، و لو نقصت عن ثمان و عشرين نقص من الدية بإزائها (137)،

______________________________

الأسنان احدى و ثلاثون ثغرة، في كل ثغرة ثلاثة أبعرة و خمس بعير» (1)، فلا بد من ردّ علمها إلى أهلها بعد فرض عدم عامل بها.

(133) للأصل، و لما تقدم في قضايا علي عليه السّلام، و في رواية الحكم بن عتيبة:

«فما زاد على ثمانية و عشرين سنا فلا دية له»، هذا إذا انضمت مع ثمانية و عشرين- أو الأسنان التي قدر لها الدية- و إلا فسيأتي حكمها.

(134) ظهر وجهه مما تقدم.

(135) أما الحكومة فلأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا، و أما اعتبار الثلث من المقدّر في الأسنان في كل محل منها لما تقدم، و لما نسب إلى المشهور، بل الإجماع على أنه المتعين في المقام، و لما مرّ من القاعدة أيضا، فلو كانت الزائدة في المقاديم فثلث الخمسين 67/ 16، و إن كانت في الأضراس فثلث الخمسة و العشرين 33/ 8، و لا فرق بين كونها في أي طرف من أطراف الأسنان، علوا أو سفلا من النواجذ أو غيرها، كل ذلك لما مرّ.

(136) ظهر وجه الاحتياط مما ذكرنا. نعم لو لم يكن في قلعها نقص، أو كان في قلعها كمال، فلا شي ء على الجاني لما مرّ (مسألة 46).

(137) نصا، و إجماعا، فعن علي عليه السّلام: «فما نقص فلا دية له»، فلو كان المقاديم عنده عشرة فتكون ديته خمسمائة، و هكذا.

ص: 197


1- الوسائل: باب 38 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 5.

سواء كان النقص عارضا أم خلقة (138).

مسألة 53: لا فرق في لون الأسنان بين الأبيض منها و الأصفر و الأسود إذا كان اللون أصليا

(مسألة 53): لا فرق في لون الأسنان بين الأبيض منها و الأصفر و الأسود إذا كان اللون أصليا (139)، لا لعارض و عيب و إلا ففيه الثلث إن قلعت السن السوداء بالعارض (140)، و لو اسودت بالجناية و لم تسقط فديتها ثلثا ديتها صحيحة (141)،

______________________________

(138) لإطلاق ما تقدم، و لقاعدة: «انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع»، كما تقدم في كتاب الطهارة.

(139) لإطلاق الأدلة.

(140) نصا، و إجماعا، ففي رواية العرزمي المنجبرة عن أبي جعفر عليه السّلام: أنه جعل في السن السوداء ثلث ديتها» (1)، المنساق منها عروض السواد. هذا إذا كان السواد كاشفا عن خلل في السن.

و أما إذا لم يكن كذلك بحيث كان من الشين ففيه الحكومة، و لكن الأحوط للحاكم الشرعي إن يرضيهما على الربع، لرواية عجلان عن الصادق عليه السّلام: «في دية السن الأسود ربع دية السن» (2)، و مثلها ما عن علي عليه السّلام (3).

و أما الاصفرار، فإن كان مثل السواد عند أهل الخبرة و المتخصصين بذلك، فحكمه حكم السواد، و إلا ففيه الحكومة.

(141) نصا، و إجماعا، ففي صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال:

«السن إذا ضربت انتظر بها سنة، فإن وقعت أغرم الضارب خمسمائة درهم، و إن

ص: 198


1- الوسائل: باب 43 من أبواب ديات الأعضاء: 3.
2- الوسائل: باب 40 من أبواب ديات الأعضاء: 3.
3- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات الأعضاء.

و في الم السن بلا سقوط الحكومة (142).

مسألة 54: في الأسنان المزروعة أو الصناعية الضمان

(مسألة 54): في الأسنان المزروعة أو الصناعية الضمان (143)، و لو اختلفا فادعى المجني عليه أنها طبيعية و ادعى الجاني أنها مزروعة أو صناعية فالمرجع إلى ثقات أهل الخبرة و إلا فالتحالف (144).

______________________________

لم تقع و اسودت أغرم ثلثي الدية» (1)، و يحمل على ما ذكرنا ما ورد من المطلقات، مثل قول علي عليه السّلام: «إذا اسودت الثنية جعل فيها الدية» (2).

و أما ما في كتاب ظريف عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «فإذا اسودت السن إلى الحول و لم تسقط، فديتها دية الساقطة خمسون دينارا» (3)، فهي مطروحة بعد إعراض المشهور عنها.

ثمَّ إنه لا موضوعية في التأخير إلى سنة بعد قول الثقات من أهل الخبرة بالفساد، كما مر في الشعر.

و أما غير السواد من الألوان كالاحمرار و الخضرة و غير هما، فلا بد من الحكومة، لعدم ورود نص معتبر في التحديد، و لكن الأحوط المراضاة، لوجود بعض أخبار (4) قاصرة في تحديدات مختلفة.

(142) لأنها المرجع في كل ما لا تقدير له شرعا.

(143) لقاعدة الإتلاف.

(144) لما تقدم في كتاب القضاء، فلا حاجة للتكرار مرة أخرى، و للحاكم الشرعي تقديم قول المجني عليه للأصل، ما لم تكن قرينة على الخلاف، أو يثبت الجاني بحجة شرعية قوله.

ص: 199


1- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 3 و 1.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 3 و 1.
3- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 3 و 1.
4- مستدرك الوسائل: باب 8 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 2.
مسألة 55: لو كسرت السن بالجناية دون الجذور و بقيت في اللثة ففيها الدية كالسن المقلوعة

(مسألة 55): لو كسرت السن بالجناية دون الجذور و بقيت في اللثة ففيها الدية كالسن المقلوعة (145)، و إذا كسر أحد الظاهر من السن في اللثة و قلع آخر الجذور منها فعلى الأول ديتها و على الثاني الحكومة (146)، و كذا لو فعل ذلك شخص واحد في دفعتين (147).

مسألة 56: لو ذهب بعض السن لعلة- كالجناية و النخر- ففيها بعض الدية بحساب المساحة

(مسألة 56): لو ذهب بعض السن لعلة- كالجناية و النخر- ففيها بعض الدية بحساب المساحة (148)، على الظاهر من السن دون السنخ (149).

مسألة 57: لو ادعى المجني عليه أن المقلوعة بالجناية خمس مثلا- و ادعى الجاني أقل منها يرجع إلى الثقات من المتخصصين

(مسألة 57): لو ادعى المجني عليه أن المقلوعة بالجناية خمس- مثلا- و ادعى الجاني أقل منها يرجع إلى الثقات من المتخصصين (150)،

______________________________

(145) لأن المدار في الجنايات على ذهاب المنفعة، و هو يتحقق بالكسر أو القلع للسن، و لا أثر للسنخ اي الجذور، و عن علي عليه السّلام: «دية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون دينار» (1).

(146) أما ثبوت الدية فلما تقدم، و أما الحكومة فلأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا من الجنايات كما مر.

(147) لتعدد السبب الموجب لتعدد الحكم.

(148) لأن المنساق مما تقدم من الأدلة تقسيط الدية على أجزاء السن الظاهري، فلا بد من ملاحظة ما بقي من السن طولا أو عرضا، و كذا لو كسر طرفا من السن فتقسط الدية على الباقي منه دون السنخ و الجذور، فلو كان المكسور أو المنخور نصف الظاهر وجب نصف دية السن، و هكذا.

(149) لأن السنخ و الجذر خارج عن مفهوم الأدلة عرفا، و أنه تابع للسن.

(150) لأن قولهم معتبر عرفا و شرعا، كما تقدم في كتاب القضاء.

ص: 200


1- الوسائل: باب 38 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

فإن فقدوا قدم قول الجاني (151).

مسألة 58: لو قلعت سن الصغير- أو كسرت

(مسألة 58): لو قلعت سن الصغير- أو كسرت فإن نبتت فالحكومة و إلا ففيها الدية (152).

مسألة 59: لو اضطربت الأسنان لمرض أو كبر سن أو نحوهما

(مسألة 59): لو اضطربت الأسنان لمرض أو كبر سن أو نحوهما فإن كانت عامة المنافع موجودة ففيها الدية (153)، و إن لم يكن كذلك ففيها الحكومة (154).

______________________________

(151) للأصل، إلا إذا أثبت المجني عليه دعواه بحجة معتبرة شرعية، و كذا لو ادعى المجني عليه أن المكسور نصف السن حتى يدفع نصف دية السن و ادعى الجاني ربعه، و هكذا.

(152) لرواية جميل المنجبرة عن أحد هما عليهما السّلام أنه قال: «في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثمَّ تنبت، قال: ليس عليه قصاص، و عليه الأرش» (1)، مع أن اللبنيات في الصغير في معرض السقوط ثمَّ الإنبات، فلا معنى لوجوب الدية في الزائل العائد. نعم لا بد من انتظار مضي زمان تقتضي العادة بنباتها فيه حينئذ، إن لم يرجع إلى الثقات من المتخصصين في ذلك.

و أما ما عن علي عليه السّلام من أنه: «قضى في سن الصبي قبل أن يثغر بعيرا بعيرا في كل سن» (2)، فمحمول على أن الجناية أوجبت عدم إنبات السن مطلقا، أو يرد علمه إلى أهله.

(153) لما تقدم من العمومات، و الإطلاقات.

(154) لأنها الأصل في كل جناية بعد فقدان أكثر المنافع في المقام.

ص: 201


1- الوسائل: باب 33 من أبواب ديات الأعضاء.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات الأعضاء: 6.
مسألة 60: لو نبتت السن المقلوعة كما كانت قبل قلعها ثمَّ قلعها آخر

(مسألة 60): لو نبتت السن المقلوعة كما كانت قبل قلعها ثمَّ قلعها آخر فدية كاملة إن نبتت صحيحة كالأولى (155)، و إلا فالحكومة (156).

مسألة 61: لو قلع الطبيب السن الصحيحة اشتباها ففيه الضمان إن لم يأخذ البراءة من المريض

(مسألة 61): لو قلع الطبيب السن الصحيحة اشتباها ففيه الضمان إن لم يأخذ البراءة من المريض (157).

______________________________

(155) لما مرّ من الإطلاقات، و العمومات.

(156) لأنها الأصل في كل جناية ليس لها تقدير شرعي كما مر. و تقدم حكم الزرع في محل السن المقلوعة.

(157) لقاعدة التسبيب كما مرّ.

ص: 202

الثامن: الخدّان

اشارة

الثامن: الخدّان

مسألة 62: في الخدّ خمس الدية إذا كانت الجناية نافذة بحيث بدا جوف الفم

(مسألة 62): في الخدّ خمس الدية إذا كانت الجناية نافذة بحيث بدا جوف الفم (158)، بلا فرق بين الصغير و الكبير (159)، فإن عولج و لم يبق لها أثر أصلا فالحكومة و إلا فنصف العشر من الدية (160).

مسألة 63: إذا لم ير جوف الفم و لكن الجناية كانت نافذة في الخدّين كليهما فعشر الدية

(مسألة 63): إذا لم ير جوف الفم و لكن الجناية كانت نافذة في الخدّين كليهما فعشر الدية (161)، و إن كانت ثاقبة فديتها مائة دينار (162).

______________________________

(158) لما عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «في الخد إذا كانت فيه نافذة يرى منها جوف الفم فديتها مائتا دينار» (1)، فتكون في الخدين أربعمائة دينار، كما يأتي في الشجاج و الجراح.

(159) لما تقدم من الإطلاق، كما لا فرق بين الرجل و المرأة كما تقدم.

(160) أما الحكومة فلأنها الأصل في كل جناية لم يكن فيها تقدير شرعي كالمقام إن لم يبق أثر منها، و أما الدية فيما لو بقي أثر، فلما عن علي عليه السّلام: «فإن دووي فبرأ و التأم و به أثر بين و شتر فاحش فديته خمسون دينارا» (2).

(161) نصا، و إجماعا، ففي كتاب ظريف عن أمير المؤمنين عليه السّلام.

«فإن كانت نافذة في الخدين كليهما فديتها مائة دينار، و ذلك نصف الدية التي يرى منها الفم» (3).

(162) لما عن علي عليه السّلام: «فإن كانت ثاقبة و لم تنفذ فديتها مائة دينار» (4)، هذا و سيأتي في (فصل الشجاج و الجراح) ما يتعلق بالمقام.

ص: 203


1- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
3- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
4- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

التاسع: العنق

اشارة

التاسع: العنق

مسألة 64: في العنق إذا كسر

(مسألة 64): في العنق إذا كسر أي مال و ثنّى في ناحية- الدية كاملة (163)، و إذا التأم و صلح فالحكومة (164).

مسألة 65: لو جنى بما يمنع عن الازدراد أو ثنّى عنقه و لم ينكسر فالحكومة

(مسألة 65): لو جنى بما يمنع عن الازدراد أو ثنّى عنقه و لم ينكسر فالحكومة (165)، و كذا لو زال الفساد و رجع إلى الصلاح (166).

______________________________

(163) نصا، و إجماعا، فعن علي عليه السّلام في رواية مسمع المنجبرة قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الصعر الدية، و الصعر أن يثنى عنقه فيصير في ناحية» (1).

و ما عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «في صدغ الرجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلا إذا انحرف الرجل نصف الدية خمسمائة دينار» (2)، فلا ينافي ما تقدم، لأن الصدغ غير الرقبة عرفا و لغة، إلا إذا أريد مطلق الميل. و كيف كان فهو مهجور لعدم وجود عامل به.

(164) لأنها الأصل في كل جناية لم يكن لها تقدير شرعا.

(165) لعدم ورود تقدير شرعي في البين، و الأحوط للحاكم الشرعي مراعاة عدم كونها أقل من الدية، لذهاب جمع إليها.

(166) لتحقق الجناية بين المدتين، و كذا لو لم يبلغ الأذى بل صار الازدراد

ص: 204


1- الوسائل: باب 11 من أبواب ديات المنافع: 1.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الأعضاء: 5.
مسألة 66: لو استلزمت الجناية الشلل في العنق ففيه الثلث

(مسألة 66): لو استلزمت الجناية الشلل في العنق ففيه الثلث (167)، و لو ادعى الجاني الشلل و أنكره المجني عليه يقدم قوله مع اليمين (168).

______________________________

أو الالتفات عسرا عليه.

(167) لما مرّ من القاعدة: «كل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح»:

(168) للأصل كما تقدم، إلا إذا أثبت الجاني دعواه بحجة شرعية، و أما اليمين فلقطع النزاع كما مر.

ص: 205

العاشر: اللحيان

اشارة

العاشر: اللحيان

مسألة 67: في اللحيين، الدية كاملة لو قلعا منفردين عن الأسنان

(مسألة 67): في اللحيين (169)، الدية كاملة لو قلعا منفردين عن الأسنان (170)، و في كل واحدة منهما نصفهما خمسمائة دينار، و أما لو قلعا مع الأسنان فديتان لهما و للأسنان (171).

مسألة 68: لو قلع بعض كل منها أو من أحدهما دون الآخر

(مسألة 68): لو قلع بعض كل منها أو من أحدهما دون الآخر فبالحساب (172).

مسألة 69: لو جنى عليهما بما يوجب النقص

(مسألة 69): لو جنى عليهما بما يوجب النقص كتصلبهما على وجه يعسر حركتهما للمضغ ففيها الحكومة (173).

مسألة 70: لو ادعى المجني عليه أن الجناية وقعت على كليهما فالدية كاملة

(مسألة 70): لو ادعى المجني عليه أن الجناية وقعت على كليهما فالدية كاملة و ادعى الجاني أنها وقعت على أحدهما و إن الدية نصفها فالمرجع إلى الثقات من أهل الخبرة و إلا قدم قول الجاني (174).

______________________________

(169) و هما العظمان اللذان ينتهيان إلى الذقن و يتصل كل واحد منهما بالأذن. و عليهما نبات الأسنان السفلى و حركتها.

(170) نصا، و إجماعا، كما تقدم في بيان القاعدة الكلية: «كل ما في الإنسان منه اثنان فالدية تامة و في كل واحد منهما نصف دية»، هذا إذا قلعا منفردين كقلعهما عمن لا سن له، لكبر أو آفة أو صغر.

(171) للأصل، و الإطلاق، ففي كل منهما بحسابه.

(172) لأن المنساق من الأدلة التقسيط. فلو قلع نصف أحد هما فربع الدية، و كذا لو قطع أحد هما و نصف من الآخر فنصف الدية و ربعها، و هكذا.

(173) لأنها الأصل في كل جناية لم يقدر لها تقدير شرعي.

(174) لما تقدم في مسألة 57 فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

ص: 206

الحادي عشر: اليدان

اشارة

الحادي عشر: اليدان

مسألة 71: في اليدين الدية كاملة و في كل واحدة نصفها

(مسألة 71): في اليدين الدية كاملة و في كل واحدة نصفها (175)، و يتساوى اليمنى و اليسرى (176)، و من له يد واحدة خلقة أو لعارض فلها نصف الدية (177).

مسألة 72: حدّ اليد التي فيها الدية المعصم

(مسألة 72): حدّ اليد التي فيها الدية المعصم (178)،

______________________________

(175) نصوصا، و إجماعا بين المسلمين، ففي صحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام قال: «في اليد نصف الدية و في اليدين جميعا الدية» (1)، و في معتبرة سماعة قال: «سألته عن اليد، قال: نصف الدية» (2)، و قد تقدمت القاعدة الكلية و هي: «كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية، و في أحد هما نصفها، و كل ما كان واحد ففيه تمام الدية».

(176) لما مر من الإطلاق، و إن كانت اليمنى أكثر نفعا و أشد قوة، كما عن بعض أهل الخبرة.

(177) نصا- كما تقدم- و إجماعا.

(178) لأنه المتيقن من إطلاق اليد، إلا مع القرينة على الزائد عنه، مضافا إلى الإجماع. و المعصم: هو الكوع، أي: المفصل الذي بين الكف و الذراع و موضع السوار، فلو قطعت من المفصل ففيها نصف الدية خمسمائة دينار.

ص: 207


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 6.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 9.

فلا دية للأصابع مع قطع اليد (179)، إلا إذا قطعت الأصابع الخمس منفردة فديتها حينئذ خمسمائة دينار (180)، و في قطع الكف مع فقد الأصابع خلقة أو لعارض كالقصاص و غيره نصف الدية (181).

مسألة 73: لو قطع أكثر من الحدّ

(مسألة 73): لو قطع أكثر من الحدّ بأن قطع مع اليد الصحيحة شي ء من الزند ففي اليد خمسمائة دينار (182)، و في الزائد الحكومة (183)، و كذا لو قطعت من المرفق أو من فوقه أو من المنكب (184).

______________________________

(179) لما مرّ من الإطلاق، و الإجماع.

(180) نصا. كما يأتي، و إجماعا.

(181) للقاعدة المتقدمة: «كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية، و في أحد هما نصفها، و ما كان فيه واحد ففيه الدية».

(182) لما تقدم من أن حدّها المفصل، و أن ديتها خمسمائة دينار.

(183) لأنها الأصل فيما لا مقدر له شرعا، بعد تحديد اليد في الدية شرعا بخصوص المفصل. نعم لو قلنا في الذراع الدية، لا يبعد القول بالمساحة في الزائد، بل لا ينافي الحكومة مع اعتبار المساحة، و الأحوط التصالح.

(184) لأن الزيادة جناية لا تذهب هدرا، فلا بد من التدارك بالحكومة.

إن قيل: إطلاق: «أن اليد خمسمائة دينار» يشمل تمام اليد إلى المنكب.

يقال: بعد تحديدها بالمعصم لا وجه لهذا الإطلاق، فأصالة الاحترام في المرفق و المنكب جارية، فلا بد من تدارك الجناية، و هو منحصر في الحكومة.

هذا إذا كانت الجناية واحدة، و أما لو تعددت سواء كانت من شخصين أم من شخص واحد دفعتين، فلا شك في ثبوت الحكومة.

إن قلت: إن نفع اليد إنما هو في الكف و الأصابع و البقية لا فائدة لها، فيكون الذراع مثلا بمنزلة العدم من هذه الجهة.

يقال: أهم المنافع و إن كانت في الكف و الأصابع، و لكن المرفق

ص: 208

مسألة 74: لو قطع ذراع لا كف لها ففيه نصف الدية

(مسألة 74): لو قطع ذراع لا كف لها ففيه نصف الدية، و كذا لو قطع عضد كذلك (185).

مسألة 75: إذا قطع اليد الشلّاء ففيه ثلث ديتها

(مسألة 75): إذا قطع اليد الشلّاء ففيه ثلث ديتها (186)، و لو استلزمت الجناية شللها ففيها ثلثا دية اليد الصحيحة (187)،

______________________________

و المنكب لهما منافع أيضا كما لا يخفى.

و دعوى: أن اليد تطلق إلى المنكب، و التحديد إلى المعصم من باب أكثر النفع و أقل العضو، فلا وجه للحكومة في الزيادة أو القطع من المرفق أو المنكب.

غير صحيحة: لأن التحديد إلى المفصل إنما هو في الدية فقط، و ذلك لا يستلزم هدرية الجناية في مطلق اليد، و لا تحديد لمطلق اليد لا لغة و لا عرفا.

فما عن جمع من الفقهاء (رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين) من أن للذراع و العضد دية، صحيح إن أرادوا منها الحكومة. نعم لو قلنا في الذراع الدية يصح القول بالمساحة حينئذ، و لكن الأحوط التصالح.

(185) لما تقدم من القاعدة: «كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية و في أحد هما نصفها، و ما كان فيه واحد ففيه الدية»، فتكون الدية خمسمائة دينار.

(186) لما تقدم من القاعدة: «كل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح»، مضافا إلى النص في المقام كقول الباقر عليه السّلام في رواية عبد الرحمن:

«و في اليد الشلاء ثلث ديتها» (1)، و في معتبرة سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام:

«في رجل قطع يد رجل شلّاء، قال: عليه ثلث الدية» (2).

(187) لما مرّ من القاعدة من أن: «في شلل العضو ثلثا ديته»، المسلمة عند الفقهاء (قدس اللّه أسرارهم).

ص: 209


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 13.
2- الوسائل: باب 28 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

و لو استلزمت الشلل في اليدين فالدية كاملة (188).

مسألة 76: لا فرق في اليد بين الصحيحة و المعيبة بغير شلل

(مسألة 76): لا فرق في اليد بين الصحيحة و المعيبة بغير شلل و الكبيرة و الصغيرة (189).

مسألة 77: لو قطع اليد ثمَّ التئمت و عادت كالأولى

(مسألة 77): لو قطع اليد ثمَّ التئمت و عادت كالأولى ففيها الحكومة (190).

مسألة 78: لو جنى عليها و نقص من قوة اليد في الإمساك أو من سائر المنافع فالحكومة

(مسألة 78): لو جنى عليها و نقص من قوة اليد في الإمساك أو من سائر المنافع فالحكومة، و كذا لو عرضت عليها الرعشة أو المرض أو الاعوجاج (191).

مسألة 79: لو كانت له يدان في منكب ففي الأصلية ديتها و في الزائدة الحكومة

(مسألة 79): لو كانت له يدان في منكب ففي الأصلية ديتها و في الزائدة الحكومة (192)،

______________________________

(188) لما في كتاب ظريف المعروض على أبي الحسن الرضا عليه السّلام:

«و الشلل في اليدين كلتاهما ألف دينار» (1).

(189) لإطلاق ما تقدم من الروايات، فلو كان في اليد اعوجاج أو مرض أو غير ذلك، فالدية كما في الصحيحة.

(190) لأنها الأصل في كل جناية لا مقدر لها شرعا، و قد تحققت بين المدتين. نعم لو كانت هبة من اللّه تعالى جديدة بشهادة أهل الخبرة و الثقات من المتخصصين، فالدية كاملة كما مر.

(191) لما تقدم من أنها الأصل في أمثال المقام، و كذا لو تقلصت فلم تنطبق ما لم يبلغ الشلل.

(192) أما الأول: فلما مرّ.

ص: 210


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 2.

و التشخيص بينهما بنظر أهل الخبرة (193)، و لو لم يمكن التمييز بينهما ففي قطعهما معا الدية و الحكومة (194)، و إن قطعت إحداهما دون الأخرى ففيها الحكومة (195).

مسألة 80: لو قطع نصف اليد أو ربعها فبحساب المساحة

(مسألة 80): لو قطع نصف اليد أو ربعها فبحساب المساحة (196).

______________________________

و أما الثاني: فلأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا، و الأحوط التصالح بالثلث، لذهاب بعض الفقهاء إلى ذلك.

(193) لما مرّ في كتاب القضاء من اعتبار قولهم في الموضوعات.

(194) لما مرّ من أن الدية في الأصلية، و الحكومة في الزائدة، هذا إذا قطعهما شخص واحد، و مع تعدده فلا بد للحاكم الشرعي من الاحتياط في البين من قطع اليد الأصلية و الزائدة و عدم تعيين كل منهما، و حينئذ يتخيّر الحاكم الشرعي أما بتنصف الزائد عليها، أو بإخراجها بالقرعة. نعم لو قطع واحدة منهما شخص و دفع الحكومة، ثمَّ قطع الثانية فتجب الدية، للعلم بوجوب الدية عليه حينئذ كما عرفت.

(195) للأصل بعد عدم إحراز الأصلية بوجه معتبر شرعي.

(196) لأن المنساق من الدية الواردة في مثل هذه الأعضاء هو التقسيط على الأبعاض، إلا أن يدلّ دليل على الخلاف، أو لم يكن موضوع للتقسيط، فتتعين الحكومة حينئذ، مضافا إلى ظهور الإجماع في ذلك، و لا فرق حينئذ بين اليد و الإصبع و الاذن و العنق و غيرها من الأعضاء التي ورد فيها تقدير شرعي، سواء كانت خارجية أم باطنية كالنخاع و غيره، فحينئذ يمكن تأسيس قاعدة كلية في دية الأعضاء المقدرة و هي: «تقسيط الدية بحسب متعلق الجناية نصفا أو ثلثا أو غيرهما».

ص: 211

الثاني عشر: الأصابع

اشارة

الثاني عشر: الأصابع

مسألة 81: في أصابع اليدين الدية كاملة

(مسألة 81): في أصابع اليدين الدية كاملة (197)، و كذا في أصابع الرجلين (198)، و في قطع كل واحدة منهما عشر الدية (199)، من غير فرق بين الإبهام و غيرها (200).

______________________________

(197) نصوصا، و إجماعا، ففي معتبرة العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السّلام:

«في أنف الرجل إذا قطع من المارن فالدية التامة- إلى أن قال- و الإصبع من اليد و الرجل فعشر الدية» (1)، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا «في الإصبع عشر الدية إذا قطعت من أصلها» (2)، ففي جميع أصابع اليدين تصير الدية كاملة، و كذا في الرجلين، و في صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «أصابع اليدين و الرجلين سوآء في الدية، في كل إصبع عشر من الإبل» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(198) نصا- كما تقدم- و إجماعا.

(199) لما مرّ في صحيح ابن سنان و معتبرة العلاء بن الفضيل و غير هما، و لا فرق بين اليدين و الرجلين، للتصريح به في الروايات.

(200) لإطلاق ما تقدم، و في معتبرة سماعة قال: «سألته عن الأصابع هل لبعضها على بعض فضل في الدية؟ فقال: هنّ سواء في الدية» (4).

ص: 212


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 11.
2- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 3 و 4.
3- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 3 و 4.
4- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 6.
مسألة 82: دية كل إصبع مقسومة على أناملها

(مسألة 82): دية كل إصبع مقسومة على أناملها حتى الإبهام فإنها مقسومة على أنملتين (201).

مسألة 83: في شلل كل إصبع ثلثا ديتها

(مسألة 83): في شلل كل إصبع ثلثا ديتها (202)،

______________________________

و ما دلّ على أن في الإبهام ثلث دية اليد، و في البقية ثلثها بالسوية، كما في كتاب ظريف عن علي عليه السّلام: «ففي الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار و ستة و ستون دينارا و ثلثا دينار .. و في الأصابع في كل إصبع سدس دية اليد ثلاثة و ثمانون دينار و ثلث دينار» (1).

و دعوى الإجماع: كما عن بعض، و إن كان موافقا للاعتبار، لأن نفع الإبهام أكثر من نفع سائر الأصابع، لكن إعراض المشهور و ذهابهم إلى الخلاف أوهنها.

نعم للحاكم الشرعي الاحتياط بتحصيل المراضاة بين الجاني و المجني عليه بالثلث فيه.

(201) لما تقدم من القاعدة في (مسألة 80)، مضافا إلى النص، و الإجماع، ففي معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقضي في كل مفصل من الإصبع بثلث عقل تلك الإصبع إلا الإبهام، فإنه يقضي في مفصلها بنصف عقل تلك الإبهام، لأن لها مفصلين» (2).

و ما دلّ على الخلاف مثل ما في كتاب ظريف عن علي عليه السّلام: «و دية المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة و خمسون دينارا و ثلث دينار .. و في المفصل الأعلى من الأصابع الأربع إذا قطع سبعة و عشرون دينارا و نصف و ربع و نصف عشر دينار» (3)، موهون بالإعراض.

(202) نصا، و إجماعا، ففي معتبرة الفضيل بن يسار: عن الصادق عليه السّلام: «و إن

ص: 213


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات الأعضاء.
2- الوسائل: باب 42 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
3- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

من غير فرق بين أصابع اليد و الرجل (203)، و في قطعها بعد الشلل ثلثها (204)، بلا فرق في الشلل خلقة أو لعارض (205).

______________________________

شلت بعض الأصابع و بقي بعض، فإن في كل إصبع شلّت ثلثي ديتها» (1)، و ما دلّ على الخلاف كصحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في الإصبع عشر الدية إذا قطعت من أصلها أو شلّت» (2)، و قريب منه صحيح زرارة (3)، فلا بد من ردّ علمهما إلى أهلهما، أو محمولان على جهة خاصة.

(203) لما تقدم، و في معتبرة ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «أصابع اليدين و الرجلين في الدية سواء» (4).

(204) لقول أبي جعفر عليه السّلام: «كل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح» (5)، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(205) لإطلاق ما تقدم، كما لا فرق في حصول الشلل بالضرب أو بإشراب دواء أو غير هما.

ثمَّ إنه يستفاد مما ورد في المقام و نظائره قاعدة كلية تجري في جميع الجوارح و الأعضاء و هي: «كل ما يوجب الشلل ففيه ثلثا دية الصحيحة، و في استيصال العضو المشلول ثلث الدية»، فلا وجه لتخصيص الروايات المتقدمة بموردها و هي الأصابع، بل إنها جارية في غير هما، لأن تشريع الدية إنما هو لما فات من المنافع عن العضو، سواء كان ذلك بفوات أصل الموضوع كالقطع أم بفوات المنفعة و بقاء أصل الموضوع، كما في موارد تحقق الشلل.

إن قيل: فعلى هذا لا وجه للتثليث بل لا بد من إعطاء تمام الدية في الشلل.

يقال: إن بقاء الأصل و وجوده بعد زوال المنفعة في و ذهابها في الشلل مظنة

ص: 214


1- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 5 و 3 و 8 و 9.
2- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 5 و 3 و 8 و 9.
3- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 5 و 3 و 8 و 9.
4- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 5 و 3 و 8 و 9.
5- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1.
مسألة 84: في الإصبع الزائدة لو استأصلت من أصلها منفردة ثلث الأصلية

(مسألة 84): في الإصبع الزائدة لو استأصلت من أصلها منفردة ثلث الأصلية (206)، و كذا في الأنملة الزائدة ففيها ثلث دية الأنملة الأصلية (207)، و أما لو قطعت مع الأصابع ففيها الدية و الحكومة (208).

مسألة 85: لو نقصت الأصابع نقص من الدية بإزائها

(مسألة 85): لو نقصت الأصابع نقص من الدية بإزائها (209)،

______________________________

لعودها بالعلاج أو بمرور الزمان أو بغير هما، و لذا تكون الدية فيه أقل من القطع، مع أن الشين الحاصل من القطع أفظع مما حصل من زوال المنفعة. و اللّه تعالى هو العالم بحقائق الأحكام.

(206) لقول الصادق عليه السّلام في الموثق: «في الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الصحيحة»(1)، المنساق منه قطع الزائدة منفردة، مضافا إلى الإجماع. هذا إذا كانت الجناية قد أثرت في يده و حصل الشين منها، و أما إذا لم يكن كذلك، بل كان استيصالها نحو كمال و تجميل، فإن قصد الجاني الجناية فالحكومة حينئذ، و يمكن أن يحمل عليه رواية الحكم بن عتيبة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن أصابع اليدين و أصابع الرجلين أرأيت ما زاد فيهما على عشرة أصابع أو نقص من عشرة، فيها دية؟ فقال: لي: يا حكم الخلقة التي قسمت عليها الدية عشرة أصابع في اليدين، فما زاد أو نقص فلا دية له» (2)، نعم لو كان استدعاء من الطرف للاستيصال، فلا بد لدفع أجرة العمل إلى العامل، لقاعدة احترام العمل، و لا دية له.

(207) لما مرّ من القاعدة الشاملة للمقام.

(208) أما الدية للأصابع فلما تقدم، و أما الحكومة فلقطع الزائدة التي لا تقدير لها شرعا.

(209) لقول أبي جعفر عليه السّلام في ما تقدم: «فما زاد أو نقص فلا دية له»، و قول

ص: 215


1- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
2- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

كان النقص خلقة أو عارضا (210)، و كذا في أناملها (211).

مسألة 86: لو عرض عليها الاعوجاج أو المرض من الجناية فالحكومة

(مسألة 86): لو عرض عليها الاعوجاج أو المرض من الجناية فالحكومة (212)، و كذا لو تغيّر لونها.

مسألة 87: لو انفصل الظفر بالجناية فإن لم ينبت أو نبت أسود فاسدا فعشرة دنانير

(مسألة 87): لو انفصل الظفر بالجناية فإن لم ينبت أو نبت أسود فاسدا فعشرة دنانير و إن نبت صحيحا أبيض فخمسة دنانير (213)،

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام في الموثق: «و الإصبع من اليد و الرجل فعشر الدية» (1)، و في صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في الإصبع عشرة من الإبل» (2).

(210) لإطلاق ما تقدم.

(211) لعدم الموضوع حينئذ للدية بعد فرض التقسيم على عقد ثلاث.

و احتمال شمول إطلاق الإصبع له، فيجب التمام لقوله عليه السّلام: «في الإصبع عشرة من الإبل» (3).

غير صحيح أولا انصرافها إلى الإصبع التامة الكاملة، و ثانيا لا وجه بعد فرض التقسيط على الأبعاض و الأنامل كما هو المتسالم بينهم.

(212) لأنها الأصل في كل جناية لم يكن لها تقدير شرعي كما في المقام.

(213) لرواية مسمع المنجبرة عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في الظفر إذا قطع و لم ينبت أو خرج أسود فاسدا، عشرة دنانير، فإن خرج أبيض فخمسة دنانير»(4).

و أما صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الظفر خمسة دنانير» (5)، مقيد بما تقدم من خروجه أبيض، فلا ينافي ما تقدم، و كذا ما عن علي عليه السّلام في

ص: 216


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 11.
2- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 7 و 8.
3- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 7 و 8.
4- الوسائل: باب 41 من أبواب ديات الأعضاء: 1 و 2.
5- الوسائل: باب 41 من أبواب ديات الأعضاء: 1 و 2.

بلا فرق بين أصابع اليد و الرجل (214).

مسألة 88: لو قطع الإصبع فأعادها صحيحة الحكومة و كذا في الظفر

(مسألة 88): لو قطع الإصبع فأعادها صحيحة الحكومة و كذا في الظفر (215).

مسألة 89: في قطع مقدار من الظفر تكون الدية حسب المساحة

(مسألة 89): في قطع مقدار من الظفر تكون الدية حسب المساحة (216).

مسألة 90: لو ادعى المجني عليه أن الجناية وقعت على العضو سالما

(مسألة 90): لو ادعى المجني عليه أن الجناية وقعت على العضو سالما، و ادعى الجاني أنها وقعت على المشلول و أن الدية أقل فالقول قول المجني عليه مع اليمين (217).

______________________________

كتاب ظريف: «و في ظفر كل إصبع خمسة دنانير» (1).

(214) لما تقدم من الإطلاق، و ما ورد في كتاب ظريف عن علي عليه السّلام: «و في ظفر الإبهام ثلاثون دينارا» (2)، فلا بد من ردّ علمه إلى أهله، بعد إعراض المشهور عنه، و عدم عامل به.

(215) لتحقق الجناية بين الزمانين، و لا تقدير فيها شرعا، فينتهي الأمر إليها لا محالة، لئلا تذهب هدرا.

(216) كما لو كان المقطوع نصف الظفر و لم ينبت أو ينبت أسود، كانت الدية خمسة دنانير أي خمسة مثاقيل شرعية من الذهب، و إن نبت صحيحا فربع العشر، و هكذا لما تقدم في (مسألة 80) من انبساط الدية على الأجزاء و كذا في الأنملة كما مرّ.

(217) أما تقديم قوله فللأصل، ما لم يثبت الجاني دعواه بحجة شرعية كما مرّ مكررا، و أما اليمين فلقطع النزاع و الخصومة. هذا إن لم يحكم أهل الخبرة من المتخصصين بشي ء، و إلا فيتبع قوله.

ص: 217


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 17 من أبواب ديات الأعضاء.

الثالث عشر: الظهر

اشارة

الثالث عشر: الظهر (218)

مسألة 91: في كسر الظهر إن لم يصلح الدية كاملة

(مسألة 91): في كسر الظهر إن لم يصلح الدية كاملة (219)، و كذا لو احدودب- كسر أو لم يكسر- أو صار بحيث لا يقدر على القعود أو المشي (220).

______________________________

(218) و هو العظم- الممتد من الكاهل إلى العجز- الذي له فقار.

(219) نصا، و إجماعا، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام «في الرجل يكسر ظهره، قال: فيه الدية كاملة» (1)، و في معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام:

«و في الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة» (2)، و عدم نزول الماء من إحدى علامات الكسر و مثلها غير هما، مضافا إلى ما تقدم من القاعدة من أن الدية بكاملها إن كان في البدن واحد، فإن إطلاقها يشمل الكسر و القطع كما مر.

و لا فرق في الصلاح بين العلاج و الجبر، أو بمرور الزمن بعد شهادة الثقات من أهل الخبرة به، فاذا صلح فالدية لا تكون كاملة.

(220) لقول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في الصحيح: «و الظهر إذا أحدب ألف دينار» (3)، و المراد بالحدبة خروج الظهر عن الاستواء و ارتفاعه، و في كتاب ظريف: «فإن أحدب منها الظهر فحينئذ تمت ديته ألف دينار» (4)، و في صحيح

ص: 218


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 7.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 7.
3- الوسائل: باب 18 من أبواب ديات الأعضاء.
4- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء.
مسألة 92: لو صلح بعد الكسر أو التحديب و لم يبق من أثر الجناية شي ء فمائة دينار

(مسألة 92): لو صلح بعد الكسر أو التحديب و لم يبق من أثر الجناية شي ء فمائة دينار (221)، و لو عولج و بقي على الاحديداب أو بقي من آثار الكسر شي ء كما إذا حدث به سلس أو ذهب بذلك جماعه أو ماؤه أو لا يقدر على المشي إلا بعكاز أو بإعانة الغير ففي جميع ذلك الدية كاملة (222).

______________________________

بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل كسر صلبه فلا يستطيع أن يجلس أن فيه الدية» (1)، و غير هما من الروايات.

(221) نصا، و إجماعا، فعن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «و ان انكسر الصلب فجبر على غير عثم و لا عيب فديته مائة دينار» (2)، و العثم: هو الجبر على غير استواء.

و ما عن بعض من أن الدية فيه ثلث الدية، لم نجد له دليلا، إلا ما ورد في اللحية أو الساعد، بإلغاء الخصوصية، و هو كما ترى.

و أما الحكومة فلا وجه لها بعد ورود التحديد الشرعي، كما في كتاب ظريف المتقدم.

و أما الخمس فهو مجرد استحسان في البين، لا وجه له إلا أن يحمل على ما دون الكسر و هو بعيد أيضا.

و يمكن الجمع بين الكلمات بأن الإبراء و العلاج له مراتب كثيرة شدة و ضعفا كمالا و نقصا، فيحمل التحديدات المذكورة على بعض مراتبه. و اللّه العالم.

(222) نصوصا تقدم بعضها و يأتي بعضها الأخر، و في كتاب ظريف: «و إن

ص: 219


1- الوسائل: باب 14 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1.
2- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1.
مسألة 93: في رضّ الظهر الحكومة

(مسألة 93): في رضّ الظهر الحكومة (223)، و كذا في تغيّر لونه و تألمه.

مسألة 94: لو ادّعى المجني عليه الكسر و ادّعى الجاني الرضّ

(مسألة 94): لو ادّعى المجني عليه الكسر و ادّعى الجاني الرضّ يرجع إلى الثقات من المتخصصين و إلا يقدم قول الجاني (224).

مسألة 95: لو كسر الظهر بالجناية ثمَّ شلت الرجلان

(مسألة 95): لو كسر الظهر بالجناية ثمَّ شلت الرجلان فدية لكسر الظهر و ثلثا الدية لشلل الرجلين (225).

مسألة 96: لو كسر الحدبة بالجناية دون الظهر ففيه الحكومة

(مسألة 96): لو كسر الحدبة بالجناية دون الظهر ففيه الحكومة (226).

______________________________

انكسر الصلب فجبر على غير عثم و لا عيب فديته مائة دينار. و إن عثم فديته ألف دينار» (1).

(223) لأنها الأصل في كل ما لا مقدر له شرعا، كما تقدم مكررا.

(224) أما الأول: فلما تقدم في كتاب القضاء من حجية قولهم.

و أما الثاني: فللأصل، ما لم يثبت المجني عليه دعواه بحجة شرعية.

(225) لأنهما جنايتان، و في كل منهما حكمها الخاص، كما تقدم في الظهر و يأتي في الرجلين، مضافا إلى الإجماع.

(226) لما تقدم من أنها الأصل في أمثال المقام.

ص: 220


1- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1.

الرابع عشر: النخاع

اشارة

الرابع عشر: النخاع

مسألة 97: في قطع النخاع دية كاملة

(مسألة 97): في قطع النخاع دية كاملة (227)، و في بعضه الحساب بنسبة المساحة (228).

مسألة 98: لو حصلت جناية و شك في قطع النخاع بها ففيها الضمان

(مسألة 98): لو حصلت جناية و شك في قطع النخاع بها ففيها الضمان (229)، و أما النخاع فلا بد فيه من الرجوع إلى المتخصصين بذلك (230)،

______________________________

(227) لما تقدم من القاعدة و هي: «كل ما في الإنسان واحد ففيه الدية كاملة»، مضافا إلى الإجماع.

و دعوى: انصراف مثل هذه القاعدة إلى الأعضاء الظاهرية، لانسباق القطع و الفصل من الأدلة، و لا قطع و لا فصل في مثل النخاع و المعدة و غير هما من الأعضاء الباطنية.

غير صحيحة: لأن مثل هذا العموم الوارد في مقام البيان من كل جهة، لا وجه لدعوى الانصراف فيه، إلا بقرينة واضحة، و قطع كل شي ء بحسبه. ففصل مثل النخاع- إن فرض معه بقاء حياة الإنسان- قطع و إن لم يظهر في الخارج، بل و كذا تغييره عن محله- بحيث يقع الإنسان في الشدة و الضرر إن لم يمت- يكون من القطع لدى أهل الخبرة، لأن إزالة المجاري الطبيعية في حياة الإنسان قطع أو بمنزلة القطع، سواء كانت في الأعضاء الباطنية أم الخارجية.

(228) لما مر في (مسألة 80)، هذا إذا بقي الإنسان حيا، و إن مات بالجناية فالدية كاملة.

(229) إما بالدية المقدرة شرعا أو بالحكومة، لئلا تذهب الجناية هدرا.

(230) لما مرّ في كتاب القضاء من حجية قولهم، فإن حكموا بالقطع فالدية

ص: 221

في تغييره عن موضعه فإن تغيّر فالحكومة (231).

مسألة 99: إذا قطع النخاع و حصل به عيب في عضو آخر

(مسألة 99): إذا قطع النخاع و حصل به عيب في عضو آخر فإن كان فيه الدية المقدرة تثبت مضافا إلى دية النخاع تلك الدية و إلا فالحكومة (232).

مسألة 100: إذا قطع النخاع و لكن عولج و لم يبق من أثر الجناية شي ء فالحكومة

(مسألة 100): إذا قطع النخاع و لكن عولج و لم يبق من أثر الجناية شي ء فالحكومة (233).

______________________________

كاملة، و إلا فالحكومة. هذا إن لم يثبت دية أخرى في البين، مثل كسر العنق و نحوه.

(231) لأنها الأصل في كل جناية لا مقدر لها شرعا.

(232) لأصالة عدم التداخل في الأول، و لأن الحكومة هي الأصل فيما لا تقدير له، كما تقدم مكررا في الثاني.

(233) إن لم يحكم أهل الخبرة من المتخصصين بأن الصلاح و العلاج موهبة جديدة إلهية، و إلا فالدية كاملة، لما تقدم من القاعدة.

ص: 222

الخامس عشر: الثديان

اشارة

الخامس عشر: الثديان

مسألة 101: في قطعهما معا الدية كاملة و في كل واحدة منهما نصف الدية بلا فرق بين اليمين و اليسار

(مسألة 101): في قطعهما معا الدية كاملة و في كل واحدة منهما نصف الدية بلا فرق بين اليمين و اليسار (234).

مسألة 102: لو قطعتا- أو قطعت واحدة منها- مع شي ء من جلد الصدر ففي الثدي الدية بما مرّ و في الجلد الحكومة

(مسألة 102): لو قطعتا- أو قطعت واحدة منها- مع شي ء من جلد الصدر ففي الثدي الدية بما مرّ و في الجلد الحكومة (235)، و لو أجاف الصدر ففيه مع ذلك دية الجائفة (236).

مسألة 103: لو استلزمت الجناية قطع اللبن عن الثدي أو تعذر خروجه مطلقا

(مسألة 103): لو استلزمت الجناية قطع اللبن عن الثدي أو تعذر خروجه مطلقا أو في وقت الحاجة أو قلّ اللبن فيها أو خرج اللبن مختلطا بالدم أو القيح ففي جميع ذلك الحكومة (237)، و كذا لو تورمت أو تغير لونها.

______________________________

(234) لما مرّ من القاعدة، و في معتبرة أبي بصير قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل قطع ثدي امرأته، قال: إذن أغرمه لها نصف الدية» (1)، مضافا إلى الإجماع.

(235) أما الدية فلما تقدم، و أما الحكومة فكذلك أيضا.

(236) لأنها جناية خاصة لها مقدر شرعي، فيلزمه دية الثديين و الحكومة و دية الجائفة، و هكذا زيادة و نقيصة.

(237) لأن جميعها جناية لا مقدر لها شرعا، فليس لها إلا الحكومة.

ص: 223


1- الوسائل: باب 46 من أبواب ديات الأعضاء.
مسألة 104: في قطع بعض الثدي- سوى الحلمة- الدية بحساب المساحة

(مسألة 104): في قطع بعض الثدي- سوى الحلمة- الدية بحساب المساحة (238)، إن لم تثبت حكومة أخرى (239).

مسألة 105: في قطع الحلمة من ثدي المرأة الحكومة

(مسألة 105): في قطع الحلمة من ثدي المرأة الحكومة (240)، و أما في قطعها من ثدي الرجل ثمن الدية (241).

______________________________

(238) لما تقدم في (مسألة 80) فلا حاجة للتكرار.

(239) كما إذا قطع ثديها و تورمت البقية، فإحدى الجنايتين بالمباشرة و الأخرى بالتسبيب، فلا بد من الدية في كل منهما، حذرا من تهدير الدم، و هكذا في كل جناية استلزمت جناية أخرى منها.

(240) للأصل، بعد عدم ورود تقدير شرعي فيها.

و أما التقدير بالمساحة فيمكن الإشكال فيه بأن المساحة إنما تفرض في نفس الثدي و الحلمة مغايرة لها، بل لا يطلق كل منهما على الأخرى، لا الثدي على الحلمة و لا العكس، و انها شي ء زائد، لا انها مقوم للثدي، و يشهد لعدم الشمول ما يأتي من رواية ظريف، حيث جعل لقطعها تقديرا خاصا.

و أما تمام الدية في الحلمتين و نصفها في إحداها تمسكا بما تقدم من القاعدة، فشمولها للمقام مشكل بل ممنوع، لأنه يستلزم المساواة بين ما هو خارج عن الأصل و هو الحلمة، و ما هو الأصل و هو الثدي، و يشهد لما ذكرنا ما ورد في كتاب ظريف، فلا تجري القاعدة المتقدمة في المقام، فتصل النوبة إلى الحكومة.

(241) لما عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «و في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية مائة و خمسة و عشرون دينارا» (1).

و دعوى: شموله لحلمة ثدي المرأة، ممنوعة لذكر الرجل، و عدم نفع

ص: 224


1- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
مسألة 106: لو استلزم قطع الحلمة فساد تمام الثدي ففيه الدية المقررة

(مسألة 106): لو استلزم قطع الحلمة فساد تمام الثدي ففيه الدية المقررة (242).

______________________________

لحلمة ثدي الرجل بخلاف حلمة ثدي المرأة، فلا وجه لأن يقال إن ذكر الرجل من باب المثال كما في سائر الأحكام، لأنهما في المقام موضوعات متغايران عرفا، و يشكل جريان قاعدة الاشتراك في المقام.

(242) لأن الجناية أوجبت فساد الثدي، فكأنها وقعت على الكل، و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات الواردة في المسألة المتقدمة. و اللّه العالم.

ص: 225

السادس عشر: السّرّة

اشارة

السادس عشر: السّرّة

مسألة 107: في قطع السرة الحكومة إن لم يوجب الفتق و إلا فيأتي حكمه

(مسألة 107): في قطع السرة الحكومة إن لم يوجب الفتق و إلا فيأتي حكمه (243)، بلا فرق بين قطع جميعها أو بعضها (244).

مسألة 108: لو استلزمت الجناية قطع السرة مع قطع الجلد من البطن

(مسألة 108): لو استلزمت الجناية قطع السرة مع قطع الجلد من البطن ففي كل منه حكمه (245).

مسألة 109: إذا تألمت السرة بالجناية أو تغيّر لونها فالحكومة

(مسألة 109): إذا تألمت السرة بالجناية أو تغيّر لونها فالحكومة (246).

______________________________

(243) لأنها الأصل في كل جناية لا تقدير فيها شرعا، و لا تجري القاعدة المتقدمة في المقام: «كل ما كان في البدن واحد ففيه الدية، و كل ما كان اثنان ففي كل واحد منهما نصف الدية»، لانصرافها عن مثل المقام.

(244) لأن الحكومة إن ثبتت في جميع العضو، تثبت في بعضها أيضا، إلا أن يدلّ دليل على الخلاف، و لا دليل كذلك. نعم يكثر الأرش في قطع جميع السرة دون البعض.

(245) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، و كذا لو استلزم قطع السرة جناية أخرى، كمرض أو تعفن في الأمعاء و غير هما.

(246) لما تقدم من أنها الأصل في أمثال المقام.

ص: 226

السابع عشر: الذكر

اشارة

السابع عشر: الذكر

مسألة 110: في قطع الحشفة فما زاد الدية كاملة

(مسألة 110): في قطع الحشفة فما زاد الدية كاملة (247)، إن كان دفعة من غير فرق في ذلك بين الشاب و الشيخ و الصبي و الخصي خلقة أو لعارض و من سلت أو رضت خصيتاه إن لم يوجب الرض أو السل الشلل في الذكر (248)،

______________________________

(247) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الذكر إذا قطع من موضع الحشفة، الدية» (1)، و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «و في الذكر: إذا قطعت الحشفة و ما فوق الدية» (2)، إلى غير ذلك من النصوص.

و أما صحيح يونس أنه عرض على أبي الحسن الرضا عليه السّلام كتاب الديات و فيه: «و الذكر إذا استوصل ألف دينار» (3)، محمول على قطع الحشفة بقرينة ما مرّ من النصوص.

(248) لما مرّ من الإطلاق، و في معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«قال أمير المؤمنين عليه السّلام: في ذكر الصبي الدية، و في ذكر العنين الدية الكاملة» (4)، و في صحيح بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السّلام: «في ذكر الغلام الدية كاملة» (5).

و لا فرق في وجوب تمام الدية، بين قطع الحشفة خاصة أو مع القضيب كله أو

ص: 227


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 5 و 4.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 5 و 4.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 2.
4- الوسائل: باب 35 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 2- 1.
5- الوسائل: باب 35 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 2- 1.

و إلا فثلث الدية (249).

مسألة 111: لو قطع بعض الحشفة فالدية بنسبة المقطوع

(مسألة 111): لو قطع بعض الحشفة فالدية بنسبة المقطوع (250)، و يحسب من مساحة الحشفة (الكمرة) لا جميع الذكر (251)، هذا إذا لم يوجب جناية أخرى و إلا فالمقدّر أيضا (252).

______________________________

بعضه- ان لم تجب دية أو حكومة أخرى في القضيب- لما مرّ من الإطلاق.

و الحشفة هي القسم المكشوف من رأس الذكر بعد الختان (الكمرة)، أو المستور بالغلفة.

(249) لما تقدم من القاعدة في (مسألة 83) من أن في استيصال العضو المشلول ثلث الدية، و كذا لو كان الشلل في الذكر لأجل المرض- لا بسبب الرض و السل- مثلا.

و أما قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح بريد العجلي: «في .. و ذكر الخصي و أنثييه ثلث الدية» (1)، محمول على ما ذكرنا من تحقق الشلل بالإخصاء.

(250) إن كان نصفا فنصف، و إن كان ثلثا فثلث، و هكذا، لما تقدم في (مسألة 80)، مضافا إلى الإجماع.

(251) لما تقدم من أن المدار على قطع الحشفة لا الذكر. و الفرق يظهر في الدية، فإن حسب من الحشفة تكثر دية البعض حينئذ، بخلاف ما إذا حسب من تمام القضيب (الذكر) فتقل، لأن نسبة تمام الحشفة إلى القضيب نسبة الربع أو أقل أو أكثر.

(252) لأنهما جنايتان إحداهما بالمباشرة، و الأخرى بالتسبيب، و لكل منهما حكمها، أما الحكومة، أو المقدر شرعا، كالشلل مثلا.

ص: 228


1- الوسائل: باب 31 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1.
مسألة 112: لو انسد مجرى البول بالجناية أو انخرم من دون قطع ففيه الحكومة

(مسألة 112): لو انسد مجرى البول بالجناية أو انخرم من دون قطع ففيه الحكومة (253)، و لو حصل ذلك من القطع فالدية و الحكومة (254).

مسألة 113: لو قطع الحشفة و قطع آخر- أو هو بقطع ثان- ما بقي من الذكر

(مسألة 113): لو قطع الحشفة و قطع آخر- أو هو بقطع ثان- ما بقي من الذكر فعلى الأول الدية كاملة (255)، و على الثاني الحكومة (256)، و أما لو قطع شخص بعض الحشفة و الآخر ما بقي منها ففي كل منهما بحساب المساحة (257).

مسألة 114: إذا قطع شخص بعض الحشفة و استأصل آخر الذكر

(مسألة 114): إذا قطع شخص بعض الحشفة و استأصل آخر الذكر ففي قطع بعضها الحساب بالمساحة (258)، و في استيصال الذكر الحكومة (259).

مسألة 115: في قطع ذكر العنّين ثلث الدية

(مسألة 115): في قطع ذكر العنّين ثلث الدية (260)،

______________________________

(253) لأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا.

(254) لما تقدم آنفا، سواء كان الخرم ملازما للجناية، أو كان جناية زائدة، لما عرفت في المسألة السابقة.

(255) لقطع الحشفة كما مرّ.

(256) لقطع ما بقي من الذكر.

(257) لما تقدم في (مسألة 80)، و كذا لو قطع شخص واحد بعض الحشفة ثمَّ قطع ما بقي من بعضها مرة أخرى.

(258) لما تقدم في (مسألة 80).

(259) لأنها الأصل بعد فرض عدم التقدير فيه شرعا، إذا المستفاد من النصوص المتقدمة الدية الكاملة في قطع الحشفة، و أما قطع القضيب فلم يرد فيه تقدير، فتصل النوبة إلى الحكومة.

(260) لما تقدم في (مسألة 83)، كما عن بعض أهل الخبرة من أن العنن في

ص: 229

و في قطع بعضه بحسابه (261)، من الذكر لا من الحشفة (262).

مسألة 116: لو قطع نصفه طولا ففيه نصف الدية

(مسألة 116): لو قطع نصفه طولا ففيه نصف الدية (263)، إن لم يحدث شلل في النصف الآخر و إلا فنصف الدية للقطع، و ثلثا دية النصف الآخر للشلل (264).

مسألة 117: في قطع ذكر الخنثى المشكل أو المعلومة أنوثيتها الحكومة

(مسألة 117): في قطع ذكر الخنثى المشكل أو المعلومة أنوثيتها الحكومة (265).

مسألة 118: لو قطع بعض الحشفة أو جميعها و التأمت فعادت صحيحة كالأول

(مسألة 118): لو قطع بعض الحشفة أو جميعها و التأمت فعادت صحيحة كالأول ففيه الحكومة (266).

______________________________

الذكر نوع من الشلل، مضافا إلى الإجماع، و ما عن علي عليه السّلام في معتبرة السكوني:

«في ذكر العنين الدية» (1)، محمول على أصلها، لا على مقدارها، و إلا فهي موهونة بالإعراض.

(261) لما تقدم في (مسألة 80) بعد تقدير دية ذكر العنين ب 33/ 333 دينارا.

(262) لاستواء الجميع- الحشفة و غيرها- في عدم المنفعة في العنين، و عدم ورود الدية في خصوص حشفته بعد عدم النفع بها بخلاف الصحيح، فإن فيها اللذة في إعمال الشهوة الجنسية، و عليها الدية، فيكون الحساب من مجموع الذكر، لأنه عضو واحد في العنين.

(263) لما مرّ من أن الدية توزع حسب المساحة، فراجع (مسألة 80).

(264) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، فعليه خمسة أسداس، و أما لو ذهب الجماع به فالدية كاملة، لما يأتي في الدية على المنافع إن شاء اللّه تعالى من أن في ذهابها الدية كاملة.

(265) لعدم إحراز الرجولية، فتصل النوبة إلى الحكومة لا محالة.

(266) للجناية التي حصلت بين المدتين، بعد عدم التقدير لها شرعا.

ص: 230


1- الوسائل: باب 35 من أبواب ديات الأعضاء: 2.

الثامن عشر: الخصيتان

اشارة

الثامن عشر: الخصيتان

مسألة 119: في الخصيتين الدية كاملة

(مسألة 119): في الخصيتين الدية كاملة (267)، و في قطع اليسرى ثلثا الدية و في اليمنى ثلث الدية لو قطعت أي منهما منفردة (268).

______________________________

(267) نصا، و إجماعا، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «و في البيضتين الدية» (1)، و في كتاب يونس الذي عرض على أبي الحسن الرضا عليه السّلام:

«و في البيضتين ألف دينار» (2)، مضافا إلى ما تقدم من القاعدة.

(268) لصحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام المعلل قال: «ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية، مثل اليدين و العينين، قلت: رجل فقئت عينه؟

قال: نصف الدية، قلت: فرجل قطعت يده؟ قال: فيه نصف الدية، قلت: فرجل ذهبت إحدى بيضتيه؟ قال: إن كانت اليسار ففيها ثلثا الدية، قلت: و لم؟ أ ليس قلت: ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية؟! فقال: لأن الولد من البيضة اليسرى» (3)، و يؤيده ما عن الصادق عليه السّلام أيضا في مرفوعة الواسطي: «الولد يكون من البيضة اليسرى، فإذا قطعت ففيها ثلثا الدية، و في اليمنى ثلث الدية» (4)، و الصحيح مقدم على غيره من القاعدة المتقدمة، و على معتبرة ظريف عن علي عليه السّلام: «في خصية الرجل خمسمائة دينار» (5)، لما أثبتناه في الأصول من تقديم المعلل على غيره، و إن كان الأحوط التصالح و المراضاة.

و لا فرق في تعدد القلع بين قلع شخص واحد أو شخصين، و أما لو قلعتا دفعة واحدة ففيها الدية كاملة، لما تقدم.

ص: 231


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 2 و 1.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 2 و 1.
3- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 4 و 2 و 1.
4- الوسائل: باب 18 من أبواب ديات الأعضاء: 2 و 1.
5- الوسائل: باب 18 من أبواب ديات الأعضاء: 2 و 1.
مسألة 120: لا فرق في الحكم بين الصغير و الكبير و الشيخ و الشاب

(مسألة 120): لا فرق في الحكم بين الصغير و الكبير و الشيخ و الشاب .. و مقطوع الذكر و غيره و العنّين و الأشل و غير هما (269).

مسألة 121: لو قطع بعض البيضة فالدية بحساب المساحة

(مسألة 121): لو قطع بعض البيضة فالدية بحساب المساحة (270)، و أما لو تغيرت من مكانها المعدّ لها خلقة ففيها الحكومة (271).

مسألة 122: في انتفاخ الخصيتين أربعمائة دينار

(مسألة 122): في انتفاخ الخصيتين أربعمائة دينار (272)، و إن فحج- أي إذا مشى مشيا لا ينتفع به- فثمانمائة دينار أربعة أخماس دية النفس (273)، و في انتفاخ السرة مائة دينار (274).

مسألة 123: لو استلزم قطع البيضة جناية أخرى

(مسألة 123): لو استلزم قطع البيضة جناية أخرى فإن كان فيها دية مقدرة تثبت الدية مضافا إلى دية القطع و إن لم تكن فيها الدية فالحكومة

______________________________

(269) للعموم، و الإطلاق.

(270) إن كان من اليسرى فبحسابها، و إن كان من اليمنى فكذلك، لما مرّ في (مسألة 80).

(271) لأنها الأصل في كل جناية لم يكن لها تقدير شرعي، كما تقدم.

(272) نصا، و إجماعا، ففي كتاب ظريف عن علي عليه السّلام: «فإن أصيب رجل فأدر خصيتاه كلتاهما فديته أربعمائة دينار، فإن فحج فلم يستطع المشي إلا مشيا لا ينفعه فديته أربعة أخماس دية النفس ثمانمائة دينار» (1)، و أدر على وزن تعب، بمعنى انتفاخ الخصيتين.

(273) ظهر وجهه من ما مرّ.

(274) لما تقدم في كتاب ظريف.

ص: 232


1- الوسائل: باب 18 من أبواب ديات الأعضاء.

مع دية القطع (275)، و لو استلزمت الجناية الألم في البيضة فالحكومة (276)، و كذا في قطع العانة الحكومة (277).

______________________________

(275) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب.

(276) لما مرّ مكررا من أنها الأصل في كل جناية.

(277) لعدم التقدير الشرعي فيها، فتصل النوبة إليها.

ص: 233

التاسع عشر: الفرج

اشارة

التاسع عشر: الفرج

مسألة 124: في الشفرين و هما اللحمان المحيطان بالفرج إحاطة الشفتين بالفم- الدية كاملة

(مسألة 124): في الشفرين و هما اللحمان المحيطان بالفرج إحاطة الشفتين بالفم- الدية كاملة و في إحداهما نصفها (278)، و تستوي الكبيرة و الصغيرة و الرتقاء و القرناء و البكر و الثيب و المفضاة و غيرها (279).

مسألة 125: لو شلت إحداهما بالجناية فثلثا ديتها

(مسألة 125): لو شلت إحداهما بالجناية فثلثا ديتها و لو قطع المشلول ففيه الثلث (280).

مسألة 126: في قطع بعض الشفرة تكون الدية بالحساب

(مسألة 126): في قطع بعض الشفرة تكون الدية بالحساب (281)، و في تورمها الحكومة (282).

______________________________

(278) للقاعدة المتقدمة الدالة على أن: «كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية، و في أحد هما نصف الدية»، و لصحيح عبد الرحمن بن سيابة عن الصادق عليه السّلام قال: «إن في كتاب علي عليه السّلام: لو ان رجلا قطع فرج امرأته لأغرمته لها ديتها» (1)، و في معتبرة أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل قطع فرج امرأته، قال: إذن أغرمه لها نصف الدية» (2)، المحمولة على قطع إحدى الشفرين، مضافا إلى الإجماع.

(279) لما تقدم من العموم، و الإطلاق.

(280) للقاعدة المتقدمة في (مسألة 83).

(281) لما مرّ من التوزيع في (مسألة 80).

(282) لأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا، كما مر.

ص: 234


1- الوسائل: باب 36 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1- 5.
2- الوسائل: باب 36 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1- 5.
مسألة 127: في قطع الركب

(مسألة 127): في قطع الركب و هو في المرأة موضع العانة من الرجل- الحكومة (283).

مسألة 128: في إفضاء المرأة ديتها كاملة 284، من غير فرق بين الأجنبي و الزوج

(مسألة 128): في إفضاء المرأة ديتها كاملة (284)، من غير فرق بين الأجنبي و الزوج (285)، إلا إذا كان ذلك من الزوج بالوطئ بعد البلوغ، و أما قبله فعليه ديتها مع مهرها (286).

مسألة 129: إذا كانت المرأة مكرهة من غير زوجها في الإفضاء

(مسألة 129): إذا كانت المرأة مكرهة من غير زوجها في الإفضاء

______________________________

(283) لعدم تقدير شرعي له، فتصل النوبة إليها كما مر، سواء قطعه منفردا أو منضما إلى الفرج.

(284) نصوصا، و إجماعا، فعن علي عليه السّلام «أنه قضى في امرأة أفضيت بالدية» (1)، و في صحيح سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وقع بجارية فأفضاها، و كانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد؟ فقال عليه السّلام: الدية كاملة» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

و الإفضاء: هو جعل مسلكي البول و الحيض واحدا، أو جعله مسلكي الحيض و الغائط واحد، كما تقدم في كتاب النكاح (3).

(285) لإطلاق ما تقدم، كما لا فرق فيه بين أن يكون بالذكر أو بالإصبع أو بغير هما، إلا في الزوج، كما ذكر.

(286) تقدم تفصيل ذلك في كتاب النكاح (4)، و في الصداق (مسألة 36) (5).

ص: 235


1- الوسائل: باب 26 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1.
2- الوسائل: باب 9 من أبواب ديات الأعضاء.
3- راجع ج: 24 صفحة: 73 طبعة النجف الأشرف.
4- راجع ج: 24 صفحة: 73 طبعة النجف الأشرف.
5- تقدم في ج: 25 صفحة: 176.

فلها مهر المثل مع الدية (287)، بخلاف ما لو كانت مطاوعة فلها الدية دون المهر (288)، و لو كانت المكرهة بكرا يجب لها أرش البكارة زائدا على ما تقدم (289).

______________________________

(287) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب مع أصالة عدم التداخل، و قد تقدم في أحكام الصداق ما ينفع المقام (1).

(288) أما الدية فللجناية، و أما عدم المهر فلأنها بغية، و لا مهر لبغي.

و لا يسقط أرش البكارة في البغية للأصل، إلا أن يدلّ دليل على الخلاف، أما إقدامها للجناية بالمطاوعة، و فيه: أن ذلك لا يسقط الحكم الوضعي، و إما أن الأرش يثبت في غير الزنا، و الزنا موضوع غير قابل للأرش، كما أنه غير قابل للمهر، و فيه: أن ذلك من مجرد الدعوى، إلا أن يستفاد السقوط من إطلاق قوله عليه السّلام: «مهر البغي سحت» (2)، و الأحوط التصالح.

(289) لتعدد السبب الموجب لتعدد المسبب، مضافا إلى الإجماع.

و أما من ذهب إلى عدم الأرش للبكارة، و إنما يثبت المهر و دية الإفضاء إن تحقق، فإن كان نظره إلى أنه داخل في المهر، ففيه أنهما مختلفان موضوعا و حكما، لأن المهر للدخول، و الدخول أعم من ذهاب العذرة، و إن كان نظره إلى تكثير مهر المثل من حيث لحاظ العذرة، فلا نزاع في البين لأنه يرجع إلى جعل النزاع لفظيا، و أما قول علي عليه السّلام في رواية طلحة بن زيد: «إذا اغتصب الرجل أمة فافتضها فعليه عشر قيمتها، و إن كانت حرة فعليه الصداق» (3)، فلا ينافي ما ذكرنا، و كذا قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «إنّ شعر المرأة و عذرتها

ص: 236


1- راجع ج: 25 صفحة: 145.
2- الوسائل: باب 5 من أبواب ما يكتسب به: 5.
3- الوسائل: باب 45 من أبواب المهور: كتاب النكاح: 2.
مسألة 130: لو حصل بالإفضاء عيب آخر يوجب الأرش أو الدية ضمنه مع دية الإفضاء

(مسألة 130): لو حصل بالإفضاء عيب آخر يوجب الأرش أو الدية ضمنه مع دية الإفضاء (290).

مسألة 131: لو كان المفضي غير كامل فالمهر و الدية على العاقلة

(مسألة 131): لو كان المفضي غير كامل فالمهر و الدية على العاقلة (291).

مسألة 132: لو حصل الإفضاء ثمَّ التئمت و طاب المحل و عاد كالأول فالحكومة

(مسألة 132): لو حصل الإفضاء ثمَّ التئمت و طاب المحل و عاد كالأول فالحكومة (292).

______________________________

شريكان في الجمال، فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كملا» (1)، صريح في تكثير المهر، لذهاب العذرة.

(290) لتعدد السبب عرفا، الموجب لتعدد المسبب.

(291) لأن كلا منهما غرامة مالية سببها غير كامل، فلا بد من تغريم العاقلة، تحفظا على محافظة غير الكامل الذي يكون العاقلة مسلطا عليه، فيشملهما قوله عليه السّلام: «عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة» (2). و احتمال أن تغريم العاقلة في موارد خاصة- و هي منصرفة عن المهر- إثباته على مدعيه.

و كذا تكون الدية عليها في الخطأ المحض، كما تقدم في ديات النفس، و ذلك كما إذا كان له زوجة قد وطأها، و يعلم أن وطأها لا يفضيها، فأصاب امرأة كانت على فراشه اعتقد أنها زوجته فأفضاها، فإنه خطأ محض.

(292) لحصول الجناية بين المدتين، و هي غير مقدرة شرعا، فلا بد فيها من الحكومة، أو التصالح.

ص: 237


1- الوسائل: باب 30 من أبواب ديات الأعضاء.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة: 3.

العشرون: الاليان

اشارة

العشرون: الاليان

مسألة 133: في الأليين الدية و في كل واحدة النصف

(مسألة 133): في الأليين الدية و في كل واحدة النصف (293)، من غير فرق بين الرجل و المرأة (294)، و في بعض كل منهما بحساب المساحة (295).

مسألة 134: الألية معروفة

(مسألة 134): الألية معروفة و هي عبارة عن اللحم المرتفع بين الظهر و الفخذين و عمقها حتى ينتهي إلى العظم ففي قطعهما معا حتى يبلغ إلى العظم الدية كاملة (296)، و في واحدة منهما كذلك نصف الدية (297)، فإن لم تبلغ العظم فبحساب المساحة (298)، و إن كان الأحوط الدية في القطع بنحو ينتهي إلى مساواة الظهر و الفخذ و إن لم يصل إلى العظم (299).

______________________________

(293) لما تقدم من القاعدة: «كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية، و في واحد منهما نصف الدية».

(294) لإطلاق ما تقدم.

(295) لما مرّ في (مسألة 80)، فلا وجه للإعادة.

(296) لما مرّ من القاعدة: «كل ما في الإنسان منه اثنان ففيها الدية، و في واحد منهما نصف الدية»، مضافا إلى الإجماع.

(297) لما تقدم في سابقة.

(298) لفرض التقسيط، كما تقدم في (مسألة 80).

(299) لاحتمال أن المدار على زوال ما ارتفع من اللحم، و تحقق المساواة

ص: 238

مسألة 135: لو قطع الألية فعيب به عضو آخر

(مسألة 135): لو قطع الألية فعيب به عضو آخر فإن كان فيه الدية المقدرة يثبت مضافا إلى دية الألية دية أخرى، و إن لم تكن فيه الدية فالحكومة (300).

مسألة 136: لو عولج بعد القطع و لم يبق أثر من الجناية فالحكومة

(مسألة 136): لو عولج بعد القطع و لم يبق أثر من الجناية فالحكومة (301).

______________________________

بين الظهر و الفخذ.

(300) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، ما لم يثبت التداخل بدليل معتبر، و هو في المقام مفقود.

(301) لتحقق الجناية بين الزمنين.

ص: 239

الواحد و العشرون: الرجلان

اشارة

الواحد و العشرون: الرجلان

مسألة 137: في الرجلين الدية الكاملة و في كل منهما نصفهما

(مسألة 137): في الرجلين الدية الكاملة و في كل منهما نصفهما (302)، و حدّهما مفصل الساق (303)، من غير فرق بين اليمنى و اليسرى (304).

مسألة 138: لو قطعت إحداهما من المفصل ففيها نصف الدية و إن كانت فيها الأصابع

(مسألة 138): لو قطعت إحداهما من المفصل ففيها نصف الدية و إن كانت فيها الأصابع (305)، و لو قطعت الأصابع العشر منفردة عن الساق فالدية كاملة (306)،

______________________________

(302) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل الواحدة نصف الدية» (1)، مضافا إلى ما تقدم من القاعدة الدالة على: «أن كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية، و في أحد هما نصف الدية و كل ما في الإنسان واحد ففيه تمام الدية».

(303) للإجماع، و لشهادة أهل العرف و المتخصصين بجراحة الأعضاء، كما تقدم في اليد.

(304) لإطلاق ما تقدم.

(305) فلا دية للأصابع حينئذ، لما مرّ في اليد، فلا حاجة للتكرار مرة أخرى فراجع (مسألة 72).

(306) لما تقدم- في التقدير الثاني عشر (الإصبع)- من النص، و الإجماع، و مر قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «أصابع اليدين و الرجلين سواء في

ص: 240


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 7.

و في كل واحدة منها عشرها، و دية كل إصبع مقسومة على ثلاث أنامل بالسوية إلا الإبهام فإنها مقسومة فيها على اثنتين (307).

مسألة 139: لو قطعت من مفصل الركبة أو من أصل الفخذين ففي الزيادة الحكومة

(مسألة 139): لو قطعت من مفصل الركبة أو من أصل الفخذين ففي الزيادة الحكومة (308)، و لو قطع الساقين مستقلتين و كذا الفخذين فالدية كاملة و في كل واحدة منهما نصف الدية (309).

مسألة 140: لو استلزمت الجناية التورم في الرجل أو الألم فيها أو تغيّر لونها

(مسألة 140): لو استلزمت الجناية التورم في الرجل أو الألم فيها أو تغيّر لونها ففي جميع ذلك الحكومة (310).

______________________________

الدية، في كل إصبع عشر من الإبل» (1).

(307) ظهر وجه جميع ذلك مما مر، فلا داعي للإعادة مرة أخرى.

(308) لما مرّ في اليد، فراجع (مسألة 73).

(309) لما تقدم في الساعد و العضد من اليد بلا فرق بين ذلك، و كذا الكلام في الرجل الزائدة، أو الإصبع الزائدة في الرجل.

(310) لأنها الأصل في كل ما لم يكن فيه تقدير شرعي، كما مرّ مكررا.

ص: 241


1- الوسائل: باب 39 من أبواب ديات الأعضاء: 4.

الثاني و العشرون: الأضلاع

اشارة

الثاني و العشرون: الأضلاع

مسألة 141: في الأضلاع المحيطة بالقلب في كل ضلع منها إذا كسر خمسة و عشرون دينارا

(مسألة 141): في الأضلاع المحيطة بالقلب في كل ضلع منها إذا كسر خمسة و عشرون دينارا (311)، و في صدعه اثنا عشر دينارا و نصف دينار و في نقل عظامه سبعة دنانير و نصف (312)، و في الأضلاع التي تلي العضدين عشرة دنانير إذا كسرت و في صدعها سبعة دنانير (313).

مسألة 142: لو استلزم كسر الضلع جناية أخرى تتعدد الدية إن كان لها مقدر

(مسألة 142): لو استلزم كسر الضلع جناية أخرى تتعدد الدية إن كان لها مقدر (314)،

______________________________

(311) إجماعا، و نصا، كما عن علي عليه السّلام في معتبرة ظريف: «و في الأضلاع فيما خالط القلب من الأضلاع إذا كسر منها ضلع فديته خمسة و عشرون دينارا، و في صدعه اثنا عشر دينارا و نصف، و دية نقل عظامه سبعة دنانير و نصف» (1)، و الظاهر أن المراد بالمخالطة الإحاطة، و إلا فلا يعقل مخالطة الضلع مع القلب حقيقة، بل لا يعقل مخالطتها مع كل لحم. فالمراد منها شدة الإحاطة للمحافظة على القلب.

(312) ظهر وجههما مما مرّ في معتبرة ظريف.

(313) لما في المعتبرة المتقدمة: «و في الأضلاع مما يلي العضدين دية كل ضلع عشرة دنانير إذا كسر، و دية صدعه سبعة دنانير» (2).

(314) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، كما مرّ مكررا.

ص: 242


1- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1.
2- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات الأعضاء.

ما لم تبلغ دية النفس و إلا فدية النفس إن لم تتعدد الجناية (315)، و إن لم يكن لها مقدر شرعي فالحكومة مضافا إلى دية كسر الضلع (316).

______________________________

(315) لما مر في (مسألة 40) من الفصل الثالث، فلا وجه للإعادة مرة أخرى.

(316) لأصالة الحكومة، و لأنها المرجع في كل ما لا تقدير له شرعا.

ص: 243

الثالث و العشرون: الترقوة

اشارة

الثالث و العشرون: الترقوة (317)

مسألة 143: في الترقوتين الدية

(مسألة 143): في الترقوتين الدية (318)، و في كل واحدة منهما إذا كسرت فجبرت من غير عيب أربعون دينارا (319).

مسألة 144: لو كسرت واحدة منهما و لم تبرأ ففيها نصف الدية

(مسألة 144): لو كسرت واحدة منهما و لم تبرأ ففيها نصف الدية (320)، و لو برئت معيوبة ففيها الحكومة (321).

______________________________

(317) و هي العظمان اللذان بين ثغرة النحر و العاتق.

(318) لما تقدم من القاعدة: «كل ما في الإنسان اثنان ففيه نصف الدية، و كل ما فيه واحد ففيه تمام الدية»، و لكن الأحوط التصالح، لاحتمال انصرافها عن مثل هذه الموارد.

(319) لما عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «في الترقوة إذا انكسرت فجبرت على غير عثم و لا عيب أربعون دينارا» (1).

(320) ظهر وجهه مما مرّ.

(321) لأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا، كما في المقام.

ص: 244


1- الوسائل: باب 9 من أبواب ديات الأعضاء.

فروع

اشارة

فروع

الأول: من افتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها

الأول: من افتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها ففيه الدية و مهر نسائها (322).

الثاني: من داس بطن إنسان بحيث يخرج منه البول أو الغائط فعليه ثلث الدية

الثاني: من داس بطن إنسان بحيث يخرج منه البول أو الغائط فعليه ثلث الدية أو يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه (323)،

______________________________

(322) أما الدية فلمعتبرة هشام بن إبراهيم عن أبي الحسن عليه السّلام (1)، و ما يأتي في سلس البول، إذ لا فرق بين المسألتين. و أما رواية ظريف عن علي عليه السّلام: «في رجل افتض جارية بإصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها، فجعل لها ثلث الدية مائة و ستة و ستين دينارا و ثلثي دينار» (2)، فلا تصلح للمعارضة بعد إعراض المشهور عنها في المقام.

و أما المهر فلما مرّ في (مسألة 129)، و لقوله عليه السّلام: «و قضى لها عليه بصداق مثل نساء قومها» (3).

(323) لما في معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «رفع إلى أمير المؤمنين عليه السّلام رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه، فقضى عليه أن يدس بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث، أو يغرم ثلث الدية» (4)، مضافا إلى الإجماع.

ص: 245


1- الوسائل: باب 30 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 3 و 2 و 2.
2- الوسائل: باب 30 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 3 و 2 و 2.
3- الوسائل: باب 30 من أبواب ديات الأعضاء: الحديث: 3 و 2 و 2.
4- الوسائل: باب 2 من أبواب قصاص الطرف: 1.

و أما لو أحدث بالريح ففيه الحكومة (324).

الثالث: لو ضرب عجانه، فلم يملك بوله و لا غائطه ففيه الدية كاملة

الثالث: لو ضرب عجانه (325)، فلم يملك بوله و لا غائطه ففيه الدية كاملة (326)، و كذا لو ضرب غير عجانه من سائر جسده فلم يملكهما (327).

______________________________

(324) لأصالة الحكومة، بعد عدم ورود تقدير خاص فيه، و أن الظاهر من المعتبرة البول و الغائط، لا مطلق الحدث.

(325) و هو ما بين الخصيتين و حلقة الدبر، أي الفقحة.

(326) إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة إسحاق بن عمار قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في الرجل يضرب على عجانه فلا يستمسك غائطه و لا بوله، أن في ذلك الدية كاملة» (1)، و في معتبرته الثانية عن الصادق عليه السّلام أيضا قال: «سأله رجل و أنا عنده عن رجل ضرب رجلا فقطع بوله؟

فقال له: إن كان البول يمر إلى الليل فعليه الدية، لأنه قد منعه المعيشة، و إن كان إلى آخر النهار فعليه الدية، و إن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية، و إن كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية» (2)، و المراد من قطع البول قطعه عن الطريقة الطبيعية المستمرة المتعارفة، فينطبق على السلس و غيره.

و ذيل الرواية محمول على مراتب تحقق السلس، و مراتب الضرب شدة و خفة. و على أي حال لا بد من مراجعة أهل الخبرة في تحقق الموضوع.

(327) لما في معتبرة غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «أن عليا عليه السّلام قضى في رجل ضرب حتى سلس ببوله بالدية كاملة» (3)، و في رواية أبي البختري عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «أن رجلا ضرب رجلا على رأسه فسلس بوله فرفع إلى علي عليه السّلام فقضى منه بالدية في ماله» (4).

ص: 246


1- الوسائل: باب 9 من أبواب ديات المنافع الحديث: 2- 3.
2- الوسائل: باب 9 من أبواب ديات المنافع الحديث: 2- 3.
3- الوسائل: باب 9 من أبواب ديات المنافع: 4 و 5.
4- الوسائل: باب 9 من أبواب ديات المنافع: 4 و 5.
الرابع: لو ملك بالضرب أحد الحدثين و لم يملك الآخر ففيه الدية

الرابع: لو ملك بالضرب أحد الحدثين و لم يملك الآخر ففيه الدية (328)، و لو عولج و برئ فالحكومة (329).

الخامس: لو استلزمت الجناية مرضا نفسيا

الخامس: لو استلزمت الجناية مرضا نفسيا مثل كثرة البكاء أو الضحك و خروجهما عن الحدّ المتعارف ففيها الحكومة (330).

______________________________

(328) لما تقدم في معتبرة غياث بن إبراهيم و غيرها، و في الغائط بطريق أولى لأنه أفسد من البول.

(329) لعدم ورود تحديد شرعي فيه، فتصل النوبة إليها.

(330) لأصالة الحكومة- كما تقدم مكررا- بعد عدم ورود تحديد شرعي فيه.

ص: 247

الفصل الخامس في الكسر و الصدع و غيرهما

اشارة

الفصل الخامس في الكسر و الصدع و غيرهما تقدم بعض مسائله في الفصل السابق إلا أن هنا مسائل:

مسألة 1: في كسر كل عظم من عضو له مقدر خمس دية ذلك العضو

(مسألة 1): في كسر كل عظم من عضو له مقدر خمس دية ذلك العضو (1)، فإن جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره (2)، و في موضحته ربع دية كسره (3)،

______________________________

(1) على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، و لكن يظهر من كتاب ظريف خلاف ذلك، من أن كسر كل عظم من عضو له مقدر خاص. و لكن إعراض المشهور عن ذلك، مع كونه بمرأى منهم و مسمع. مع اعتبار أصل الكتاب لديهم و نقلهم عنه في جملة كثيرة من الموارد، يوجب الوهن. نعم لو أمكن الجمع فهو المتعين، و إلا فمراعاة المشهور تقتضي ما تقدم، و طريق الاحتياط في التصالح و التراضي.

(2) على المشهور أيضا، بل ادّعي عليه الإجماع.

(3) على المشهور، بل إجماعا، و نصوصا، ففي جملة من موارد كتاب ظريف: «و دية موضحتها ربع دية كسرها» (1)، و في ما عرضه يونس على أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «و دية موضحة ربع دية كسرها» (2).

ص: 248


1- راجع الوسائل: باب 9 و 11 و 15 من أبواب ديات الأعضاء.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج و الجراح الحديث: 3.

و في رضه ثلث دية ذلك العضو إن لم يبرأ (4)، فإن برأ على غير عيب فأربعة أخماس دية رضه (5)، و في فكه من العضو بحيث يتعطّل ثلثا دية ذلك العضو فإن جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية فكه (6).

مسألة 2: لو ترددت الجناية بين الموضحة و الرض و غيرهما مما تقدم فالمرجع أهل الخبرة

(مسألة 2): لو ترددت الجناية بين الموضحة و الرض و غيرهما مما تقدم فالمرجع أهل الخبرة (7)، و إن لم يكن فيؤخذ بالمتيقن منها (8).

______________________________

و ما دلّ على الخلاف، مثل ما عن علي عليه السّلام في دية الكف: «إذا كسرت فجبرت على غير عثم و لا عيب فديتها أربعون دينارا، و دية صدعها أربعة أخماس دية كسرها اثنان و ثلاثون دينارا، و دية موضحتها خمسة و عشرون دينارا» (1)، و قوله عليه السّلام في المفصل الأوسط من الأصابع الأربع في الرجل: «و دية كسره أحد عشر دينارا و ثلثا دينار، و دية صدعه ثمانية دنانير و أربعة أخماس دينار، و دية موضحته ديناران» (2)، و غير هما من الأخبار ساقطة بالإعراض.

(4) إجماعا، و نصا، كما ورد عن علي عليه السّلام في كتاب ظريف(3)، بعد إلغاء الخصوصية بقرينة الإجماع.

(5) على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع.

(6) على المشهور في كل منهما، بل ادّعي الإجماع.

(7) لما تقدم في كتاب القضاء من أن قولهم حجة في الموضوعات الخارجية، كالمقام و غيره.

(8) للأصل بعد عدم إحراز الأكثرية بوجه معتبر شرعي، و الأحوط التصالح و المراضاة.

ص: 249


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات الأعضاء.
2- الوسائل: باب 17 من أبواب ديات الأعضاء.
3- الوسائل: باب 10 و 16 من أبواب ديات الأعضاء.

مسألة 3: إذا تعدد الضرب- أو الجناية

(مسألة 3): إذا تعدد الضرب- أو الجناية ففي الأول منه حصل الفك مثلا و في الثاني حصل الرض و في الثالث الكسرة تتعدد الدية (9)، إلا إذا كانت الجنايات بضربة واحدة فتدخل غير الأغلظ في الأغلظ في مورد واحد (10).

مسألة 4: في نقل كل عظم نصف دية كسرة

(مسألة 4): في نقل كل عظم نصف دية كسرة (11)،

______________________________

(9) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب لا محالة 7 و ما يأتي من صحيح إبراهيم بن عمر.

(10) لأنه مع وجوب دفع الأكثر لا وجه للأقل حينئذ، كما هو واضح، مع عدم تعدد السبب، و يدلّ على ذلك صحيح أبي عبيدة الحذاء (1)، في الجملة، هذا إذا كان المورد واحدا، كما إذا ضربه بعصا فحصل الرض و الفك و الكسر بضربة واحدة و في محل واحد من البدن.

و أما إذا كان المورد مختلفا كما إذا ضربه ضربة واحدة، فحصلت جنايات متعددة في موارد مختلفة في جسمه، تتعدد الدية لتعدد المورد، و إن كان الضرب واحدا لكنه منبسط على موارد متعددة، فيكون بمنزلة ضربات مختلفة متعددة، مثل ما إذا ضربه ضربة واحدة و فقد به سمعه و بصره و ذائقته و شمه.

و الحاصل: أن التداخل إنما يكون في ما إذا كان الضرب واحدا و المورد واحدا أيضا، فحصل في ذلك المورد الواحد بالضرب الواحد جنايات متعددة، و على ذلك يحمل صحيحة أبي عبيدة الحذاء، و في غير ذلك فالمرجع إلى أصالة عدم التداخل.

(11) على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، و في كتاب ظريف عن علي عليه السّلام في كسر الكف: «و دية نقل عظامها نصف دية كسرها» (2)، و ما دلّ على

ص: 250


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات الأعضاء و يأتي في صفحة: 253.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب ديات الأعضاء.

إلا في الأضلاع كما مرّ (12).

مسألة 5: إذا كسر الصلب فذهب به جماعه ففيه ديتان

(مسألة 5): إذا كسر الصلب فذهب به جماعه ففيه ديتان (13)، و كذا لو كسر الظهر أو المجان و ذهب به الجماع (14).

مسألة 6: لو كسر بعصوص، شخص فلم يملك غائطه ففيه الدية كاملة

(مسألة 6): لو كسر بعصوص (15)، شخص فلم يملك غائطه ففيه الدية كاملة (16)، و لو لم يملك ريحه به فالحكومة (17).

مسألة 7: في قرحة كل عضو إذا لم تبرأ ثلث دية ذلك العضو

(مسألة 7): في قرحة كل عضو إذا لم تبرأ ثلث دية ذلك العضو (18)،

______________________________

الخلاف مهجور بالإعراض، هذا إن أوجب الضرر، و إلا فالحكومة. و الأحوط التصالح في جميع ما تقدم. و المرجع في تشخيص هذه الموارد أهل الخبرة في تشريحات الأعضاء.

(12) لما تقدم في (مسألة 141).

(13) نصا، و إجماعا، ففي صحيح إبراهيم بن عمر عن الصادق عليه السّلام قال:

«قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه، و بصره، و لسانه، و عقله، و فرجه، و انقطع جماعه و هو حي، بست ديات» (1).

(14) لما مرّ في سابقة من غير فرق.

(15) و هو العصعص أو عظم دقيق حول الدبر أو عظم الورك.

(16) لمعتبرة سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه، ما فيه من الدية؟ قال: الدية كاملة» (2)، و قوله عليه السّلام: «لم يملك استه» كناية عن عدم تملك غائطه.

(17) للأصل، بعد عدم ورود تحديد شرعي فيه.

(18) على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، و في كتاب ظريف عن

ص: 251


1- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات المنافع: 1.
2- الوسائل: باب 9 من أبواب ديات المنافع: 1.

و إذا برأت فالحكومة (19).

مسألة 8: لو ادّعى الجاني جناية واحدة و ادّعى المجني عليه تعدد الجناية

(مسألة 8): لو ادّعى الجاني جناية واحدة و ادّعى المجني عليه تعدد الجناية، يقدم قول الجاني إلا إذا أثبت المجني عليه مدّعاه بحجة شرعية (20).

______________________________

علي عليه السّلام: «و دية قرحة لا تبرأ ثلاثة عشر دينار و ثلث دينار» (1)، أي ثلث دية الكف بإلغاء المورد بقرينة الإجماع.

(19) للأصل، بعد عدم ورود تحديد من الشارع.

(20) للأصل، ما لم يثبت المجني عليه دعواه بحجة شرعية.

ص: 252


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

الفصل السادس في الجناية على المنافع

اشارة

الفصل السادس في الجناية على المنافع و هي في موارد:

الأول: العقل

اشارة

الأول: العقل

مسألة 1: إذا استلزمت الجناية ذهاب العقل ففيه الدية الكاملة

(مسألة 1): إذا استلزمت الجناية ذهاب العقل ففيه الدية الكاملة (1)،

______________________________

(1) نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح أبي عبيدة الحذاء قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله؟ قال: إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلاة، و لا يعقل ما قال و لا ما قيل له، فإنه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه و بين السنة أقيد به ضاربه، و إن لم يمت فيما بينه و بين السنة و لم يرجع إليه عقله أغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله، قلت: فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال: لا، لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين، فألزمته أغلظ الجنايتين و هي الدية، و لو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان، إلا أن يكون فيهما الموت بواحدة و تطرح الأخرى، فيقاد به ضاربه، فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت، ما

ص: 253

و في نقصانه الحكومة (2)، و لا قصاص في ذهابه و نقصانه (3)، و في الجنون الأدواري الحكومة (4).

مسألة 2: لو جنى عليه جناية- كما لو شجّ رأسه أو ضرب على وجهه و أعماه أو قطع يده- فذهب عقله بذلك لم تتداخل الدية

(مسألة 2): لو جنى عليه جناية- كما لو شجّ رأسه أو ضرب على وجهه و أعماه أو قطع يده- فذهب عقله بذلك لم تتداخل الدية (5).

______________________________

لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه، قال: فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات» (1)، و التحديد إلى السنة ليس له موضوعية خاصة، و إنما هو لإحراز ذهاب العقل، فلو أحرز ذلك بالوسائل الحديثة أو بقول أهل الخبرة، و لو كان أقل من السنة، أغرم الدية و لم ينتظر إلى سنة. نعم لو حددوا ذلك أهل الخبرة ينتظر حينئذ.

و في معتبرة إبراهيم بن عمر عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه و بصره و لسانه و عقله و فرجه و انقطع جماعه و هو حي، بست ديات»(2)، و غير هما من الروايات، مضافا إلى الإجماع، و إلى ما تقدم من القاعدة: «كل ما كان في الإنسان واحد ففيه الدية، و كل ما كان اثنين ففي كل واحد منهما نصف الدية».

(2) للأصل، بعد عدم ورود تحديد من الشرع، و كذا لا طريق للتقسيط حتى يقسط.

(3) للإجماع، و عدم ضبط محله حتى يتمكن من القصاص.

(4) لأنها الأصل في كل ما لا تقدير فيه شرعا، كما مر مكررا.

(5) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، و ما تقدم من معتبرة إبراهيم ابن عمر.

و أما صحيح أبي عبيدة الحذاء المتقدم- مضافا إلى معارضته بالمعتبرة

ص: 254


1- الوسائل: باب 7 من أبواب ديات المنافع: الحديث: 1.
2- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات المنافع: 1.
مسألة 3: لو ذهب العقل بالجناية ثمَّ عاد تماما فالحكومة

(مسألة 3): لو ذهب العقل بالجناية ثمَّ عاد تماما فالحكومة (6)، و كذا لو عاد ناقصا (7).

مسألة 4: لا فرق في ذهاب العقل أو نقصانه بين كون السبب فيهما الضرب- على رأسه أو وجهه أو سائر بدنه

(مسألة 4): لا فرق في ذهاب العقل أو نقصانه بين كون السبب فيهما الضرب- على رأسه أو وجهه أو سائر بدنه أو الفزع أو السحر أو غيرها (8).

مسألة 5: لو ادّعى الجاني ذهاب العقل في المجني عليه قبل وقوع الجناية عليه

(مسألة 5): لو ادّعى الجاني ذهاب العقل في المجني عليه قبل وقوع الجناية عليه، و ادّعى ولي المجني عليه ذهابه بالجناية يقدم قول ولي المجني عليه مع اليمين (9).

______________________________

المتقدمة- معرض عنه لدى الأصحاب في خصوص المقام، و مع ذلك فالأحوط التصالح.

(6) لتحقق الجناية بين الزمانين، و عدم التقدير لها شرعا، فالمرجع إذا الحكومة لئلا تذهب الجناية هدرا. هذا إذا لم يكن العود هبة جديدة، و إلا تتعين الدية كاملة كما تقدم، و عليها تحمل رواية أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قلت له: جعلت فداك ما تقول في رجل ضرب رأس رجل بعمود فسطاط فأمّه حتى ذهب عقله؟ قال: عليه الدية، قلت: فإنه عاش عشرة أيام أو أقل أو أكثر فرجع إليه عقله، إله أن يأخذ الدية؟ قال: لا، قد مضت الدية بما فيها» (1).

(7) لما مرّ في سابقة من غير فرق.

(8) للأصل، و الإطلاق، و أن المناط ذهاب العقل، و ما ورد في الروايات الضرب إنما هو من الغالب.

(9) للأصل، ما لم يثبت الجاني دعواه بحجة معتبرة كما تقدم، و أما

ص: 255


1- الوسائل: باب 7 من أبواب ديات المنافع: 2.
مسألة 6: إذا اختلف الجاني و ولي المجني عليه في ذهاب العقل أو نقصانه فالمرجع أهل الخبرة من الأطباء

(مسألة 6): إذا اختلف الجاني و ولي المجني عليه في ذهاب العقل أو نقصانه فالمرجع أهل الخبرة من الأطباء (10)، و إلا يختبر (11)، و إن لم يتضح فالقول قول الجاني مع اليمين (12).

مسألة 7: لو ادّعى ولي المجني عليه ذهاب العقل بالجناية فتكون الدية كاملة

(مسألة 7): لو ادّعى ولي المجني عليه ذهاب العقل بالجناية فتكون الدية كاملة و ادّعى الجاني ذهاب سمع إحدى الأذنين مثلا دون ذهاب العقل فتكون الدية نصفها فالمرجع أهل الخبرة (13)،

______________________________

اليمين، فلما مرّ مكررا من انها لفصل النزاع و الخصومة.

و دعوى: أن الأصل مثبت و لا اعتبار به.

مردودة: بأن المدلول المطابقي للمستصحب عين بقاء العقل على ما اتصف المجني عليه، و هذا مدلول المطابقي العرفي للمستصحب لا من لوازمه، فلا مجال لتلك الدعوى أصلا.

(10) لأن قولهم حجة، كما مر في كتاب القضاء، و يعتبر فيه العدالة، و التعدد، كما يكون كذلك في مطلق البينة، و للاكتفاء بحصول الاطمئنان العقلائي وجه، و إن كان خلاف المشهور.

(11) لأنه يوجب الاطمئنان بمقدار عقله، و ذلك بتواظب حالاته من قبل شخص أمين في خلواته حتى يحصل الاطمئنان.

(12) لأصالة عدم اشتغال ذمته بأكثر مما يدعيه، إلا إذا أثبت المجني عليه دعواه بحجة شرعية.

نعم لو كان تقرير الدعوى بنحو ترجع إلى الصحة و عدمها، و أمكن جريان أصالة الصحة، يقدم قول المجني عليه، و مع عدم إمكان جريانها لأجل القرائن، فالقول قول الجاني أيضا.

(13) لأن قولهم حجة، كما مرّ.

ص: 256

و إلا يقدم قول الجاني مع يمينه (14).

مسألة 8: لو ادّعى ولي المجني عليه ذهاب العقل و ذهاب السمع مثلا معا

(مسألة 8): لو ادّعى ولي المجني عليه ذهاب العقل و ذهاب السمع مثلا معا و ادّعى الجاني ذهاب احد هما فقط يقدم قول الجاني (15).

______________________________

(14) للأصل، بعد الترديد بين الأقل و الأكثر، و اليمين لفصل الخصومة كما مر.

(15) للأصل، ما لم يثبت ولي المجني عليه دعواه بحجة شرعية.

ص: 257

الثاني: السمع

اشارة

الثاني: السمع

مسألة 9: في ذهاب السمع من الأذنين جميعا الدية

(مسألة 9): في ذهاب السمع من الأذنين جميعا الدية (16)، و في ذهاب سمع كل اذن نصف الدية (17)، و لو ذهب إحداهما بآفة أو بخلقة أو غير هما و لم يكن له سواها ففيها النصف أيضا إن ذهبت بجناية (18).

مسألة 10: لو علم بذهاب السمع و عدم عوده أو شهد أهل الخبرة بذلك استقرت الدية

(مسألة 10): لو علم بذهاب السمع و عدم عوده أو شهد أهل الخبرة بذلك استقرت الدية (19)،

______________________________

(16) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح يونس الذي عرضه على أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «في ذهاب السمع كله ألف دينار» (1)، و تقدم معتبرة إبراهيم بن عمر، و في صحيح سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام قال: «في رجل ضرب رجلا في اذنه بعظم، فادّعى أنه لا يسمع، قال: يترصّد و يستغفل و ينتظر به سنة، فإن سمع أو شهد عليه رجلان أنه يسمع، و إلا حلّفه و أعطاه الدية» (2)، و تقتضيه القاعدة المتقدمة: «كل ما كان في الجسد واحد ففيه الدية، و ما كان اثنان ففي أحد هما نصف الدية».

(17) لما تقدم من القاعدة، و أن ذلك مقتضى صحيح يونس، مضافا إلى الإجماع.

هذا، و لا فرق بين كون الذاهبة أحد و أقوى من الباقية أم لا.

(18) لما تقدم من إطلاق صحيح يونس و غيره، مضافا إلى الإجماع.

(19) لتحقق المقتضي حينئذ لها و فقد المانع عنها، و كذا لو صدّقه الجاني

ص: 258


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات المنافع.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب ديات المنافع.

و إن لم يعلم بذلك و احتمل العود بشهادة أهل الخبرة بعد مدة ينتظر فإن عاد فالحكومة (20)، و إن لم يعد استقرت الدية (21)، و لو مات في مدة الانتظار فالأحوط المراضاة بالدية (22).

مسألة 11: لو أنكر الجاني ذهاب سمع المجني عليه رجع إلى أهل الخبرة

(مسألة 11): لو أنكر الجاني ذهاب سمع المجني عليه رجع إلى أهل الخبرة (23)، و إلا استخبر حاله عند الصوت العظيم و الرعد القوي و صيح به بعد استغفاله، فإن ثبت ما ادّعاه المجني عليه اعطي الدية (24)، و إن لم يمكن الاستخبار و لم يظهر الحال أحلف القسامة و حكم للمجني عليه (25)،

______________________________

تستقر الدية، لقاعدة الإقرار.

(20) لأنها الأصل في كل جناية، و أنها تحققت بين الزمانين. نعم، لو ثبت بشهادة أهل الخبرة أن العود هبة إلهية مستقلة، استقرت الدية و لا حكومة في البين، لوجود السبب المقتضي لها، كما هو واضح.

(21) لما تقدم من تحقق السبب، فيترتب عليه المسبب لا محالة.

(22) لاستصحاب بقاء المنشأية إلى آخر المدة، و لا تجري أصالة عدم اشتغال ذمة الجاني أكثر من الحكومة، لتقدم الأصل الموضوعي- و هو الاستصحاب- عليه، و لكن الأحوط المصالحة و المراضاة.

(23) لحجية قولهم، كما مر في كتاب القضاء، و تقدم في مسألة 6 ما يتعلق بالتعدد و العدالة.

(24) لوجود المقتضي و فقد المانع، بعد إثبات المجني عليه دعواه بالاستخبار.

(25) للوث كما في معتبرة ابن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:

«قضى أمير المؤمنين عليه السّلام إذا أصيب الرجل في إحدى عينيه، فإنها تقاس ببيضة

ص: 259

و القسامة في المقام هي أن يحلف المجني عليه و خمسة أشخاص إن وجدوا و إلا حلف هو ست مرات (26).

مسألة 12: إذا قطع الأذنين و ذهب السمع به فعليه الديتان

(مسألة 12): إذا قطع الأذنين و ذهب السمع به فعليه الديتان (27)، و لو جنى عليه بجناية أخرى فذهب سمعه فعليه دية الجناية و السمع (28)،

______________________________

تربط على عينه المصابة، و ينظر ما منتهى نظر عينه الصحيحة، ثمَّ تغطى عينه الصحيحة و ينظر ما منتهى نظر عينه المصابة فيعطى ديته من حساب ذلك و القسامة مع ذلك من الستّة الاجزاء على قدر ما أصيب من عينه فان كان سدس بصره حلف هو وحده و أعطي، و ان كان ثلث بصره حلف هو و حلف معه رجل واحد، و ان كان نصف بصره حلف هو و حلف معه رجلان و ان كان ثلثي بصره حلف هو و حلف معه ثلاثة نفر، و ان كان أربعة أخماس بصره حلف هو و حلف معه أربعة نفر، و ان كان بصره كلّه حلف هو و حلف معه خمسة نفر، و كذلك القسامة كلّها في الجروح، و ان لم يكن للمصاب بصره من يحلف معه ضوعفت عليه الأيمان إن كان سدس بصره حلف مرّة واحدة، و ان كان ثلث بصره حلف مرّتين، و ان كان أكثر على هذا الحساب، و إنّما القسامة على مبلغ منتهى بصره، و ان كان السمع فعلى نحو من ذلك غير أنّه يضرب له بشي ء حتّى يعلم منتهى سمعه ثمَّ يقاس ذلك، و القسامة على نحو ما ينقص من سمعه فان كان سمعه كلّه فخيف منه فجور فإنّه يترك حتّى إذا استقلّ نوما صيح به، فإن سمع قاس بينهم الحاكم برأيه- الحديث-» (1).

(26) لما مر في المعتبرة المتقدمة.

(27) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، مضافا إلى ما تقدم من معتبرة إبراهيم بن عمر.

(28) لما تقدم في سابقة، مضافا إلى الإجماع.

ص: 260


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات المنافع: 1.

و لو قطع إحدى الأذنين فذهب السمع من الأذنين فدية و نصف (29).

مسألة 13: إذا لم يذهب السماع و لكن وقع في الطريق نقص حجب عن السماع فالحكومة

(مسألة 13): إذا لم يذهب السماع و لكن وقع في الطريق نقص حجب عن السماع فالحكومة (30)، و كذا لو وقع تشويش في السمع (31).

مسألة 14: في ذهاب سمع الصبي الدية كما في الرجل و لو تعطّل نطقه به فالحكومة مضافة إلى الدية

(مسألة 14): في ذهاب سمع الصبي الدية كما في الرجل و لو تعطّل نطقه به فالحكومة مضافة إلى الدية (32).

مسألة 15: لو ادّعى المجني عليه نقص سمع إحداهما قيست إلى الصحيحة إن لم يمكن الرجوع إلى أهل الخبرة

(مسألة 15): لو ادّعى المجني عليه نقص سمع إحداهما قيست إلى الصحيحة إن لم يمكن الرجوع إلى أهل الخبرة (33)،

______________________________

(29) لتحقق المقتضي لكل منهما، فالنصف لإحدى الأذنين، و تمام الدية لذهاب السمع.

(30) لأن ذلك جناية لم يقدر لها حدّ في الشرع، فتصل النوبة إليها.

(31) لما مرّ في سابقة من غير فرق.

(32) أما الأول: فللإطلاق كما مر.

و أما الثاني: فلأن الحكومة لجناية تعطيل النطق التي لم تحدد شرعا، و الدية لذهاب السمع. نعم لو زال النطق فتجب ديتان.

(33) أما الرجوع إلى أهل الخبرة فلاعتبار قولهم كما مر في كتاب القضاء، و أما طريق المقايسة- كما يستفاد ذلك من كتاب ظريف (1)، و المعتبرة الآتية- هو أن تسد الناقصة و تطلق الصحيحة و يصاح به أو يضرب بجرس حيال وجهه و يتباعد حتى يقول لا اسمع، فيعلّم ذلك المكان ثمَّ يعاد عليه ذلك مرة ثانية من جهة أخرى من خلفه مثلا، فإن تساوى المسافتان صدق و إلا كذب، ثمَّ تطلق الناقصة و تشد الصحيحة و يكرر عليه ما سبق ثمَّ يقاس بين المسافتين، فيعطى الأرش بحسابه.

ص: 261


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات المنافع.

و تجب الدية بحسب التفاوت إن نصفا فنصف الدية و إن ثلثا فثلثها و هكذا (34)، و لو كان يدعي النقصان من الأذنين معا فكذلك (35).

______________________________

(34) لما في معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في رجل وجى ء في أذنه فادّعى أن إحدى أذنيه نقص من سمعها شي ء، قال: تسدّ التي ضربت سدا شديدا و يفتح الصحيحة- إلى أن قال- ثمَّ يقاس فضل ما بين الصحيحة و المعتلة فيعطى الأرش بحساب ذلك» (1).

(35) من الرجوع إلى أهل الخبرة أو التجربة بما يوجب الاطمئنان لصحة دعواه.

ص: 262


1- الوسائل: باب 3 من أبواب ديات المنافع: 2.

الثالث: ضوء العينين

اشارة

الثالث: ضوء العينين

مسألة 16: في ذهاب البصر منهما الدية كاملة

(مسألة 16): في ذهاب البصر منهما الدية كاملة (36)، و من إحداهما نصفها (37)، من غير فرق بين أفرادها المختلفة حدة و ضعفا بل و الذي في عينه بياض إن لم يمنع من الإبصار (38).

مسألة 17: لو قلع الحدقة فليس عليه إلا دية واحدة

(مسألة 17): لو قلع الحدقة فليس عليه إلا دية واحدة (39)، بلا فرق بين الاعمى و البصير (40)،

______________________________

(36) نصوصا، و إجماعا، فعن علي عليه السّلام في كتاب ظريف: «و الضوء كله من العينين ألف دينار» (1)، و ما مرّ في معتبرة إبراهيم بن عمر، مضافا إلى ما تقدم من القاعدة.

(37) إجماعا، و لما تقدم من القاعدة، بل مقتضى الروايات المتقدمة ذلك أيضا.

(38) للإطلاق الشامل لجميع ذلك، فلو كان في إحدى العينين نصف البصر أو ربعه أو أقل أو أكثر و ذهب بالجناية، ففيها نصف الدية.

(39) لأن المنفعة- و هي الابصار- تابعة للعين، فإن الظاهر من قولهم عليهم السّلام: «في العينين الدية» قلع الحدقة المستلزم إزالة البصر، و هذا بخلاف قطع الأذنين فإن ذهاب السمع ليس لازما لذهاب الأذنين، مضافا إلى الإجماع في المقام.

(40) للإطلاق الذي تقدم، و لما مر.

ص: 263


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 3.

و لو جنى عليه بغير ذلك كما لو ضرب على رأسه أو على وجهه فذهب إبصاره أيضا فعليه دية الجناية و دية الإبصار (41).

مسألة 18: لو ادّعى المجني عليه ذهاب البصر من دون ذهاب أصل العين و أنكر الجاني فالمرجع أهل الخبرة

(مسألة 18): لو ادّعى المجني عليه ذهاب البصر من دون ذهاب أصل العين و أنكر الجاني فالمرجع أهل الخبرة (42)، فإن قامت بينة على الذهاب ثبتت الدية (43)، و إلا حلف القسامة و قضي له (44).

مسألة 19: لو شهد أهل الخبرة بالعود بعد مدة فإن عاد فالحكومة

(مسألة 19): لو شهد أهل الخبرة بالعود بعد مدة فإن عاد فالحكومة (45)، و إن لم يعد في تلك المدة و حصل اليأس منه استقرت الدية (46).

______________________________

(41) لتعدد الجناية المقتضي لتعدد الدية، و إن اتحد المسبب.

(42) لأن قولهم حجة، كما تقدم في كتاب القضاء.

(43) لحجية البينة، فتثبت الدية في موارد الخطأ و شبهه، و في العمد القصاص إلا بالصلح عليها.

(44) للإجماع، و لما في كتاب ظريف المعروض على أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «و القسامة مع ذلك من الستة الأجزاء على قدر ما أصيب من عينه، فإن كان سدس بصره حلف هو وحده و أعطي و إن كان ثلث بصره حلف هو و حلف معه رجل واحد، و إن كان نصف بصره حلف هو و حلف معه رجلان، و إن كان ثلثي بصره حلف هو و حلف معه ثلاثة نفر، و إن كان أربعة أخماس بصره حلف هو و حلف معه أربعة نفر، و إن كان بصره كلّه حلف هو و حلف معه خمسة نفر، و كذلك القسامة كلها في الجروح» (1).

(45) لتحقق الجناية بين الزمانين، و عدم تحديد لها شرعا.

(46) لتحقق السبب الموجب للدية.

ص: 264


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات المنافع: 1.
مسألة 20: لو مات قبل مضي المدة التي أجلت لعود بصر العين، و لم يعد استقرت الدية

(مسألة 20): لو مات قبل مضي المدة التي أجلت لعود بصر العين، و لم يعد استقرت الدية (47)، و كذا لو قلع شخص آخر العين المجني عليها كذلك (48)،

______________________________

نعم، لو انقضت المدة المؤجلة- أو المدة المتعارفة- و بعد مدة أخرى عاد ضوء العين تثبت الحكومة، لما مر إن لم يكن الإبصار هبة ربانية جديدة، و إلا فتثبت الدية، كما في معتبرة سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن العين يدّعي صاحبها أنه لا يبصر شيئا؟ قال: يؤجّل سنة ثمَّ يستحلف بعد السنة أنه لا يبصر ثمَّ يعطى الدية، قال: فإن هو أبصر بعده؟ قال: هو شي ء أعطاه اللّه إياه» (1).

(47) لما تقدم في (مسألة 10) من هذا الفصل.

(48) استقرت الدية على الأول للأصل، و على الثاني دية العين الفاقدة للبصر، و هي ثلث دية العين الصحيحة كما تقدم في (مسألة 13 من الفصل الرابع).

نعم، لو كانت هناك أمارة على عود البصر فعلى الأول الحكومة، لعدم التقدير لها شرعا بعد فرض وجود الأمارة على عوده، و على الثاني الدية لوجود المقتضي لها.

و لو اختلفوا فادّعى الجاني الأول عود البصر، فلا يكون عليه إلا الحكومة، و أنكر الثاني ذلك لئلا يكون عليه إلا ثلث دية العين الصحيحة، فإن صدق المجني عليه الأول أو أقام بينة على مدعاه حكم له، فيطالب الأول بالحكومة، و يلزم الثاني الدية، لفرض كمال العين بالبينة، و أما ثبوتها بإقرار المجني عليه، فإن أخبر ثقات أهل الخبرة بذلك أيضا فعليه الدية الكاملة، و إلا ففي ثبوتها

ص: 265


1- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات المنافع: 5.

و لو ثبت عوده في أثناء المدة و مات فالحكومة (49).

مسألة 21: لو اختلفا في عود البصر فالمرجع إلى المتخصصين من أهل الخبرة

(مسألة 21): لو اختلفا في عود البصر فالمرجع إلى المتخصصين من أهل الخبرة و إلا فالقول قول المجني عليه مع اليمين (50).

مسألة 22: لو جنى على عين شخص و ادّعى الجاني أنه كان لا يبصر بها قبل الجناية فليس عليه إلا الحكومة

(مسألة 22): لو جنى على عين شخص و ادّعى الجاني أنه كان لا يبصر بها قبل الجناية فليس عليه إلا الحكومة و أنكر المجني عليه ذلك و قال حصل بالجناية و إن عليه الدية، فالقول قول المجني عليه مع اليمين (51)، إن لم يشهد أهل الخبرة و المتخصصين على خلاف ذلك و إلا يتبع قولهم (52)، و لو اتفقا على الجناية و على فقدان الرؤية في إحداهما كالعين اليسرى مثلا و قال الجاني: وقعت الجناية عليها فليس إلا الحكومة، و قال المجني عليه وقعت على الصحيحة كالعين اليمنى مثلا و ذهبت الرؤية

______________________________

بمجرد إقرار المجني عليه إشكال، و لا بد من التصالح. و إن كذبه المجني عليه، فالقول قوله مع اليمين، لأصالة عدم العود بعد ذهابه، فيطالب الأول بالدية، و الثاني بالحكومة على ما مر.

(49) لعدم تقدير للجناية شرعا، فالمرجع إليها حينئذ.

(50) أما الأول: فلما مر مكررا.

و أما الثاني: فللأصل ما لم تكن حجة شرعية على الخلاف، و أما اليمين فلأنها لقطع النزاع.

(51) لأصالة الصحة، و أنه لا يعرف إلا من قبل نفسه، و يحلف القسامة لما تقدم في (مسألة 18)، و لكن لو كان المجني عليه مورد المعاشرة مع الناس من أهله و جيرانه و غيرها و لم يدع أحد بصحة عينه سابقا، يشكل جريان أصالة الصحة حينئذ، فيقدم قول الجاني مع اليمين، لما مرّ مكررا.

(52) لما مرّ في كتاب القضاء من تقديم قولهم.

ص: 266

فالمرجع أهل الخبرة و المتخصصين و إلا فيكون من التداعي و يرى الحاكم فيها نظره (53).

مسألة 23: لو ادّعى نقصان البصر في إحداهما بالجناية

(مسألة 23): لو ادّعى نقصان البصر في إحداهما بالجناية قيست إلى الأخرى و أخذت الدية بالنسبة بعد القسامة (54)،

______________________________

(53) تقدم تفصيل ذلك في كتاب القضاء فراجع هناك.

(54) للإجماع، و لما يأتي من الروايات، هذا إن لم يمكن التشخيص بالآلات الحديثة في هذه الأعصار من أهل الخبرة، و إلا فالمرجع إليهم.

و أما ما ورد في كتاب يونس: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام: «إذا أصيب الرجل في إحدى عينيه فإنها تقاس ببيضة تربط على عينه المصابة و ينظر ما منتهى نظر عينه الصحيحة، ثمَّ تغطى عينه الصحيحة و ينظر ما منتهى نظر عينه المصابة فيعطى ديته من حساب ذلك- الحديث-» (1)، و في معتبرة معاوية بن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصاب في عينيه فيذهب بعض بصره، أي شي ء يعطى؟ قال: تربط إحداهما، ثمَّ توضع له بيضة ثمَّ يقال له: انظر، فما دام يدّعي أنه يبصر موضعها حتى إذا انتهى إلى موضع إن جازه قال: لا أبصر، قرّبها حتى يبصر، ثمَّ يعلّم ذلك المكان، ثمَّ يقاس ذلك القياس من خلفه و عن يمينه و عن شماله فإن جاء سواء و إلا قيل له: كذبت حتى يصدق، قلت: أ ليس يؤمن؟ قال: لا، و لا كرامة و يصنع بالعين الأخرى مثل ذلك ثمَّ يقاس ذلك على دية العين» (2)، فلا ريب أنهما من طرق التشخيص و الآلات، و التجربيات الحديثة في هذه الأعصار الدقيقة جدا قد تكون أبين و أدق مما ورد في الروايات، فلا بد من الرجوع إليها. نعم لو لم يمكن الرجوع إلى الآلات الحديثة فلا بد من الرجوع إلى الروايات.

ص: 267


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات المنافع: 1.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات المنافع: 1.

و القسامة في المقام و في السمع أن يحلف هو و خمسة أشخاص إن وجدوا و إلا حلف هو ست مرات (55).

______________________________

ثمَّ إن الدية حسب تفاوت الرؤية، فقد تكون نصف الرؤية الصحيحة، و قد تكون أقل أو أكثر، و هذا كما مر في السماع.

(55) كما مر في (مسألة 18)، و القسامة إنما تجري في مورد عدم إمكان حصول الاطمئنان، فلو حصل الاطمئنان من قول أهل الخبرة بواسطة الآلات الحديثة الدقيقة كما و كيفا، فلا تصل النوبة إلى القسامة كما هو واضح. نعم لو لم يحصل الاطمئنان أو حصل لكل منهما الاطمئنان على خلاف الآخر، فالمرجع إلى القسامة حينئذ.

ثمَّ إنه لا وجه للاقتصار على القدر المتيقن فيما مر من صحيح يونس بما إذا كانت الدعوى في أصل النقص، بل يشمل فيما إذا كانت الدعوى في مقدار النقص أيضا، و إن علم أصله، لما تقدم من الإطلاق فيه.

كما أن القسامة تجري في كل مورد، و لو لم يكن فيه استظهار أصلا، لقوله عليه السّلام: «و كذلك القسامة كلها في الجروح» (1).

و دعوى: أن القسامة إنما تكون في مورد يعتبر فيه اللوث، و لا لوث فيما لو علم أصل الدعوى و الجناية.

صحيحة: و لكن اللوث قد يكون في أصل الجناية أيضا، كما تقدم في قتل النفس، و قد يكون في سائر خصوصياتها مع وقوع النزاع فيها، كما في المقام مع أن اعتبار اللوث في أصل القسامة محل إشكال بل منع، لظهور إطلاق الصحيحة. فما عن صاحب الجواهر من اعتبار اللوث في المقام، و عدم جريان صحيح يونس المتقدم في مورد النزاع في مقدار النقص، مخدوش كما عرفت.

ص: 268


1- الوسائل: باب 12 من أبواب ديات المنافع: 1.
مسألة 24: لو اتفقا على أصل الجناية و اتفقا أيضا في قلة الرؤية

(مسألة 24): لو اتفقا على أصل الجناية و اتفقا أيضا في قلة الرؤية و لكن ادّعى الجاني أنها كانت قبل الجناية و ادّعى المجني عليه أنها حصلت بالجناية فالمرجع أهل الخبرة إن أمكن و إلا فالقول قول المجني عليه مع اليمين إلا أن يقيم الجاني البينة على دعواه (56).

مسألة 25: لو ادّعى النقص في العينين قيستا إلى من هو من أبناء سنّه

(مسألة 25): لو ادّعى النقص في العينين قيستا إلى من هو من أبناء سنّه إن لم يمكن الرجوع إلى ثقات أهل الخبرة و المتخصصين (57).

مسألة 26: طريق المقايسة- إن لم يمكن الرجوع إلى الثقات من أهل الخبرة و المتخصصين

(مسألة 26): طريق المقايسة- إن لم يمكن الرجوع إلى الثقات من أهل الخبرة و المتخصصين هنا كما في السمع (58)،

______________________________

(56) أما الأول: فلما تقدم مكررا من اعتبار قولهم.

و أما الثاني: فلأصالة الصحة المقدمة على البراءة، ما لم يقم الجاني البينة على مدعاه، و أما اليمين فلقطع النزاع و الخصومة كما تقدم.

(57) إجماعا، و نصا، ففي صحيح عبد اللّه بن ميمون عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل قد ضرب رجلا حتى انقص من بصره فدعا برجل من أسنانه ثمَّ أراهم شيئا فنظر ما انتقص من بصره، فأعطاه دية ما انتقص من بصره» (1)، و قد تقدم أن الروايات الواردة في التشخيص ليست لها موضوعية خاصة، و إنما هي طريق محض للاستظهار، فلو حصل الاطمئنان من قول أهل الخبرة و المتخصصين في الفن أمكن الاعتماد عليه، بل قد يكون قولهم أبين و أدق كما تقدم، لأن اختلاف الأمزجة و الأمكنة و الحالات لها دخل كثير في سلامة أعضاء الجسم.

(58) للإجماع، و النص كما تقدم في (مسألة 22).

ص: 269


1- الوسائل: باب 8 من أبواب ديات المنافع: 4.

و لا بد في المقايسة من مراعاة الجهات من حيث كثرة النور و قلته و الأراضي أن لا تكون مختلفة علوا و انخفاضا فلا تقاس مع ما يمنع من المعرفة كما لا تقاس في يوم غيم (59).

مسألة 27: لو جني على عينه فصار أعشى- لا يبصر بالليل- أو أجهر- لا يبصر نهارا- فالحكومة

(مسألة 27): لو جني على عينه فصار أعشى- لا يبصر بالليل- أو أجهر- لا يبصر نهارا- فالحكومة (60)، و كذا لو أحمرّ بياض عينيه بالجناية.

______________________________

(59) كل ذلك لأن القياس مع عدم مراعاة تلك الجهات لا يوجب معرفة الحال غالبا، و لا الاطمئنان بمقدار الاختلاف و التفاوت، مضافا إلى ما ورد في الغيم من معتبرة إسماعيل عن الصادق عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال: «لا تقاس عين في يوم غيم» (1).

(60) لأنه نقص و لا مقدر له شرعا، فالمرجع إليها كما مر مكررا، و لا فرق في احمرار بياض العين بين زوالها بعد مدة و عدم زوالها، لتحقق الجناية بين المدتين أو بقائه.

ص: 270


1- الوسائل: باب 5 من أبواب ديات المنافع: 1.

الرابع: الشّم

اشارة

الرابع: الشّم

مسألة 28: في إذهاب الشم عن المنخرين الدية كاملة

(مسألة 28): في إذهاب الشم عن المنخرين الدية كاملة (61)، و عن المنخر الواحد نصفها (62).

مسألة 29: في نقص الشم الحكومة

(مسألة 29): في نقص الشم الحكومة (63)،

______________________________

(61) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السّلام: «في رجل ضرب رجلا على هامته فادّعى المضروب أنه لا يبصر شيئا، و لا يشمّ رائحة، و أنه قد ذهب لسانه، فقال أمير المؤمنين: إن صدق فله ثلاث ديات، فقيل: يا أمير المؤمنين فكيف يعلم أنه صادق؟ فقال: أما ما ادّعاه أنه لا يشم رائحة فإنه يدنا منه الحراق فإن كان كما يقول و إلا نحّى رأسه و دمعت عينه، فأما ما ادّعاه في عينيه فإنه يقابل بعينيه الشمس فإن كان كاذبا لم يتمالك حتى يغمض عينيه، و إن كان صادقا بقيتا مفتوحتين، و أما ما ادّعاه في لسانه فإنه يضرب على لسانه بإبرة فإن خرج الدم أحمر فقد كذب، و إن خرج الدم اسود فقد صدق» (1)، مضافا إلى ما تقدم من القاعدة: «كل ما كان في الإنسان اثنان ففيه نصف الدية، و كل ما فيه واحد ففيه تمام الدية».

(62) لما مرّ من القاعدة، و ظهورها الوضعي، إذ لفظ (كل) يشمل الأجزاء- داخلا كان أو خارجا- و المنافع و غير هما مما في الإنسان.

و دعوى: اختصاصها بخصوص الأعضاء الجسمية الخارجية، منافية لظاهر العموم، و إطلاق الكلمات، و إن كان الأحوط التصالح في المنافع.

(63) للأصل- كما تقدم- بعد عدم التقدير له شرعا.

ص: 271


1- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات المنافع: 1.

و كذا لو ذهب تمامه ثمَّ عاد بعد مدة (64)، سواء كان قبل أداء الدية أم بعده (65).

مسألة 30: لو ادّعى المجني عليه ذهاب الشم و أنكر الجاني ذهابه

(مسألة 30): لو ادّعى المجني عليه ذهاب الشم و أنكر الجاني ذهابه فإن أمكن الاستكشاف بالآلات الحديثة و الوسائل العصرية يرجع إلى أهل الخبرة منهم (66)، و الأحوط اعتبار التعدد و العدالة (67)، و إلا امتحن بالروائح الحادة و المحرقة في حال غفلته (68)، فإن ثبت دعواه تؤخذ الدية (69)، و إلا فيستظهر عليه بالقسامة و يقضى له (70).

مسألة 31: لو ادّعى نقص الشم فإن أمكن إثباته بما تقدم فهو

(مسألة 31): لو ادّعى نقص الشم فإن أمكن إثباته بما تقدم فهو (71)،

______________________________

(64) لتحقق الجناية بين المدتين. نعم لو كان العود هبة إلهية مستقلة بشهادة أهل الخبرة و المتخصصين، فالدية المقررة شرعا دون الحكومة.

(65) لانكشاف عدم استحقاق الدية بالعود، و إنما يستحق الحكومة، فلا بد حينئذ من ردّها إلى الجاني إن قبضها منه.

(66) لحجية قولهم كما مرّ مكررا.

(67) لإطلاق بعض الأخبار (1)، و لكن تقدم أنه يكفي مطلق الوثوق و الاطمئنان في نظائر المقام فراجع (مسألة 6 من هذا الفصل).

(68) لأن ذلك من طرق التعيين بحسب المتعارف، و قد ورد ذلك في رواية الأصبغ بن نباتة المتقدمة.

(69) لتحقق المقتضي لها و فقد المانع.

(70) لما تقدم في (مسألة 23) بعد إلغاء الخصوصية، و انحصار الطريق فيها حينئذ.

(71) فتتعين حينئذ الحكومة لما مرّ.

ص: 272


1- الوسائل: باب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4 و باب 61 من أبواب الأطعمة المباحة.

و إلا فيحلف و يقضى بما يراه الحاكم من الحكومة (72)، و يصح إثبات مقدار النقص بالامتحان و المقايسة بشامّة أبناء سنه كما في البصر (73).

مسألة 32: لو ادّعى الجاني ذهاب الشم عن المجني عليه قبل الجناية

(مسألة 32): لو ادّعى الجاني ذهاب الشم عن المجني عليه قبل الجناية و ادّعى المجني عليه ذهابه بها يقضى له بعد الحلف (74)، و الأحوط التصالح.

مسألة 33: لو قطع الأنف فذهب الشم فعليه ديتان

(مسألة 33): لو قطع الأنف فذهب الشم فعليه ديتان (75)، و كذا لو جني عليه جناية ذهب بها الشم فعليه مع دية ذهاب الشم دية الجناية أيضا و لو لم يكن لها دية مقدرة فالحكومة (76).

مسألة 34: لو اختلفا في عود الشم بعد الاتفاق على ذهابه بالجناية فالمرجع أهل الخبرة

(مسألة 34): لو اختلفا في عود الشم بعد الاتفاق على ذهابه بالجناية فالمرجع أهل الخبرة و إلا يختبر بما تقدم (77).

______________________________

(72) لانحصار فصل الخصومة بالحلف حينئذ، إما من المنكر أو ممن يردّ عليه اليمين.

(73) لأن ذلك من الطرق العرفية للاستظهار، كما مر في (مسألة 25).

(74) لاستصحاب بقاء الشم، و لا وجه لدعوى الإثبات فيه، كما تقدم في (مسألة 5) من الفصل السادس و غيرها، و أما الحلف فلما مر من أنها لقطع الخصومة.

(75) لتعدد الجناية و لو بوحدة السبب المقتضي لتعدد المسبب، و هو الدية.

(76) لما تقدم في سابقة، فعليه الدية و الحكومة.

(77) أما الرجوع إلى أهل الخبرة فلحجية قولهم، و أما الاختبار فلما مرّ في

مسألة 30، و إن لم يمكن ذلك فالقول قول المجني عليه مع الحلف

(مسألة 30)، و إن لم يمكن ذلك فالقول قول المجني عليه مع الحلف، للأصل، و لما مرّ.

ص: 273

الخامس: النّطق

اشارة

الخامس: النّطق

مسألة 35: في ذهاب النطق كله الدية كاملة

(مسألة 35): في ذهاب النطق كله الدية كاملة (78)، و في ذهاب بعضه الدية بنسبة ما ذهب من حروف المعجم و لم يفصحه منها (79)، و لو جنى على شخص فذهب كلامه ثمَّ قطع هو أو غيره لسانه ففي الأولى تمام الدية و في الثانية ثلثها (80).

مسألة 36: لو ادّعى المجني عليه ذهاب التكلم و النطق بالجناية و أنكره الجاني

(مسألة 36): لو ادّعى المجني عليه ذهاب التكلم و النطق بالجناية و أنكره الجاني و قال إنه كان كذلك قبل الجناية فالقول قول المجني عليه مع اليمين (81)،

______________________________

(78) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح إبراهيم بن عمر عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه، و بصره، و لسانه، و عقله، و فرجه، و انقطع جماعه و هو حي، بست ديات» (1)، و المراد من ذهاب اللسان ذهاب النطق، إلى غير ذلك من الروايات، و تقتضيه القاعدة المتقدمة أيضا.

(79) لما مرّ في (مسألة 38 من الفصل الرابع في ديات الأعضاء).

(80) تقدم الدليل في (مسألة 38) من الفصل الرابع في الديات، فلا وجه للإعادة مرة أخرى.

(81) لأصالة الصحة، كما تقدم في (مسألة 32).

ص: 274


1- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات المنافع: 1.

إن لم يمكن الرجوع إلى أهل الخبرة و المتخصصين (82).

مسألة 37: لو ادّعى المجني عليه ذهاب بعض النطق بالجناية و أنكره الجاني

(مسألة 37): لو ادّعى المجني عليه ذهاب بعض النطق بالجناية و أنكره الجاني فالمرجع إلى أهل الخبرة و المتخصصين و إلا فيقضى له بعد الحلف (83).

مسألة 38: لو عاد النطق فالحكومة

(مسألة 38): لو عاد النطق فالحكومة (84)، سواء ذهب تمامه أم بعضه، و لو ذهب تمامه و عاد بعضه فبالحساب (85).

______________________________

(82) لتقديم قولهم على الأصل مطلقا، كما مرّ في كتاب القضاء و غيره، و قد ورد الاختبار في رواية الأصبغ بن نباتة المتقدمة و غيرها، و قد عرفت أن ذلك من أحد الطرق، هذا كله إن لم تكن بينة على الخلاف في البين، و إلا فهي المتبعة. و يمكن أن يقال بجريان القسامة في نظائر المقام كما تقدم في (مسألة 18 و 23)، لأنها آخر طريق لفصل الخصومات قررها الشارع، سيما مع احتمال اللوث.

(83) لأصالة الصحة إلا أن يقيم المجني عليه بينة على الخلاف.

(84) لأنها الأصل فيما لا تقدير له شرعا، كما مرّ.

(85) كما مرّ في (مسألة 38) من الفصل الرابع، فلا حاجة إلى الإعادة.

ص: 275

السادس: الذّوق

اشارة

السادس: الذّوق

مسألة 39: في ذهاب الذوق بالجناية الدية، و في نقصانه الحكومة

(مسألة 39): في ذهاب الذوق بالجناية الدية (86)، و في نقصانه الحكومة (87).

مسألة 40: في تشخيص ذهاب الذوق يرجع إلى أهل الخبرة و المتخصصين

(مسألة 40): في تشخيص ذهاب الذوق يرجع إلى أهل الخبرة و المتخصصين (88)، و إلا يقدم قول الجاني مع الحلف (89)، و مع تحقق اللوث لا بد من القسامة كما مر.

مسألة 41: لو قطع اللسان فليس عليه إلا الدية للّسان و الذوق تبع له

(مسألة 41): لو قطع اللسان فليس عليه إلا الدية للّسان و الذوق تبع له (90)،

______________________________

(86) لما تقدم من القاعدة: «كل ما في الإنسان اثنان ففيه نصف الدية، و كل ما فيه واحد ففيه تمام الدية».

و دعوى: اختصاصها بالأعضاء الجسمية الخارجية تقدم دفعها في (مسألة 28). و الأحوط التصالح

(87) لأنها الأصل في أمثال المقام، و هي بما يراه الحاكم و يحسم به مادة النزاع لولايته على ذلك.

(88) لما تقدم في (مسألة 30).

(89) للأصل، بعد عدم وجود قرينة على الخلاف.

(90) لعدم استقلال الذوق حينئذ بنفسه، بل هو من توابع اللسان كما في الأصابع و اليد.

ص: 276

نعم لو جنى على اللسان فذهب الذوق ثمَّ جني عليه جناية أخرى فيها الدية- أو الحكومة- تتعدد الدية (91)، و لو جني عليه جناية أخرى- كالضرب على رأسه أو على رقبته مثلا- ذهب بها ذوقه ففي الذوق الدية و في الجناية ديتها المقررة أو الحكومة (92).

مسألة 42: لو جني على مغرس لحيته فلم يستطع المضغ فالحكومة

(مسألة 42): لو جني على مغرس لحيته فلم يستطع المضغ فالحكومة (93)، و كذا لو جني على لسانه فلم يستطع إدارة الطعام به.

مسألة 43: لو عاد الذوق فالحكومة و تستعاد الدية

(مسألة 43): لو عاد الذوق فالحكومة و تستعاد الدية (94).

______________________________

(91) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب.

(92) لما تقدم في سابقة.

(93) لعدم تقدير لها شرعا، فالمرجع إليها لا محالة.

(94) لتحقق الجناية بين المدتين إن لم يكن ذلك هبة إلهية مستقلة، و إلا لا وجه لإعادة الدية، و الأحوط التصالح.

ص: 277

السابع: ذهاب الصوت

اشارة

السابع: ذهاب الصوت

مسألة 44: في ذهاب الصوت كله الدية كاملة 95، و إذا ورد نقص على الصوت فالحكومة

(مسألة 44): في ذهاب الصوت كله الدية كاملة (95)، و إذا ورد نقص على الصوت فالحكومة (96).

مسألة 45: لو جني عليه فذهب صوته و نطقه كله و كذا ذوقه

(مسألة 45): لو جني عليه فذهب صوته و نطقه كله و كذا ذوقه تتعدد الدية (97).

مسألة 46: إذا ذهب صوته بالنسبة إلى بعض الحروف و بقي بالنسبة إلى البعض الآخر فالحكومة

(مسألة 46): إذا ذهب صوته بالنسبة إلى بعض الحروف و بقي بالنسبة إلى البعض الآخر فالحكومة (98).

______________________________

(95) نصا، و إجماعا، ففي صحيح يونس أنه عرض كتاب الديات على أبي الحسن الرضا عليه السّلام و كان فيه: «في ذهاب السمع كله ألف دينار، و الصوت كلّه من الغنن و البحح ألف دينار» (1)، و المراد بذهاب الصوت أن لا يقدر صاحبه على الجهر و لا من الغنن و البحح، و لا ينافي قدرته على الإخفات.

(96) لعدم التقدير فيها شرعا، فالمرجع إليها لا محالة، لئلا تذهب الجناية هدرا، و المراد من النقص في الصوت كما إذا غن أو بح.

(97) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، و يدلّ على ذلك صحيح إبراهيم بن عمر المتقدم.

(98) لعدم التقدير فيها شرعا، و للحاكم الشرعي أن يوزع ذلك حسب الحروف في التكلم، لذهاب جمع إلى ذلك، و لكن الأحوط التصالح.

ص: 278


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات المنافع: 1.

الثامن: صعر العنق

اشارة

الثامن: صعر العنق

مسألة 47: في صعر العنق أي ميله إلى أحد الجانبين- الدية كاملة

(مسألة 47): في صعر العنق أي ميله إلى أحد الجانبين- الدية كاملة (99).

التاسع: تعذر الإنزال

اشارة

التاسع: تعذر الإنزال

مسألة 48: لو استلزمت الجناية تعذّر الإنزال ففيه الدية كاملة

(مسألة 48): لو استلزمت الجناية تعذّر الإنزال ففيه الدية كاملة (100)، و كذا في تعذّر الإحبال (101)،

______________________________

(99) لما تقدم في (مسألة 64) من الفصل الرابع من ديات الأعضاء.

(100) للقاعدة المتقدمة و هي: «كل ما في الإنسان واحد ففيه الدية، و كل ما فيه اثنان ففي أحدهما نصف الدية»، و يؤيد ذلك ما ورد في قضاء على عليه السّلام:

«و انقطع جماعة» (1)، فإنه أعم من عدم الإنزال. و عدم التمكن منه، و كذا ما ورد في كسر الظهر: «في الظهر إذا كسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة» (2)، و أما الاستدلال بهما فمشكل، لصحة دعوى الاختصاص بالكسر و عدم النهوض.

(101) لما مرّ من القاعدة.

ص: 279


1- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات الأعضاء.
2- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 7.

بلا فرق بين أن يكون ذلك بالجناية أو بالتهويل و التخويف و غيرها (102).

مسألة 49: لو تعذّر الإنزال بالجناية مدة ثمَّ حصل الإنزال فالحكومة

(مسألة 49): لو تعذّر الإنزال بالجناية مدة ثمَّ حصل الإنزال فالحكومة (103)، و في تعذّر الإحبال بالطب الحديث الدية (104)، و كذا في تعذر الحبل على إشكال فيهما و الأحوط الصلح (105).

______________________________

(102) للإطلاق، مضافا إلى الإجماع.

(103) لعدم التقدير فيها شرعا فالمرجع إليها لا محالة.

(104) لعموم القاعدة المتقدمة و هي: «كل ما في الإنسان واحد ففيه تمام الدية، و ما كان فيه اثنان ففي كل واحد منهما نصف الدية» الشامل للمقام أيضا، و الأحوط التصالح، لما تقدم من إمكان المناقشة في عمومها.

(105) لما تقدم في سابقة، و يشهد لها معتبرة سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها و كانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد؟ قال: الدية كاملة»(1) ، و لكن الأحوط التصالح، لإمكان المناقشة فيما تقدم في عموم القاعدة، و في المعتبرة.

ص: 280


1- الوسائل: باب 9 من أبواب ديات المنافع: 1.

العاشر: انقطاع الجماع

اشارة

العاشر: انقطاع الجماع

مسألة 50: لو كانت الجناية سببا لانقطاع الجماع بالمرة و عدم نشر الآلة فالدية كاملة

(مسألة 50): لو كانت الجناية سببا لانقطاع الجماع بالمرة و عدم نشر الآلة فالدية كاملة (106)، و لو عاد فالحكومة (107)، و لا فرق في ذلك بين أن يكون سبب الجناية هو الضرب أو الخوف و التهويل أو إشراب مائع (108).

______________________________

(106) لما تقدم من العموم في القاعدة، و يدلّ على ذلك إطلاق ما في صحيح إبراهيم بن عمر عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه، و بصره، و لسانه، و عقله، و فرجه، و انقطع جماعه و هو حي، بست ديات» (1)، و كذا لو تعذّر عليه الالتذاذ، لما تقدم من القاعدة، و لإطلاق الصحيح، مضافا إلى شهادة الاعتبار.

هذا إذا لم ينطبق على جميع ذلك عنوان الشلل في العضو، و إلا فمقتضى القاعدة الثلث، كما تقدم.

(107) لأنها المرجع في كل جناية ليس لها تقدير شرعي، و المفروض تحققها بين المدتين.

(108) للإطلاق، فإن المناط تحقق الأثر و المسبب على أي نحو كان السبب، مضافا إلى الإجماع.

ص: 281


1- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات المنافع: 1.
مسألة 51: لو ادّعى المجني عليه انقطاع الجماع بالجناية و أنكره الجاني بها

(مسألة 51): لو ادّعى المجني عليه انقطاع الجماع بالجناية و أنكره الجاني بها فإن لم يمكن الرجوع إلى أهل الخبرة و المتخصصين يحلف المجني عليه و يقضى له (109).

الحادي عشر: ذهاب قوة الرضاع

اشارة

الحادي عشر: ذهاب قوة الرضاع

مسألة 52: لو كانت الجناية سببا لذهاب الرضاع و انقطاع اللبن فالحكومة

(مسألة 52): لو كانت الجناية سببا لذهاب الرضاع و انقطاع اللبن فالحكومة (110)، و لو ادّعى الجاني الذهاب و الانقطاع قبل الجناية و ادّعت هي تحققها بالجناية فالقول قولها مع الحلف إن لم تكن بينة على الخلاف (111).

______________________________

(109) لأصالة الصحة، و لأنه لا يعرف غالبا إلا من قبل نفسه، و مع عدم حصول الاطمئنان بذلك فالمرجع أهل الخبرة و المتخصصين بذلك، و يرى الحاكم نظره.

(110) لعدم التقدير لها شرعا، كما تقدم في (مسألة 103 من الفصل الرابع في ديات الأعضاء 9)، إلا إذا دلّت القرائن المعتبرة على إيجاد مرض فيها مستلزم ذهابه عنها بالكلية، فحينئذ تكون الدية كاملة، لما تقدم من القاعدة.

(111) لما تقدم من الأصل في نظائر المسألة.

ص: 282

الثاني عشر: تعذّر الطمث

اشارة

الثاني عشر: تعذّر الطمث

مسألة 53: لو كانت الجناية سببا لتعذر الطمث ففيها ثلث الدية

(مسألة 53): لو كانت الجناية سببا لتعذر الطمث ففيها ثلث الدية (112) و لو عولج و عاد ففيها الحكومة (113).

مسألة 54: المرجع في تعذّر الطمث و رفعه أهل الخبرة و المتخصصين

(مسألة 54): المرجع في تعذّر الطمث و رفعه أهل الخبرة و المتخصصين (114)، و الا ينتظر إلى سنة (115)، و لو ادّعت تعذر الطمث بالجناية و أنكره الجاني يقدّم قولها مع اليمين (116).

______________________________

(112) لمعتبرة أبي بصير قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام ما ترى في رجل ضرب امرأة شابة على بطنها فعقر رحمها فأفسد طمثها، و ذكرت أنه قد ارتفع طمثها عنها لذلك، و قد كان طمثها مستقيما؟ قال: ينتظر بها سنة فإن رجع طمثها إلى ما كان، و إلا استحلفت و غرم ضاربها ثلث ديتها، لفساد رحمها، و انقطاع طمثها» (1)، و قريب منها غيرها، فتكون هذه الروايات مخصصة للقاعدة المتقدمة.

(113) لما تقدم مكررا، و لا بد و أن يكون العود بعد السنة، لما تقدم في المعتبرة.

(114) لحجية قولهم عند المتشرعة، لأنه يوجب الاطمئنان النوعي كما مرّ، و التحديد إلى سنة- كما في معتبرة أبي بصير- ليس له موضوعية خاصة، و إنما هو لإحراز رفع الطمث و تعذره.

(115) لما تقدم في معتبرة أبي بصير.

(116) ظهر وجهه مما مرّ في (مسألة 51).

ص: 283


1- الوسائل: باب 10 من أبواب ديات المنافع الحديث: 1.

الثالث عشر: النزيف

اشارة

الثالث عشر: النزيف

مسألة 55: لو كانت الجناية سببا للنزيف

(مسألة 55): لو كانت الجناية سببا للنزيف سواء كان داخليا أم خارجيا- فإن استلزم الموت فالدية كاملة (117)، إن لم تتوفر شرائط القصاص و إن لم يستلزمه فالحكومة (118).

مسألة 56: لو ضربه فرعف المضروب

(مسألة 56): لو ضربه فرعف المضروب فإن مات من الرعاف فعليه الدية الكاملة (119)، و إن لم يمت و لكن حصل له جناية لها تقدير شرعي تثبت تلك الدية (120)، و إلا فالحكومة (121).

______________________________

(117) لتحقق المقتضي لها- بعد ما مرّ في أول كتاب الديات- و فقد المانع عنها.

(118) لعدم تقدير شرعي له، فتصل النوبة إليها.

(119) لوجود المقتضي لها و فقد المانع، إلا إذا توفرت شرائط القصاص، فيقاد منه حينئذ.

(120) لتحقق السبب لها، فيترتب عليه السبب لا محالة.

(121) لعدم التقدير لها شرعا، فتصل النوبة إليها بلا إشكال. نعم لو لم يحصل من الرعاف ضرر، بل كان فيه نفع بحكم أهل الخبرة، فحينئذ لا شي ء عليه، و إن كان الأحوط المراضاة.

ص: 284

الرابع عشر: سلس البول و انقطاعه

اشارة

الرابع عشر: سلس البول و انقطاعه

مسألة 57: في سلس البول الدية كاملة إن كان دائما

(مسألة 75): في سلس البول الدية كاملة إن كان دائما (122)، و لو لم يكن كذلك فالحكومة (123)، و المرجع في تعيينه أهل الخبرة (124).

مسألة 58: في قطع البول الدية كاملة

(مسألة 58): في قطع البول الدية كاملة سواء استلزم الموت أم لا (125)، و لو عولج و فتح فالحكومة (126).

______________________________

(122) نصوصا- كما تقدم بعضها (1)- ففي معتبرة غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «أن عليا عليه السّلام قضى في رجل ضرب حتى سلس ببوله بالدية كاملة» (2)، مضافا إلى الإجماع.

(123) لما تقدم مكررا. نعم للحاكم الشرعي المصالحة فيها بالثلث، أو الثلاثين، حسب مراتب تحقق السلس، كما مر في معتبرة إسحاق بن عمار (3).

(124) ظهر وجه ذلك مما مر مكررا.

(125) لما تقدم من القاعدة في (مسألة 49).

(126) لتحقق الجناية بين المدتين، و عدم تقدير لها شرعا، فالمرجع إليها لا محالة، كما تقدم.

ص: 285


1- راجع صفحة: 246.
2- الوسائل: باب 9 من أبواب ديات المنافع: 4.
3- راجع صفحة: 246.

الخامس عشر: توقّف نبضات القلب

اشارة

الخامس عشر: توقّف نبضات القلب

مسألة 59: إذا سكنت نبضات قلب المجني عليه بالجناية ثمَّ عادت ففيها الدية كاملة

(مسألة 59): إذا سكنت نبضات قلب المجني عليه بالجناية ثمَّ عادت ففيها الدية كاملة (127)، و في تقليلها عن الحدّ المعدّل له بها الحكومة (128)، و المرجع في تعيين ذلك كله أهل الخبرة و المتخصصين (129).

مسألة 60: لا فرق في ذلك بين الضرب و الإخافة و التهويل

(مسألة 60): لا فرق في ذلك بين الضرب و الإخافة و التهويل و لا بين الصغير و الكبير (130).

______________________________

(127) لمعتبرة سهل بن زياد عن الصادق عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في القلب إذا أرعد فطار الدية» (1)، و مقتضى إطلاقه مجرد صدق السكون و إن عاد و تحرك بعده، مضافا إلى ما تقدم من العموم في القاعدة، فراجع (مسألة 28).

و المنساق من الإعادة سكون النبضات، هذا إذا ظهر له أثر بين في حال المجني عليه، و أما إذا لم يؤثر فيه فلا بد من الحكومة بعد تحقق الجناية، لما مرّ مكررا.

(128) لتحقق النقص بالجناية بنظر أهل الخبرة، و عدم التقدير لها شرعا، فتصل النوبة إليها لا محالة.

(129) لما تقدم مكررا.

(130) كل ذلك لإطلاق ما تقدم.

ص: 286


1- الوسائل: باب 11 من أبواب ديات المنافع.
مسألة 61: في ذهاب المنافع عن الأعضاء الداخلية كالكلي و المرارة و غيرهما بفسادها بالجناية الدية كاملة

(مسألة 61): في ذهاب المنافع عن الأعضاء الداخلية كالكلي و المرارة و غيرهما بفسادها بالجناية الدية كاملة (131)، و في ذهاب بعضها الحكومة (132)، و في تعيين ذلك يرجع إلى أهل الخبرة و المتخصصين (133).

مسألة 62: في ذهاب المنافع التي لا تقدير لها بالخصوص في الشرع بالجناية كالنوم و اللمس

(مسألة 62): في ذهاب المنافع التي لا تقدير لها بالخصوص في الشرع بالجناية كالنوم و اللمس و عدم انعقاد النطقة و كالإغماء، و الرعشة، و العطش، و الجوع، و غيرها الدية كاملة (134)، و في تقليلها لو حصل الحكومة (135).

مسألة 63: في الأمراض المعدية- كالسل و الجذام- الموجبة للموت يجري فيها حكم القتل

(مسألة 63): في الأمراض المعدية- كالسل و الجذام- الموجبة للموت يجري فيها حكم القتل فإما أن يكون عمدا أو خطأ محضا أو شبهه

______________________________

(131) لشمول العمومات و الإطلاقات لها، مضافا إلى شمول القاعدة: «كل ما في الإنسان واحد ففيه الدية كاملة، و كل ما فيه اثنان ففي أحد هما نصف الدية» لها.

(132) لعدم التقدير الشرعي لها فتصل النوبة إليها قهرا، لئلا تذهب الجناية هدرا.

(133) و تقدم في (مسألة 30) ما يتعلق باعتبار التعدد و العدالة، و في كتاب القضاء ما يتعلق باعتبار قولهم.

(134) لما تقدم من القاعدة. و أما دعوى انصرافها إلى خصوص المنافع البدنية الخارجية فعهدة إثباتها على مدعيها، بعد ورود العموم الوضعي فيه (1)، و إن كان الأحوط التصالح.

(135) ظهر وجهها مما تقدم مكررا.

ص: 287


1- راجع صفحة: 246.

و تقدم حكم جميع ذلك (136)، و لا بد من التفاته إلى أنه مصاب بمرض معد فإن لم يكن متوجها إليه أبدا فلا إثم و إن ثبت الضمان حينئذ (137)، و في الصبي و المجنون فالدية على العاقلة (138).

______________________________

(136) ففي العمد قصاص مع تحقق سائر شرائطه كما مر، و لا بد من إحراز أن الموت حصل بالمرض المعدي من المريض الخاص كذلك. و لا فرق في ذلك بين أن يكون في النفس أو في العضو- داخليا كان أو خارجيا- و في غيره تكون الدية إن تحققت شرائطها، كما تقدم في أول كتاب الديات.

إلا أن يقال: قيام السيرة على عدم ترتب القصاص أو الدية في الأمراض المعدية، و لكن تعميم هذه السيرة حتى في صورة العمد مشكل جدا، خصوصا مع التمكن من العلاج بسهولة- كما في هذه الأعصار التي بلغ الطب ما بلغ- فسامح و لم يعالج، و لكن الأحوط التصالح بالدية.

(137) أما عدم الإثم فلعدم علمه بالمرض أو بالعدوى. و أما الضمان فلما تقدم في أول كتاب الديات من أصالة الضمان، و وجوب الدية مطلقا، إلا ما خرج بالدليل.

نعم لو كان جاهلا بالموضوع بالمرة، و بالحكم كذلك، فاتفقت الجناية بالعدوى فلا إثم، و لا ضمان، كما هو واضح لما تقدم.

(138) لما مرّ من أن الدية على العاقلة فيهما.

تنبيه: الحكومة منوطة بنظر الحاكم الشرعي، و موردها إما أن يكون نقصا في المجني عليه، أو يكون ذهاب الكمال عنه، لا أن يكون نقصا من كل جهة، فإذا كان المناط نظره و تأمله في القضية، يحكم في كل منهما بنظره.

و الظاهر أن الحكومة في مورد واحد محدودة بأن لا تتعدى عن الدية، لفرض أنها تحديد شرعي دون الحكومة كما هو واضح.

ص: 288

الفصل السابع في الشجاج و الجراح

اشارة

الفصل السابع في الشجاج و الجراح

أما الشجاج فهو على أقسام

اشارة

أما الشجاج فهو على أقسام:

الأول: الحارصة
اشارة

الأول: الحارصة (1)، و هي التي تقشر الجلد، شبه الخدش من غير إدماء- و فيها بعير (2)،

______________________________

الشجاج: جمع شجّة، و هي الجرح المختص بالرأس و الوجه. و يسمّى في غير هما جرحا، كما عن جمع من أهل اللغة.

(1) كما نص عليه جمع من أهل اللغة، و قد يعبر عنها ب (الخارصة).

(2) إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة منصور بن حازم عن الصادق عليه السّلام:

«في الخرصة شبه الخدش بعير، و في الدامية بعيران، و في الباضعة و هي ما دون السمحاق ثلاث من الإبل، و في المسحاق و هي دون الموضحة أربع من الإبل، و في الموضحة خمس من الإبل»(1).

و ما ورد في رواية مسمع: «قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الدامية بعيرا» (2)، محمول على آخر مرتبة من مراتب الحارصة، لأن لها مراتب، أو مهجور للإعراض، و كذا معتبرة السكوني (3).

و لا فرق في الإبل بين الذكر و الأنثى، كما تقدم في (مسألة 1) من الفصل الثاني في مقادير الديات.

ص: 289


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج و الجراح الحديث: 14 و 6 و 8.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج و الجراح الحديث: 14 و 6 و 8.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج و الجراح الحديث: 14 و 6 و 8.

و تتعدد الدية بتعددها (3).

مسألة 1: لا فرق في ذلك بين الصغير و الكبير و الرجل و المرأة

(مسألة 1): لا فرق في ذلك بين الصغير و الكبير و الرجل و المرأة (4).

مسألة 2 لو كان الجاني في الحارصة صبيا أو مجنونا فالدية ليست على العاقلة

(مسألة 2): لو كان الجاني في الحارصة صبيا أو مجنونا فالدية ليست على العاقلة (5)، إلا في الموضحة و ما فوقها ففيها أن الدية على العاقلة (6).

الثاني: الدامية

الثاني: الدامية و هي التي تدخل في اللحم يسيرا و يخرج معه الدم قليلا كان أو كثيرا- و فيها بعيران (7).

الثالث: المتلاحمة

الثالث: المتلاحمة و هي التي تدخل في اللحم كثيرا و لكن لا تبلغ المرتبة المتأخرة (السمحاق)- و فيها ثلاثة أباعر (8).

______________________________

(3) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب.

(4) للإطلاق، مضافا إلى الإجماع.

(5) لأنها لا تتحمل إلا في الموضحة و ما فوقها، كما يأتي.

(6) لما تقدم من أن الدية على العاقلة فيهما.

(7) لما تقدم في معتبرة منصور بن حازم، و في معتبر السكوني عن الصادق عليه السّلام: «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قضى في الدامية بعيرا، و في الباضعة بعيرين، و في المتلاحمة ثلاثة أبعرة، و في السمحاق أربعة أبعرة» (1)، و قد يعبر عن الدامية ب (الباضعة)، لأن الباضعة لها مراتب فتساوي بعض مراتبها الدامية، و بعضها الأخرى المتلاحمة.

كما أن الدامية تسمى ب (الدامعة) أيضا، باعتبار مراتب خروج الدم، فإذا أكثر خروجه تعبر دامية، و إلا دامعة.

(8) نصوصا ففي صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام أنه قال: «في

ص: 290


1- الوسائل: باب 2 من أبواب الشجاج و الجراح: 8.
الرابع: السمحاق

الرابع: السمحاق و هي التي تقطع اللحم و تبلغ الجلدة الرقيقة على العظم- و فيها أربعة أباعر (9).

الخامس: الموضحة

الخامس: الموضحة و هي التي تكشف عن العظم و توضحه- و فيها خمسة أباعر (10).

______________________________

الباضعة ثلاث من الإبل» (1)، و المراد من الباضعة هي المتلاحمة، بقرينة معتبرة السكوني المتقدمة، و تقدمت معتبرة منصور بن حازم، مضافا إلى الإجماع.

(9) إجماعا، و نصوصا، كما تقدم في معتبرتي السكوني و منصور بن حازم، و في موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في السمحاق دون الموضحة أربع من الإبل» (2)، و مثله صحيح زرارة (3) إلى غير ذلك من الروايات، و ما دلّ على الخلاف مثل رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «في السمحاق و هي التي دون الموضحة خمسمأة درهم» (4)، محمول على القيمة، أو مهجور لإعراض الأصحاب عنه.

(10) إجماعا، و نصوصا مستفيضة تقدم بعضها، و في معتبرة العلاء ابن الفضيل عن الصادق عليه السّلام في حديث قال: «الموضحة خمسة من الإبل، و السمحاق أربعة من الإبل» (5)، و في رواية أبي مريم قال: «قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد كتب لابن حزم كتابا فخذه منه فأتني به حتى أنظر إليه، قال: فانطلقت إليه فأخذت منه الكتاب ثمَّ أتيته به فعرضته عليه، فإذا فيه من أبواب الصدقات و أبواب الديات، و إذا فيه: في العين خمسون، و في الجائفة الثلث، و في المنقلة خمس عشرة، و في الموضحة خمس من الإبل» (6).

و أما معتبرة ظريف عن علي عليه السّلام: «و دية الشجّة كانت توضح أربعون

ص: 291


1- الوسائل: باب 2 من أبواب الشجاج و الجراح: 1.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج: 10 و 11 و 9.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج: 10 و 11 و 9.
4- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج: 10 و 11 و 9.
5- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج: 16 و 13.
6- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج: 16 و 13.
السادس: الهاشمة

السادس: الهاشمة و هي التي تهشم العظم و تكسره- و فيها عشرة أبعرة (11)، و يختص الحكم بالكسر و إن لم يكن جرح (12).

السابع: المنقلة

السابع: المنقلة و هي التي تنقل العظم من الموضع الذي خلقه اللّه تعالى فيه إلى غيره- و فيها خمسة عشر بعيرا (13).

الثامن: المأمومة

الثامن: المأمومة و هي التي تبلغ أم الرأس (أي الخريطة التي تجمع فيها الدماغ)- و فيها ثلث الدية (14).

______________________________

دينارا إذا كانت في الخد» (1)، فمحمولة على الجسد- كما أثبته الشيخ و الصدوق (الجسد) فراجع التهذيب و الفقيه- و إلا فمهجورة.

(11) إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة السكوني: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام قضى في الهاشمة بعشر من الإبل» (2)، و مثلها غيرها.

(12) لأنها أعم من الجرح، فإن هشم العظم و كسره قد يستلزم الجرح، و قد لا يستلزمه.

(13) نصوصا، و إجماعا، منها ما تقدم من معتبرة أبي مريم المتقدمة، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في الموضحة خمس من الإبل، و في السمحاق أربع من الإبل، و الباضعة ثلاث من الإبل، و المأمومة ثلاث و ثلاثون من الإبل، و الجائفة ثلاث و ثلاثون، و المنقلة خمس عشرة من الإبل» (3)، و مثلهما غير هما.

و الحكم يختص بالنقل، سواء كان جرحا أم لا. نعم لو حصل الجرح فله ديته المختصة به.

(14) لصحيح معاوية بن وهب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الشجّة

ص: 292


1- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات الأعضاء.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج: 2.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج و الجرح: 4.
التاسع: الدامغة

التاسع: الدامغة و هي التي تفتق الخريطة التي تجمع فيها الدماغ و تصل إليه- و السلامة معها بعيدة فعلى تقدير السلامة تزيد ديتها على المأمومة بالحكومة (15).

العاشر: الجائفة

العاشر: الجائفة و هي التي تصل إلى الجوف من أي جهة من البدن (16)- و فيها الثلث (17)،

______________________________

المأمومة؟ فقال: ثلث الدية، و الشجة الجائفة ثلث الدية» (1)، مضافا إلى الإجماع، و الثلث هو (3/ 333) دينارا و ثلاث أو ثلاثون من الإبل مضافا إلى الإجماع.

(15) أما ديتها دية المأمومة، لأنها وصلت إلى الخارطة، كما في المأمومة، و أما الحكومة لأنها زادت عن المأمومة و فتقت الخريطة و دخلت إلى الجوف، فالمرجع إليها بعد عدم تقدير شرعي للزيادة، هذا كله على تقدير السلامة، و إلا فالقصاص إن توفرت سائر شرائطه، و إن لم تتوفر فالدية كاملة.

(16) سواء كانت في البطن أم في الصدر أو في الظهر أو في الجنب، و لا تختص بما يدخل جوف الدماغ في الرأس، بل تعم للإطلاق، كما في معتبرة ظريف: «و في الجائفة ثلث دية النفس ثلاثمائة و ثلاثة و ثلاثون دينارا و ثلث دينار» (2)، و دعوى اختصاصها بالرأس دون سائر البدن، فعهدة إثباتها على مدّعيها.

و لا فرق في تحقق الجائفة بين الآلات، فتشمل حتى نحو الإبرة فضلا عن الرمح و السكين و غيرهما.

(17) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح معاوية بن وهب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الشجّة المأمومة؟ فقال: ثلث الدية، و الشجّة الجائفة ثلث

ص: 293


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج و الجرح: 12.
2- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

إلا في جائفة الخد ففيها خمس الدية (18).

مسألة 3: لا تختص الدية فيما تقدم بالإبل

(مسألة 3): لا تختص الدية فيما تقدم بالإبل، بل الجاني مخير بين الأصول الستة (19)، و تجزي القيمة (20) أيضا.

مسألة 4: لا تختلف الدية المقررة شرعا بصغر الجرح و كبره في الطول و العرض

(مسألة 4): لا تختلف الدية المقررة شرعا بصغر الجرح و كبره في الطول و العرض (21)، و إنما تختلف بالنزول (22).

______________________________

الدية» (1)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «و الجائفة ثلاث و ثلاثون» (2)، و قريب منهما معتبرة زيد الشحام و لكن الأحوط التصالح في غير الرأس، لذهاب بعض إلى الاختصاص بالرأس و إن لم يكن له دليل يعتمد عليه.

(18) لما تقدم في (مسألة 62) من الفصل الرابع في ديات الأعضاء، فلا وجه للإعادة.

(19) للأصل، و لما مرّ في (مسألة 3) من الفصل الثاني، بل مقتضى الجمع بين روايات الباب الواردة فيها ثلث الدية (3)، و ما ورد فيها بعير أو بعيران ذلك أيضا، مضافا إلى الإجماع.

(20) لما تقدم في (مسألة 3) من الفصل الثاني، و لا خصوصية في المقام، مضافا إلى دعوى الإجماع.

(21) للأصل، و لأن المدار على صدق الاسم و تحققه خارجا، فلا فرق فيها بين أن تكون بالإبرة أو بالرمح أو السكين أو المسمار و غيرها.

(22) لما تقدم من أن لمراتب النزول أسامي خاصة تختلف بها الدية حسب الاسم و العنوان، كالحارصة إذا نزلت إلى المتلاحمة، و هي إلى الموضحة.

نعم تدخل المرتبة الدانية في المرتبة العالية لو كانت الجناية واحدة، كما

ص: 294


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج: 12 و 4.
2- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج: 12 و 4.
3- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج.

مسألة 5: لو تعددت الموضحة فلكل منها ديتها

(مسألة 5): لو تعددت الموضحة فلكل منها ديتها سواء كان من شخص واحد أم من شخصين (23)، و لو أوصل ثالث- إحداهما بالأخرى فعليه ديتها (24)- سواء كان ذلك بفعل أحد الجانبين أو غيرهما (25)، و لو كان الإيصال بين الموضحتين بالسراية ففيها صور:

الأولى: ما إذا كانت السراية من الجناية الأولى بحكم أهل الخبرة فتكون الدية على صاحب الأولى (26).

الثانية: ما إذا كانت السراية من الموضحة الثانية كذلك فتكون الدية على صاحبها (27).

______________________________

إذا كانت بضربة واحدة، لأن المرتبة العالية تستلزم المرتبة الدانية طبعا، و لا يمكن التفكيك بينهما، فلا تعدد عرفا إلا إذا كانت بجنايتين، كما إذا كانتا بضربتين فلكل منهما دية، كما تقدم مكررا من أن تعدد السبب يقتضي تعدد المسبب، و يدلّ عليه صحيح أبي عبيدة الحذاء (1)، مضافا إلى الإجماع.

(23) لقاعدة: «تعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب»، و لما تقدم من الإطلاق.

(24) لوجود المقتضي لها و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات، و العمومات، نعم لو كان ذلك بآفة سماوية، أو بفعل المجني عليه نفسه، يكون هدرا و لا شي ء على أحد.

(25) للإطلاق بعد تحقق السببية من غير فرق بين الأفراد.

(26) لأنها حصلت بفعله، و هو السبب لها.

و دعوى: أن السراية ليست جناية فلا توجب دية زائدة، غير صحيحة، لأن السراية في حدّ نفسها جناية مستقلة، خصوصا في الطب الجنائي الحديث.

(27) لما مرّ في سابقة.

ص: 295


1- الوسائل: باب 7 من أبواب ديات المنافع، و تقدم في صفحة: 253.

الثالثة: ما إذا كانت السراية منهما معا بنظر أهل الخبرة فتقسم الدية عليهما (28).

الرابعة: ما إذا شك في أنها حصلت منهما أو من أحدهما و لم يعلم ذلك بوجه معتبر شرعي فيرجع إلى نظر الحاكم الشرعي في تعيين ذلك (29).

الخامسة: أن تكون بفعل المجني عليه فتكون هدرا (30).

مسألة 6: لو كانت الجناية موضحة فجنى آخر و جعلها هاشمة، و ثالث منقلة، و رابع مأمومة

(مسألة 6): لو كانت الجناية موضحة فجنى آخر و جعلها هاشمة، و ثالث منقلة، و رابع مأمومة فعلى الأول ديتها و هي خمس من الأباعر (31)، و على الثاني تمام دية الهاشمة و كذا على الثالث تمام دية المنقلة، و على الأخير تمام دية المأمومة (32).

______________________________

(28) لأنهما سببان للسراية بحكم أهل الخبرة، فتكون الدية عليهما إما بالتثليث أو التنصيف أو الأقل أو الأكثر حسب ما يحكم به أهل الخبرة.

(29) فهو إما يحكم بالقرعة، أو بالتنصيف، حسب ما يراه من المصالح الشرعية و القرائن المعتبرة، و لكن الأحوط التصالح في الجميع، خصوصا في الأخيرة.

و هناك أقوال أخرى ذكرها صاحب الجواهر في كتابه الشريف، و من شاء فليرجع إليه.

(30) لما تقدم أنها حصلت بفعله و اختياره.

(31) كما تقدم في القسم الخامس.

(32) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، و لما مرّ من الإطلاق الوارد في الروايات السابقة.

و دعوى: التداخل في بعضها كما عن المحقق، مخدوشة بأن الأصل عدم التداخل خصوصا في الجنايات، مع وجود الإطلاق.

ص: 296

مسألة 7: لو اختلفت مقادير الشجة في الجناية الواحدة

(مسألة 7): لو اختلفت مقادير الشجة في الجناية الواحدة تكون الدية على الأكثر عمقا (33).

مسألة 8: لو أجافه شخص و أدخل آخر رمحه أو سكينه في الجرح و لم يوسّعه شيئا

(مسألة 8): لو أجافه شخص و أدخل آخر رمحه أو سكينه في الجرح و لم يوسّعه شيئا فعلى الثاني التعزير (34)، و إن وسّعها ففيها الحكومة (35)، و إن وسّعها بحيث يصدق عليه جائفة فعليه ديتها (36)، و لو طعنه من جانب و أخرج من جانب آخر فالأحوط التعدد (37)،

______________________________

(33) لأنه المدار في الجناية التي قرر الشارع الدية عليها، كما مر في (مسألة 4).

(34) لارتكابه الفعل المنهي عنه شرعا، و هو نحو أذية للطرف، و للحاكم الشرعي الولاية في التعزير حسب ما يراه، و لا ضمان في البين، لعدم جرحه.

(35) لأنها المرجع في كل ما لا تقدير له شرعا.

(36) لتحقق المقتضي- و هو صدق الجائفة- و فقد المانع، و أن الدية هي الثلث كما تقدم، و لا فرق في ذلك بين أن يكون الجاني هو الأول، أو غيره.

(37) لتعدد الجناية المقتضي لتعدد الدية.

و احتمال وحدة الجناية بدعوى: أن ظاهر الجائفة ما إذا كانت من الخارج إلى البدن، لا من داخل البدن إلى الخارج، كما في المقام فتكون الجناية حينئذ واحدة.

ضعيفة، لمخالفتها للإطلاق، و العموم، و المتعارف بين الناس. مع أن أهل الخبرة و المتخصصين يرونها جنايتين في عضوين، أحدهما في الصدر و الثانية في الظهر مثلا، فحينئذ إن تمَّ إجماع على وحدة الجائفة فنقول بها، و إلا فلا ريب في التعدد، و مقتضى خلافهم في المسألة أنه ليس فيها إجماع محقق على وحدة الجناية.

و أما رواية ظريف عن أمير المؤمنين عليه السّلام «و ان نفذت من الجانبين كليهما

ص: 297

و لو فتق الجائفة بعد الخياطة فإن كانت غير ملتئمة ففيها الحكومة و إن كانت ملتئمة فعليه دية الجائفة (38).

مسألة 9: دية الشجاج في الرأس و الوجه سواء

(مسألة 9): دية الشجاج في الرأس و الوجه سواء (39)،

______________________________

رمية أو طعنة فديتها أربعمائة دينار و ثلاثة و ثلاثون دينارا و ثلث دينار» (1)، فمحمولة على بعض مراتب النفوذ، أو مهجورة لإعراض الأصحاب عنها مع كونها بنظرهم.

و مما ذكرنا ظهر وجه الاحتياط في المقام.

(38) أما الحكومة، فلعدم التقدير شرعا في الفرض، و أما الدية، لتحقق الجناية و هي الجائفة، فيترتب عليها أثرها و هو الثلث. نعم لو التحم بعض الجائفة ففتقه ففيه الحكومة، لعدم تحقق الجائفة، و عدم التقدير الشرعي فيه حينئذ.

(39) إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن الموضحة في الوجه و الرأس سواء» (2)، بلا خصوصية في الموضحة إجماعا. و عن الصادق عليه السّلام في رواية الحسن بن صالح قال: «سألته عن الموضحة في الرأس كما هي في الوجه؟ فقال: الموضحة و الشجاج في الوجه و الرأس سواء في الدية، لأن الوجه من الرأس» (3).

و أما رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «السمحاق و هي التي دون الموضحة خمسمائة درهم، و فيها إذا كانت في الوجه ضعف الدية على قدر الشين» (4)، مطروحة لهجر الأصحاب عنها.

ص: 298


1- الوسائل: باب 13 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 5 من أبواب ديات الشجاج و الجراح: 2 و 1.
3- الوسائل: باب 5 من أبواب ديات الشجاج و الجراح: 2 و 1.
4- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج و الجراح: 9.

و ان الشجاج في البدن بنسبة دية العضو الذي يتفق فيه الجراحة إن كانت للعضو دية مقدرة (40)، ففي حارصة اليد نصف بعير أو خمسة دنانير، و في حارصة إحدى أنملتي الإبهام نصف عشر بعير أو نصف دينار و هكذا (41)، و إن لم تكن له دية مقدرة فالحكومة (42).

مسألة 10: لو جرح عضوين- كاليد و الرأس- كان لجرح كل عضو حكمه

(مسألة 10): لو جرح عضوين- كاليد و الرأس- كان لجرح كل عضو حكمه (43)، و لو جرح موضعين من البدن- كالرأس و الجبهة مثلا- جرحا متصلا ففيه دية واحدة (44).

______________________________

(40) للإجماع، و لأن مقتضى ذلك نسبة المحل إلى جميع البدن، فالحكم مطابق للقاعدة و هي: «أن وحدة الجراحات تستلزم وحدة الحكم للحاق العضو»، و يدلّ عليها قول الصادق عليه السّلام: «ليست الجراحات في الجسد كما هي في الرأس» (1)، و غيره من الروايات المقرر لها. و لا فرق في ذلك العضو الذي وقع عليه الجرح بين أن يكون مشتملا على العظم أو لم يكن كذلك، لظهور الإطلاقات.

(41) لما في كتاب ظريف (2)، المتقدم و غيره من الروايات.

(42) لأنها المرجع في كل ما لا تقدير له شرعا، كما مر مكررا.

(43) لتعدد الموضوع المقتضى لتعدد الحكم، سواء كان جرح الرأس بقدر الموضحة و جرح اليد ما دونها أم بالعكس. و سواء كان ذلك بضربة واحدة أم بضربتين، لما مرّ من الإطلاق.

(44) لأنه جرح واحد كبير، و قد تقدم في (مسألة 4): أنه لا فرق بين الكبير و الصغير.

ص: 299


1- الوسائل: باب 5 من أبواب ديات الشجاج و الجراح: 1.
2- الوسائل: باب 6 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

مسألة 11: المرأة تساوي الرجل في ديات الأعضاء و الجراحات حتى تبلغ ثلث دية الرجل

(مسألة 11): المرأة تساوي الرجل في ديات الأعضاء و الجراحات حتى تبلغ ثلث دية الرجل ثمَّ تصير ديتها نصف دية الرجل (45)، بلا فرق بين كون الجاني رجلا أو امرأة (46)، و يقتص من الرجل للمرأة و بالعكس في الأعضاء و الجراح من غير رد حتى تبلغ الثلث (47)، و يقتص مع رد المرأة التفاوت عليه لو جنت هي عليه فيما زاد عن الثلث (48)، و بغير رد لو جنى هو عليها و كل ما فيه دية من أعضاء المسلم (49)، تكون في الذمي أيضا و كذا في الذمية (50).

______________________________

(45) إجماعا، و نصوصا تقدمت في (مسألتي 26 و 27) من الفصل الثاني في مقادير الديات و مسألة 2 من (فصل شرائط القصاص)، فلا حاجة إلى التكرار مرة أخرى، ففي قطع الإصبع منها مائة دينار، و في الاثنتين مائتان، و في الثلاث ثلاثمائة، و لكن في قطع الأربع من أصابعها دفعة مائتان.

(46) لظهور الإطلاق الوارد في الروايات، و جريان السيرة العملية و الفتوائية عليه.

و ما يقال من الاختصاص بما إذا كان الجاني رجلا لذكر الرجل في جملة من الروايات.

مخدوش: لما ذكرنا في الأصول و الفقه مكررا من قاعدة الاشتراك، و أن الأحكام مشتركة بين الرجل و المرأة، و أن ذكر الرجل لا يوجب الاختصاص، إلا إذا دلّ دليل من الخارج على الاختصاص و هو مفقود.

(47) لإطلاقات أدلة القصاص، و عموماتها.

(48) لما تقدم، و يقتص من الرجل اما بلا رد عليها إن كان الجاني رجلا كما هو واضح و تقدم في (مسألة 2) من شرائط القصاص ما يتعلق بالمقام.

(49) رجلا كان أو امرأة، و الأعضاء كاليدين و الرجلين و غيرهما، و كذا في المنافع.

(50) لما تقدم في مسألة 30 من الفصل الثاني في مقادير الديات فراجع،

ص: 300

مسألة 12: لو نفذت نافذة في شي ء من بدن الرجل، ففيها مائة دينار

(مسألة 12): لو نفذت نافذة في شي ء من بدن الرجل (51)، ففيها مائة دينار (52)،

______________________________

فلا حاجة للإعادة بالتكرار. و تقدم أن ديتهم ثمانمائة درهم، و دية نسائهم نصفها.

(51) مثل يده أو رجله.

(52) لما ورد في كتاب ظريف: «في النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر في شي ء من البدن من أطرافه فديتها عشر دية الرجل مائة دينار» (1)، و أما نافذة الخد ففيها مائتا دينار إن بدا و بان جوفه، كما مر في (مسألة 62) من الفصل الثاني في مقادير الديات، و إلا ففي الخدين مائة دينار كما تقدم.

و المراد من النافذة بحسب المتفاهم العرفي هو مثل الفخذ و الرجلين و اليدين و الساعدين، و أما غيرها مثل الأنامل فالظاهر انصراف النافذة عنه، مع أن الشك في ذلك يكفي في عدم جواز التمسك بعموم الدليل، فلا بد حينئذ من الرجوع إلى الحكومة.

و أما رواية مسمع على نسخة التهذيب عن الصادق عليه السّلام: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في النافذة تكون في العضو ثلث دية ذلك العضو» (2)، فهجرانها بين الأصحاب يوهن التمسك بها.

و كذا يختص الحكم بما إذا كانت دية العضو أكثر من مائة دينار، فحينئذ النافذة فيه تكون مائة، لأن ظاهر الدليل تغاير دية النافذة مع العضو المنفوذ فيه، و هو إما بالأقل أو بالأكثر، و الأول يلزم زيادة الفرع على الأصل، و هو قبيح فيتعين الثاني، و أما المساواة فلا يجرى فيها حكم النافذة، للزوم تساوي الجزء مع الكل، فتتعين الحكومة.

ص: 301


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ديات الشجاج و الجراح: 3.
2- التهذيب ج: 10 صفحة: 291 ح: 15.

و هل المرأة كذلك (53)، أو فيها الحكومة (54)، لا يبعد الثاني و إن كان الأحوط التصالح بمقدار دية الرجل (55).

مسألة 13: كل عضو له ديته مقدرة ففي شلله ثلثا تلك الدية

(مسألة 13): كل عضو له ديته مقدرة ففي شلله ثلثا تلك الدية (56)، و في قطعه بعد الشلل ثلث ديته (57).

مسألة 14: في الفتق ثلث الدية

(مسألة 14): في الفتق ثلث الدية سواء كان داخليا أم خارجيا، كان موضعه في السرة أو في غيرها (58)،

______________________________

(53) لقاعدة الاشتراك الثابتة بالنص- كما تقدم في كتاب الطهارة- و الفتاوى، إلا ما خرج بالدليل.

(54) لبناء الديات غالبا على التفاوت بين الرجل و المرأة، فتكون هذه قرينة على سقوط قاعدة الاشتراك في المقام.

(55) ظهر وجه ذلك مما تقدم.

(56) إجماعا، و نصوصا كما مرت في (مسألة 83) من الفصل الثاني في مقادير الديات. و أما ما ورد في كتاب ظريف مما عرضه يونس على مولانا أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «و الشلل في اليدين كلتا هما ألف دينار، و شلل الرجلين ألف دينار» (1)، فهو مختص بمورده أي شلل اليدين أو الرجلين، لعدم العامل به في غير مورده، كما تقدم.

و لا فرق في أسباب الشلل بين الضرب و التهويل و إشراب الدواء و غيرها، كما لا فرق بين أقسامه بعد تحققه بقول أهل الخبرة.

(57) نصا، و إجماعا، كما مر في (مسألة 83) من الفصل الثاني في مقادير الديات، فلا وجه للتكرار.

(58) لصحيح معاوية بن عمار قال: «تزوج جار لي امرأة فلما أراد مواقعتها

ص: 302


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ديات الأعضاء: 2.

و لا فرق في ذلك بين الضرب و التحميل و غير هما (59).

مسألة 15: الجناية بلطم و نحوه على الوجه تكون على أقسام

(مسألة 15): الجناية بلطم و نحوه على الوجه تكون على أقسام:

الأول: إذا اسودّ الوجه بها من غير جرح و لا كسر فأرشها ستة دنانير (60).

______________________________

رفسته برجلها ففتقت بيضته فصار آدر، فكان بعد ذلك ينكح و يولد له، فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك، و عن رجل أصاب سرة رجل ففتقها؟ فقال عليه السّلام: في كل فتق ثلث الدية» (1)، و إطلاقه يشمل جميع ما تقدم.

و ما تقدم من أن في الأدرة أربعمائة دينار (2)، محمول على آخر مراتبه، لأن للادرة مراتب متفاوتة، كما عن بعض أهل الخبرة.

ثمَّ إن الفتق غير الخرم، فكل منهما موضوع مستقل كما هو واضح، و يستفاد ذلك من قوله تعالى أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ (3).

(59) لإطلاق ما تقدم. نعم في التحميل لو علم بذلك، و أقدم بنفسه على الحمل فلا دية، لاسقاطها حينئذ باختياره.

(60) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام قال:

«قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في اللطمة يسود أثرها في الوجه أن أرشها ستة دنانير، فان لم تسودّ و اخضرّت فإن أرشها ثلاثة دنانير، فإن احمرّت و لم تخضر فإن أرشها دينار و نصف» (4)

ص: 303


1- الوسائل: باب 32 من أبواب ديات الأعضاء.
2- راجع صفحة: 232.
3- الأنبياء: 30.
4- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات الشجاج و الجراح.

الثاني: إذا اخضرّ كذلك فأرشها ثلاثة دنانير (61).

الثالث: إذا احمرّ كذلك فأرشها دينار و نصف (62).

الرابع: ما إذا شك فيه أنه من أي الأقسام المتقدمة فأرشها دينار و نصف (63).

مسألة 16: لو أحدثت الجناية التورم و انتفاخ العضو المجني عليه من غير تغير فالحكومة

(مسألة 16): لو أحدثت الجناية التورم و انتفاخ العضو المجني عليه من غير تغير فالحكومة (64).

______________________________

و ما عن بعض من أن الدية في الفرض ثلاثة دنانير تمسكا بالأصل، مخدوش لما تقدم في المعتبرة، أو محمول على آخر مراتب الاخضرار.

(61) للإجماع، و لما تقدم في المعتبرة.

فالدية إما للجناية على الأعضاء، أو على المنافع، أو على الألوان الحاصلة من الضرب، كما في المقام.

(62) لما تقدم في المعتبرة، مضافا إلى الإجماع.

و المراد من الدينار المثقال الواحد الشرعي، أي: ثمان عشرة حمصة من الذهب، و بالغرام- كما عن بعض أهل الخبرة- كل مثقال شرعي يساوي 24/ 4 غراما تقريبا. و اللّه العالم.

(63) للأصل، بعد ترددها بين الأقل و الأكثر و الأحوط التصالح بالتراضي.

هذا كله إذا لم تحدث الجناية الجرح أو الكسر، و إلا فالدية المقررة لتحقق سببها، كما تقدم.

و لا فرق في الجناية بين أن تكون الضرب بالرجل أو بالكف- مفتوحة أو مضمومة- بالنعال أو بالعصي أو بالقرض، كل ذلك للإجماع، كما أنه لا خصوصية في اللطمة الواردة في المعتبرة، فلو حصلت الألوان المتقدمة جناية بغيرها يجري الحكم، لأن المناط على الأثر، و لا خصوصية للطم، نعم هو الغالب.

(64) لعدم التقدير لها شرعا، فالمتعين الحكومة كما تقدم مكررا، و كذا لو

ص: 304

فلو أحدثت التغيّر و التورم فالتقدير و الحكومة (65).

مسألة 17: الجناية بلطم و نحوه على البدن أرشها نصف ما تقدم من الأقسام على الوجه

(مسألة 17): الجناية بلطم و نحوه على البدن أرشها نصف ما تقدم من الأقسام على الوجه (66)، و لا فرق في ذلك بين الذكر و الأنثى و الصغير و الكبير (67)، و في اللطم على الرأس الحكومة (68).

مسألة 18: لا فرق في الضرب الموجب لتغيّر العضو و حصول الألوان المتقدمة بين أن يكون لغرض عقلائي

(مسألة 18): لا فرق في الضرب الموجب لتغيّر العضو و حصول الألوان المتقدمة بين أن يكون لغرض عقلائي كالتأديب و نحوه- أو

______________________________

أثّرت الجناية تحت الجلد بحكم أهل الخبرة، و لا فرق في ذلك بين الوجه و الرأس و سائر أعضاء البدن.

(65) لتحقق المقتضي لكل منهما.

(66) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة إسحاق بن عمار المتقدمة: «و في البدن نصف ذلك» (1)، ففي اسوداده ثلاثة دنانير، و في اخضراره دينارا و نصف، و في احمراره ثلاثة أرباع الدينار، و كذا ما لو شك في أنه من أي الأقسام المتقدمة. و أما إذا لم يحدث أي تغيير بالضرب فالحكومة، بلا فرق في المحل كما مر.

(67) للإطلاق، مضافا إلى الإجماع، و كذا لا فرق بين أعضاء البدن، ما كانت لها دية مقررة أو لا.

(68) لعدم التقدير لها شرعا، لخروج الرأس عنهما عرفا، و عدم تحقق التغيير باللون فيه غالبا.

و أما الأذنان ففيهما الحكومة أيضا، لخروجهما عن الوجه و البدن عرفا.

و عدم جواز سترهما في الإحرام للرجال، لأجل الدليل الخاص، لا لأنهما معدودان من الرأس مفهوما.

ص: 305


1- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات الشجاج و الجراح.

شرعي كالنهي عن المنكر- إن لم يكن مأذونا في التغيير أيضا كالحدّ الشرعي- أو لم يكن كذلك، و كذا لا فرق بين استيعاب تمام الوجه و العضو أو مقدار منهما، كما لا فرق بين زوال التغيّر و الأثر سريعا أو بقائهما إلى مدة أو مطلقا، و كذا لا فرق بين حصول الأثر فعلا أو لم يحصل و لكنه سيحصل بعد مدة بقول أهل الخبرة (69)، نعم في القسم الأخير لا بد من الانتظار حتى يحصل الأثر (70).

مسألة 19: لو تغيّر لون العين باللطم عليها

(مسألة 19): لو تغيّر لون العين باللطم عليها فهل هو داخل في مطلق الوجه حتى تكون ديتها دية ما تقدم من الأقسام في الوجه أو لا؟ فيه تفصيل (71).

______________________________

(69) كل ذلك للإطلاق، و أن الإذن الشرعي لا ينافي الحكم الوضعي، نعم لو حصل التغيير بالحبس في مكان حار أو في مكان تشرق الشمس عليه كثيرا فاحمر وجهه أو أسود، يمكن أن يقال: إن المعتبرة منصرفة عن ذلك، فلا يشمله الإطلاق، و لا بد من الحكومة حينئذ، و لكن سيأتي أن المدار على الأثر، و أن الحكم يترتب عليه، و لا بد من المصالحة و المراضاة في المقام.

(70) لحجية قول أهل الخبرة في الجملة، و ظهور الأثر متمم للحجة لئلا يظهر خلافه، و أن الحكم لا يترتب الا بعد تحقق موضوعه.

(71) فان كان التغيّر- كالاحمرار- في ظاهر العين- كما في غطائها المسمى ب (الجفن)- فهو داخل في الوجه، فيشمله إطلاق ما تقدم، و إن كان التغيّر في داخل العين، أي البياض الذي فيها فالظاهر الحكومة، لأنه من الأجزاء الداخلية عرفا لا الظاهرية، و لذا لا يجب غسله في الوضوء و الغسل.

و ما يقال من أن عدم وجوب الغسل فيهما لأجل النص، كما مر في كتاب الطهارة.

ص: 306

مسألة 20: إذا ولد المولود و توقفت حياته على ضربه

(مسألة 20): إذا ولد المولود و توقفت حياته على ضربه كما نقل عن بعض القوابل- بحيث لو لم يضرب لم يبق حيا فهل يجب الضرب؟

الظاهر هو الوجوب (72)، و لو ضرب و تغيّر لون جسده فهل تجب الدية (73)، و لو ترك الضرب و مات تجب الدية (74).

مسألة 21: من لا ولي له فالحاكم الشرعي وليه في عصر الغيبة

(مسألة 21): من لا ولي له فالحاكم الشرعي وليه في عصر الغيبة (75)،

______________________________

لا وجه له، لأن النص ورد مطابقا للقاعدة- و هي غسل ظاهر الجسد- و الأمر الارتكازي.

و هذا التفصيل لا يجري في الأذنين، لأنهما خارجتان و ظاهرتان.

(72) لأجل حفظ النفس المحترمة.

(73) مقتضى ما تقدم وجوب الدية، إلا أن يقال بانصراف الأدلة عن مثل المقام، لأن الحياة تتوقف على ذلك، و الأحوط التصالح مع الأولياء.

(74) لتحقق التسبيب من ترك الضمان.

و ما عن صاحب الجواهر من أن الأعدام لا تتصف بالضمان.

قابل للمناقشة بعد تحقق التسبيب عرفا، و أن ذلك ليس من الاعدام المحضة، و تقدم في (مسألة 10) من (فصل في تزاحم الموجبات) ما يتعلق بالمقام.

(75) بالأدلة الأربعة فمن الكتاب: كإطلاق قوله تعالى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا (1)، و المتيقن منه في المقام الحاكم الشرعي بعد الإمام عليه السّلام و بعد فقدان مراتب الإرث، و مثله غيره من الآيات.

و أما السنة: فهي كثيرة، منها صحيح أبي ولاد قال: «سألت أبا

ص: 307


1- سورة المائدة: 55.

فلو قتل خطأ أو شبه العمد أو عمدا فله استيفاؤه (76)، و هل له العفو، فيه تفصيل (77).

مسألة 22: لو لم يتمكن من الحاكم الشرعي و لا الاستيذان منه فالثقات من المؤمنين لهم الولاية حينئذ

(مسألة 22): لو لم يتمكن من الحاكم الشرعي و لا الاستيذان منه فالثقات من المؤمنين لهم الولاية حينئذ (78).

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام عن رجل مسلم قتل رجلا مسلما فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلا أولياء من أهل الذمة من قرابته؟ فقال عليه السّلام: على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه- إلى أن قال- فإن لم يسلم أحد كان الإمام ولي أمره، فإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين لأن جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين، قلت: فإن عفا عنه الإمام؟ فقال: إنما هو حق جميع المسلمين، و إنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية، و ليس له أن يعفو» (1)، و غيره من النصوص.

و أما الإجماع: فهو من المسلّمات بين المسلمين.

و أما العقل: فيدور الأمر بين ذهاب الجناية هدرا، أو انتقال الولاية إلى غير الأهل، أو انتقالها إلى الأهل و هو الحاكم الشرعي، و الأولان باطلان فيتعين الأخير. و ما تقدم أعم من ولاية الفقيه، لأن ما ذكرنا يجري أيضا و لو عند من لم يقل بولاية الفقيه.

(76) لما تقدم أنه ولي من لا ولي له، فله استيفاء الحق بأنواعه.

(77) إذا كان العفو مصلحة لنوع المسلمين فله ذلك، لمكان ولايته على مصالح المسلمين، و إن لم يكن كذلك فلا حق له في ذلك، و عليه يحمل ذيل الصحيح المتقدم.

(78) لانتقال ولاية الحسبة إليهم حينئذ قهرا.

ص: 308


1- الوسائل: باب 60 من أبواب القصاص في النفس: 1.

الفصل الثامن في دية الإجهاض

اشارة

الفصل الثامن في دية الإجهاض الإجهاض حرام (1)، و يترتب عليه الدية بالتفصيل الآتي:

مسألة 1: لو استقرت النطفة في الرحم ففي إسقاطها عشرون دينارا

(مسألة 1): لو استقرت النطفة في الرحم ففي إسقاطها عشرون دينارا و إن كان الحمل علقة فأربعون دينارا، و في المضغة ستون دينارا و إن لم يكتس اللحم و هو عظم- ففيه ثمانون دينارا و إذا اكتسى اللحم و تمت خلقته ففيه مائة دينار- و لا فرق في جميع ذلك بين الذكر و الأنثى- و إن ولجته الروح، فألف دينار إن كان ذكرا و خمسمائة دينار إن كان أنثى لو كان الجنين بحكم الحر المسلم (2).

______________________________

(1) لأنه إسقاط و إبطال لمادة الحياة الإنساني، و هو قبيح في نظامي التكوين و التشريع- كما تقدم في كتاب النكاح- إلا إذا كانت في البين مصلحة أقوى، و تعيين تلك المصلحة ينحصر بنظر الحاكم الشرعي المطّلع على جميع الخصوصيات، و لعل بعضها من تقديم الأهم القطعي على المهم، فحينئذ ترتفع الحرمة، و تبقى الدية على حالها.

(2) إجماعا، و نصوصا، ففي كتاب ظريف عن علي عليه السّلام أنه: «جعل دية الجنين مائة دينار و جعل مني الرجل إلى أن يكون جنينا خمسة أجزاء فإذا كان جنينا قبل أن تلجه الروح مائة دينار و ذلك أن اللّه عزّ و جلّ خلق الإنسان من سلالة و هي النطفة فهذا جزء ثمَّ علقة فهو جز آن، ثمَّ مضغة فهو ثلاثة أجزاء، ثمَّ

ص: 309

.....

______________________________

عظما فهو أربعة أجزاء، ثمَّ يكسا لحما. فحينئذ تمَّ جنينا فكملت له خمسة أجزاء مائة دينار، و المائة دينار خمسة أجزاء، فجعل للنطفة خمس المائة عشرين دينارا، و للعلقة خمسي المائة أربعين دينارا، و للمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين دينارا، و للعظم أربعة أخماس المأة ثمانين دينارا، فإذا كسي اللحم كانت له مائة كاملة، فإذا نشأ فيه خلق آخر و هو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكرا، و إن كان أنثى فخمسمائة دينار- الحديث-» (1)، و في معتبرة سليمان بن صالح عن الصادق عليه السّلام: «في النطفة عشرون دينارا، و في العلقة أربعون دينارا، و في المضغة ستون دينارا، و في العظم ثمانون دينارا، فإذا كسي اللحم فمائة دينار، ثمَّ هي ديته حتى يستهل، فإذا استهلّ فالدية كاملة» (2)، و غيرهما من الروايات، فيستفاد من جميعها قاعدة كلية في الجنين: «ان الدية فيه العشر أي عشر دية الذكر الحي، و عشر القيمة في المملوك».

و أما معتبرة محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل يضرب المرأة فتطرح النطفة؟ فقال: عليه عشرون دينارا، فقلت: يضربها فتطرح العلقة، فقال: عليه أربعون دينارا، فقلت: فيضربها فتطرح المضغة، فقال: عليه ستون دينارا، فقلت: فيضربها فتطرحه و قد صار له عظم، فقال: عليه الدية كاملة» (3)، فهي محمولة على و لوج الروح بقرينة ما تقدم، و كذا صحيح أبي عبيدة عن الصادق عليه السّلام: «في امرأة شربت دواء و هي حامل لتطرح ولدها فألقت ولدها؟

قال: إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم و شقّ له السمع و البصر فإن عليها دية تسلمها إلى أبيه» (4).

و ما عن بعض من التفصيل بين الذكر و الأنثى قبل و لوج الروح، بدعوى أن دية المرأة نصف دية الرجل الذكر بعد تمامية الخلقة مائة دينار فتكون دية

ص: 310


1- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات الأعضاء: 1 و 3.
2- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات الأعضاء: 1 و 3.
3- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات الأعضاء: 4.
4- الوسائل: باب 20 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

مسألة 2: التحديد في المراتب المذكورة هو أن الحمل أربعين يوما نطفة و أربعين يوما علقة و أربعين يوما مضغة

(مسألة 2): التحديد في المراتب المذكورة هو أن الحمل أربعين يوما نطفة و أربعين يوما علقة و أربعين يوما مضغة فإذا تمَّ أربعة أشهر كملت خلقته و إذا تمَّ خمسة أشهر ولجته الروح (3)، و الأحوط أن بين المراتب المتقدمة بحسابها (4).

______________________________

المرأة خمسين دينارا، كما تقدم.

قابل للمناقشة من أن التفصيل بعد و لوج الروح، و أما قبله فهما مشتركان في الدية، لما مرّ.

(3) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام في حديث قال: «فتصل النطفة إلى الرحم فتردد فيه أربعين يوما، ثمَّ تصير علقة أربعين يوما، ثمَّ تصير مضغة أربعين يوما» (1)، و قريب منه روايات أخرى.

و أما صحيح احمد بن محمد بن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «سألته أن يدعو اللّه عزّ و جلّ لامرأة من أهلنا بها حمل، فقال أبو جعفر عليه السّلام: الدعاء ما لم يمض أربعة أشهر، فقلت له: إنما لها أقل من هذا، فدعا لها، ثمَّ قال: إن النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوما، و تكون علقة ثلاثين يوما، و تكون مضغة ثلاثين يوما، و تكون مخلقة و غير مخلقة ثلاثين يوما، فإذا تمت الأربعة أشهر بعث اللّه إليها ملكين خلاقين» (2)، فهو محمول على استعداد الخلقية، و أن الثلاثين يوما بدو تحقق النوعية، و الأربعون بيان لتمامية النوع و الدخول في النوع الثاني.

(4) لأن ذكر كل مرتبة- كالعلقة و المضغة- بالخصوص في الروايات و في لسان المشهور من باب ذكر أهم مبادي النشوء فيكون ما بين المراتب بحسابها. و يستفاد ذلك من معتبرة سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت فان خرج في النطفة قطرة دم، قال في القطرة عشر النطفة ففيها اثنان و عشرون

ص: 311


1- الوافي ج: 12 باب: 204 من أبواب النكاح الحديث: 20 صفحة: 194.
2- الوسائل: باب 64 من أبواب الدعاء: 4.

.....

______________________________

دينارا، قلت قطرتان، قال: أربعة و عشرون دينارا، قلت فثلاث، قال: ستة و عشرون دينارا، قلت فخمس، قال: ثلاثون دينارا و ما زاد على النصف فعلى هذا الحساب حتى تصير علقة فيكون فيها أربعون دينارا، قلت: فان خرجت النطفة مخضخضة بالدم، قال: قد علقت ان كان دما صافيا فأربعون دينارا و ان كان دما اسود فذلك من الجوف فلا شي ء عليه إلا التعزير لأنه ما كان من دم صاف فذلك الولد، و ما كان من دم اسود فهو من الجوف، فقال أبو شبل فإن العلقة إذا صارت فيها شبيه العروق و اللحم قال: اثنان و أربعون دينارا العشر، قلت: فان عشر الأربعين أربعة قال: لا انما عشر المضغة إنما ذهب عشرها فكلما ازدادت زيد حتى تبلغ الستين، قلت: فإن رأت في المضغة مثل عقدة عظم يابس قال: ان ذلك عظم أو له ما يبتدئ به ففيه أربعة دنانير فان زاد فزاد أربعة دنانير حتى تبلغ مائة، قلت: فإن كسي العظم لحما قال كذلك الى مائة قلت: فان وكزها فسقط الصبي لا يدري أحيا كان أو ميتا قال: هيهات يا أبا شبل إذا بلغ أربعة أشهر فقد صارت فيه الحياة و قد استوجب الدية» (1)، و لا بد من حمل ذيلها على إكمال أربعة أشهر، لأن الحياة تخلق في الجنين بعد نشوء العظم و اكساء اللحم، فيكون ببلوغ خمسة أشهر، كما مر. و هذه المعتبرة و إن تضمنت الحساب باعتبار الثبوت.

و أما بحسب الإثبات، أي الشهور و الأيام فإن الغالب كما هو المعروف أن في الشهر الأول تستقر النطفة في الرحم، و تبدأ بالتحول إلى أن تكمل و تصير علقة في الشهر الثاني، فحينئذ ما دامت النطفة و لم تصر علقة فديتها عشرون دينارا، و بعد ما صارت علقة فديتها أربعون دينارا، و ما بينهما تقسم حسب نشوء النطفة التي يتحقق كل أربعة أيام تقريبا، كما يستفاد من المعتبرة المتقدمة، ففي الأربعة الأولى بعد العشرين (الأربعين) تزيد الدية دينارين، و الأربعة الثانية بعد العشرين أربعة دنانير، و في الأربعة الثالثة ستة، و في الأربعة ثمانية، و في

ص: 312


1- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات الأعضاء: 6.

مسألة 3: لو ألقت المرأة حملها فعليها دية ما ألقته و لا نصيب لها من هذه الدية

(مسألة 3): لو ألقت المرأة حملها فعليها دية ما ألقته و لا نصيب لها من هذه الدية (5)،

______________________________

الأربعة الخامسة عشرة و هي نصف الدية في النطفة، و ما زاد على الأربعة الخامسة تبقى على العشرة، أي نصف الدية حتى تبلغ العلقة (ثمانين يوما)، فتصير الدية أربعين دينارا و العلقة حالها حال النطفة، كما يستفاد من قوله عليه السّلام:

«كل ما ازدادت تزيد»، و كذا المضغة فتزيد أربعة دنانير حتى تبلغ المائة و تتم الخلقة، و هذا بحسب الغالب، و قد تختلف باختلاف الأمزجة، فالأحوط التصالح بين المراتب المتقدمة.

و لو شكت في تحقق قطرة الدم في النطفة، أو في الأكثر من القطرة الواحدة، فتؤخذ بالحالة السابقة. و بما ذكرنا يمكن الجمع بين الروايات.

ثمَّ إن الظاهر أن مراتب دية المني إنما تكون للمني المحترم، لا ما كان من الزنا، و لكنه مشكل إن كان الزنا من المسلم، خصوصا بعد و لوج الروح، بل الظاهر عدم جواز الإسقاط حينئذ، كما يأتي.

(5) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة أبي عبيدة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن امرأة شربت دواء و هي حامل، و لم يعلم بذلك زوجها، فألقت ولدها؟ قال: فقال:

إن كان له عظم و قد نبت عليه اللحم، عليها دية تسلمها إلى أبيه، و إن كان حين طرحته علقة أو مضغة، فإن عليها أربعين دينارا أو غرة تؤدّيها إلى أبيه، قلت له:

فهي لا ترث ولدها من ديته مع أبيه؟ قال: لا، لأنها قتلته، فلا ترثه» (1).

و يستفاد من هذه المعتبرة أمور:

الأول: صحة إطلاق القتل على دفع مقتضى الحياة، كما يطلق على قطع الحياة الثابتة.

الثاني: يستفاد من التعليل الوارد فيها أنه لو كان الأب موجبا لإلقاء الحمل

ص: 313


1- الوسائل: باب 8 من أبواب موانع الإرث: 1.

و يرث دية الجنين من يرث المال (6).

مسألة 4: لو سقط الجنين بالجناية و لم يحصل نقص لا في الجنين و لا في الأم

(مسألة 4): لو سقط الجنين بالجناية و لم يحصل نقص لا في الجنين و لا في الأم فالحكومة حينئذ (7).

مسألة 5: لو كان الجنين ذميا فديته عشر دية أبيه

(مسألة 5): لو كان الجنين ذميا فديته عشر دية أبيه ثمانون درهما عند تمام خلقته (8)،

______________________________

فلا يرث من الدية، لأنه قتله، و لو كان كل واحد منهما شريكين في الإلقاء مباشرة أو تسبيبا فلا يرثان منها أيضا، فترثها حينئذ المرتبة اللاحقة.

الثالث: يستفاد منها أنه لو كان أحد الأبوين وارثا للدية فيصح له إسقاطها عن الجاني، و كذا لو كان من الطبقة اللاحقة و كان بالغا، عاقلا، و أما لو كان الوارث قاصرا فيجب على وليه أخذها له من الجاني، و حفظها له.

ثمَّ انه لا فرق في الحكم بين طرح المرأة ما في بطنها كما هو الغالب، أو تشرب دواء تعوّق النطفة عن النمو في داخل الرحم و تفسدها و إن لم تطرحها، لوجود المناط في ذلك. نعم في تأخير النمو إن لم يستلزم ضرر لا يبعد الحكومة. و اللّه العالم.

(6) الأقرب فالأقرب، للإطلاقات، و العمومات المذكورة في كتاب الإرث.

(7) كما إذا كانت المرأة تضع بعد شهرين مثلا بحسب عادتها فوضعت قبلهما لأجل الجناية، و لم يحصل لهما ضرر، فمقتضى الأصل أنه لا شي ء على الجاني، إلا بما يراه الحاكم الشرعي، و هو الحكومة في أمثال المقام.

(8) إجماعا، و لأن المستفاد من النصوص مساواة دية الذمي لدية المسلم في تعلق مثل هذه الأحكام بها على حسب النسبة، فدية الجنين المسلم قبل و لوج الروح عشرها، و كذلك دية الذمي عشر دية أبيه، فإن ديته ثمانمائة درهم فعشرها ثمانون درهما.

ص: 314

و لو كان الجنين متكونا من الزنا فعشر دية ولد الزنا إن كان محكوما بالإسلام (9).

مسألة 6: لو قتلت المرأة فمات ما في جوفها فدية المرأة كاملة

(مسألة 6): لو قتلت المرأة فمات ما في جوفها فدية المرأة كاملة و دية أخرى لموت ولدها حسب ما تقدم من المراتب (10)، فإن علم أنه ذكر فديته، أو الأنثى فديتها، و لو اشتبه فنصف الديتين (11).

______________________________

و أما معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن علي عليهم السّلام: «أنه قضى في جنين اليهودية و النصرانية و المجوسية، عشر دية أمه» (1)، و مثلها رواية مسمع (2)، فهما محمولتان على بعض المحامل، مثل ما رأى الإمام من المصلحة الوقتية، و إلا أوهنهما إعراض المشهور عنهما.

(9) للإطلاقات، و العمومات، و تقدم أن دية ولد الزنا إن كان محكوما بالإسلام دية المسلم، فراجع (مسألة 29) من الفصل الأول.

نعم لو قلنا إن ديته دية الذمي فتكون الدية حينئذ ثمانين درهما، و لكن تقدمت المناقشة في ذلك.

و أما لو لم يكن محكوما بالإسلام، كما إذا تحقق الزنا بين الطرفين غير المسلمين، فحينئذ تكون الدية تابعة للأبوين، فقد تكون الدية دية الذمي، و قد لا تكون له دية أصلا كما في الحربي.

ثمَّ إن ديته في المراتب المتقدمة على النسبة، كما مرّ مفصلا.

(10) لتحقق المقتضي لكل منهما، مضافا إلى ما تقدم من العمومات، و الإطلاقات، من غير مخصص، و مقيد.

(11) إجماعا، و نصا، ففي صحيح ابن مسكان عن الصادق عليه السّلام: «و إن قتلت المرأة و هي حبلى فلم يدر أ ذكرا كان ولدها أم أنثى، فدية الولد نصف دية

ص: 315


1- الوسائل: باب 18 من أبواب ديات النفس: 3 و 1.
2- الوسائل: باب 18 من أبواب ديات النفس: 3 و 1.

مسألة 7: لا كفارة على الجاني في إسقاط الجنين إلا بعد العلم بولوج الروح فيه

(مسألة 7): لا كفارة على الجاني في إسقاط الجنين إلا بعد العلم بولوج الروح فيه (12)، بطريق معتبر شرعا (13)، و لا اعتبار بالحركة إلا إذا كانت كاشفة عن الحياة فتجب حينئذ (14).

مسألة 8: لو تعدد الولد تعددت الدية

(مسألة 8): لو تعدد الولد تعددت الدية فلو كان ذكرا و أنثى فدية ذكر و أنثى و هكذا (15)، و في المراتب السابقة كل مورد أحرز التعدد فتكون دية المرتبة متعددة (16).

مسألة 9: تحرم المباشرة في إسقاط الجنين

(مسألة 9): تحرم المباشرة في إسقاط الجنين (17)،

______________________________

الذكر و نصف دية الأنثى، و ديتها كاملة» (1)، مضافا إلى انحصار قسمة العدل في ذلك حينئذ.

و أما القرعة، فلا مجرى لها في المقام، بعد ما تقدم من النص، و الإجماع.

(12) أما الأول: فللأصل، و الإجماع.

و اما الثاني: فلشمول إطلاقات أدلة وجوب الكفارة في قتل الإنسان له، إلا ما خرج بالدليل، مضافا إلى الإجماع، و تقدم في معتبرة أبي عبيدة إطلاق القتل على ذلك.

(13) كالبينة، و الصياح، و كذا تثبت الحياة بقول امه مع اليمين، إن لم تكن متهمة.

(14) فيدور وجوب الكفارة مدار الدية الكاملة بالقتل و هي تتحقق بالحياة، كما أن العدة في الطلاق تدور مدار الإسقاط، كما تقدم في كتاب الطلاق.

(15) لتعدد السبب فيقتضي تعدد الدية، و أن التداخل خلاف الأصل، مضافا إلى الإجماع.

(16) لما تقدم في سابقة من غير فرق.

(17) لأنها علة للحرام فتحرم حينئذ، بل نفس ذلك من العناوين

ص: 316


1- الوسائل: باب 21 من أبواب ديات النفس.

و كذا يحرم التسبيب (18)، و الضمان بالدية- على ما تقدم من التفصيل- يدور مدار قوة السبب على المباشر أو العكس (19)، و لو أفزعها مفزع فأسقطت جنينها فالدية على المفزع (20).

مسألة 10: لو دار الأمر بين موت الأم و إسقاط جنينها

(مسألة 10): لو دار الأمر بين موت الأم و إسقاط جنينها الذي لم تلجه الروح بعد يتعين الإسقاط (21)، و هل تجب الدية حينئذ أو لا؟ لا يبعد الثاني (22).

مسألة 11: إذا دار الأمر بين أن يرد على الأم عيب أو مرض من بقاء الجنين في رحمها و بين إسقاط الجنين لدفع العيب و المرض

(مسألة 11): إذا دار الأمر بين أن يرد على الأم عيب أو مرض من بقاء الجنين في رحمها و بين إسقاط الجنين لدفع العيب و المرض فهل يجوز الإسقاط حينئذ أو لا؟ الظاهر عدم الجواز (23).

______________________________

المحرمة كما تقدم.

(18) لأن التسبيب إلى الحرام حرام كما مر، مضافا إلى ما تقدم من موثق إسحاق بن عمار (1).

(19) لأن المدار على حصول الفعل و الجناية بأي منهما انتسب عرفا، فلو راجعت المرأة الطبيب و قالت: الق ما في رحمي بوصف دواء أو شراب، فيحرم على الطبيب مباشرة ذلك، و الضمان يدور مدار قوة السبب على المباشر أو بالعكس، كما مرّ.

(20) لأنه سبب للإسقاط.

(21) لأهمية حفظ حياة الأم حينئذ.

(22) لأن الدية تجب لمن كان في معرض البقاء، و هذا الجنين في معرض السقوط و الموت على أي حال، فلا وجه لوجوب الدية في مثل هذا الجنين.

(23) لما مرّ من الإطلاقات، و في موثق إسحاق بن عمار قال: «قلت لأبي

ص: 317


1- الوسائل: باب 7 من أبواب القصاص في النفس.

مسألة 12: تلحظ دية أعضاء الجنين بالنسبة إلى ديته

(مسألة 12): تلحظ دية أعضاء الجنين بالنسبة إلى ديته (24)، و في الجراحات و الشجاج على النسبة (25)، هذا فيما إذا لم تلجه الروح و إلا فكغيره من الأحياء (26).

مسألة 13: في نقل الجنين من رحم إلى رحم أخرى مع رضاء الزوجين و المنقول إليها

(مسألة 13): في نقل الجنين من رحم إلى رحم أخرى مع رضاء الزوجين و المنقول إليها إن لم يستلزم النقص لا شي ء فيه (27)،

______________________________

الحسن عليه السّلام: المرأة تخاف الحبل فتشرب الدواء فتلقي ما في بطنها؟ قال: لا، فقلت: إنما هو نطفة، فقال: إن أول ما يخلق نطفة» (1)، و تقدم في (مسألة 11) من احكام دفع الحمل و رفعه من فصل أحكام الولادة في كتاب النكاح أقسام ما يتصور في الإجهاض، فراجع.

(24) نصا، و إجماعا، ففي كتاب ظريف عن علي عليه السّلام: «قضى في دية جراح الجنين من حساب المائة على ما يكون من جراح الذكر و الأنثى و الرجل و المرأة كاملة» (2)، و هذا لا يتحقق إلا بعد أن يتم خلقه و لم تلجه الروح، ففي يده مثلا خمسون دينارا، و في يديه مائة، و في الجراحات و الشجاج على النسبة، من غير فرق بين الذكر و الأنثى، و أما إذا ولجته الروح فكغيره من الأحياء كما يأتي.

(25) لما تقدم من العموم، و الإطلاق، مضافا إلى الإجماع في المقام، ففي حارصته مثلا دينار، أي عشر العشر، و أما إذا كان قبل تمام الخلقة فجنى عليه الجاني فالحكومة، لعدم التقدير لها.

(26) للعمومات، و الإطلاقات الشاملة له كما تقدم.

(27) للأصل، ما لم يدلّ دليل على الخلاف، و عدم محذور شرعي في البين، كما هو المفروض، و تقدم في الإجهاض من كتاب النكاح ما يرتبط بالمقام.

ص: 318


1- الوسائل: باب 7 من أبواب القصاص في النفس.
2- الوسائل: باب 7 من أبواب القصاص في النفس.

و إلا ففيه الحكومة إن لم يكن فيه الدية المقررة شرعا (28).

مسألة 14: لو أفزع مجامعا مفزع فعزل فعلى المفزع عشرة دنانير لضياع النطفة

(مسألة 14): لو أفزع مجامعا مفزع فعزل فعلى المفزع عشرة دنانير لضياع النطفة (29).

______________________________

(28) لما مرّ مكررا من أنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا.

ثمَّ انه هل يصح للزوجين إسقاط هذه الدية- أو الحكومة- فيه إشكال، لاحتمال كون المورد من الحكم و عدم تسلطهما على ذلك، و ليس من الحق المحض، فلا يجوز الاسقاط قبل الأخذ.

نعم لو أخذا الدية ثمَّ ردها إلى الجاني، لا إشكال في جوازه حينئذ، لصيرورتها مالا لكل منهما حسب التقسيم، فيشمله عموم قاعدة السلطنة.

(29) إجماعا، و نصا، ففي كتاب ظريف المعتبرة عن علي عليه السّلام: «و افتى في مني الرجل يفرغ من عرسه فيعزل عنها الماء و لم يرد ذلك، نصف خمس المائة عشرة دنانير» (1).

ثمَّ إن الدية للزوج، لأنها عوض مائه و هو له.

و ما يقال: من أن للمرأة حقا لها أيضا، لأن لها حقا في الالتذاذات الجنسية في الجملة.

غير صحيح: لأنه لا يوجب أن تكون الدية لها. نعم ينبغي مراضاتها.

و قد نسب إلى جمع وجوب الدية على الزوج للزوجة لو عزل عن امرأته الحرة و هي عشرة دنانير، تمسكا بما تقدم من كتاب ظريف عن علي عليه السّلام، بدعوى أن دية النطفة للزوجة- إلا أن تفسدها هي- و لا فرق في ثبوتها بين أن يكون سبب ضياعها و فسادها زوجها أو غير الزوج، و بالإجماع المدعى عن جمع.

ص: 319


1- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات الأعضاء: 1.

مسألة 15: إذا خفي على القوابل و أهل الخبرة من المتخصصين كون ما سقط مبدأ نشوء إنسان

(مسألة 15): إذا خفي على القوابل و أهل الخبرة من المتخصصين كون ما سقط مبدأ نشوء إنسان فإن حصل بسقوطه نقص ففيه الحكومة (30)، و لو وردت على امه جناية فديتها (31)، و إن لم تستلزم نقصا فلا شي ء عليه (32).

مسألة 16: دية الجنين إن كان عمدا أو شبهه فمن مال الجاني

(مسألة 16): دية الجنين إن كان عمدا أو شبهه فمن مال الجاني (33)،

______________________________

و فيها أن مورد المعتبرة فيما إذا كان السبب غير الزوج من أفزاع رجل آخر أو تهويله أو غير هما لا من صاحب النطفة، و يستفاد ذلك من مجموع الرواية، و المفروض في مقام العزل فهما موضوعان لا يقاس أحدهما بالآخر، مضافا إلى روايات دالة على الجواز تقدمت في كتاب النكاح (1)، و أما دعوى الإجماع فعهدة إثباتها على مدعيها.

و لا فرق في المفزع بين أن يكون أجنبيا أو الزوجة، لما مرّ من الإطلاق.

و أما العزل عن الأمة المملوكة الموطئة، فلا إشكال في جوازه، و عدم الدية، للأصل، مضافا إلى الإجماع، كما تقدم في كتاب النكاح.

(30) لأنها المرجع في كل ما لا تقدير له شرعا من الجناية كما في المقام، بعد تحقق الشبهة، و عدم تبين الموضوع المقرر له ديته.

(31) لتحقق المقتضي للدية المقررة، كالشلل في العضو، أو نقص في جسد الأم، كما تقدم.

(32) للأصل، بعد عدم إحراز كون الساقط مبدأ نشوء إنسان، و عدم تحقق ضرر- و لو مثل الألم- و نقص في البين. نعم يجب القصاص لأجل الضرب إن لم يكن بحق.

(33) لإطلاقات أدلة الضمان، مضافا إلى الإجماع كما تقدم.

ص: 320


1- راجع ج: 24 صفحة: 65 ط: النجف الأشرف.

و إن كان خطأ فعلى العاقلة و تستأدى في ثلاث سنين سواء ولجت فيه الروح (34)، أم لم تلج (35)، و يحلق بالخطإ المحض من ألغى الشارع قصده (36).

مسألة 17: لو ضرب حاملا خطأ فألقت الجنين و ادّعى ولي الدم أنه كان حيا

(مسألة 17): لو ضرب حاملا خطأ فألقت الجنين و ادّعى ولي الدم أنه كان حيا فإن اعترف الجاني بذلك ضمن العاقلة دية الجنين غير الحي و ضمن المعترف ما زاد (37)،

______________________________

(34) لما يأتي في محله من العمومات، و الإطلاقات الدالة على ذلك، مضافا إلى الإجماع.

(35) لأن الجناية على الجنين بحكم القتل، و قد أطلق على إسقاط الجنين قبل و لوج الروح القتل، كما مر في بعض الروايات، (1)، و أنه مبدأ النشوء، مضافا إلى الإجماع، فالجناية على الجنين خطأ- قبل و لوج الروح- على العاقلة. نعم لو لا الإجماع، لأمكن المناقشة في ذلك، فحينئذ لا بد من التراضي بين العاقلة و بين و لي الدم، و قد تقدم في (مسألة 18) من الفصل الثاني ما يتعلق باستيفائها في ثلاث سنين، فراجع هناك و لا وجه للإعادة و التكرار.

(36) كفعل الصبي، و المجنون، للإجماع، و النصوص كما مرت في (مسألة 3 من الفصل الأول).

(37) على المشهور، لأن ضمان العاقلة بالنسبة إلى أصل هذا الجنين ثابت في الجملة بلا إشكال، و النزاع في و لوج الروح فقط، و قد اعترف الجاني بولوج الروح- و أن أصل الجناية كانت على خطأ- فيدخل في قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (2)، أي نافذ فيضمن الجاني الزائد و هو تسعة أعشار الدية،

ص: 321


1- تقدم في صفحة: 313.
2- الوسائل: باب 3 من أبواب الإقرار ج: 16.

و إن أنكر ذلك كان القول قوله مع اليمين (38)، و لو أقام كل منهما بينة قدم أرجح البينتين و هو منوط بنظر الحاكم الشرعي و الخصوصيات الخارجية (39)، و إن لم يكن رجحان في البين أصلا فيحكم بالقرعة (40).

مسألة 18: لو اعترف الجاني بأن الجنين انفصل حيا بالجناية و ادعى موته بسبب آخر و أنكر ولي الدم السبب و أنه انفصل عنه ميتا

(مسألة 18): لو اعترف الجاني بأن الجنين انفصل حيا بالجناية و ادعى موته بسبب آخر و أنكر ولي الدم السبب و أنه انفصل عنه ميتا يعمل بالقرائن الموجبة للاطمئنان (41)،

______________________________

و أما العشر الباقي فيحمل على العاقلة، لما يأتي في محله من أن مورد ضمان العاقلة ما إذا ثبتت الجناية بالبينة دون الإقرار، و الأصل عدم و لوج الروح.

(38) أما تقديم قوله فللأصل، ما لم يثبت الولي دعواه بالبينة، فحينئذ يكون الضمان تماما على العاقلة، لفرض الخطأ المحض. و أما اليمين، فلما مر مكررا من أنها لفصل الخصومة و قطع النزاع.

(39) أما التقديم فلما أثبتناه في علم الأصول من أن الراجح مقدم على غيره، كتقديم بينة الداخل على الخارج مع التشخيص.

و أما توكيل الأمر إلى الحاكم الشرعي، فلأن جهات الأرجحية تختلف باختلاف الخصوصيات و الجزئيات، فلا بد من التفحص، و هو من شأنه و يختص به.

(40) لفرض أن الإشكال و موضوع القرعة ذلك، كما مر في كتاب القضاء.

(41) مثل ما لو كان الزمان قصيرا لا يسع لجناية أخرى، فحينئذ يقدم قول ولي الدم، و لو كانت هناك قرائن معتبرة توجب تقديم قول الجاني، كما في جريان بعض الأصول الموضوعية كجريان أصالة الصحة، فحينئذ يقدم قول الجاني، فلا بد من مراجعة الحاكم الشرعي و مراعاة نظره في هذه المسائل و الدعاوي، لأن الحاكم الشرعي الذي يرى القضية لا يرى غيره.

و مع عدم القرائن، و عدم جريان الأصول الموضوعية، يكون الموضوع

ص: 322

و تلزمه الدية (42)، و إلا فيقدم قول الجاني مع اليمين (43).

مسألة 19: لو كان الجنين من مسلم و ذمي للوطء بالشبهة في طهر واحد

(مسألة 19): لو كان الجنين من مسلم و ذمي للوطء بالشبهة في طهر واحد بحيث يمكن تولّد الولد من كل واحد منهما فسقط بالجناية يمكن تغليب جانب الإسلام عليه فيجري عليه حكم المسلم و ديته دية المسلم (44).

مسألة 20: لو ضربها فألقت الجنين بعد ولوج الروح فيه فمات عند سقوطه فالضارب قاتل

(مسألة 20): لو ضربها فألقت الجنين بعد ولوج الروح فيه فمات عند سقوطه فالضارب قاتل و يقاد منه ان كان عمدا (45)، و الأحوط التصالح بالدية (46)،

______________________________

من المدعي و المنكر، كما تقدم في كتاب القضاء.

(42) إن حصل الاطمئنان بصدق ادعاء ولي الدم فتكون الدية على الجاني، لتحقق سببها، و إلا فعلى الجاني دية الجناية في الجنين المنفصل حيا، لاعترافه بذلك.

(43) أما تقديم قول الجاني فلما مرّ، و أما اليمين فلقطع النزاع، لما مر مكررا.

(44) لما ثبت من الأدلة من تغليب جانب الإسلام في أمثال هذه الموارد، كما في اللقطة المشتبهة بين المسلم و غيره أو الميت كذلك، فيلزم الجاني بدية المسلم، و تجب الكفارة، و إن كان لنظر الحاكم الشرعي فيه مجال.

(45) لتحقق المقتضي له للقصاص- و هو إزهاق الروح المحترمة- إلا إذا كان مانع في البين كالأبوة.

(46) لما تقدم في (مسألة 30) من الفصل في شرائط القصاص (1)، فراجع هناك فلا وجه للتكرار، و كذا لو كان القتل بالضرب شبه العمد فالدية من ماله،

ص: 323


1- راجع ج: 28 صفحة: 236.

و إلا يضمن الدية في ماله ان كان شبيه العمد و تضمنها العاقلة لو كانت خطأ (47).

مسألة 21: لو جنى عليها شخص فألقت جنينها حيا فقتله آخر

(مسألة 21): لو جنى عليها شخص فألقت جنينها حيا فقتله آخر فإن كانت الحياة مستقرة فالثاني قاتل (48)، و لا ضمان على الأول (49)، و إن كان آثما و يعزّر (50)، و إن لم تكن حياته مستقرة بسبب جناية الأول فالأول قاتل (51)، و لو شك في استقرار الحياة فلا قود في البين (52)، و أما الدية فهي على الثاني (53).

______________________________

و أما لو كان خطأ فعلى العاقلة.

(47) ظهر وجه ذلك مما مر، و لا فرق في ذلك بين أن يكون الضارب هو الزوج، أو هي بنفسها، أو غير هما.

(48) لأن القتل وقع عن من استقرت حياته، و هو إما عمد أو شبهه أو خطأ، و يترتب على كل منها حكمه.

(49) لعدم إتلافه شيئا، نعم لو حصلت جناية على الأم أو الجنين و لم يكن لها مقدر شرعي، فالحكومة.

(50) لأنه آثم بالإلقاء، فللحاكم الشرعي الولاية على تعزيره.

(51) لتحقق الموضوع بالنسبة إليه، و الثاني يعزّر لما مر، بل لو قطع الثاني رأسه في الفرض المذكور كان عليه دية الجناية على الميت.

(52) لدرئه بالشبهة بالنسبة إلى كل واحد منهما، و عدم إحراز القاتل.

إن قيل: كما أن الحد يدرأ بالشبهة، فكذا الضمان أيضا يرفع بها.

يقال: مورد الدليل ان الحدود تدرأ بالشبهة، فلا يمكن التعدي إلى الضمان، و هو المناسب لتخفيف حق اللّه تعالى بالنسبة إلى حقوق الناس.

(53) لأصالة بقاء الحياة، فيترتب عليه وجوب الدية.

ص: 324

مسألة 22: لو جنى على المرأة الذمية و هي حبلى فأسلمت ثمَّ أسقطت حملها

(مسألة 22): لو جنى على المرأة الذمية و هي حبلى فأسلمت ثمَّ أسقطت حملها يضمن الجاني دية الجنين المسلم (54)،

______________________________

و دعوى: أن هذا من الأصول المثبتة فلا يثبت بها وجوب الدية على الثاني.

غير صحيحة: لأن المثبت ما إذا كانت واسطة بين المستصحب و بين ترتب الحكم، سواء كانت الواسطة واحدة أم متعددة، ظاهرة كانت أو غيرها، و في المقام لا واسطة، لأن استصحاب بقاء الحياة و استقرارها إلى حين الجناية الثانية معلوم بلا شك فيه، و أن الجناية وقعت على الحي المحرز بالاستصحاب وجدانا، و الجناية الأولى سبب للشك، و أن كل جناية وقعت على حي توجب الدية كما هو المقرر في الشرع، فتكون الدية أثر شرعي ظاهر لهذا الأصل.

يمكن جعل ذلك من الموضوعات المركبة بعض أجزائها بحكم الشرع، و بعضها الآخر بالأصل، فإن القتل معلوم فعلا و وجدانا، و في كل قتل الدية شرعا. و بالأصل تثبت الحياة فتجب الدية على القاتل و هو الثاني.

و أما القرعة، أي بها تعين الدية على الأول أو الثاني، فلا بد فيها من تحقق الإجماع على العمل بها في موردها، و لم يتحقق الإجماع. مع أن الشبهة غير ثابتة لما تقدم.

و أما التقسيط بدعوى أنه من العدل و الانصاف فتقسط الدية عليهما، أنه قابل للمناقشة بأن قاعدة العدل و الإنصاف مسلّمة، و لكن يحتاج إلى عمل المشهور بها، و لم يتحقق في المقام، فلا يمكن الالتزام بالتقسيط.

و أما كون الدية من بيت مال المسلمين لئلا يذهب دم المسلم هدرا، فهذا صحيح فيما إذا لم يكن في البين وجه شرعي يحرز به القاتل. و أن عليه الدية، و في المقام بالأصل و الوجدان ثبت أن على الثاني الدية.

و لكن الأحوط مع ذلك كله ملاحظة نظر الحاكم الشرعي، أو المراضاة.

(54) لأن المناط في الجنايات على حين استقرارها، لا على حين حدوثها.

و من ذلك يظهر أنه لا فرق بين الذمية و الحربية.

ص: 325

و كذا لو جنى على الحربية فأسلمت و أسقطت جنينها و لكن الاحتياط في خصوص الحربية التصالح و التراضي (55).

مسألة 23: لو استلزمت الجناية المرض على الجنين بشهادة أهل الخبرة و المتخصصين

(مسألة 23): لو استلزمت الجناية المرض على الجنين بشهادة أهل الخبرة و المتخصصين فإن كان لها مقدر شرعي فهو (56)، و إلا فالحكومة (57)، و لو استلزمت الجناية نقصا على الجنين من جهة و زوال نقص أو مرض عن الأم من جهة أخرى فهو ضامن بالجناية (58).

______________________________

و دعوى: أن الجناية في الحربية لم تكن مضمونة حين وقوعها، و إذا كان كذلك فلا ضمان عليه بعد الإسقاط و السراية.

غير صحيحة: لما عرفت أن المناط حين استقرار الجناية، فتستقر الدية حين إسقاط جنينها المسلم، و أنه مستند إلى الجناية كما هو واضح، و لا فرق في الجناية بين أقسامها، و السراية بين أنواعها.

(55) لما نسب إلى المشهور من أن المناط في الجنايات على الحربية حين الحدوث لا الاستقرار، و لكننا نطالبهم بالدليل على ذلك لو لم يكن إجماع محقق على التفرقة بين الذمي و الحربي.

(56) لتحقق المقتضي لما هو المقدر شرعا و فقد المانع، كما إذا استلزمت الجناية زوال عقل الجنين بقول أهل الخبرة و المتخصصين، فالدية المقدرة دية كاملة، أو ذهب ضوء عينيه أو أحدهما، فالدية إما كاملة أو النصف.

(57) لعدم التقدير لها شرعا، فتصل النوبة إليها قهرا.

(58) لوجود المقتضي و فقد المانع، و الضمان إما مقدر شرعي أو الحكومة، و ان الكمال العارض على الأم لا يوجب زوال الضمان، فلا وجه للتهاتر.

نعم لو كان زوال المرض عن الأم بالتماس منها، و كان له مقدر عرفي، فحينئذ يراعى الأهم في البين بالنسبة إلى الإثم لا من جهة الضمان، بل هو ثابت

ص: 326

مسألة 24: لو كان الحمل من الزنا و خافت الأم على نفسها من إظهار الحمل فهل يجوز لها إسقاطه؟

(مسألة 24): لو كان الحمل من الزنا و خافت الأم على نفسها من إظهار الحمل فهل يجوز لها إسقاطه؟ فيه إشكال (59).

______________________________

على كل حال.

(59) ينشأ من أن ولد الزنا مسلم و ولد تكويني، فيترتب عليه جميع ما يترتب على ولد المسلم، إلا ما خرج بالدليل.

و من إطلاق ما أرسلوه إرسال المسلّمات: «لا حرمة لماء الزاني»، و يتمسكون به في جملة من الأبواب الفقهية، و حينئذ فإن قلنا بشمول عدم الاحترام لمثل الإسقاط حتى بعد و لوج الروح فيجوز، و لكن الكلام في اعتبار ذلك و عمومه، حتى لمثل الفرض. و حينئذ يدور الأمر بين الأهم و المهم، أي بين حفظ نفس الأم، و إسقاط هذا الجنين، فالأهم و هو حفظ الأم مقدم بنظر العرف، خصوصا إذا كانت بعد توبتها عن عملها. نعم لا تسقط الدية المقررة شرعا، للإطلاقات و العمومات، كما مر سابقا.

ص: 327

الفصل التاسع في الجناية على ميت المسلم

اشارة

الفصل التاسع في الجناية على ميت المسلم تحرم الجناية على الميت المسلم (1)،

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة جميل عن الصادق عليه السّلام: «قطع رأس الميّت أشدّ من قطع رأس الحيّ» (1)، و عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام في معتبرة محمد بن مسلم في حديث وفاة الحسن عليه السّلام قال: «إنّ اللّه حرّم من المؤمنين أمواتا ما حرّم منهم احياء» (2)، و في معتبرة العلاء بن سيابة عن الصادق عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حرمة المسلم ميتا كحرمته و هو حيّ سواء» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما ميت غير المسلم: فإن كان حربيا يجوز الجناية عليه حيا فكيف ميتا، و اما إن كان ذميا فمع تحقق شرائط الذمة يكون بحكم المسلم، فلا يجوز الجناية عليه، و أما إذا لم تتحقق شرائط الذمة، إما لقصور في دولة الحق، أو لتقصير الكفار عن إقامة ذلك فالثاني يكون بمنزلة الحربي، و أما الأول فمبني على أن عدم تحقق شرائط الذمة لقصور دولة الحق عن إقامتها، فهل يوجب كون الكافر بحكم الحربي أو لا؟ وجهان بل قولان، اختار جمع الأول، و هو لا يخلو من وجه لغلبة التقصير فيهم و المبارزة مع الإسلام، و الظن يلحق الشي ء بالأعم الأغلب.

ص: 328


1- الوسائل: باب 25 من أبواب ديات الأعضاء: 1.
2- الوسائل: باب 25 من أبواب ديات الأعضاء: 3 و 6.
3- الوسائل: باب 25 من أبواب ديات الأعضاء: 3 و 6.

سواء كان صغيرا أو كبيرا رجلا أو امرأة حرا أو عبدا (2)، و تجب الدية على الجاني (3).

مسألة 1: في قطع رأس الميت الحر مائة دينار

(مسألة 1): في قطع رأس الميت الحر مائة دينار (4)،

______________________________

و قد سبق الكلام في ذلك، فلا وجه للإعادة و التكرار.

(2) كل ذلك للإطلاق، مضافا إلى الإجماع.

نعم دية العبد ترجع إلى مولاه، لأنه ملكه، و على المولى أن يصرفها في الخيرات، لما سيأتي من الروايات الدالة عليه، و أن ذلك من الحكم الشرعي لا من الحقوق.

(3) للإجماع، و لما يأتي من الروايات.

(4) إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة حسين بن خالد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قطع رأس ميت؟ فقال: إن اللّه حرّم منه ميتا كما حرم منه حيا، فمن فعل بميت فعلا يكون في مثله اجتياح نفس الحيّ فعليه الدية، فسألت عن ذلك أبا الحسن عليه السّلام فقال: صدق أبو عبد اللّه، هكذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قلت: فمن قطع رأس ميّت أو شقّ بطنه أو فعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحيّ فعليه دية النفس كاملة؟ فقال: لا، و لكن ديته دية الجنين في بطن أمه قبل أن تلج فيه الروح، و ذلك مائة دينار و هي لورثته، و دية هذا هي له لا للورثة، قلت: فما الفرق بينهما؟ قال: إنّ الجنين أمر مستقبل مرجو نفعه، و هذا قد مضى و ذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة له لا لغيره، يحج بها عنه، و يفعل بها أبواب الخير، و البر من صدقة أو غيره، قلت: فإن أراد رجل أن يحفر له ليغسّله في الحفرة فسدر الرجل مما يحفر فدير به فمالت مسحاته في يده فأصاب بطنه فشقه فما عليه؟ فقال: إذا كان هكذا فهو خطأ، و كفارته عتق رقبة أو صيام شهرين (متتابعين)، أو صدقة على ستين

ص: 329

.....

______________________________

مسكينا، مدّ لكل مسكين بمدّ النبي صلّى اللّه عليه و آله» (1).

و في رواية محمد بن الصباح عن الصادق عليه السّلام قال: «أتى الربيع أبا جعفر المنصور- و هو خليفة- في الطواف فقال له: يا أمير مات فلان مولاك البارحة فقطع فلان مولاك رأسه بعد موته، فاستشاط و غضب، فقال: لابن شبرمة و ابن أبي ليلى و عدة معه من القضاة و الفقهاء: ما تقولون في هذا؟ فكلّ قال: ما عندنا في شي ء، قال: فجعل يردد المسألة في هذا و يقول: اقتله أم لا، فقالوا: ما عندنا في هذا شي ء فقال له بعضهم: قد قدم رجل الساعة فإن كان عند أحد شي ء فعنده الجواب في هذا و هو جعفر بن محمد عليهما السّلام و قد دخل المسعى، فقال للربيع:

اذهب إليه و قل له: لو لا معرفتنا بشغل ما أنت فيه لسألناك أن تأتينا و لكن أجبنا في كذا و كذا، قال: فأتاه الربيع و هو على المروة فأبلغه الرسالة، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قد ترى شغل ما أنا فيه و قبلك الفقهاء و العلماء فاسألهم، قال له: قد سألهم فلم يكن عندهم فيه شي ء، قال فردّه إليه فقال: أسألك إلا أجبتنا فيه فليس عند القوم في هذا شي ء فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: حتى افرغ مما أنا فيه، فلما فرغ فجلس في جانب المسجد الحرام فقال للربيع: اذهب اليه فقل له: عليه مائة دينار، قال: فأبلغه ذلك، فقالوا له: فاسأله كيف صار عليه مائة دينار؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: في النطفة عشرون دينارا و في العلقة عشرون دينارا و في المضغة عشرون دينارا و في العظم عشرون دينارا، ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ و هذا هو ميت بمنزلة قبل أن ينفخ فيه الروح في بطن أمه جنينا، قال: فرجع إليه فأخبره بالجواب فأعجبهم ذلك فقالوا: ارجع إليه و سله الدنانير لمن هي؟ لورثته أو لا؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس لورثته فيها شي ء إنما هذا شي ء صار إليه في بدنه بعد موته، يحج بها عنه، أو يتصدق بها عنه، أو يصير في سبيل من سبل الخير» (2)، و غيرهما من الروايات.

ص: 330


1- الوسائل: باب 24 من أبواب ديات الأعضاء: 2.
2- الوافي صفحة: 110 الجزء التاسع.

و في قطع جوارحه بحساب ديته (5)، و بهذه النسبة في سائر الجنايات عليه (6)، و كذا الحال في جراحه و شجاجه (7)، و في كل ما لا تقدير له- لو كان حيا- الحكومة (8).

مسألة 2: لا فرق فيما تقدم من وجوب الدية بين العمد و الخطأ

(مسألة 2): لا فرق فيما تقدم من وجوب الدية بين العمد و الخطأ (9)،

______________________________

(5) لأن المستفاد من الروايات بل صريح بعضها- كما تقدم- قاعدة كلية و هي: «ان كل ما في الحي من التقدير كذلك في الميت، بلا فرق بينهما إلا في الكمية»، مضافا إلى الإجماع، ففي قطع يده خمسون دينارا، و في قطع يديه مائة دينار، و كذا في رجليه و عينيه، و في قطع إصبعه عشرة دنانير.

(6) كالجناية بلطم على وجه الميت، فإذا اسودّ الوجه بها من غير جرح قبل إن يبرد مثلا فأرشها عشر الستة، و كذا في الاخضرار عشر ثلاثة دنانير و هكذا، لما تقدم من النصوص الدالة على أن دية الميت عشر دية الحي.

(7) لما مرّ من الروايات، و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام:

«في رجل قطع رأس ميت؟ قال: عليه الدية، لأن حرمته ميتا كحرمته و هو حي» (1)، و يكون الأرش بحسب النسبة.

(8) لأنها الأصل في كل جناية على محترم لا تقدير لها شرعا، و تعيين المقدار بنظر الحاكم الشرعي، لولايته على ذلك.

(9) لما تقدم من الإطلاقات، و العمومات، و تسالمهم على أن الميت كالجنين، فيظهر منهم الإجماع في خطإ كل واحد.

و ما يظهر من الشهيد الثاني (رضوان اللّه تعالى عليه) من عدم الدية في الخطأ على الميت، للأصل، و سكوت الأدلة، بل في معتبرة حسين بن خالد

ص: 331


1- الوسائل: باب 24 من أبواب ديات الأعضاء: 4.

و هل دية الخطأ في الجناية على الميت على العاقلة أو على نفس الجاني، وجهان (10)، لا يخلو الثاني من وجه (11)، و أما الصبي و المجنون فتكون ديتهما على العاقلة (12).

______________________________

المتقدمة ذكر الكفارة دون الدية.

مخدوش: أما الأول فيمكن أن يقال إن الأصل في المحترمات مطلقا التضمين، إلا أن يدلّ على الخلاف، و أما سكوت الروايات فيكفي في البيان ما تقدم من قوله عليه السّلام: «إن اللّه حرّم من المؤمنين أمواتا ما حرّم منهم احياء»، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «حرمة المسلم ميتا كحرمته و هو حي سواء» مضافا إلى ظهور التسالم عليه.

(10) من أن العمومات و الإطلاقات الواردة في أن الخطأ على العاقلة فتكون الدية في المقام عليها. و من أن مقتضى الأصل عدم تحمل العاقلة الدية، إلا في المتيقن و هو الجناية على الحي، مع أن العمومات و الإطلاقات منصرفة عن الجناية على الميت، فتكون دية الجناية على الميت مطلقا على الجاني.

(11) ظهر وجهه مما تقدم، و يشهد لما ذكرناه ما تقدم من قول الصادق عليه السّلام: «قطع رأس الميت أشد من قطع رأس الحي»، و لعل الأشدية هو في تحمل الجاني الدية حتى في الخطأ.

(12) لإطلاق قولهم عليهم السّلام: «عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة»(1)، و احتمال الانصراف إلى الحي فيهما بعيد، لأن المنساق من الروايات انعزالهما عن الدية بالكلية و تحمل العاقلة لهما.

ص: 332


1- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة: 3.

مسألة 3: لو أحرق الميت كانت ديته عشر دية الحي مائة دينار

(مسألة 3): لو أحرق الميت كانت ديته عشر دية الحي (مائة دينار) سواء كان تمام جسده أم بعضه- مما كان فيه احتياج نفس الحي- أو كانت فيه الدية المقدرة في حال الحياة (13)، و إن لم تكن فالحكومة (14).

مسألة 4: لو تعددت الجنايات على الميت تتعدد الدية

(مسألة 4): لو تعددت الجنايات على الميت تتعدد الدية سواء كان من شخص واحد أم من أشخاص متعددة (15).

مسألة 5: لو كان نصف الجسد أو بعضه ميتا- بتشخيص من أهل الخبرة

(مسألة 5): لو كان نصف الجسد أو بعضه ميتا- بتشخيص من أهل الخبرة و كان متصلا بالجزء الحي منه و وقعت الجناية على العضو الميت تكون الجناية على الميت (16).

مسألة 6: لو كسر عظم ميت بعد إقباره و تلاشي جسده فهل فيه دية الجناية على الميت أو لا؟ وجهان

(مسألة 6): لو كسر عظم ميت بعد إقباره و تلاشي جسده فهل فيه دية الجناية على الميت أو لا؟ وجهان (17).

______________________________

(13) لأنه جناية، فتشملها الأدلة مثل معتبرة حسين بن خالد و غيرها، و ما تقدم من القاعدة و هي: «إن كل ما في الحي من التقدير كذلك في الميت بالنسبة».

(14) لأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا.

(15) لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، فلو قطع شخص إحدى يدي الميت، و آخر آخرها، تتعدد الدية.

(16) لفرض أن مورد الجناية و محلها ميت بشهادة أهل الخبرة و المتخصصين.

نعم لو وقعت الجناية على العضو الحي منه، تكون من الجناية على الحي.

(17) من أصالة البراءة عن الدية بعد انصراف أدلة الجناية على الميت عن مثل ذلك، فلا شي ء عليه، و من احتمال بقاء احترامه، فتشمله الأدلة، و تجب الدية المقررة بالجناية على الميت.

ص: 333

مسألة 7: لو جنى على شخص بزعم أنه حي ثمَّ بان أنه ميتا قبل وقوع الجناية عليه

(مسألة 7): لو جنى على شخص بزعم أنه حي ثمَّ بان أنه ميتا قبل وقوع الجناية عليه بشهادة أهل الخبرة و المتخصصين- يجري عليه حكم الجناية على الميت (18).

مسألة 8: لو قطع بعض الأعضاء من جسم شخص كإحدى يديه مثلا

(مسألة 8): لو قطع بعض الأعضاء من جسم شخص كإحدى يديه مثلا سواء كان لأمر شرعي كإجراء الحدّ أم لمرض أو لغيره- ثمَّ جنى عليه آخر يجري عليه حكم الجناية على الميت (19).

مسألة 9: لو مات بحدّ شرعي يجري عليه جميع ما تقدم من الدية في الجناية على الميت

(مسألة 9): لو مات بحدّ شرعي يجري عليه جميع ما تقدم من الدية في الجناية على الميت (20)، و أما لو كان الموت بإهدار الشارع دمه فيشكل جريان ما تقدم (21).

______________________________

(18) لأن الجناية وقعت في حال الموت، و لا أثر للزعم في الجناية، و كذا الحكم في العكس بأن جنى على شخص بزعم أنه ميت فبان أنه حي، تكون الجناية على الحي، و يضمن الدية المقررة شرعا في الجناية على الحي، أو الحكومة، أو القصاص، على التفصيل الذي تقدم في محله.

(19) لإطلاق ما تقدم، و لقاعدة: «ان الجزء في حكم الكل الا ما خرج بالدليل»، و أن الدية تكون بحسب دية الميت.

نعم في أعضاء الكافر إن اشترط في عقد الذمة احترام أمواتهم لا بد من مراعاة الشرط، و إلا فلا احترام لهم. و لا فرق فيما تقدم بين أن يكون الجاني شخصا واحدا أو متعددا.

(20) لشمول الأدلة له حينئذ، مع عدم وجود مانع في البين، بل الحد الذي أجري عليه بالقتل توبة للجاني، فيكون كسائر أموات المسلمين كما مر في كتاب الحدود، و يجري عليه جميع أحكامهم.

(21) لاحتمال أن يكون الإهدار مما يكشف عن خروجه عن الإسلام

ص: 334

مسألة 10: لو اشتبه الميت المسلم بغيره ممن لا حرمة له يرجع إلى العلامات التي ذكرت في كتاب الجهاد

(مسألة 10): لو اشتبه الميت المسلم بغيره ممن لا حرمة له يرجع إلى العلامات التي ذكرت في كتاب الجهاد، و مع عدمها يتعين بالقرعة بنظر الحاكم الشرعي (22).

مسألة 11: لو أسلم الكافر ثمَّ مات و وقعت الجناية عليه بعد موته يجري عليه حكم ميت المسلم

(مسألة 11): لو أسلم الكافر ثمَّ مات و وقعت الجناية عليه بعد موته يجري عليه حكم ميت المسلم (23).

مسألة 12: دية الجناية على الميت ليست لورثته بل للميت تصرف في وجوه الخير له

(مسألة 12): دية الجناية على الميت ليست لورثته بل للميت تصرف في وجوه الخير له (24)، و يؤدى منها دينه إن كان الدين لأجل الخيرات أو لأجل ضروريات معاشه و إلا ففيه إشكال (25)، و يتساوى في الحكم الرجل و المرأة و الصغير و الكبير (26).

______________________________

فيكون كافرا، و لا حرمة لميت الكافر، فلا يجري عليه ما تقدم من الأحكام. و من احتمال أن يكون الإهدار جهتي، لا من كل جهة حتى يصير كالكافر، و لكنه بعيد، لأن الإهدار لا يتحقق إلا بعد خروجه عن الإسلام.

(22) لأنها لكل أمر مشتبه و المقام منه، و للحاكم الشرعي الولاية من باب الحسبة، فإذا تعين بالقرعة يجري عليه حكم الميت المسلم.

(23) لتحقق الموضوع فتشمله الأدلة، و كذا في العكس بأن كان مسلما فارتد و مات، يجرى عليه أحكام الكفر.

(24) لما تقدم في معتبرة حسين بن خالد.

(25) لأن ذلك ليس من الخيرات، كما إذا كان الدين لأجل ازدياد الثروة أو أغراض دنيوية أخرى.

(26) لما تقدم من الإطلاقات، و العمومات، مضافا إلى الإجماع، و قاعدة الاشتراك.

ص: 335

التشريح و الترقيع

اشارة

التشريح و الترقيع

مسألة 13: يحرم تشريح الميت المسلم لأي غرض كان

(مسألة 13): يحرم تشريح الميت المسلم لأي غرض كان و لو شرحه ففيه الدية كما مر (27)، و أما غير المسلم فيجوز مطلقا (28)، و لا دية فيه (29)، و لو أمكن تشريح الكافر لا يجوز تشريح المسلم و إن توقفت حياة مسلم أو جمع من المسلمين عليه فلو فعل مع إمكان تشريح غير

______________________________

(27) أما الحرمة فلأن التشريح جناية عليه، و أنها محرمة على الميت المسلم كما مرّ، و أما الدية فلما تقدم من الأدلة، و مرّ التفصيل. و دعوى انصراف الأدلة عن مثل المقام فعهدة إثباتها على مدعيها.

(28) لأنه لا حرمة له، أما غير الذمي فمعلوم، فإنه لا حرمة له حيا فكيف بميتة، و أما الذمي فحرمته متقومة بحياته، و أن ديته ثمانمائة درهم كما هو المنساق من الأدلة (1)، فإذا مات يخرج عن الذمة، و لكن لا يصير بالموت حربيا حتى تحل أمواله و غيرها من الأحكام كما هو واضح. نعم لو شرط في عقد الذمة مراعاة احترام أمواتهم كأحيائهم يجب الوفاء، و لكن ذلك يختصّ بالحاكم الشرعي.

(29) للأصل، بعد عدم الاحترام لموتاهم إلا إذا كانت هناك عناوين أخرى طارئة، فحينئذ يتبع نظر الحاكم الشرعي.

ص: 336


1- راجع صفحة: 91.

أثم و عليه الدية (30).

مسألة 14: لا فرق في التشريح- جوازا أو منعا- بين الرجل و المرأة

(مسألة 14): لا فرق في التشريح- جوازا أو منعا- بين الرجل و المرأة و لكن لو فعل في جسد المرأة لا بد من مراعاة جميع الجهات الشرعية (31).

مسألة 15: لو توقف إنقاذ حياة المسلم على التشريح و لم يمكن تشريح غير المسلم يجوز ذلك

(مسألة 15): لو توقف إنقاذ حياة المسلم على التشريح و لم يمكن تشريح غير المسلم يجوز ذلك (32)، و أما لمجرد التعليم- أو التعلم- فلا يجوز ما لم يكن أهم في البين كإبقاء حياة مسلم عليه (33).

مسألة 16: في موارد جواز التشريح لا تسقط الدية

(مسألة 16): في موارد جواز التشريح لا تسقط الدية (34)، و كذا في موارد الضرورة إليه (35).

______________________________

(30) أما عدم الجواز في تشريح المسلم فلما مرّ، و أما الإثم في تشريحه فلفرض أنه فعل حراما، و أما الدية فللعمومات و الإطلاقات.

(31) لأصالة التساوي بينهما إلا ما خرج بالدليل، فلا يجوز للأجنبي النظر إلى جسدها أو إلى أعضائها داخلية كانت أو خارجية، للعمومات الدالة على أن جميع بدنها عورة إلا لضرورة، أو يرى في المرآة أو في شاشة التلفاز أو غيرها من الآلات الحديثة، و تشرحها امرأة أو من محارمها.

(32) لأنه حينئذ من صغريات الأهم و المهم، و لا إشكال في تقديم الأهم حينئذ.

(33) أما الأول: فلأصالة الحرمة الجارية في المسلم مطلقا.

و أما الثاني: فلفرض الأهمية، و لكن لا بد من إحراز الأهمية بطريق معتبر شرعي.

(34) لأن الجواز التكليفي لا ينافي الضمان الوضعي، إلا إذا أسقط الشارع أو الحاكم الشرعي الدية لمصلحة موجبة لذلك، بناء على ولايته لمثل ذلك.

(35) لأن الضرورة إليه لا تنافي الضمان. نعم لو كانت ضرورة بحيث

ص: 337

مسألة 17: يحرم قطع عضو من الميت المسلم لترقيع عضو الحي

(مسألة 17): يحرم قطع عضو من الميت المسلم لترقيع عضو الحي (36)، إلا إذا كانت حياته متوقفة عليه فيجوز و يجب دفع الدية المقررة أيضا (37) و لا يجوز إذا كانت حياة العضو متوقفة على ذلك (38)، فلو قطعه أثم و عليه الدية أيضا (39).

مسألة 18: لا يجوز لأحد الإذن في قطع أعضاء جسده بعد الموت

(مسألة 18): لا يجوز لأحد الإذن في قطع أعضاء جسده بعد الموت (40)، و كذا لأوليائه (41)، و لو أذن لا تسقط الدية (42).

مسألة 19: يجوز قطع عضو ميت كافر للترقيع

(مسألة 19): يجوز قطع عضو ميت كافر للترقيع (43)،

______________________________

تنافي أصل الضمان ففي عدم الضمان وجه.

(36) لما مرّ من احترامه حيا و ميتا.

(37) فإنه حينئذ يكون من تقديم الأهم على المهم، فيضمن الدية، لأنها حكم وضعي كما مرّ، و أن الجواز التكليفي لا ينافي الضمان.

(38) إذا لم يحرز الأهمية حينئذ و لا أقل من الشك فيه، فيرجع إلى أصالة الحرمة، كما مر بيانها.

(39) أما الإثم فلما تقدم، و أما الدية فلتحقق سببها إلا إذا كان داخلا في العلاج، كما مر في مسائل الضمان.

(40) لأنه من سنخ حق اللّه تعالى، لا من قبيل حق الناس محضا، و ما دلّ على جواز البراءة من الطبيب في العلاج لأدلة خاصة في حال الحياة، مضافا إلى الإجماع، فلا تشمل المقام كما هو واضح.

(41) لأصالة عدم الولاية على ذلك أصلا.

(42) لبقاء الضمان على كل حال، إلا إذا سقط الضمان بوجه شرعي.

(43) للأصل، بعد جواز تشريحه كما مر، و الحكم بنجاسة العضو، و عدم جواز الصلاة فيه، تقدم في كتاب الطهارة (1)، و قلنا لو حلت الحياة فيه صار

ص: 338


1- راجع المجلد الأول: صفحة: 315.

و لا يجوز من الميت المسلم (44)، و لا فرق في الأعضاء بين الداخلية و الخارجية (45).

مسألة 20: في صورة جواز الترقيع لا يجوز ترقيع أجزاء الرجل للمرأة الأجنبية و لا العكس

(مسألة 20): في صورة جواز الترقيع لا يجوز ترقيع أجزاء الرجل للمرأة الأجنبية و لا العكس (46)، إلا لضرورة (47).

مسألة 21: لو كان الترقيع- و التبديل- بالأجزاء الداخلية في الإنسان

(مسألة 21): لو كان الترقيع- و التبديل- بالأجزاء الداخلية في الإنسان فإن صار جزءا من البدن يترتب عليه حكم أجزائه، و كذا إن لم يصر جزءا و لكن تعذر إخراجه و إلا فيجري عليه حكم الميتة (48).

______________________________

طاهرا، و صحت الصلاة فيه.

(44) لأنه يستلزم التشريح المحرم.

نعم لو قطع العضو من الحي بآفة، أو ببتر العضو لأجل غرض عقلائي شرعي، و رقع به شخص آخر، فلا يشمل دليل المنع لهذه الصورة كما هو واضح، و أما بدون ذلك فلا سلطة له على ذلك كما مر آنفا.

(45) للأصل بعد عدم الدليل على التفكيك بينهما جوازا، أو منعا.

(46) لأصالة بقاء الحرمة، و لو فعل ذلك و صار جزءا لبدنها و حلت فيه الحياة، تصح الصلاة، و يجب غسلها في الغسل و غيرها من موضوعات الأحكام، و أما إذا لم يصر جزءا له، فيبقى على حكم الجزء المبان من الحي أو الميت.

(47) لتقديم الأهم على المهم، فإنها تحلّ كل محرم، كما اقتضاه العقل، و النقل.

(48) أما الأول: فلفرض صيرورته من أجزائه بالالتئام، كما في العين و الرجل و الحنجرة أو في الكلى و غيرها.

و أما الثاني: فلتقديم الأهم على المهم، فيسقط حكم المهم حينئذ، لفرض عدم إمكان الامتثال بالنسبة إليه.

ص: 339

مسألة 22: يجوز التبادل في الأعضاء بالترقيع في مورد الجواز

(مسألة 22): يجوز التبادل في الأعضاء بالترقيع في مورد الجواز (49).

______________________________

و أما الثالث: فمقتضى الأصل ترتب جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل، إلا أن يدعى انصراف بعض الأدلة عن ذلك، و كذا الكلام في المغصوب، فتجري فيه الصور الثلاث المتقدمة.

(49) لأصالة الإباحة، بعد عدم دليل على المنع كما هو المفروض، فيجوز أن يؤخذ من شخص إحدى أصابع رجليه لعمرو و يؤخذ من عمرو إحدى أصابع يديه و كذا في الأعضاء الداخلية.

تنبيه: كل ترقيع من إنسان لإنسان آخر، و لو صار جزءا للإنسان المرقع، يرجع في يوم القيامة إلى الإنسان المرقع منه، لفرض أن الجزء أخذ منه، و هو محشور في يوم القيامة بجميع أجزاء بدنه الذي كان في دار الدنيا بتمام خلقه. و في الحديث الشريف عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غرلا» (1)، و الغرل جمع الأغرل، و هو الأغلف أي يرجع إليهم القشر الذي كان قبل أن يختن، و قد ذكرنا التفصيل في التفسير و من اللّه التيسير.

ص: 340


1- النهاية لابن الأثير مادة غرل.

الفصل العاشر في العاقلة

اشارة

الفصل العاشر في العاقلة و البحث فيها تارة: في تعيين المحل، و الأخرى: في مورد تعلق الدية به، و ثالثة: في كيفية التقسيط (1).

أما الأولى: أي تعيين المحل

اشارة

أما الأولى: أي تعيين المحل فهو العصبة و المعتق و ضامن الجريرة و الإمام عليه السّلام (2).

و ضابطه العصبة من تقرب بالأب- كالإخوة و أولادهم و إن نزلوا و الأعمام كذلك (3)،

______________________________

العاقلة: هي العصبة و الأقارب الذكور من قبل الأب، الذين يعطون دية قتيل الخطأ، و قد تكرر في الروايات ذكرها، و سميت بذلك لأنهم جمعوا الدية من الإبل فعقلوها بفناء أولياء المقتول- بشدها في عقلها- ليسلمها إليهم و يقبضوها منهم، لأنه كان أصل الدية الإبل، ثمَّ قومت بالذهب و الفضة كما مر، أو لعقلهم أي تحملهم العقل، و هو الدية عنه، أو لعقلها أي منعها القاتل من القتل.

(1) الحصر في ذلك عقلي، إذ لا رابع في البين، و يتم البحث في كل منها في ضمن مسائل.

(2) حسب الترتيب نصا، و إجماعا، كما يأتي في كتاب الإرث.

(3) على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، و هم المتيقن من مورد العاقلة في هذا الحكم المخالف للأصل، مع نص بعض أهل اللغة عليهم.

ص: 341

.....

______________________________

و ما نسب إلى بعض الأصحاب- كما عن المحقق في الشرائع- من اختصاص الدية بالأقرب فالأقرب ممن يرث بالتسمية، و مع عدمه يشترك فيها بين من يتقرب بالأب أثلاثا، مستندا إلى رواية سلمة بن كهيل عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل قد قتل رجلا خطأ، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: من عشيرتك و قرابتك؟ فقال: ما لي بهذا البلد عشيرة و لا قرابة، قال: فقال: فمن أي أهل البلدان أنت؟ فقال: أنا رجل من أهل الموصل ولدت بها ولي بها قرابة و أهل بيت، قال: فسأل عنه أمير المؤمنين عليه السّلام فلم يجد له بالكوفة قرابة و لا عشيرة، قال: فكتب إلى عامله على الموصل: أمّا بعد فإن فلان بن فلان و حليته كذا و كذا، قتل رجلا من المسلمين خطأ، فذكر أنّه رجل من أهل الموصل، و أنّ له بها قرابة و أهل بيت و قد بعثت به إليك مع رسولي فلان و حليته كذا و كذا، فإذا ورد عليك إن شاء اللّه و قرأت كتابي فافحص عن أمره و سل عن قرابته من المسلمين، فإن كان من أهل الموصل ممّن ولد بها و أصبت له قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك، ثمَّ انظر، فإن كان رجل منهم يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية و خذه بها نجوما في ثلاث سنين، و فإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب و كانوا قرابته سواء في النسب، و كان له قرابة من قبل أبيه و أمه سواء في النسب ففضّ الدية على قرابته من قبل أبيه و على قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين ثمَّ اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية، و اجعل على قرابته من قبل أمه ثلث الدية و إن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ففض الدية على قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين، ثمَّ خذهم بها و استأدهم الدية في ثلاث سنين، و إن لم يكن له قرابة من قبل أبيه و لا قرابة من قبل أمه ففضّ الدية على أهل الموصل ممن ولد و نشأ بها و لا تدخلنّ فيهم غيرهم من أهل البلد، ثمَّ استأد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجما حتى تستوفيه إن شاء اللّه، فإن لم يكن لفلان ابن فلان قرابة من أهل الموصل و لم يكن من أهلها و كان مبطلا في دعواه فردّه إليّ

ص: 342

و يدخل في العاقلة الآباء و إن علوا و الأبناء و إن نزلوا (4)،

______________________________

مع رسولي فلان بن فلان إن شاء اللّه، فأنا وليه و المؤدّى عنه، و لا أبطل دم امرئ مسلم» (1)، لا وجه للاعتماد عليه، و أن الرواية لا تدلّ على ذلك، فهي معرض عنها، و لا بد من ردّ علمها إلى أهله.

و عن بعض أن العاقلة هم الورثة على ترتيب الإرث، و لم يأت بدليل يمكن الاعتماد عليه، فما هو المشهور من اختصاصها بالمتقربين بالأب، هو المتعين.

(4) للإجماع، بل يمكن استفادة دخولهما بالأولوية، لانطباق جميع العناوين عليهما كذلك من العصبة، و العقل، و غيرهما.

فما عن الشيخ (رحمة اللّه عليه) من عدم دخولهما فيها تمسكا بالإجماع، و بصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام على امرأة أعتقت رجلا و اشترطت ولاءه و لها ابن فألحق ولاءه بعصبتها الذين يعقلون عنه دون ولدها» (2)، و ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه و لا بجريرة أخيه» (3)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله: «في امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى و كان لكل منهما زوج و ولد، فبرأ النبي صلّى اللّه عليه و آله الزوج و الولد و جعل الدية على العاقلة» (4).

قابل للمناقشة، أما الإجماع، فعهدة إثباته على مدعيه، و أما صحيح محمد بن قيس: فهو على المطلوب أدلّ لأنّه يدلّ على إخراج الولد من العصبة على نحو الاستثناء، فيكون الولد داخلا في العاقلة، لكنه لا يرث الولاء من الأم

ص: 343


1- الوسائل: باب 2 من أبواب العاقلة: 1.
2- الوسائل: باب 39 من أبواب العتق: 1.
3- صحيح البخاري باب: 22 من أبواب الديات.
4- راجع المغني لابن قدامة صفحة: 515 ج: 9 ط بيروت.

و لا تشمل المتقربين بالأم (5)، و لا يشاركهم القاتل في الضمان (6).

مسألة 1: يشترط في العاقلة أمور

(مسألة 1): يشترط في العاقلة أمور:

الأول: الكمال بالبلوغ و العقل (7).

الثاني: الذكورة (8).

الثالث: التمكن من الأداء حين حلول الحول (9).

______________________________

للصحيح، و أما ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله فالمنساق منه العمد، فلا يشمل المقام أصلا، و كذا الحديث الشريف الثاني، فهو محمول على إرادة الأنثى من الولد، فما هو المشهور بل المجمع عليه من دخولهما في العاقلة هو المتعين.

(5) لما تقدم من الإجماع، و تنصيص أهل اللغة.

(6) للإجماع، و ظواهر الأدلة.

(7) للإجماع، و ظاهر بعض الأدلة، كحديث الرفع و غيره، فلا يعقل الصبي و المجنون و إن ورثا من الدية.

(8) إجماعا، و نصا، بل لغة كما مر فعن الصادق عليه السّلام في صحيح الأحول:

«إن المرأة ليس عليها جهاد، و لا نفقة، و لا معقلة، و إنما ذلك على الرجال» (1)، و قريب منه غيره، و أما غيرهم من الشيوخ و الضعفاء الذين لا قوة لهم و لا نهضة و كذا الشباب، فتشملهم العصبة، و العاقلة، لغة، و عرفا.

(9) للإجماع، و الانسباق العرفي، و هل يجزى القوة على التكسب في ذلك، أو يعتبر وجود المال فعلا، يمكن أن يقال: إن كانت العاقلة من أهل التكسب، و لا يكون ذلك عليه حرجا، و كان إمرار معاشه من ذلك، يكون من العاقلة، و إن لم يكن كذلك، فلا بد من التمكن كما تقدم، و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات. فراجع.

ص: 344


1- الوسائل: باب 2 من أبواب ميراث الأبوين: 1.

الرابع: الإسلام فدية جناية الكافر و إن كانت خطأ في ماله دون عاقلته (10).

مسألة 2: لا يدخل في العاقلة أهل الديوان و لا أهل البلد إذا لم يكونوا عصبة

(مسألة 2): لا يدخل في العاقلة أهل الديوان و لا أهل البلد إذا لم يكونوا عصبة (11).

مسألة 3: المتقرب بالأبوين يقدم على المتقرب بالأب فقط على الأحوط

(مسألة 3): المتقرب بالأبوين يقدم على المتقرب بالأب فقط على الأحوط (12).

______________________________

(10) إجماعا، و نصا، ففي صحيح أبي ولاد عن الصادق عليه السّلام قال: «ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة، إنما يؤخذ ذلك من أموالهم، فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين، لأنهم يؤدون إليه الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى سيده- الحديث» (1).

(11) لعدم شمولها لهم لا لغة، و لا عرفا، مضافا إلى الإجماع، و أما رواية سلمة بن كهيل المتقدمة الدالة على دخول أهل البلد في العاقلة، فقد عرفت هجران الأصحاب عنها. و أهل الديوان هم الذين دونت أسماؤهم في ديوان، و رتبهم الإمام عليه السّلام للجهاد، و أدر لهم رزقا.

(12) لدعوى الإجماع عليه، و أنه المتيقن من العصبة، و أما التمسك بأكثرية إرثهما و بصحيح أبي نصر البزنطي عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل قتل رجلا عمدا ثمَّ فرّ فلم يقدر عليه حتى مات، قال: إن كان له مال أخذ منه، و إلا أخذ من الأقرب فالأقرب» (2)، و قريب منه صحيح أبي بصير (3)، ففيهما ما لا يخفى، إذ لا دخل لأكثرية الإرث في المقام، و أما مورد الصحيحين فهو القتل العمدي، فلا ربط لهما بالعاقلة.

ص: 345


1- الوسائل: باب 1 من أبواب العاقلة ج: 19.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة: 3 و 1.
3- الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة: 3 و 1.
مسألة 4: يعقل المولى جناية العبد المعتق إن لم تكن له قرابة

(مسألة 4): يعقل المولى جناية العبد المعتق إن لم تكن له قرابة (13)، و لو مات مولاه قبل الجناية تكون الدية على من يرث الولاء (14)، و إن لم تكن للجاني عصبة و لا من له ولاء العتق فالعاقلة ضامن الجريرة و إلا فعلى الإمام من بيت المال (15).

______________________________

و عن بعض التمسك بالإطلاقات، فيشمل حينئذ المتقرب بالأب فقط أيضا، لكنه خلاف المشهور، بل المجمع عليه.

(13) إجماعا، و نصا، ففي صحيح هشام بن سالم عن الصادق عليه السّلام: «إذا ولّي الرجل الرجل فله ميراثه، و عليه معقلته» (1)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في امرأة أعتقت رجلا، لمن ولاؤه، و لمن ميراثه؟ قال: للذي أعتقه، إلا أن يكون له وارث غيرها» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(14) ظهر وجهه مما تقدم.

(15) نصا، و إجماعا، ففي صحيح سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام قال:

«سألته عن مملوك أعتق سائبة؟ قال: يتولى من شاء، و على من تولاه جريرته، قلت: فإن سكت حتى يموت، قال: يجعل ماله في بيت مال المسلمين» (3)، و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في من أعتق عبدا سائبة، أنه لا ولاء لمواليه عليه، فإن شاء توالى إلى رجل من المسلمين، فليشهد أنه يضمن جريرته، و كل حدث يلزمه، فإذا فعل ذلك فهو يرثه، و إن لم يفعل ذلك كان ميراثه يردّ على إمام المسلمين» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار. و مثل هذه الروايات تدلّ بالملازمة على دفع الدية، لأن من له الغنم

ص: 346


1- الوسائل: باب 1 من أبواب ضمان الجريرة: 2.
2- الوسائل: باب 35 من أبواب العتق الحديث: 16.
3- الوسائل: باب 41 من أبواب العتق الحديث: 16.
4- الوسائل: باب 3 من أبواب ولاء ضمان الجريرة: 12.
مسألة 5: لا يعقل إلا من علم انتسابه إلى القاتل و ثبت كونه من العصبة و لو بالحجة الشرعية

(مسألة 5): لا يعقل إلا من علم انتسابه إلى القاتل و ثبت كونه من العصبة و لو بالحجة الشرعية (16)، و لا يسمع إنكار الطرف إن أنكر (17).

مسألة 6: لو كان للذمي عاقلة من المسلمين لا يتحملون عن الذمي العقل

(مسألة 6): لو كان للذمي عاقلة من المسلمين لا يتحملون عن الذمي العقل (18).

أما الثانية أي: مورد تعلق الدية بالعاقلة

اشارة

أما الثانية أي: مورد تعلق الدية بالعاقلة فيشترط فيه أمور:

الأول: أن تكون الجناية من الآدمي على الآدمي (19).

الثاني: أن تكون الجناية بالقتل و الموضحة فما فوقها و تكون دية ما دونها على الجاني نفسه (20).

______________________________

فعليه الغرم، عرفا، و شرعا.

(16) إذ لا معنى للحجية إلا ذلك. و مع الشك و عدم قيام الحجية، لا يلحق بالعاقلة، للأصل، فلا تجب الدية.

(17) لفرض قيام الحجة في الانتساب، فلا أثر لإنكار الطرف.

(18) لإطلاق قوله عليه السّلام: «إنما يؤخذ من أموالهم»، مضافا إلى الأصل بعد الشك في وجوبها عليهم.

(19) لظواهر الأدلة، و معاقد الإجماعات.

(20) للإجماع، و للمعتبرة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام أن لا يحمل على العاقلة إلا الموضحة فصاعدا، و قال: ما دون السمحاق أجر الطبيب سواء الدية» (1)، و المعنى هو أن اجرة الطبيب مثل الدية، فكما لا يتحمل اجرة الطبيب هكذا الدية، و نقل في المسالك هكذا: «و ما دون السمحاق و أجر الطبيب سواء»، و كيف كان فالرواية تدلّ على عدم تحمل العاقلة دية جميع الجراحات، إلا الموضحة و ما فوقها.

ص: 347


1- الوسائل: باب 5 من أبواب العاقلة: 1.

الثالث: أن تثبت الجناية بالبينة لا بالإقرار و لا بالصلح (21).

الرابع: أن يكون القتل عن خطأ لا عمد و لا شبهه (22)، إلا في الصبي و المجنون (23).

______________________________

(21) إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة زيد بن علي عن آبائه عليهم السّلام قال: «لا تعقل العاقلة إلا ما قامت عليه البينة، قال: و أتاه رجل فاعترف عنده فجعله في ماله خاصة و لم يجعل على العاقلة شيئا» (1)، مضافا إلى أن المنساق من قاعدة:

«إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ» عدم نفوذها بالنسبة إلى الغير، خصوصا في المقام، بقرينة الإجماع و نحوه.

و أما الصلح: فلأصالة عدم ضمان أحد غير الجاني، المستندة إلى قوله تعالى وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (2)، و في رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عليهم السّلام: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: العاقلة لا تضمن عمدا، و لا إقرارا، و لا صلحا» (3)، و مثله صحيح أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام، فلو صالح عن القتل الخطئي أو العمدي أو شبهه بمال غير الدية، لا يحمل على العاقلة، و يكون من مال الجاني نفسه، و كذا سائر الجنايات.

(22) إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها.

(23) لأن عمدهما خطأ، كما عن علي عليه السّلام: «عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة» (4)، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته، خطأ كان أو عمدا» (5)، إلى غير ذلك من الروايات، مضافا إلى الإجماع، فدية العمد و الخطأ في الصبي

ص: 348


1- الوسائل: باب 9 من أبواب العاقلة: 1.
2- سورة فاطر: الآية: 18.
3- الوسائل: باب 3 من أبواب العاقلة: 2.
4- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 3 و 1.
5- الوسائل: باب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 3 و 1.

الخامس: أن لا يهدر الشارع دمه و إلا فلا دية له و إن قتل خطأ (24).

مسألة 7: عمد الاعمى غير الملتفت خطأ تحمله العاقلة

(مسألة 7): عمد الاعمى غير الملتفت خطأ تحمله العاقلة (25)،

______________________________

و المجنون على العاقلة. و ما يستفاد منه الخلاف محمول، أو مطروح، كما تقدم (1).

و أما السكران: فإن كان السكر بمجوز شرعي فالدية على العاقلة، لفرض عدم الاختيار و العمد، و القطع أنه بمنزلة المعتوه، فلا يكون ذلك قياسا مع هذا القطع، و أما إن كان بغير مجوز شرعي فهي عليه، للأصل، و تشديدا لظلمة على نفسه.

(24) لعدم احترام دمه، إذ لا معنى لاهداره إلا ذلك، ففي عمده لا قود و لا دية، فكيف بخطئه. و لا يجري ذلك في من هو مستحق للقتل واقعا و لم يحكم الحاكم الشرعي بعد بالقصاص، كما مر في كتاب القصاص.

(25) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن أعمى فقأ عين صحيح، فقال: إن عمد الأعمى مثل الخطأ هذا فيه الدية في ماله، فإن لم يكن له مال فالدية على الإمام عليه السّلام و لا يبطل امرئ حق مسلم» (2)، المحمول على ما إذا لم تكن عاقلة، بقرينة صحيح الحلبي: «سألت أبا عبد اللّه عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هذان متعديان جميعا فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا، لأنه قتله حين قتله و هو أعمى، و الأعمى جنايته خطأ تلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما، فإن لم يكن للأعمى عاقلة لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها ثلاث سنين، و يرجع الأعمى على

ص: 349


1- راجع ج: 28 صفحة: 233.
2- الوسائل: باب 35 من أبواب القصاص في النفس.

و إن لم تكن له عاقلة فمن مال نفسه و إلا فعلى الإمام (26).

مسألة 8: لا تضمن العاقلة جناية عبد و لا بهيمة لو جنت بتفريط من المالك أو بغيره

(مسألة 8): لا تضمن العاقلة جناية عبد و لا بهيمة لو جنت بتفريط من المالك أو بغيره و لا تضمن إتلاف مال (27)، و لا جناية عمد و لا شبهه كما مر (28).

مسألة 9: لو جنى شخص على نفسه خطأ- قتلا أو ما دونه- كان هدرا

(مسألة 9): لو جنى شخص على نفسه خطأ- قتلا أو ما دونه- كان هدرا و لا تضمنه العاقلة (29).

مسألة 10: لو قتل الأب ولده خطأ فالدية على العاقلة

(مسألة 10): لو قتل الأب ولده خطأ فالدية على العاقلة (30)، يرثها الوارث و لا يرث من الدية الأب القاتل (31)،

______________________________

ورثة ضاربه بدية عينيه» (1).

ثمَّ إن احتمال وقوع التهاتر بين الجنايتين في الرواية، و إن كان حسن ثبوتا، لكنه يحتاج إلى دليل معتبر، لأن القصاص و الديات مبني على التشديد، و أخذ الحق، فلا وجه للتهاتر، مع أنه خلاف ظاهر هذا الدليل. نعم لا بأس بالتراضي.

و تقدم في (مسألة 32) من الفصل في شرائط القصاص ما يتعلق بالأعمى الملتفت، و أن عمده ليس خطأ.

(26) ظهر وجهه مما تقدم.

(27) كل ذلك للأصل، و الإجماع، و تقدم أن جناية العبد في رقبته، و مر في مسائل الضمان ما يتعلق بالمقام.

(28) نصا كما تقدم، و إجماعا.

(29) للإجماع، و انصراف أدلة تحمل العاقلة الدية عنه.

(30) لإطلاق ما مر من الأدلة، و عدم الخلاف في البين.

(31) على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، و يدلّ عليه صحيح أبي

ص: 350


1- الوسائل: باب 10 من أبواب العاقلة: 1.

..........

______________________________

عبيدة المحمول على القتل الخطئي بقرينة الإجماع، و ما يأتي من الأخبار، قال:

«سألت أبا جعفر عليه السّلام عن امرأة شربت دواء و هي حامل، و لم يعلم بذلك زوجها، فألقت ولدها؟ قال: فقال: إن كان له عظم و قد نبت عليه اللحم، عليها دية تسلمها إلى أبيه- إلى أن قال- قلت له: فهي لا ترث ولدها من ديته مع أبيه؟ قال: لا، لأنها قتلته، فلا ترثه» (1)، و به يخصص المطلقات مثل قوله عليه السّلام: «القاتل لا يرث» بخصوص الدية في القتل الخطئي لا مطلق التركة، و كذا النبوي الآتي و غيره.

و أما معتبرة العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السّلام: «لا يرث الرجل الرجل إذا قتله، و إن كان خطأ» (2)، و في رواية فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا يرث الرجل أباه إذا قتله و إن كان خطأ» (3)، و في صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «المرأة ترث من دية زوجها و يرث من ديتها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه» (4)، و قريب منه صحيح عبيد بن زرارة (5)، إلى غير ذلك من الروايات، فهي إما محمولة على خصوص الدية فقط في مورد الخطأ، بقرينة ما تقدم من الإجماع و غيره، كما في معتبرة العلاء و رواية فضيل، أو محمولة على العمد، كما في صحيحي محمد بن قيس و عبيدة بن زرارة.

و يدل على ما ذكرنا صحيح عبد اللّه بن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل أمه أ يرثها؟ قال: إن كان خطأ ورثها، و إن كان عمدا لم يرثها» (6)، أي ورث من التركة، و صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إذا قتل الرجل امه خطأ ورثها، و إن قتلها متعمدا فلا يرثها» (7).

و قد ذهب إلى هذا التفصيل جمع كثير من القدماء، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «ترث المرأة من مال زوجها و من ديته، و يرث الرجل من مالها

ص: 351


1- الوسائل: باب 8 من أبواب موانع الإرث: 1 و 2.
2- الوسائل: باب 9 من أبواب موانع الإرث: 4 و 3.
3- الوسائل: باب 9 من أبواب موانع الإرث: 4 و 3.
4- الوسائل: باب 8 من أبواب موانع الإرث: 1 و 2.
5- الوسائل: باب 11 من أبواب موانع الإرث: 1.
6- الوسائل: باب 9 من أبواب موانع الإرث: 2.
7- الوسائل: باب 9 من أبواب موانع الإرث: 1.

و إن لم يكن له وارث غيره يرثها الإمام عليه السّلام (32)، و لو قتله عمدا أو شبهه فالدية عليه و لا نصيب له منها (33).

مسألة 11: لو هرب القاتل العامد و لم يقدر عليه أو مات

(مسألة 11): لو هرب القاتل العامد و لم يقدر عليه أو مات فإن كان له مال أخذت الدية منه و إلا فمن الأقرب فالأقرب، و إن لم تكن له قرابة أدّاها الإمام عليه السّلام (34).

______________________________

و ديتها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدا فلا يرث ماله و لا من ديته، و إن قتله خطأ ورث من ماله و لا يرث من ديته» (1).

و أما الآية الشريفة وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ (2)، على فرض العموم و الشمول للقاتل لكونه من أهله، فلا بد من تخصيصها بما تقدم من المستفيضة، مع أن المنساق منها الغيرية، أي يؤدي الدية إلى غير نفسه من أهله.

(32) للإجماع، و لما يأتي في كتاب الإرث من أنه وارث من لا وارث له.

(33) إجماعا، و نصوصا كما تقدمت. و يأتي في كتاب الإرث حكم شبه العمد بالنسبة إلى الإرث من التركة.

(34) لمعتبرة أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا متعمدا ثمَّ هرب القاتل فلم يقدر عليه؟ قال: إن كان له مال أخذت الدية من ماله، و إلا فمن الأقرب فالأقرب، فإن لم يكن له قرابة أدّاه الإمام، فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم» (3)، و تقدم في (مسألة 32) من فصل استيفاء القصاص ما يتعلق بالمقام.

ص: 352


1- السنن الكبرى للبيهقي ج: 6 صفحة: 221.
2- سورة النساء: 92.
3- الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة: 1.
مسألة 12: لو لم تؤد العاقلة الدية بعد استقرارها عليها لعجزها أو لعدم إمكان وصول المجني عليه إليها أصلا

(مسألة 12): لو لم تؤد العاقلة الدية بعد استقرارها عليها لعجزها أو لعدم إمكان وصول المجني عليه إليها أصلا أخذت من مال الجاني و كذا لو لم تكن له عاقلة أصلا (35)، و إن لم يكن له مال تؤخذ من الإمام عليه السّلام من بيت المال (36).

أما الثالثة: و هي كيفية التقسيط

اشارة

أما الثالثة: و هي كيفية التقسيط و قد مر أن الدية في القتل الخطإ تستأدى في ثلاث سنين كل سنة ثلث منها (37)،

______________________________

(35) لأصالة عدم سقوط الدية، و العاقلة إنما تؤخذ بها في صورة التمكن منها، و تجب عليه ابتداء، و أما مع عدم التمكن، فمقتضى الأصل عدم السقوط عن الجاني. و يستظهر ما ذكرناه من روايات كثيرة مثل صحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم؟ فقال: عليه الدية و صوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم- الحديث-» (1)، و قريب منه غيره (2)، المحمولان على عدم وجود العاقلة، أو عجزها عن أداء الدية، أو إنكارها لها بالمرة.

(36) على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، و يدل عليه معتبرة أبي عبيدة المتقدمة، و التعليل الوارد في رواية أبي بصير التي تقدمت آنفا، هذا إذا لم يتمكن الجاني من الأداء بالتأجيل، و إلا فلا تصل النوبة إلى بيت المال، كما هو واضح.

(37) لقول علي عليه السّلام كما في صحيحة أبي ولّاد عن الصادق عليه السّلام: «تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين، و تستأدى دية العمد في سنة» (3)، و تقدم في مسألة

ص: 353


1- الوسائل: باب 3 من أبواب ديات النفس: 4.
2- الوسائل: باب 11 من أبواب القصاص في النفس: 9.
3- الوسائل: باب 4 من أبواب ديات النفس.

من غير فرق بين دية الرجل و المرأة (38)، و لا بين دية قتل الخطئي و سائر الجراحات من الموضحة و ما فوقها (39)، كانت الدية مقدرة شرعا أو لا (40)، و لا يقف ضرب الأجل إلى حكم الحاكم (41).

مسألة 13: ابتداء زمان التأجيل في دية القتل خطأ من حين استقرارها و هو الموت

(مسألة 13): ابتداء زمان التأجيل في دية القتل خطأ من حين استقرارها و هو الموت (42)، و في الجناية على الأطراف من حين وقوعها (43)، و في السراية من حين انتهاء السراية و الشروع في الاندمال (44).

______________________________

18 من الفصل الثاني من مقادير الديات ما يتعلق بالمقام.

(38) لما مرّ من الإطلاق، و كذا لا فرق بين الدية الناقصة كدية الذمي، أو التامة كدية الحر المسلم.

(39) للإطلاق، مضافا إلى الإجماع.

(40) لأن المستفاد من مجموع الأدلة أن ضمان الجنايات في الخطأ على العاقلة تستأدى ثلاث سنين، و لا موضوعية لخصوص دية النفس من حيث هي، و إنما ذكرت من باب الغالب و المثال لكل جناية، و انها أهمها فيكون الضمان مطلقا- مقدرة كانت أو غير مقدرة- على العاقلة إن تحققت الشرائط، و على ذلك فيترتب عليه من الاحكام كالتقسيط زمانا، و تقدم في مسألة 18 من الفصل الثاني من مقادير الديات ما يرتبط بالمقام فراجع. و اللّه العالم.

(41) للأصل و الإطلاق، و أنها دين مؤجل شرعي و أداؤه لا يتوقف على حكم الحاكم.

(42) للإجماع، بل به تثبت الدية و لا شي ء قبله.

(43) لظواهر الأدلة، مضافا إلى الإجماع.

(44) لأن بالاندمال و انتهاء السراية يتبين استقرار الدية، فتشمله الإطلاقات حينئذ.

ص: 354

مسألة 14: تقسّم الدية على العاقلة بالسوية

(مسألة 14): تقسّم الدية على العاقلة بالسوية (45)، إلا إذا رأى الحاكم الشرعي المصلحة الموجبة للتغيير و الاختلاف في الكمية (46)، و لا يرجع بها على الجاني (47).

مسألة 15: يعتبر الترتيب في العاقلة حسب ترتيب الإرث

(مسألة 15): يعتبر الترتيب في العاقلة حسب ترتيب الإرث أي:

الأقرب فالأقرب، فيؤخذ من الآباء و الأولاد ثمَّ الأجداد و الاخوة من الأب و أولادهم و إن نزلوا، ثمَّ الأعمام و أولادهم و إن نزلوا و هكذا بالنسبة إلى سائر الطبقات (48).

______________________________

(45) لأصالة التسوية في كل تقسيم إلا إذا دلّ الدليل على الخلاف، و لم يصل إلينا الدليل كذلك، و يمكن حمل ما ذهب إليه جمع من أن أمر التقسيم بيد الإمام عليه السّلام، أو نائبه، على ما ذكرناه.

و أما التفصيل بين الغني و الفقير، فعلى الأول عشرة قراريط، أي نصف الدينار، و على الفقير خمسة قراريط، أي ربعه، ليس له وجه يعتمد عليه.

(46) لأن ذلك من الولاية على الحسبة، فلو رأى الحاكم الشرعي الضرر أو الحرج على أحد منهم، فله الولاية على التأجيل، أو التغيير في التقسيط بحيث لا يجحف على أحد. و اللّه العالم.

(47) للأصل، و ظواهر ما تقدم من النصوص، من أن الحق عليهم، و ليس ذلك من الحقوق التي تقابل بالمال، و بها ترفع اليد عن قاعدة: «الضمان على المتلف».

(48) على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، و يمكن الاستدلال بإطلاق الآية المباركة وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ (1)، و في رواية يونس

ص: 355


1- سورة الأنفال: 75.
مسألة 16: لو ثبت عجز بعض أفراد العاقلة عن أداء ما عليه من الدية تكون على المتمكن من الأداء

(مسألة 16): لو ثبت عجز بعض أفراد العاقلة عن أداء ما عليه من الدية تكون على المتمكن من الأداء (49)، و لو مات بعضهم فإن كان بعد انتهاء الحول أخذ من تركته (50)، و كذا لو كان في أثنائه (51)، و إن كان قبل الدخول فيه سقطت عنه (52)،

______________________________

المنجبرة بالشهرة عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل إذا قتل رجلا خطأ فمات قبل أن يخرج إلى أولياء المقتول من الدية، أن الدية على ورثته، فإن لم يكن له عاقلة فعلى الوالي من بيت المال» (1).

و ما قيل من أنه يجمع بين القريب و البعيد تمسكا بالإطلاق.

مخدوش بالآية المباركة، و الشهرة، و الرواية المنجبرة.

(49) لأن العجز كاشف عن عدم تعلق التكليف به. نعم لو كان قادرا على تحصيل ما عليه من غير حرج، يكلّف هو بنفسه.

(50) لثبوت التكليف بالنسبة إليه، و لا فرق في ذلك بين أن يكون تكليفا محضا، أو مشوبا بالوضعية، لأن المنساق من الأدلة نحو تكليف بأداء المال، فما دام المال موجودا يصح التكليف به، مضافا إلى الإجماع، و تقدم الكلام في الزكاة و الخمس و غيرهما ما يتعلق بالمقام.

(51) لتعلق الوجوب، و التأخير نحو إرفاق من الشارع. و لكن احتمال كون أصل الوجوب حاصل بعد الحول، يقتضي الاحتياط في تراضي الورثة.

(52) لكشف ذلك عن عدم ثبوت التكليف بالنسبة إليه، سواء كان وضعيا، أم تكليفيا فقط، و إنما كان له اقتضاء ذلك فقط، و بالموت يستكشف عدم تأثير المقتضي أثره، كما إذا علم بالقضية فمات الطرف بالإخبار قبل حكم الحاكم، أو مات قبل انتهاء السراية مثلا.

ص: 356


1- الوسائل: باب 6 من أبواب العاقلة.

و اما لو كان غائبا فلا يسقط عنه (53).

مسألة 17: لو ثبت أصل القتل بالحجة الشرعية و ادّعى القاتل الخطأ و أنكرت العاقلة

(مسألة 17): لو ثبت أصل القتل بالحجة الشرعية و ادّعى القاتل الخطأ و أنكرت العاقلة فالقول قولهم مع اليمين (54).

مسألة 18: لو جنى عمدا قبل بلوغه على شخص ثمَّ بلغ فسرى و مات المجني عليه بعد البلوغ

(مسألة 18): لو جنى عمدا قبل بلوغه على شخص ثمَّ بلغ فسرى و مات المجني عليه بعد البلوغ فالدية على العاقلة (55).

مسألة 19: لو حلّت المدة في دية القتل الخطئي يطالب الدية ممن تعلقت به

(مسألة 19): لو حلّت المدة في دية القتل الخطئي يطالب الدية ممن تعلقت به (56) و يجوز للعاقلة و غيرها أن تؤدي ما عليه قبل حلول الحول (57).

______________________________

(53) لتعلق الحكم بالعنوان، و لا فرق فيه بين الحاضر و الغائب، فيشمله الإطلاق، مضافا إلى الإجماع.

(54) لأن الأصل في الجناية ثبوت الدية على الجاني نفسه، إلا ما خرج بالدليل، و هو ما ثبت القتل الخطئي بالبينة، و لا مع الإقرار بالخطإ، لأنه إقرار في حق الغير و مجرد دعوى لا بد من إثباتها، و يكفي اليمين على عدم العلم بالخطإ فيها ترتفع الخصومة، فلا بد للجاني من أداء الدية من مال نفسه.

(55) لأن أصل الحدوث كان قبل البلوغ، فهو على العاقلة، و لا أثر لزمان الموت، لأن الجناية الأولى سرت فمات، لا أن تكون في البين جنايتان مختلفتان لفرض السراية، فالسبب كان علة تامة للموت عند أهل الخبرة.

(56) لتحقق المقتضي لذلك و فقد المانع.

(57) لما تقدم من أن التأجيل نحو إرفاق من الشارع، فيجوز له التقديم لو أراد إبراء ذمته قبل ذلك.

ص: 357

مسألة 20: لو تعددت الجناية تتعدد الدية على العاقلة

(مسألة 20): لو تعددت الجناية تتعدد الدية على العاقلة كما لو ألقت الأم حملها بعد ولوج الروح خطأ و بان أن الحمل توأمان أو أكثر (58).

مسألة 21: لا يدور وجوب الدية على العاقلة مدار كونها وارثا فيجب العقل

(مسألة 21): لا يدور وجوب الدية على العاقلة مدار كونها وارثا فيجب العقل و لو لم يكن وارثا لجهة من الجهات (59).

مسألة 22: لو جنى ذمي على مسلم خطأ ثمَّ أسلم فسرت الجناية فمات المجني عليه فديته من مال الجاني

(مسألة 22): لو جنى ذمي على مسلم خطأ ثمَّ أسلم فسرت الجناية فمات المجني عليه فديته من مال الجاني (60)، و كذا لو جرح مسلم مسلما خطأ ثمَّ ارتد الجاني فسرت الجناية و مات فالدية على العاقلة (61).

مسألة 23: يجوز للجاني دفع الدية من مال نفسه و إن كانت له عاقلة

(مسألة 23): يجوز للجاني دفع الدية من مال نفسه و إن كانت له عاقلة (62)، و لكن الأحوط أن يكون ذلك بإذنهم (63)،

______________________________

(58) لتعدد السبب الموجب لتعدد المسبب، مضافا إلى الإجماع، و كذا لو قتل شخص أشخاصا متعددة خطأ.

(59) للأصل، و إطلاقات الأدلة الظاهرة في عدم التلازم بينهما- إلا ما تقدم- و ما يظهر من بعض النصوص في دوران العقل مدار الإرث، محمول كما تقدم.

(60) لخروجه عن كونه عاقلا في حالة الجناية كما مر، سواء كانت العاقلة كافرا، أم مسلما.

(61) لحدوث الجناية حين تحققها جامعة للشرائط، فتكون الدية على العاقلة حينئذ. نعم لو كانت فاقدة للشرائط، فالدية على الجاني.

(62) لأن الظاهر من الأدلة أن ذلك نحو حق ارفاقي على الجاني، فيجوز له أن يتصدى لذلك بنفسه.

(63) لاحتمال أن يكون الحق إلزاميا بالنسبة إليهم، و عفو المجني عليه مثل عفو المديون عن أصل الدين، يوجب زوال أصل الموضوع، فلا ينافي احتمال كون أصل الحق إلزاميا.

ص: 358

بل الأحوط من ذلك أن يهبهم الدية ثمَّ هم يعطونها لولي المجني عليه (64).

مسألة 24: لا يجب في أداء الدية أن يكون المال ملكا للعاقلة

(مسألة 24): لا يجب في أداء الدية أن يكون المال ملكا للعاقلة فلو لم تكن ملكهم و لكن جاز لهم التصرف فيه مطلقا يكفي في إعطاء الدية و كذا في الجاني لو اعطي الدية (65)، و تتحقق الملكية بقبض المجني عليه أو أولياؤه (66).

مسألة 25: لو أدّى الجاني الدية إلى المجني عليه جهلا بالحكم أو عمدا لا يرجع بها إلى العاقلة

(مسألة 25): لو أدّى الجاني الدية إلى المجني عليه جهلا بالحكم أو عمدا لا يرجع بها إلى العاقلة (67).

______________________________

(64) خروجا عن احتمال كونه من مجرد الحكم، و يجرى الكلام في من تبرع بالدية.

(65) للأصل، و لأن المناط وصول عوض الجناية إلى المجني عليه أو وكيله، كما هو المقرر شرعا، و المفروض تحقق ذلك.

(66) لما تقدم في محله: أن به تتحقق الملكية و تستقر، إلا إذا كانت أمارة على الخلاف.

(67) لأنه أقدم على هدرية ماله و تفريغ ذمته بلا عوض، فلا ضمان على أحد. نعم لو أدّاها بإذن العاقلة فحينئذ يتبع مقدار الإذن في الرجوع إليهم.

و دعوى: أن الحق أولا، و بالذات تعلق بالعاقلة فللجاني أن يأخذ ذلك منهم.

غير صحيحة: لما تقدم من الأصل في عوض الجناية أنه على الجاني نفسه، إلا ما خرج بالدليل، و إنما تجب على العاقلة على نحو الاقتضاء، و بذلك يكشف عن عدم اقتضائه، و مع ذلك فالأحوط المراضاة، لما مرّ في (مسألة 23).

ص: 359

مسألة 26: تسترجع العاقلة الدية من ولي المجني عليه

(مسألة 26): تسترجع العاقلة الدية من ولي المجني عليه لو انكشف أن إعطاءها لم يكن جامعا للشرائط المتقدمة (68)، و لو تلفت في يد المجني عليه أو وليه يتحقق الضمان (69).

______________________________

(68) لانكشاف بطلان أصل الموضوع. فمقتضى السلطنة، و الأصل، بقاء المال على ملك مالكه.

(69) لقاعدة: من أتلف مال الغير فهو له ضامن، إلا إذا ثبت في البين غرور.

ص: 360

الفصل الحادي عشر في كفارة القتل

اشارة

الفصل الحادي عشر في كفارة القتل

مسألة 1: تجب كفارة الجمع بقتل المسلم عمدا و ظلما

(مسألة 1): تجب كفارة الجمع بقتل المسلم عمدا و ظلما. و هي عتق رقبة مع صيام شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكينا (1)، بلا فرق بين أن يكون المقتول حرا أو عبدا عاقلا أو مجنونا صبيا- محكومين بالإسلام- حتى الجنين إن ولج فيه الروح أو بالغا (2)، و لا تجب الكفارة مطلقا بقتل الكافر (3).

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح ابن بكير عن الصادق عليه السّلام «سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، هل له توبة؟ فقال إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له، و إن كان قتله لغضب أو لسبب من أسباب الدنيا فإن توبته أن يقاد منه، و إن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقرّ عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية، و أعتق نسمة، و صام شهرين متتابعين، و أطعم ستين مسكينا توبة الى اللّه عزّ و جلّ» (1)، و تقدم في كتاب الكفارات ما يتعلق بالمقام.

(2) كل ذلك للإطلاق، مضافا إلى الإجماع، و صدق عنوان القتل في الجميع. و في الجنين إذا لم يلج فيه، الروح فلا كفارة فيه، للأصل، و إلا ففيه الكفارة.

(3) ذميا كان أو غيره، عمدا كان القتل أو خطأ، كل ذلك للأصل،

ص: 361


1- الوسائل: باب 9 من أبواب القصاص في النفس: 1.

مسألة 2: إنما تجب الكفارة لو كان القتل بالمباشرة 4، لا بالتسبيب

(مسألة 2): إنما تجب الكفارة لو كان القتل بالمباشرة (4)، لا بالتسبيب (5).

مسألة 3: تجب الكفارة المرتبة في قتل الخطأ المحض، و قتل شبه العمد

(مسألة 3): تجب الكفارة المرتبة في قتل الخطأ المحض (6)، و قتل شبه العمد (7)، و هي العتق فإن عجز فصيام شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكينا (8)، سواء وقع القتل في أشهر الحرم أم في غيرها (9).

______________________________

و الإجماع، و تصريح النصوص بالإيمان.

(4) بحيث هو يتولى القتل بلا تأول، كما مرّ.

(5) لأنه المنساق من النصوص، مضافا إلى الإجماع، فلو طرح حجرا أو حفر بئرا في طريق المسلمين فعثر عاثر فهلك، ففيه الضمان، و الدية- كما مر- و ليس فيه كفارة.

(6) كتابا، و سنة، كما تقدم في كتاب الكفارات، فلا وجه للإعادة هنا (1).

(7) لاندراجه في الخطأ إجماعا.

(8) لصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «و إذا قتل خطأ أدّى ديته إلى أوليائه ثمَّ أعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا مدا مدا» (2)، ثمَّ إن الآية الشريفة لم يذكر فيها الإطعام، إلا أن السنة المباركة تدلّ على وجوبه مرتبا، كما مر.

(9) على المشهور، لإطلاق الآية المباركة وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ .. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ (3)، و ما تقدم من النص.

و دعوى: أن صحيح زرارة يدلّ على أنها معينة لو وقع القتل الخطئي في

ص: 362


1- راجع ج: 22 صفحة: 328.
2- الوسائل: باب 10 من أبواب الكفارات: 1.
3- سورة النساء: 92.

مسألة 4: لو قبل أولياء المجني عليه في القتل العمدي الدية وجبت الكفارة أيضا و لا تسقط بها

(مسألة 4): لو قبل أولياء المجني عليه في القتل العمدي الدية وجبت الكفارة أيضا و لا تسقط بها (10)، و لا تسقط الكفارة لو أمر المقتول أحدا أن يقتله فقتله (11).

مسألة 5: لو اشترك جماعة في قتل شخص- عمدا أو خطأ- فعلى كل واحد منهم كفارة

(مسألة 5): لو اشترك جماعة في قتل شخص- عمدا أو خطأ- فعلى كل واحد منهم كفارة (12).

______________________________

أشهر الحرم، و هو قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم؟ فقال: عليه الدية، و صوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم، قلت: إن هذا يدخل فيه العيد و أيام التشريق، قال: يصومه فإنه حق لزمه» (1).

باطلة: لأنه مهجور بالإعراض، فيحمل على ما إذا لم يتمكن من العتق، بقرينة ما يأتي في روايته الثانية، أو على التثبت و التأمل في كلفة الصوم، مع أنه مشتمل على صوم يوم العيد الذي هو مخالف لضرورة المذهب بل الدين، كما مر في كتاب الصوم. على أنه معارض بروايته الأخرى عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«سألته عن رجل قتل رجلا خطأ في الشهر الحرام؟ قال عليه السّلام: تغلّظ عليه الدية، و عليه عتق رقبة، أو صيام شهرين من أشهر الحرام» (2)، المحمولة على الترتيب لا التخيير، بقرينة ما تقدم من صحيح ابن سنان.

(10) لأن الصلح على الدية غير مسقط للكفارة بعد تحققها، مضافا إلى الإجماع.

(11) للأصل، و الإطلاق، و العموم.

(12) لصدق العنوان بالنسبة إلى كل واحد منهم، فيشمله الإطلاق، و العموم، مضافا إلى الإجماع.

ص: 363


1- الوسائل: باب 3 من أبواب ديات النفس: 4.
2- الوسائل: باب 8 من أبواب الصوم الواجب.

مسألة 6: تجب الكفارة على الكافر لو قتل مسلما

(مسألة 6): تجب الكفارة على الكافر لو قتل مسلما (13)، و لو أسلم تسقط عنه (14)، و هل تجب على من قتل نفسه (15).

مسألة 7: لو قتل من أباح الشارع دمه فلا كفارة فيه

(مسألة 7): لو قتل من أباح الشارع دمه فلا كفارة فيه (16).

مسألة 8: لو قتل صبي أو مجنون مسلما تتعلق به الكفارة

(مسألة 8): لو قتل صبي أو مجنون مسلما تتعلق به الكفارة (17)،

______________________________

(13) لعموم النص، و إطلاقه، و أنهم مكلفون بالفروع كتكليفهم بالأصول، كما تقدم مكررا.

(14) لأن «الإسلام يجب ما قبله» (1).

(15) من انسباق الغير من الأدلة، و أنه لا بد و أن يكون القاتل غير المقتول، فلا تجب. و من الجمود على بعض الإطلاقات فتجب، فالأحوط لورثته إخراج الكفارة من تركته برضائهم.

(16) لفرض إباحة الشارع دمه، فلا موجب للكفارة. نعم أثم القاتل حيث لم يستأذن من الإمام أو نائبه، لأن الاستئذان منه واجب نفسي، و هذا لا ربط له بأصل القتل.

(17) لشمول الخطابات- كالعمومات، و الإطلاقات- لهما وضعيا كانت أو تكليفيا، و لذا بنى المشهور من محققي الفقهاء (قدس اللّه أسرارهم الشريفة) على أن عبادات الصبي شرعية. نعم حديث رفع القلم (2)، يرفع الإلزام دون أصل الشرعية و الثبوت، و حينئذ يجوز للولي إخراج الكفارة المالية من ماله إن كان له مال، و إلا فيتبع بعد بلوغه، و لو أخرجها الصبي جامعا للشرائط، و تحقق منه قصد القربة، أجزأ.

و قد تقدم سابقا أن الحكم في الكفارات تكليفي، مشوب بالوضعي. و مع الشمول لها لا وجه لجريان الأصل. كما لا وجه لجريان حديث الرفع في

ص: 364


1- تفسير القمي ج: 2 صفحة: 27 و راجع مهذب الاحكام ج: 7 صفحة: 288.
2- الوسائل: باب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 11.

و لكنها كفارة خطأ مطلقا (18).

مسألة 9: إذا قتل القاتل قصاصا أو مات لا تسقط الكفارة

(مسألة 9): إذا قتل القاتل قصاصا أو مات لا تسقط الكفارة (19).

______________________________

المقام، لأنه إنما يجري في رفع كلفة التكليف، لا في أصل المشروعية و الجواز.

(18) لأن عمدهما خطأ كما مر.

(19) للأصل، و الإطلاق، مضافا إلى الإجماع.

و دعوى: عدم وجوب الكفارة بالقود للأصل، و لأنه كفارة، لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «الحدود كفارة» (1)، و قول الصادق عليه السّلام في معتبرة عبد اللّه بن سنان:

«كفارة الدم إذا قتل الرجل مؤمنا متعمدا فعليه أن يمكّن نفسه من أوليائه، فإن قتلوه فقد ادّى ما عليه، إذا كان نادما على ما كان منه عازما على ترك العود، و إن عفى فعليه أن يعتق رقبة، و يصوم شهرين متتابعين و يطعم ستين مسكينا، و أن يندم على ما كان منه و يعزم على ترك العود، و يستغفر اللّه تعالى أبدا ما بقي» (2)، و قريب منها غيرها.

لا وجه لها: لأن الأصل لا معنى له في مقابل الإطلاقات، و العمومات، و أما قول النبي صلّى اللّه عليه و آله ظاهر في خصوص ما صدر منه من الذنب بالقتل أو غيره، و ان الحدّ كالقود و القتل رافع للذنب و الإثم، فلا ينافي ذلك ثبوت الكفارة- التي تعلقت بالأموال بل هو نظير قولهم عليهم السّلام: «كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان» (3)، بدليل آخر.

و أما قول الصادق عليه السّلام في المعتبرة: «فقد أدّى ما عليه» من الضمان و القصاص، و لا ناظر للكفارة أصلا.

و أما بقية الأخبار التي قد يستفاد منها عدم الكفارة في صورة القود

ص: 365


1- سنن البيهقي ج: 8 باب (الحدود و الكفارات) صفحة: 329.
2- الوسائل: باب 28 من أبواب الكفارات: 2.
3- الوسائل: باب 33 من أبواب الكفارات.

و كذا في القتل الخطئي لو مات قبل أدائها (20).

مسألة 10: تتعدد الكفارة إن تعدد موجبها

(مسألة 10): تتعدد الكفارة إن تعدد موجبها (21).

مسألة 11: لو قتل شخص باعتقاد أنه كافر ثمَّ انكشف أنه مؤمن تجب الكفارة

(مسألة 11): لو قتل شخص باعتقاد أنه كافر ثمَّ انكشف أنه مؤمن تجب الكفارة (22).

______________________________

بالمفهوم، يشكل التمسك بها لنفيها، لعدم كونها في مقام بيان العلية لذلك، بل في مقام ذكر أحد الأفراد، فلا يستفاد منها المفهوم المعتبر.

(20) لأن ظاهر الخطاب في الكفارات و ان كان تكليفيا إلا أنها مشوبة بالوضعية، و لذا لا تسقط بالموت، مثل كفارات الإحرام. و خلف النذر و اليمين و الإفطار و غيرها. و اللّه العاصم من الزلل.

(21) للأصل، ما لم يدلّ دليل على الخلاف و هو مفقود، مضافا إلى الإجماع، فلو قتل شخص أشخاصا كثيرة عمدا و ظلما، تجب كفارات الجمع حسب عدد المقتولين، و كذا لو تصادمت الحاملان فماتتا مع جنينيهما وجبت على كل واحدة أربع كفارات إن ولجت الروح في الجنين، و التزمنا بوجوبها على القاتل، و إن لم يلجه الروح فكفارتان على كل واحدة منهما، كما هو واضح.

(22) للإطلاق، و العموم، مضافا إلى الإجماع، و أن الاعتقاد لا يوجب سقوط الكفارة، كما تقدم في الدية.

ص: 366

الفصل الثاني عشر في الجناية على الحيوان

اشارة

الفصل الثاني عشر في الجناية على الحيوان و أنها باعتبار المجني عليه على أقسام:

الأول: ما يحل أكل لحمه عادة كالأنعام الثلاثة و غيرها

اشارة

الأول: ما يحل أكل لحمه عادة كالأنعام الثلاثة و غيرها فمن أتلف منها شيئا بالذكاة لزمه التفاوت بين كونه حيا و ذكيا (1)، و لو لم يكن بينهما تفاوت فلا شي ء عليه و إن كان آثما (2)، و لو أتلفه بغير تذكية ضمن قيمته (3)، و لو بقي فيه ما ينتفع به كالصوف و الشعر و غيرهما فهو للمالك (4).

مسألة 1: ليس للمالك إلزام الجاني بالقيمة عن الحيوان المذكى

(مسألة 1): ليس للمالك إلزام الجاني بالقيمة عن الحيوان المذكى (5)،

______________________________

(1) لقاعدة الإتلاف، مضافا إلى الإجماع، و عدم خروج الحيوان عن ملك صاحبه بالجناية، فله أخذ التفاوت في المالية فقط، لبقاء المالية فيه شرعا، و عرفا.

(2) لفرض عدم تفويت شي ء عليه، و أن التصرف في مال الغير بغير رضاه و عدم الإتلاف، موجب للإثم.

(3) لقاعدة الإتلاف: «من أتلف مال الغير فهو له ضامن»، و للإجماع.

(4) للأصل، و يوضع من قيمته التي يغرمها الجاني بالمراضاة بينهما، و إلا فمقتضى المعاوضة بالضمان يكون المتلف للجاني بمقتضى ضمانه للقيمة.

(5) للأصل، بعد فرض عدم خروج ذات الحيوان عن المالية بذلك، و أنه

ص: 367

و دفعه إليه بل له أخذ ما به التفاوت (6).

مسألة 2: لو خرج بالذبح عن القيمة يضمنه الجاني

(مسألة 2): لو خرج بالذبح عن القيمة يضمنه الجاني كما في بعض أقسام الطيور المحلّلة (7).

مسألة 3: لو قطع بعض أعضاء الحيوان أو جرحه أو كسر بعض عظامه مع استقرار حياته فعليه الأرش

(مسألة 3): لو قطع بعض أعضاء الحيوان أو جرحه أو كسر بعض عظامه مع استقرار حياته فعليه الأرش (8)، من غير فرق بين عين ذات القوائم الأربع و غيرها (9)،

______________________________

باق على ملك مالكه. نعم لو كانت له منافع أخرى كاللبن و نحوه، يصح له مطالبة القيمة حينئذ، لفرض أنه فوّتها على المالك.

و ما عن بعض من أن له المطالبة بالقيمة مطلقا، لأنه بالذبح الشرعي يكون بحكم التلف.

مردود، لأنه بذلك لا يكون بحكم التلف لا شرعا، بل و لا عقلا، و لا عرفا، و إن فات بعض المنافع. نعم لو تراضيا بالقيمة لا وجه للإشكال حينئذ.

(6) ظهر وجهه مما تقدم.

(7) لفوات المالية عرفا، فيضمن لا محالة، كما في بعض أقسام الطيور أو النحل أو غيرهما.

(8) لضمان تدارك ما فات من المالية ما بين الصحيح و المعيب، و أن ضمان الأجزاء كضمان أصل العين، مضافا إلى الإجماع.

(9) لما تقدم من القاعدة، و ما في بعض الأخبار من أن في عين ذوات القوائم الأربع ربع ثمنها، كما في صحيح ابن أذينة قال: «كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله عن رواية الحسن البصري يرويها عن علي عليه السّلام في عين ذات الأربع قوائم إذا فقئت ربع ثمنها، فقال: صدق الحسن، قد قال علي عليه السّلام ذلك» (1)،

ص: 368


1- الوسائل: باب 47 من أبواب ديات الأعضاء: 2 و 13.

و مع عدم استقرار الحياة فعليه تمام القيمة (10)، و كذا في إلقاء جنين البهيمة (11).

الثاني: ما يصح ذكاته و لا يؤكل لحمه شرعا كالنمر و الأسد و الفهد و غيرها من السباع

اشارة

الثاني: ما يصح ذكاته و لا يؤكل لحمه شرعا كالنمر و الأسد و الفهد و غيرها من السباع فإن أتلفه بالذكاة ضمن الأرش (12)، و كذا في قطع جوارحه و كسر عظامه مع استقرار حياته (13)، و لو أتلفه لا بالذكاة ضمن قيمته حيا (14)، يوم الأداء (15)،

______________________________

و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن قيس: «قضى علي عليه السّلام في عين فرس فقئت ربع ثمنها يوم فقئت العين» (1)، و عن الصادق عليه السّلام: «من فقأ عين دابة فعليه ربع ثمنها» (2)، محمول على أن الأرش هو الربع في تلك الأزمنة، و إلا فلا بد من ردّ علمها إلى أهلها، لهجر الأصحاب عنها، و لا فرق في عين الحيوان بين مأكول اللحم عادة أو غيره و إن حل أكله شرعا، فلا تشمل محرم الأكل، لانصرافها عنه.

(10) لقاعدة الإتلاف.

(11) ظهر وجه ذلك مما تقدم من القاعدة، و أما رواية السكوني عن الصادق عليه السّلام: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في جنين البهيمة إذا ضربت فأزلفت عشر قيمتها» (3)، محمولة على الأرش في تلك الأزمنة كذلك، كما مر في غيرها، و إلا فيرد علمها إلى أهلها.

(12) لما عرفت من بقاء المالية و ملك مالكه عرفا في مثل الجلد و العظم بعد التذكية، فلا بد من تدارك ما فات من المالية.

(13) لقاعدة الإتلاف، مضافا إلى الإجماع.

(14) لفوات المالية، فتشمله القاعدة، و للإجماع.

(15) لما تقدم في كتاب البيع و غيره من أن المدار على قيمة يوم الأداء.

ص: 369


1- الوسائل: باب 47 من أبواب ديات الأعضاء: 2 و 13.
2- الوسائل: باب 47 من أبواب ديات الأعضاء: 2 و 13.
3- الوسائل: باب 18 من أبواب ديات النفس: 2.

و يستثنى من القيمة ما ينتفع به من الميتة كعظم الفيل و نحوه (16).

مسألة 4: لو كان الحيوان مما لا يؤكل لحمه عادة و إن حلّ أكله شرعا كالخيل و البغال و الحمير الأهلي

(مسألة 4): لو كان الحيوان مما لا يؤكل لحمه عادة و إن حلّ أكله شرعا كالخيل و البغال و الحمير الأهلي ضمن القيمة بالإتلاف سواء أتلفه بالتذكية أم بغيرها (17).

مسألة 5: لا يستثنى من القيمة لحم ما لا يؤكل عادة

(مسألة 5): لا يستثنى من القيمة لحم ما لا يؤكل عادة (18)، إلا إذا فرضت له قيمة في ظروف خاصة (19).

مسألة 6: لو شك في أن الحيوان الذي وقعت عليه الجناية مما يؤكل عادة مثل البقر أو لا يؤكل عادة كالفرس

(مسألة 6): لو شك في أن الحيوان الذي وقعت عليه الجناية مما يؤكل عادة مثل البقر أو لا يؤكل عادة كالفرس ضمن القيمة إن لم يمكن الاستفادة من لحمه (20).

______________________________

(16) لفرض المالية له عرفا، و عدم ورود النهي عنه شرعا.

(17) لعدم المالية عرفا بعد الإتلاف، إذ المقصود من تلك الحيوانات الظهر، و لذا لا يستثنى لحمه من الغرامة، لعدم القيمة للمذكى منها عرفا، فلا فرق في الإتلاف بالتذكية أو بغيرها، و يدل على ذلك رواية أبي الجارود قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كانت بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يردّونها عن شي ء وقعت فيه، قال: فأتاها رجل من بني مدلج و قد وقعت في قصب له ففوّق لها سهما فقتلها، فقال له علي عليه السّلام: و اللّه لا تفارقني حتى تؤديها قال: فوداها ستمائة درهم» (1).

(18) لأنه لا قيمة له عرفا، لعدم المنفعة المعتنى بها، و لذا لا يتنافسون في تحصيله.

(19) كظرف المجاعة لا سمح اللّه، فتكون له قيمة عرفا.

(20) لقاعدة الإتلاف، نعم لو ترددت القيمة بين الأقل و الأكثر يؤخذ بالمتيقن، و يستثنى المتلف إن كان له مالية عرفا.

ص: 370


1- الوسائل: باب 27 من أبواب موجبات الضمان: 1.
مسألة 7: لا فرق في تعلق أرش الجناية بين العمد و الخطأ

(مسألة 7): لا فرق في تعلق أرش الجناية بين العمد و الخطأ و لا بين البالغ و الصبي و العاقل و المجنون (21).

الثالث: ما لا يقع عليه الذكاة كالكلب و الخنزير و الحشرات

اشارة

الثالث: ما لا يقع عليه الذكاة كالكلب و الخنزير و الحشرات ففي كلب الصيد أربعون درهما (22)،

______________________________

(21) كل ذلك للإطلاق، و العموم، و أنه من الوضعيات، و في الصبي و المجنون يخرج الأرش وليهما من مالهما، و إلا فيتبعهما بعد البلوغ و العقل، كما تقدم.

(22) على المشهور، و تدلّ عليه روايات، ففي معتبرة عبد الأعلى بن أعين عن الصادق عليه السّلام قال: «في كتاب علي عليه السّلام دية كلب الصيد أربعون درهما» (1)، و في رواية ابن فضال عن الصادق عليه السّلام: «دية كلب الصيد أربعون درهما، و دية كلب الماشية عشرون درهما» (2)، و في رواية الوليد بن صبيح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «دية الكلب السلوقي أربعون درهما، أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بذلك أن يؤديه لبني خزيمة» (3)، المحمول على كلب الصيد، لغلبة الصيد في الكلاب السلوقية، و السلوق قرية باليمن أكثر كلابها معلّمة.

و ما عن علي عليه السّلام: «فيمن قتل كلب الصيد قال عليه السّلام: يقوّمه، و كذلك البازي، و كذلك كلب الغنم، و كذلك كلب الحائط» (4)، محمول على أن ثمنها أربعون درهما في تلك الأزمنة، أو مطروح لموافقته للعامة، و هجر الأصحاب عنه.

و أما رواية ابن حصين عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في تفسير قوله تعالى:

وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ «البخس: النقص، و هي قيمة كلب الصيد إذا قتل كانت ديته عشرين درهما» (5)، فهي أيضا محمولة على اختلاف الدراهم، أو مطروحة لهجر الأصحاب عنها.

ص: 371


1- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات النفس الحديث: 5 و 4 و 1.
2- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات النفس الحديث: 5 و 4 و 1.
3- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات النفس الحديث: 5 و 4 و 1.
4- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات النفس: 3 و 8.
5- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات النفس: 3 و 8.

بلا فرق بين أقسامه (23)، و في كلب الغنم عشرون درهما (24)، و كذا في كلب الحائط (25)، و في كلب الزرع قفيز من بر (26)، و لا يملك المسلم من الكلاب التي لا منفعة لها مثل كلاب الهراش فلا يضمن قاتلها شيئا (27)، و كذا في الحشرات و الخنزير (28).

______________________________

(23) لما تقدم من الإطلاق، و التقييد في بعض الروايات من باب ذكر أحد أنواع كلب الصيد.

(24) على المشهور لرواية ابن فضال المنجبرة عن الصادق عليه السّلام: «دية كلب الماشية عشرون درهما» و أما رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «دية كلب الغنم كبش» (1)، فيمكن أن يراد به أن قيمة الكبش كانت يومئذ عشرين درهما، أو المراضاة به.

(25) على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، و ما تقدم عن علي عليه السّلام في معتبرة السكوني من التقويم في كلب الحائط، محمول على أن التقويم كان عشرين درهما في تلك الأزمنة، فلا خلاف بينهما. و الحائط هو البستان.

(26) على المشهور، و لكن في رواية أبي بصير: «و دية كلب الزرع جريب من بر» (2)، المحمولة على الأفضلية.

ثمَّ إن ما تقدم في الروايات إنما هي دية مقدرة شرعية، لما تقدم من أقسام الكلاب، و لا يتجاوز عنها لما مر و ذلك لا تنافي قيمتها قد تكون أكثر أو أقل.

(27) لعدم المقتضي للضمان لها، لأنها لا تملك شرعا، فلا وجه للضمان.

(28) لعدم المالية لهما شرعا كما مر، و لو فرض في ميتة الحشرات منافع عقلائية غير منهي عنها شرعا تستثنى من القيمة التي يغرمها الجاني، كما تقدم.

ص: 372


1- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات النفس: 2.
2- الوسائل: باب 19 من أبواب ديات النفس: 2.
مسألة 8: الكلاب التي فيها أغراض صحيحة غير منهي عنها شرعا و لها مالية كالكلاب المعلّمة البوليسيّة في تلفها ضمان القيمة

(مسألة 8): الكلاب التي فيها أغراض صحيحة غير منهي عنها شرعا و لها مالية كالكلاب المعلّمة (البوليسيّة) في تلفها ضمان القيمة (29)، و كذا في غيرها من الحيوانات (30).

مسألة 9: كل ما لا يملكه المسلم كالخمر و آلات القمار و الخنزير

(مسألة 9): كل ما لا يملكه المسلم كالخمر و آلات القمار و الخنزير لا ضمان فيه لو أتلفه (31).

مسألة 10: ما يملكه الذمي كالخمر و الخنزير مضمون بقيمته عند مستحلّيه

(مسألة 10): ما يملكه الذمي كالخمر و الخنزير مضمون بقيمته عند مستحلّيه (32)،

______________________________

(29) لفرض المالية بين العقلاء، و شيوع قيمتها بوقوع المعاوضة عليها و التنافس في اقتنائها، و عدم ورود تحديد دية لها في الشرع، فلا بد من الرجوع إلى العرف في ضمان قيمتها، و ما ورد من التحديدات غير شامل لهذه الكلاب كما هو واضح، فيكون المقتضي للضمان موجودا و المانع عنه مفقودا كما عرفت.

(30) ظهر وجه ذلك مما مر بعد فرض المالية لدى العقلاء لها، و عدم ورود النهي عنها شرعا.

(31) تقدم وجه ذلك من عدم المالية فيها شرعا، نعم في آلات القمار التي هيئتها غير محترمة شرعا دون أصل المادة، فلو أتلف الهيئة دون المادة لا ضمان فيها، و لو استلزم إبطال الهيئة تلف المادة فلا يضمن المادة أيضا، للأمر به شرعا، فلا معنى للضمان حينئذ مع كون الهيئة و المادة مهدورتان.

(32) للإجماع إن لم يخل بشرائط الذمة، لأن بها يحقن ماله و دمه، و إلا يخرج عن الذمة فلا احترام لأموالهم، و لا ضمان حينئذ، و يحمل على ما ذكرنا ما ورد عن علي عليه السّلام: «رفع إليه رجل قتل خنزيرا فضمنه قيمته، و رفع إليه رجل

ص: 373

و في الجناية على أطرافه و جراحاته الأرش (33).

مسألة 11: الخمر التي تتخذ للخل محترمة لا يجوز إهراقها و يضمن لو أتلفها

(مسألة 11): الخمر التي تتخذ للخل محترمة لا يجوز إهراقها و يضمن لو أتلفها (34)، و كذا قارورة الخمر و غيرها من أدواتها و كذا محال آلات اللهو و محفظتها (35).

مسألة 12: تقدم أنه لو أتلف شخص على الذمي خمرا أو آلة اللهو و غيرهما مما يملكها الذمي في مذهبه

(مسألة 12): تقدم أنه لو أتلف شخص على الذمي خمرا أو آلة اللهو و غيرهما مما يملكها الذمي في مذهبه ضمنها المتلف و لو كان مسلما إن عمل الذمي بشرائط الذمة (36)، و إلا فلا ضمان في إتلافها (37)، و لو كانت لمسلم لا يضمنه الجاني متجاهرا كان أو مستترا (38)، و لو كان شي ء لا مالية عند أهل الذمة و لكنه مال عند المسلم فلا ضمان في إتلافه (39).

______________________________

كسر بربطا فأبطله» (1)، و في معتبرة غياث بن إبراهيم عن أبي جعفر عليه السّلام: «أن عليا عليه السّلام ضمن رجلا مسلما أصاب خنزيرا لنصراني» (2)، و تقدم في كتاب الجهاد ما يتعلق بالمقام.

(33) ظهر وجه ذلك مما مر.

(34) لفرض المالية فيها عرفا، و شرعا.

(35) لفرض المالية المحترمة في جميع ذلك، فيضمن بإتلافها، كما مر في كتابي الغصب و البيع.

(36) لما مر سابقا، و تقدم في كتاب الجهاد.

(37) لإخلالهم بشرائط الذمة فلا احترام لهم و لأموالهم، كما تقدم في محله.

(38) لعدم المالية لها بالنهي الشرعي، كما مر في المكاسب المحرمة.

(39) للأصل، بعد عدم تلف مال بالنسبة إلى الذمي، فلا موضوع للضمان،

ص: 374


1- الوسائل: باب 26 من أبواب موجبات الضمان: 1 و 2.
2- الوسائل: باب 26 من أبواب موجبات الضمان: 1 و 2.
مسألة 13: تقدم سابقا أنه لو جنت الدابة على الزرع ضمن صاحبها إن كان في الليل

(مسألة 13): تقدم سابقا أنه لو جنت الدابة على الزرع ضمن صاحبها إن كان في الليل و لو كان في النهار لم يضمن (40)، هذا إن لم يكن تسبيب في البين، و إلا فلو أرسلها صاحبها نهارا إلى الزرع فاتلفته فهو له ضامن (41)، و كذا لو كان التسبيب في الليل (42).

مسألة 14: لو جنى على كلب له دية مقدرة فالضمان بنسبة الناقص إلى الكامل من القيمة السوقية

(مسألة 14): لو جنى على كلب له دية مقدرة فالضمان بنسبة الناقص إلى الكامل من القيمة السوقية (43).

مسألة 15: لو غصب الكلاب غاصب فأتلفها فعليه الدية المقدرة

(مسألة 15): لو غصب الكلاب غاصب فأتلفها فعليه الدية المقدرة (44)، و أما لو تلفت تحت يده بلا تسبب منه فالضمان على القيمة السوقية (45).

______________________________

و يمكن شمول قاعدة: «الإلزام» لذلك أيضا.

(40) تقدم في البحث عن موجبات الضمان، فراجع (مسألة 19) منها.

(41) لقاعدة الإتلاف بالتسبيب، كما تقدم في (مسألة 15) من موجبات الضمان.

(42) لما مرّ من القاعدة بلا فرق بين الليل و النهار. نعم لو خرجت من البيت المعدة لها ليلا بأمر غير عادي، كما إذا هدمت حيطان البيت لزلزلة و خرجت أو أخرجها السارق أو غير ذلك، فلا ضمان على صاحبها، لعدم صحة نسبة الإتلاف إليه عرفا، ليلا كان أو نهارا.

(43) لأنها المدار في الماليات، و ما مرّ من التقادير إنما هي ديات للكلاب المتقدمة لا قيمتها، فيرجع إليها في النقص، فيؤخذ بالنسبة، فلو فرض أن قيمته سليما مائة دينار، و معيبا عشرة دنانير، يؤخذ عشر ما هو المقدر و هكذا.

(44) لإطلاق ما تقدم.

(45) لعدم التسبيب منه بالنسبة إليه حينئذ، فلا بد من القيمة المقدرة.

ص: 375

و كذا لو ورد عليها نقص أو عيب فالأرش (46).

مسألة 16: لو جنى على حيوان له منفعة معلومة بحيث ذهبت منفعته بالجناية مع بقاء العين

(مسألة 16): لو جنى على حيوان له منفعة معلومة بحيث ذهبت منفعته بالجناية مع بقاء العين كما هي عليها يضمن الجاني المنفعة (47).

مسألة 17: لو جنى على الزرع المملوك أو الأشجار المملوكة بحرقها أو فسادها يضمن مقدار الجناية

(مسألة 17): لو جنى على الزرع المملوك أو الأشجار المملوكة بحرقها أو فسادها يضمن مقدار الجناية و كذا لو جنى على الأموال الصامتة كالدور و القصور بتخريبها و هدمها (48)، و أما في الأشجار غير المملوكة كما في الغابات فإن أضرت بالمصالح العامة فللحاكم الشرعي أن يمنعه (49).

______________________________

و احتمال أنه يؤخذ بأكثر الأمرين من القيمة المقدرة و الدية المقدرة، شرعا لأن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال.

مخدوش، كما مر في كتاب الغصب.

(46) ظهر وجهه مما مر، و كيفية تعيين الأرش تقدمت في (مسألة 14).

(47) لعموم قاعدة: «من أتلف مال الغير فهو له ضامن»، و أن المنافع مال، بل المالية تدور مدارها غالبا، كما لو جنى على كلب معلّم بالضرب على رأسه فجهل التعليم و صار كلب هراش، كما يقال في كلب الصيد هكذا، هذا إن كان موقتا، و أما لو كان فوات المنفعة دائمية، و لم يحتمل رجوعها، فالضمان بقيمة أصل الحيوان، لفرض أنه أسقط أصل المالية.

(48) لقاعدة الإتلاف الشاملة لجميع ذلك، و يرجع في مقدار الضمان، و تعيين الأرش، إلى أهل الخبرة و المتخصصين.

(49) لولايته على ذلك شرعا و عرفا، بل له تضمينه، لأنها ملك للإمام عليه السّلام، كما تقدم في الأنفال و هو نائبه.

ص: 376

.....

______________________________

و إن لم يضر بالمصالح العامة، فإن حازها جامعا لشرائط الحيازة تصير ملكه، فله التصرف بما يشاء، و إن لم يكن كذلك فللحاكم الشرعي حق التضمين إن رأى فيه مصلحة، لفرض تحقق المالية بل الملكية، كما مرّ.

نعم، لو كان ممن أباح له الإمام عليه السّلام حقه، فلا وجه للضمان حينئذ.

انتهى المجلد التاسع و العشرون بآخر الديات و يتبعه المجلد الثلاثون مستمدا منه جل شأنه العون و التوفيق و هو وليهما.

محمد الموسوي السبزواري

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

ص: 377

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.